الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السحر Magic

سعد سوسه

2022 / 6 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


السحر : في المعنى اللغوي هو أول الليل . والسحر : معناها الأخذة وكل ما لطف مأخوذ . ( 1 )
وأيضاً يأتي بمعنى خدعه وعلله .
السحر يكاد يكون من العناصر العامة الموجودة في أغلب حضارات العالم وعند جميع الشعوب . والفكر السحري أو العقلية السحرية أقدم طور في تطور عقل الإنسان ولا يزال موجوداً في اعمق طبقات العقل البشري أو النفس البشرية والغريب في أمر السحر أن أكثر عملياته تكاد تكون متشابهة عند معظم الشعوب . فمن الأشياء العامة الموجودة عند اكثر البشر طريقة إيذاء العدو بعمل دمية أو صورة من مواد معينة وكسرها أو حرقها بموجب (قانون التشابه) يسبب كسر يد الصورة أو إتلاف عينها أو إحداث ضرراً في الشخص الذي تمثله تلك الصورة ( 2 ) .
وكان السحر عند البابليين والآشورين من اعقد وانظم ما عرف من أنواع السحر . فالسحر الضار الذي يخلف ضرراً بالناس وقد حرمته القوانين في بابل وهذا مدون في شريعة حمورابي ومسلته الشهيرة .
والسحر الذي يتخذ لمقصد آخر وهو شفاء الأمراض وطرد الشياطين من جسم المصاب كان يملأ العالم البابلي . ويعد السحر من المعتقدات والممارسات المعقدة التي تهتم بها المجتمعات القبلية التي تتميز بالبساطة والحياة البدائية . ( 3 ) .
وأبرز من كتب عن السحر وتفسيره العالم الأنثروبولوجي الإنكليزي (ايفانز بريجارد عام 1973) كتابه الشهير (السحر والشعوذة بين أقوام الازاندي في جنوب السودان ويقول فيه: (لو أردنا فهم طبيعة هذا المعتقد (السحر) وجب علينا دراسة ظواهر معينة مؤسفة يتعرض لها الفرد أو الجماعة والحوادث المؤسفة كثيرة : أهما المرض ، الموت ، الفشل الزراعي ، الزلزال ، الحروب ، البراكين ، الجفاف ، الفيضانات) . يقول بريجارد أيضاً أن الشعب الازاندي يعتقد أن وقوع تلك الحوادث الشريرة لأفراد معنيين وفي مكان معين يرجع إلى انتشار السحرة والمشعوذين والأعمال الشريرة التي ارتكبها ذلك الشخص قبل وقوعه بالفاجعة. وهذا التفسير مكون عن طريق الاتصال بالكهنة الذين يفسرون مباشرة هذا التفسير من خلال طقوس ومراسيم دينية معقدة . ( 4 ) .
ويشير البرفسور بريجارد أن الشعوذة هي عملية متعددة الجوانب تستعمل السحر الشرير لإلحاق الأذى بالآخرين . والسحر عبارة عن طقوس وأساليب حركية يستعمل الساحر فيها أحياناً بعض المواد بغية إنجاز أهداف تقع في نطاق قوة السيطرة الحسية للإنسان الاعتيادي. والمشعوذ : هو الشخص الذي يؤذي الآخرين بطريقة غير مباشرة وسبب إلحاقه الأذى بالآخرين هو تغلب صفة الشر والطمع والكراهية والغيرة عنده على الأفراد من حوله . ويطرح فريز في كتابه (الغصن الذهبي) The golden Bough أمثلة وشواهد توضح نوعين من السحر هما :
1. سحر المحاكاة : فعندما يريد الساحر تدمير شخص آخر يصنع دمية على غرار عدوه ثم يقوم بتدميرها بغرز الإبر فيها والسكاكين.
2. سحر العدوى : ويجري ذلك بأجراء السحر على جزء من ذلك الشخص مثل خصلة من شعرة أو قلامة من أظافره . ومتى ما حصل الساحر على خصلة من شعر ذلك الشخص سيطر عليه ليمتد السحر من خصلة الشعر إلى جسمه واسم الشخص جزء منه هذا كما هو مدون (بالمنظور البدائي) .
في هذا المجال أشار فرويد أن حدوث هذا الأمر (السحر) يعني توحد النية والقول والفعل ، إذ أن المرء الاعتيادي يدرك أنه قادر على السيطرة الجزئية على بعض الأشياء في الكون الذي يعيش فيه ، فهو يستطيع تحريك الأشياء وقتل بعض الأحياء مثل الحشرات وتحوير شكل أشياء أخرى بالفعل المادي عليها ، وعندما يكتسب الطفل اللغة ، تبدو اللغة سحرية في فعلها إذ يستعيض بها عن الفعل على الأشياء ، فبدلاً من القيام بالعمل بنفسه يستطيع تكليف الآخرين لغوياً بالقيام بذلك العمل .
