الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة الاله المستبد وصورة الحاكم المستبد

مالوم ابو رغيف

2022 / 5 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لكي نتقدم يجب ان نبني من جديد، فكل البناء الفكري القديم لم يعد صالحا لمسايرة ذهنية العصر، لا الدين ولا الاخلاق ولا الحب ولا العلاقات.
في العراق يتضح ذلك جليا، فان المعاناة الأكبر والتي تشكل عائقا امام أي تقدم او تطور، هو ذلك الركام الديني والعشائري والاجتماعي الذي يسد المنافذ امام أي محاولة للنفاذ الى عالم جديد.
ركام الدين الذي يفرض شروطه وقوانينه وفتاواه على المجتمع بقوة العادة او قوة التقليد او قوة المليشيات
ركام الإرث العشائري الذي استفحل وزاد وزن تأثيره من خلال الأثر والفصل والدگات العشائرية والغزو والابتزاز.
فان كان القديم لم يعد صالحا، وتوقف عن التطور ولم يعد يحمل في احشاءه أي وليد جديد، اذ انه يعيد نفسه في نفس دائرة التخلف المغلقة، فلا معنى يبقى لشعار اصلاح الدين.
مشكلة الإسلام تكمن في اثنين، القرآن والسنة، فالقرآن، وان حمل أوجه عديدة للتفسير، لكن حقيقة اعتبار القرآن كلام الله وليس كلاما منقولا عن الله، يصبح كل ما فيه قدسيا ومنزلا من الله ولا يستطيع احد الجدال في مثل الحسد والسحر والتقسيم الطبقي وعلو الرجال على النساء وتعدد الزوجات والاستعباد والجهاد وطاعة رجل الدين وعدم تساوي الإرث وكذلك روح التعصب وعدم التسامح, لقد نفذ السحرة والمشعوذون وتجار الدين من خلال خزعبلات قرآنية فابدعوا واطنبوا في افساد المجتمع،.
صحيح ان الدولة الحديثة تستطيع سن وتشريع قوانين لا تعتمد على الشريعة الدينية، لكن القرآن بصفته قدسيا يفرض نفسه على الحياة الاجتماعية العامة وعلى الاخلاق والتصرفات والسلوك والمعاملات التي تتم بمعزل عن قوانين الدول، من خلال نشاطات وفعاليات رجال الدين او من خلال الكتب الدينية والشبكة العنكبوتية التي ينشط الإسلاميون نشاطا متميزا لا يمكن اغفاله، وهذا ما يفسر التناقض الدائم بين المجتمع الإسلامي والدولة المدنية الحديثة أينما وجدت وكذلك مقدرة الإسلاميين على كسب الرأي العام الشعبي والوقوف ضد العلمانية.
في مسيرة ليس بالطويلة، ومن خلال حملته الايمانية المشؤومة، استطاع الرئيس المشنوق صدام حسين إعادة العراق الى عهد صدر الإسلام، فأطالت الناس لحاها وعجت المساجد بالمصلين وتم كتابة القرآن بدمه وأصبحت الصلاة والصيام احد اهداف حزب البعث الصدامي.
لقد أصبح القرآن مقدس مرتين، مرة لأنه كلام الله وأخرى لأنه مكتوب بدم صدام.
إذا كان الدين مفروضا بالقوة، وهو دائما كذلك، فان النفاق سيكون هو المظهر العام للمجتمع.
صدام كان صورة للإله بطغيانه وجبروته وصرامته وعقابه، كان يحي ويميت، يرزق ويفقر، يسجن ويعفو، يستعبد ويعتق. ذلك ان الدكتاتور المستبد يستعير صورة الاله المستبد. لاحظ أيضا كيف ان لصدام 99 اسما تماما مثلما لله أيضا نفس العدد من الأسماء.
عندما أسقط الامريكيون النظام الصدامي، واطاحوا بصنم الدكتاتور، استبدلت الأحزاب الإسلامية صورة الرئيس المستبد بصورة الاله المستبد وزرعتها في ذهنية المواطنين التي تلقفتها لأنها مهيئة نفسيا لها، بالطبع معززة بالخوف من فرق الإرهاب والمليشيات ومجموعات الاغتيال والخطف،
وكما كان النفاق مظهر المجتمع العام في زمن الرئيس المشنوق، أصبح أيضا وجه للمجتمع الجديد ووجه للسياسة أيضا ووجه للايمان.
لم يختلف المجتمع عما كان عليه، كل ما هناك تبدل مصدر الخوف، سابقا كان خوف من الهمجي الارعن صدام، واليوم من الأحزاب الإسلامية وأحزاب الفساد بغض النظر عن انتماءاتها الطائفية، التي تسيطر على كل فرق الإرهاب والاغتيال والخطف والمليشيات.
لذلك، ولكي نبني الجديد، يجب محو صورة الاله المستبد، الآيات التي تحرض على الاستبداد، الأحاديث تحث على الاستبداد، الفتاوى التي تستحضر الاستبداد وتروج له. اعتقد بدون ذلك لا يمكن تغيير المجتمع ابدا.


ا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اهلا ومرحب
كامل حرب ( 2022 / 5 / 28 - 15:17 )
الاستاذ مالوم مرحب بك بعد غياب طويل , لاشك ان العالم العروبى الاسلامى البائس يتبوأ القاع لدول العالم فى كل شئ ؟ انه عالم متدنى متخلف فى كل شئ واستخدام العقل هناك يكاد يكون معدوم , الفلسفه الاسلاميه البدويه الصحراويه الكئيبه العنيفه يتم توارثها بين القوم جيلا بعد جيل ويبدو انهم سائرين على هذا الدرب مهما حاولنا ان نلفت نظرهم الاعور ان الاسلام ماهو الا نتاج بشرى بدوى ولاعلاقه له بالسماء كما يتوهم هؤلاء المجاذيب جامدى العقول , هذه بجد مشكله صعبه ازليه وكارثيه ليس للعرب فقط بل يتأثر بها العالم اجمع , الاسلام ماهو الا مرض عقلى واجتماعى وثقافى وفكرى خطير ومدمر ولاادرى كيف سيتم مجابهه هذا السرطان البدوى الخبيث المتأصل


2 - الشعب ضل طريقه وتشظى
طلال بغدادي ( 2022 / 5 / 28 - 20:39 )
الفاضل مالوم
وضعت النقاط على الحروف أوجزت فأحسنت

من أين نبدأ؟؟
الشعب ضل طريقه وتشظى

أرجوا منك و كل العراقيين الكتابة في الموضوع مرارا وتكرارا

شكرا


3 - الصديق العزيز كامل حرب مع التحية
مالوم ابو رغيف ( 2022 / 5 / 29 - 00:44 )
تحياتي صديقي العزيز كامل حرب
رغم ان العلم قال بعدم وجود سماء، وان اللون الازرق ما هو الا الغلاف الجوي المحيط بالارض وان الابعاد تنعدم في الكون، فلا يوجد اعلى ولا يوجد اسفل، مازال من يعتقد بان هناك اله يسكن في السماء السابعة ويراقب البشر ويحسب عليهم خطاويهم ويعاقبهم على اي فعل لا يرضى عنه.ـ
انا اعتقد ان الاله هو ذلك الذي نخلقه نحن في انفسنا، هو ذالك الذي الحد الذي نعمل على ان لا نتجاوزه حتى سرا، اذ انه يمثل اخلاقنا ووجداننا والانظمة التي نعمل بموجبها وحتى القوانين التي تقيدنا وليس اله خارج عنها يراقب كل صغيرة وكبيرة تبدر منا.ـ الاله ينخلق معنا نحن الناس وليس قبلنا ، نحن نخلقه وليس هو الذي يخلقنا
اما الاسلام، فقد خرج من ان يكون دين عبادة، واصبح تعليمات عنفيه تنشر الطائفية والمذهبية والحقد بين الناس، اصبح دين تسلط لا يؤمن بحرية الاختيار، ومنع الاختيار يشير الى اعتقاد رجال الدين، بان لو ان الانسان امتلك حرية الاختيار، لما اختار ان يصبح مسلما لان الاسلام دين قاسي، دين عنيف ويخلوا من الحب
تحياتي


4 - الزميل طلال البغدادي مع التحية
مالوم ابو رغيف ( 2022 / 5 / 29 - 22:18 )
الزميل العزيز طلال البغدادي
تحياتي ووشكري على التعليق وعلى الاطراء
عندما يكون الدين اساسا للدولة،
فان انقسام الشعب وتشظيه، كما تفضلت بالاشارة الى ذلك، يصبح نتيجة حتمية
ذلك ان الدين نفسه متشظي الى طوائف ومذاهب وجماعات وفرق واحزاب
لذلك ولكي لا يضل الشعب طريقه ويعود الى جادة الصواب عليه الغاء الدين او على الاقل فصله عن السياسة وعن الدولة


5 - تحية للأستاذ ابو رغيف على المقالة الرائعة
د. لبيب سلطان باحث أكاديمي عراقي كاليفورنيا ( 2022 / 5 / 30 - 09:16 )
الأستاذ العزيز
مقالتك هذه اختصرت تاريخ التسلط في منطقتنا خصوصا منذ فجر التاريخ والى اليوم فكل الحكام يتعبد بالله والكل يسلخ بالناس بأسم الله وصورة الله القرآنية متناقضة بين ارحم الراحمين الى اشد الآستبداديين وعليه تراهم كما كل الأسلامويين يدعون التقوى والترع وهم يمارسون في حياتهم صورة الله الأخرى المليئة بالتعذيب و الوعيد وتحليل القتل وكلها تحت ايات ةضعت تحتلاايديهم للتصرف وفق ضرورة الظرف وما يشتهون ولولا فشل العلمانية في بلداننا في طرح وتبني مشروع نهضوي حقيقي لما رأيت في هذا العصر هذا الآسلام العدواني كما نراه في العراق ولبنان وقبلها في الجزائر وبعدها في اليمن والسودان وهلمجرا..فالسؤال مطروح بالآساس على التيار العلماني انه
خاض المعركة خطأ فبدل التوجه للديمقراطية والليبرالية لبناء مجتمعات حديثة خاض معارك وهمية مع الغرب بأسم محاربة الأمبريالية وبها اغلق الباب على تطوير محتمعاتنا على طريق علماني وليبرالي مع بالغ التقدير لكم ولهذه المقالة الرائعة


6 - د. لبيب سلطان مع التحية
مالوم ابو رغيف ( 2022 / 5 / 30 - 15:21 )
د. لبيب سلطان
تحياتي ووشكري على مشاركتك القيمة وعلى الاطراء
انا اعتقد يا زميلي العزيز، ان التدهور الفكري الذي نشهده في عالمنا الشرقي سببه سيطرة الافكار الاسلامية الغيبية على مسارات التفكير، وبنفس الوقت عزوف كثير من الانتلجسيا العربية عن وضع الافكار الدينية على بساط البحث او اعتبارها احد مواضيع الصراع الفكري، الذي في اغلبه صراع ممحاكات بين المسلمين وبين اسرائيل او بين السنة وبين الشيعة او ياخذ قوالب قديمة متهالكة بين الشعوب وبين الاستعمار، رغم ان الحقبة الاستعمارية ولت وانقضت واصبح اليوم عندما احتلالا اسلاميا، هذه المرة لا يفرض سطوته على الارض او البلدان فقط، انما ايضا على العقول وهو اخطر انواع الاحتلال.ـ
هناك نوع من الهدنة غير المحددة بوقت، هدنة غير معلنة بين الاسلاميين وبين العلمانيين، والحقيقة هي هدنة من جانب واحد، هو الجانب العلماني، والسبب هو خطورة ووحشية الخصم الاسلام الذي لا يتورع عن ذبح او اغتيال الخصوم الفكرين ورفع الخنجر بوجه من يرفع القلم.ـ
اعتقد انه قد حان الاوان، ومن زمان في وضع كل الافكار الاسلامية موضع الجدال، دون ذلك لن ولن يتهيأ لنا النهوض
اكرر التحية

اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24