إذ عن طريق اللغة لا يسيطر المرء على الآخرين فقط بل يسيطر على سلوكه هو نفسه. ففي الصباح الباكر تجد نفسك غير قادر على مغادرة الفراش في البرد القارس فتأمر نفسك بالنهوض ومغادرة الفراش (كما كانت أمك تأمرك بذلك) لاحظ انك تأمر نفسك بلغة غير منطوقة ظاهرياً أي بالنية . وهكذا تتساوى سحرياً اللغة والنية ، واللغة والفعل ثم يترابط النية والفعل . ( 5 )
من الجدير بالذكر أن مثل هذا السحر منتشر انتشارا واسعا فيمارس في المكسيك كما يمارس في العراق . ويلقى (الحرمل) في النار أثناء تلاوة التعاويذ وغرز الإبر . ويستعمل في العراق على الأغلب للوقاية من (العين) بمعنى الحسد .
وكان فرويد ويونج شخصين مختلفين بشكل عام وكانت معالجتهما لمسألة السلوكيات الخرافية والسحر مختلفتين أيضاً .لقد افترض فرويد عموماً ومنذ بدء دراساته وبحوثه خطأ الخرافة وحاول لذلك تحليل العمليات النفسية المسؤولة عن نشوئها. أما يونج فقد كان ذهنه أكثر انفتاحاً واتجاهاً نحو الخرافة فقد رفض أن يضع حداً قاطعاً بين المعتقدات الصحيحة والمعتقدات الخاطئة . ويرى أن الخرافة تقوم بوظائف معينة في حياتنا اليومية فيقول (أن أيديولوجياتنا السياسية والدينية هي أساليبنا في بلوغ الخلاص ، ويمكن مقارنتها بأفكار السحر البدائية ، وعندما لا تجد هذه الرموز الجمعية لنفسها مكاناً ينشأ مكانها فوراً : الشذوذ الشخصي والجنون والهوس والرهاب . وهذه الأمور لا يتفوق عليها شيء في بدايتها .
ويقول يونج هنا أننا اليوم نتكل على أنظمة مختلفة من المعتقدات لأكفاء الحاجات الأساسية نفسها التي كنا نكفيها بالسحر والخرافة .نستنتج مما سبق أن فرويد ويونج على اختلاف لغتيهما إلاّ أنهما يعدان السحر استجابة مشروطة . ويقصدان هنا العمليات النفسية وعقل الفرد ونيته وصحته النفسية . كلها شروط لتلك الاستجابة .
ولا يقدم سكنر أية أمثلة أو أراء بعد ممن سبقوه في مجال السحر فهو يشير إلى السلوك اللاعقلاني الذي ينشأ عن هذه المزاوجات (وهي مزاوجات تنشأ بين تنبيهات تؤدي إلى سلوك خرافي أو السحر) ويشبهها مثلاً (يرتعب طفل من كلب فيخاف طوال عمرهُ من الكلاب حتى الأليفة التي لا تؤذي). ( 6 ) ويميّز علماء الأنثروبولوجي بين نوعين من السحر هما :
1. السحر التلقائي Sorcery
وهو قوة أو قدرة لدى شخص ما تؤذي الآخرين أو توقع الشر بهم وهو خاصية روحية يتسم بها ذلك الشخص . وقد تكون القوة تحت سيطرة الشخص وقد تكون خارج سيطرته .
فالعرب البدو يعتقدون أن ذوي العيون الخضر أو الزرق يصيبون بالعين والشخص الذي يصيب لا يدرك أنه أصاب شخصاً ما .... ؟
2. السحر الإرادي Witchcraft
هنا فيه نية وعزم أو قصد إيذاء الآخرين لبلوغ قصد ما . وهنا يلجأ الساحر إلى أفعال معينة وطقوس ورموز وأقوال معينة وقد يضع عظم ما ، أو يجري عليه عمليات معينة أو يحرق بخوراً وباختصار عادة الساحر قد لا يسمح لك برؤية ما يفعله حقاً ويصعب على المثقفين تقدير مدى تفشي السحر في نسيج الحياة اليومية .
كما يشير إليها الباحث ونتر ( Winter ) والشخصية الناضجة تواجه المشكلات المتنوعة بصراحة وواقعية ويمكنها تحمل المسؤولية ويمكنها تحمل اكبر درجة من القلق والتوتر وتتمكن من مراجعة ذاتها للتصحيح وإيجاد الخطأ والاعتراف به وإصلاحه ، أما الشخصية الأقل نضجاً وتوازناً والأكثر عقداً فهي ضعيفة لا تتحمل اللوم والذنب والخطأ وللتخلص من المسؤولية تتجه إلى اختلاق الأعذار والتهرب الإرادي من المسؤولية والتبرير الضعيف والاتجاه إلى (التفكير السببي) وهي من جماعة (اعقلها وتوكل) ثم الاتجاه إلى أساليب دفاعية نفسية للتخلص من القلق الشديد أو الخوف من الحسد والعين والسحر والحظ والفنجان والخيرة . (BAfre) .
أما مظاهر السحر فهي مثل مظاهر الحسد ، فيقول هنا ابن قيم الجوزية في الطب النبوي في هدي الرسول () إن المظاهر (الحسد والسحر) مثلما كان يعتريه () من الأسقام والأوجاع ، وهو مرض مثل باقي الأمراض وإصابته به مثل إصابة السم لا فرق بينهما . ( 7 )
هذا ويؤكد هذه المظاهر أيضاً القاضي عياض حيث يقول أنه تظهر على الفرد المصاب بالحسد أو السحر مظاهر العلل والسقم ، وإنه لا يجوز إهمالها . ( 8 ) للموضوع تكملة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا