الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر و عصور إضمحلالها(9)

محمد حسين يونس

2022 / 6 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الجزء الثاني من المقال الثالث .((مصر الدولة ..يونانية بنكهه رومانية )) .
مشاهد صعود و سقوط القوى العظمي في منطقتنا .. لم يتوقف عرضها علي خشبة مسرح التاريخ..
فجر يشرق للبعض و شمس تأفل لاخرين .. قوة جديدة تظهرفي مكان ما .. فتناهض و تصارع القوى القديمة .. لتصعد الأولي .. و تسقط الثانية
حدث هذا و جرى عرضة حول 1180 ق.م مع ملوك الأسرة الثامنة عشر في مواجهه مع الهكسوس ثم تكرر مع ملوك الأسرة التاسعة عشر و الحيثين .
لقد كانت مصر منذ نهاية القرن السادس عشر ق.م حتي بداية القرن الحادى عشر ق.م تحكم العالم المعروف ثم عانت من عوامل الوهن و الضعف و الدعة حين ظهرت قوة الأشوريون حول 923 ق.م .. فسادوا المنطقة .. و إحتلوا حتي مصر ..
627 ق.م.. ظهرت القوة البابلية.. وفي 559 ق.م القوة الفارسية .. و عبر البحر الأبيض كانت هناك قوة الإغريق تتشكل في بلاد اليونان علي يد فيليب المقدوني .
الفرس و الإغريق كانتا القوتين العظميين حول 336 ق.م عندما إغتيل فيليب المقدوني وتولى إبنه الاسكندر الاكبر العرش .. و بعد أن قضي على تمرد في شمال اليونان تابع خطى والده وواصل الحروب ضد الفرس
بمعني كانت القوة الإغريقية .. تشرق عندما كانت القوة الفارسية المسيطرة علي المنطقة بما فيها مصر علي مشارف الغروب .
عام 334 ق.م توجه الإسكندر إلى بلاد الشرق التي تخضع للنفوذ الفارسي مع جيشه .. عبروا مضيق بين بحر ايجه وبحر مرمرة ، واجهوا قوات الفرس وتمكنوا من دحرهم وطردهم خارج آسيا الصغرى.
ثم توجه إلى الجنوب يتحرك علي شواطيء من الأسكندرونه حتي غزة ( حاليا ) ..ليؤمن مواني البحر الأبيض القائمة.. ويحرم الإسطول الفارسي من قواعد ينطلق منها لمهاجمة بلاده . وسرعان ما استولى على مدينة ساردس وواجه مقاومة في مدن ميليتوس وميلاسا وهاليكارناسوس فحصارها ..
و هكذا قام علي مدى عشر سنوات بانتزاع ممتلكات الفرس الواحدة تلو الأخرى ..في سلسلة من المعارك و الحملات التي ليست موضوعنا الأن .
الإسكندر تمكن في النهاية بعد عدّد من المعارك الحاسمة من كسر الجيش الفارسي وتحطيم القوة العسكرية للإمبراطورية الفارسية الأخمينية ، ثم تمكن بعد ذلك من الإطاحة بالشاه الفارسي داريوس الثالث، وفتح كامل أراضي إمبراطوريته.
من البلاد التي إنتزعها الإسكندر كانت مصر عام 332 ق.م .. خاض معركة كبيرة في غزة .. ثم توجه عبر سيناء لمنف دون أى مقاومة .. ليستسلم القائد الفارسي .. و يحتل الإسكندر البلاد يعيش فيها لعدة شهور .. ثم يغادرها 331 ق.م ..ليواصل حروبه ضد الفرس
الشيء الملفت للنظرهو سهولة إحتلال مصر و عدم مقاومتها للغازى .. الأمر الذى تكرر بعد ذلك عدة مرات مع أنطيوخس الرابع السلوقي في زمن البطالسة .. وعمرو بن العاص العربي ..و جوهر الصقلي الفاطمي .. و سليم الأول العثماني .. و جارنت ولسلي البريطاني .. وإسحاق رابين الإسرائيلي .. المصريون لم يحاربوا لوقف الجيوش الغازية .. والعسكر المسئولين عن الدفاع لا يدافعون عنها
إنتصارات الإسكندر رغم أهميتها .. فهى ليست موضوعنا .. بقدر ما يهمنا أنه قد مات في 323 ق.م و ترك إمبراطوريته يتنازعها قواده.وكانت مصر من نصيب أحدهم الوالي ((بطليموس بن لاجوس)) الذى حكمها هو و عائلته لمدة ثلاثة قرون تالية .
الترحيب الذى لاقاة الإسكندر عندما طرقت جيوشة أبواب مصر لم يكن بسبب أن بها جالية ضخمة من اليونانين .. أو لان المصريين يريدون الخلاص من ظلم الفرس ..فقط .. بل لأن القائد الشاب كان يمثل لكهنة أمون - ذوى النفوذ و القدرة علي تشكيل العقل المصرى - المخرج من الأزمة التي أوقعوا أنفسهم فيها منذ تولي الكاهن حيرحور للحكم ثم ميل قمبيز نحو كهنة ( رع ) بمنف .. و أون .
لقد كانت عبادة أمون أخذة في التقلص.. و بدأ الشعب يتجه نحو ديانات أخرى أوزيريسية في الغالب والإسكندر كان قد قدم نفسه علي أساس أنه إبن زيوس(كبير الهة الإغريق) فلما لا يصبح إبنا لامون أيضا .
إلتقت الرغبتان أن تخضع مصر لإبن الإله كما حدث من قبل .. و المساهمة في إرتفاع أسهم كهنة أمون .
أمضي الإسكندر بعض الوقت في منف حيث توج ملكا مصريا في إحتفال مصرى ديني تقليدى ..قدم خلالة ضحايا للألهة و قربانا للعجل المقدس أبيس و أقام مباريات رياضية و موسيقية و أحضر من اليونان أشهر المغنيين ليقرب بين الشرق و الغرب ..
و أنشأ مدينة الأسكندرية..لهذا الغرض .. اى تصبح يد الشرق الممدودة في البحر الأبيض في إتجاة بلاد الإغريق .ثم جعلها العاصمة بدلا من منف .
زار معبد أمون فحصل علي ما أراد لقد إعترف تمثال أمون به إبنا و عاد من هناك ملكا مصريا
(( خرج الكهنة لاستقباله عند البوابة وصاحبوه حتى معبد آمون (بسيوة ) وعلى بابه وجد الكاهن الأكبر يدعوه أن يدخل إلى الصومعة لكى يستشير آمون بنفسه إكراما لشخصه ومكانته ..
ولما خرج بدا عليه السعادة والرضى ولما سأله رفاقه بعد ذلك عما حدث رفض ان يبوح بشيئ من هذه الأسرار وأعلن أنه لن يبوح بها إلا لأمه)) .. لقد قالوا له أنه إبن آمون ليصبح لقبه المفضل لخداع المصريين .

كتب جمال حمدان في شخصية مصر أن (( بعض الأسر الحاكمة المصرية أخذت تعتمد علي الجنود المرتزقة من حوض البحر الأبيض المتوسط و جزره و بالأخص الإغريق الذين يرقي ظهورهم لثلاثة قرون علي الأقل قبل الإسكندر )).
(( في الأسرة 26 شجع باسماتيك اليونانيين علي الهجرة إلي مصر لمساعدته في حروبة الداخلية و منح الجنود منهم أراض ليزرعوها و سهل للتجار سبل الإقامة .
التسلل الإغريقي لم يلبث أن تحول إلي غزو .. فهجرة (( قوية و حقيقية )) كما ذكر جوجيه . حققت حجما مؤثرا و تحولت لإستعمار إستيطاني)) .
بمعني أنه عندما تم إنشاء مدينة الأسكندرية.. عاش فيها أعداد متزايدة .. من السلات الإغريقية .. التي تكاثرت في مصر من الأسرة 26 حتي الأسرة الحادية والثلاثين و هاجر إليها الكثير من الجنسيات الأخرى و بالخصوص اليهود الذين سكنوا حيان من خمسة أحياء ..لتصبح مدينة متروبوليتانية هلنستية الطابع لا تشبه أى من المدن المصرية .. و لا يرحب بالمصريين داخلها .

الملوك البطالسة الذين حكموا مصر 15 ( بطليموس و كليوباترا ) بدأوا ببطليموس بن لاجوس الذى كان الوالي الإغريقي علي مصر عام (323 ق.م) قبل أن يصبح ملكها من (305 ق.م- 284 ق.م) و .. تنتهي بكليوباترا السابعة من عام (44 ق.م. حتى 30 ق.م.)
ليستمر حكم الأسرة البطلمية ( 293 سنة ) .. الملفت للنظر و المثير للعجب أنهم على الرغم من تعايشهم مع المصريين و حكمهم لثلاثة قرون إلا أنهم ظلوا يونانيين لم يتأثروا بالمصريين في تقاليدهم ولغتهم ، وكان يتم التزاوج بين الأخوات وأبناء العم حتى لا يحدث أى إندماج مع المصريين .
سرد سيرة البطالسة كملوك ..لا يهمنا كثيرا .. من يريد يجدها في موسوعة سليم حسن الأجزاء 15 و 16 . أسماؤهم و حروبهم و شجارهم و دسائسهم .. و جشعهم في تحصيل الضرائب .. و إبتعادهم عن المصريين بحيث أصبحت الأسكندرية جزء من اليونان أكثر منها مصرية ..
و الملفت أنه كان بينهم صراعات .دموية عديدة .. و تم غزو مصر في عهدهم من السلوجقين عدة مرات ولكن روما التي كانت تقود العالم قامت بردهم .
(( لقد كان بطليموس الثانى بعيد النظر حين أقام علاقات دبلوماسية مع الرومان مبكرا لإحساسه بنمو قوتهم الحربية و كان موفقا حين وقع معاهدة صداقة معهم بحيث أصبحت ذات نفع للأجيال المتأخرة من البطالمة )) .
بكلمات أدق عندما كانت اليونان .. تودع التفوق .. كانت روما تشرق علي المنطقة و تفرض حمايتها علي الأسرة البطلمية .. وتبعد الغزاة عنها و تتدخل بقوة في تنصيب الحكام البطالسة .
((ووصل جايوس بوبيليوس لايناس قادما من روما حاملاً قرار من مجلس الشيوخ .. ذهب مباشرة إلى معسكر الغازى أنطيوخس الرابع .. وسلمه القرار ودار بينهما حوار سجله بوليبيوس المؤرخ الأغريقى المشهور المعاصر لهذه الأحداث
( سلم لايناس لـ أنطيوخس قرار مجلس الشيوخ الذى يأمره بإنهاء الحرب ضد بطليموس في الحال وأن يسحب جيشه إلى سوريا في وقت محدد ..
قرأ الملك أنطيوخس الرابع القرار وقال : أنه في حاجة إلى أن يستشير أصدقاء إزاء هذا التطور الجديد , وقد كان لايناس يحمل عصا مقطوعة من كرمة فرسم بها دائرة حول أنطيوخس الرابع وطلب منه أن يعطيه إجابة على القرار قبل أن يتخطى حدود الدائرة .
فوجئ الملك أنطيوخس بهذا التصرف، وبعد فترة أضطراب قصيرة قال انه سيفعل كل ما طلبه الرومان ))...
هل يختلف هذا .. عن ما تفعلة أمريكا اليوم و ما قاله أوباما عندما ظهر علي شاشة التلفزيون يشخط في مبارك ((((now means now فترك حكم مصر .
سيرة البطالسة لا تختلف عن المماليك الذين أتوا بعدهم .. فكل منهم غريب عن البلد .. و يعيشون في صراع دائم ..و تكرر أن يكون الملك طفلا و أن يحكم ( بطليموس ما .. بالمشاركة مع كليوبترا ما ) ..أو يتصارع اخوان علي العرش ويقتتلا.و تفصل بينهما روما .. .أو ان يثور الشعب علي الظلم و تحبط ثورته بعنف .. أو يقتل شعب الأسكندرية بطليموس الحادى عشر في الجيمانزيوم .
لكن بوجه عام و نتيجة للإستقرار السياسى وصداقة روما وقلة الحروب حدث رخاء وأنتعشت التجارة بين دول البحر الأبيض الذى أصبح بحيرة رومانية .. وكما تعودنا الشعب خارج دائرة الرخاء يعاني من الفقر و الفاقة و الحرمان .. والإرهاب و لا يهمه لو زار مصر عدد من السياح الرومان و أنفقوا أموالا .. فهؤلاء ضيوف الأسكندرية .
سنة 59 ق.م زاد نفوذ روما في مصر. بحيث أصبح من ضمن برنامج يوليوس قيصر السياسي ضمها إلى الامبراطورية الرومانية. .. و لكن كيلوباترا السابعة غيرت الأمور .
كليوباترا السابعة هي أشهر ملوك الجريكو رومان .. في مصرو العالم .. لها شعبية بين المؤلفين و المثقفين كتب عنها بلوتارخ و شكسبير أحمد شوقي .. و مثلت أفلام جسدت شخصيتها فيها أشهر ممثلات هوليوود .و عرضت مسرحيات عنها لعمالقة ممثلي أوروبا ... المعادل التاريخي لها .. هو يوليوس قيصر و فتوحاته .. و إنتصاراته و حكمته ... و (حتي أنت يا بروتس ) الشهيرة
الغريب أنهما كانا بطلي أهم أحداث مصر في ذلك العصر
فقد اجتاح يوليوس قيصر بجيشه ايطاليا , و اخذ خصمه بومبى يجمع قواته لهجوم معاكس في مقدونيا و في العام التالى انتصر يوليوس قيصر على بومبى فهرب مع مجموعة صغيرة من السفن الى مصر وهنا قامت كليوباترا بالتأمر علية ..وإغتياله ..و جزوا راسه و أرسلوها ليوليوس قيصر لتوضح له مدى و لائها
و جاء وقت السداد .. فلقد إختلفت كليوباترا مع أخيها بطليموس 13 شريكها في الملك علي تنفيذ وصية والدهما بطليموس 12 .. طردت علي إثره ووقفت بجيشها على الحدود المصرية السورية مستعدة ان تزود عن حقوقها ضد اخيها
اصدر قيصر امرا بان يحل الزوجان الملكيان نزاعاتهما .. مبعدين قواتهما و يخضعان لتحكيمه كممثل للشعب الروماني تنفيذا لوصية والدهما .
اتجه بطليمس 13 من معسكره الى الاسكندرية فى حين ٌمنعت كليوبترا لأنها أمرأة من توصيل صوتها الى قيصر الا عن طريق وسطاء.
لكنها كانت مصممة للوصول إلى الحكم , و تسعى للحصول على موافقة ممثل روما الذى يمكن و يخلع الملوك من الحكم في مصر .
وصلت كليوبترا بطريقة خفية إلي قيصر الذى ما ان رآها حتى اعجب بها و استدعى اخاها بطليموس .
عندما دخل بطليموس علي القصر ووجد اخته و زوجته في نفس الوقت كليوبترا خرج مهرولا صائحا في شوارع الاسكندرية يثير مشاعر الناس .
غوغاء الأسكندرية من الأجانب و المتعطلين و المتسكعين حاصروا القصر .. و خرج لهم قيصر قائلا انه ينفذ وصية ابيهما و قرأها عليهم و التى تنص على ان يتولى حكم مصر كليوبترا السابعة مع اخيها الاكبر و ان ترعى روما تنفيذ الوصية .
و لكن ما لبث ان وقع قتال في الاسكندرية , حارب فيه قيصر و احضر امدادات عسكرية كثيرة مما يعكس مدى المقاومة العنيفة التى واجهته .
هذه الحرب هي التي حرقت فيها 101 سفينة كانت موجودة على شاطئ البحر المتوسط أمام مكتبة الإسكندرية وامتدت النيران إلى المكتبة التي أنشأها بطليموس الأول فأحرقتها .
و على الرغم ان الحرب انتهت لصالحه , فانه لم يشأ ان يعلن ضم مصر الى الامبراطورية الرومانية بل نفذ الوصية فجعل بطليموس 14 ( لان اخاه بطليموس 13 قتل في الحرب ) و معه كليوبترا على عرش مصر.
كانت كليوبترا رائعة الجمال شديدة الذكاء تتكلم العديد من اللغات .. فأحبها قيصر وتزوجها وأنجبت منه أبناً أطلق عليه أسم قيصرون
قتل بروتس قيصر في 44 ق.م في قصة معروفة و حدثت بعدها حالة من الفوضي و الصراع .. ليس موضوعنا .. ولكن عندما وصل انطونيوس الى افسوس و استدعى حكام الشرق الذين ساعدوا اعدائه حضروا جميعا فيما عدا كليوبترا
أرسل لها الرسل يدعوها للمثول بين يديه في طرطوس لتجيب عما إتُهِمَت به من مساعدتها كاثيوس علي جمع المال و الجنود
و جاءت كليوباترا في الوقت الذى إختارته وعلي الطريقة التي إختارتها فبينما كان أنطونيوس يجلس علي عرشه في السوق العامة ينتظر منها أن تحضر وتدفع عن نفسها التهمة ..ثم يقضي لها او عليها ركبت هي نهر سندس في قارب ذى أشرعة أرجوانية وسكان مذهب ومجاديف من فضة تضرب الماء علي أنغام الناى والمزمار والقيثار وكانت وصيفاتها هن البحارة ولكن في زى حور البحر وربات الجمال ..اما هي فقد تزيت بزي زهرة فينوس ورقدت تحت سرادق من قماش موشي بالذهب .
ولما انتشر بين أهل طرطوس النبأ أقبلوا علي شاطيء النهر زرافات ووحدانا لمشاهدة هذا المنظر الفتـّان وتركوا أنطونيوس وحده جالسا علي عرشه .
كليوباترا دعته علي العشاء معها في قاربها فأقبل ومعه حاشيته الرهيبة فاولمت لهم وليمة فاخرة وقدمت لهم أشهي أنواع الاطعمة والشراب وأفسدت القواد بما قدمت لهم من هدايا و إبتسامات .
لقد كانت في التاسعة والعشرين مكتملة المفاتن وهكذا أمام سحرها و ذكائها بدأ حديثه معها يلومها وإختتمه بأن أهدى لها فينقية و سوريا الوسطي وقبرص وأجزاء من قليقلة و بلاد العرب و اليهود.وعادت بها الى الاسكندرية ..
لم يستطع أنطونيوس البعد عنها فلحق بها و ظل بجوارها حتى عام 40 ق.م
اجبرت الظروف انطونيوس الى الابتعاد عن الاسكندرية ليتخلص من زوجته فولفيا و يتصالح مع اكتافيانوس , و عندما وصل الى الانطاكية استدعى كليوبترا و تزوجها في خريف 37 ق.م
و اعترف بولاية التوءمين منها الاسكندر هليوس (الشمس ) و كليوبترا سيلينى (القمر) و منحهما ممتلكات جدهما بطليموس فيلادلفو وهى سوريا الوسطى و كيلكيا و تراقيا و قبرص و جزء من شواطئ فلسطين و فينقيا هدية زواجه منها .
بذلك استعادت كليوبترا معظم ممتلكات أسرتها فى الخارج , و عندما انجبت منه مرة ثانية اسمت طفلها بطليموس فيلادلفوس تيمنا بان ممتلكات جده قد عادت .
((أكتافيان غريم أنطونيوس لجأ (بعد ذلك )الي الخداع الذى هو من أخص خصائصه فأعلن الحرب علي كليوباترا لا علي أنطونيوس ليجعلها بذلك كفاحا مقدسا في سبيل إستقلال روما )).
((أبحر أسطول انطونيوس و كليوباترا في شهر سبتمبر من عام 32 ق.م الي البحر الايوني وكان مكونا من 500 خمسمائة سفينة حربية ولم يكن أسطول بهذه القوة قد ظهر علي متن البحر من قبل وكان يؤيده جيش مؤلف من 300000 ثلاثمائة ألف من المشاة 12000 وإثنى عشر ألفا من الفرسان أمدها بمعظمه أمراء الشرق و ملوكه راجيين من وراء ذلك أن تكون هذه الحرب وسيلة للتحرر من نير روما .
وعبر أكتافيان البحر الادرياوى بأربعمائة سفينة و ثمانين الف جندى مشاة وإثنى عشر ألفا من الفرسان .وظلت القوات المتعادية عاما او نحو عام تستعد للمعركة الفاصلة و تضع خططها .
فلما كان سبتمبر عام 31 ق.م إلتحم الجيشان والاسطولان عند أكتيوم في الخليج الامبراسي في معركة من المعارك الحاسمة في التاريخ وبرهن أوكتافيوس علي أنه الابرع من أعدائه في وضع الخطط .. و كانت سفنه خفيفة أسهل و أخف حركة من سفائن انطونيوس الضخمة ذات الابراج العالية وقد أحرقت النار هذه السفن إذ ألقي عليها بحارة أكتفيان مشاعل متقدة
يصف ( ديوكاسيوس ) ما حدث وقتئذ بقوله :
((و أهلك الدخان بعض البحارة قبل أن تصلهم النار و منهم من نضج لحمه في دروعهم التي إحمرت من شدة اللهب ومنهم من شوته النار شيا في سفنهم وألقي الكثيرون أنفسهم في البحر و من هؤلاء من إلتهمته الحيتان ومنهم من قتلوا رميا بالسهام ومنهم من قضوا نحبهم غرقا ولم يمت من هذا الجيش ميتة محتملة الا من قتل بعضهم بعضا )).
رأى أنطونيوس أن الدائرة قد دارت عليه فاشار الي كليوباترا أن تنفذ خطة الانسحاب التي إتفقا عليها من قبل فوجهت ما بقي من أسطولها نحو الجنوب وإنتظرت قدوم أنطونيوس الذى عندما عجز عن إنقاذ السفينة قيادته غادرها وركب قاربا أقله الي كليوباترا .
وجلس وحده في مقدمة السفينة أثناء عودتهما الي الاسكندرية ورأسه بين يديه فقد أدرك أنه قد خسر كل شيء حتي الشرف ..
ترك انطونيوس كليوباترا وأقام في جزيرة قرب فاروس وأرسل منها الي غريمه يطلب الصلح فلم يعبأ به فقد كان يستعد لغزوالاسكندرية.. .فإنتحر في اول اغسطس 30 ق.م
((جمعت كليوباترا كل ما استطاعت جمعه من أموال مصر في أحد أبراج القصر ثم أبلغت أكتافيان أنها ستتلف هذه الأموال كلها وتقتل نفسها إذا لم يعقد معها صلحاً شريفاً.))
و لم يقبل اوكتافيوس, ففضلت ان تنتحر في اغسطس سنة 30 ق.م علي أن تدخل روما, وعليها الذل و العار مسلسلة
باقي تفاصيل القصة اعفيكم من ذكرها ولمن يريد موجوده في موسوعة ول ديورانت المجلد الخامس من قصة الحضارة الفصل الثالث ((أنطونيوس و أكتافيان ))
و لكن ما يهمنا ان أوكتافيوس جلس علي عرش البطالسة بالاسكندرية وأن الظافر وجد الخزانة المصرية سليمة وفيها من المال الموفور ما كان يحلم به.
(( وهكذا غلب وريث قيصر و ريثة الاسكندر ..وإنتهي زمن حكم البطالسة بعد أن ضم ملك الاسكندر الي ملكه .. وإنتصر الغرب علي الشرق وأتمت روما الدورة المشئومة التي وصفها إفلاطون : ملكية ، فارستقراطية ،فاستغلال ألجركي ، فديموقراطية .. ففوضي ثورية.. فديكتاتورية ))
نكمل حديثنا .. الجزء الثالث من المقال الثالث في أقرب وقت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستاذ محمد
عدلي جندي ( 2022 / 6 / 8 - 20:16 )
أمضي الإسكندر بعض الوقت في منف حيث توج ملكا مصريا في إحتفال مصرى ديني تقليدى ..قدم خلالة ضحايا للألهة و قربانا للعجل المقدس أبيس و أقام مباريات رياضية و موسيقية و أحضر من اليونان أشهر المغنيين ليقرب بين الشرق و الغرب ..
و أنشأ مدينة الأسكندرية..لهذا الغرض .. اى تصبح يد الشرق الممدودة في البحر الأبيض في إتجاة بلاد الإغريق .ثم جعلها العاصمة بدلا من منف .
واليوم العاصمة الجديدة خير مثال
دون تعليق
شكرا
تحياتي


2 - الأستاذ عدلي جندى
محمد حسين يونس ( 2022 / 6 / 9 - 05:25 )
اشكر مرور سيادتك و متابعتك لفصول الكتاب الذى سينشر علي الحوار المتمدن فقط ( عصور الإضمحلال في مصر خمسة ) .
عواصم مصر عبر التاريخ عددها 20 .. في العصور القديمة 15 أشهرها (منف ، طيبة ، اخيتاتون ، بر رمسيس ، تانيس ، بوباستس..) وفي الزمن الجريكو رومان واحدة (الأسكندرية ).. ثم في زمن العرب ثلاثة (الفسطاط و العسكر و القطائع) .. و مع الفاطميين و من بعدهم حتي الان (القاهرة ) .
و كلها في وادى النيل .. الوحيدة التي تقام الأن في. الصحراء . هي العاصمة الإدارية الجديدة ( اللي ملهاش إسم ) التي تعلن نفسها ( كيد مصر الممدودة في الصحراء الشرقية تجاة إسرائيل برهانا علي أن أكتوبر كانت أخر الحروب ) تحياتي






3 - بعد التحية
صلاح الدين محسن ( 2022 / 6 / 9 - 10:16 )
كان الدين هو الثغرة التي نفذ منها الغازي اليوناني الاسكندر الأكبر - لقلوب المصريين : فاحتل مصر وركب شعبها لأكثر من 300 عام
وبعد ذلك ب 2360 سنة .. استعان دكتور محمد مرسي - عضو الجماعة الدينية - الاخوان - بجنود من الخارج - فلسطين- غزة , من منظمة حماس - التابع الديني لجماعة الاخوان بمصر , ليهرِبوّه من السجن المصري , وقت هوجة 25 يناير 2011 , وهرب من السجن لكرسي الرئاسة . وعلي الفور منح الجنسية المصرية لآلاف من الفلسطينين الغزاويين - بالبديهة كلهم أعضاء بالمنظمة الدينية - الاخوانية - حماس
فتش عن الدين
عن حق قال - كارل ماركس - الدين أفيون الشعوب
في كل يوم كلما تلفّت بأيٍ من الاتجاهات الأربع , أجد دليلاً علي صحة ما قاله -ماركس- عن الدين
منذ اخناتون والحرب الأهلية وانقسام مصر الي عاصمتين بسبب الدين : أمون , آتون
الي احتلال الاسكندر لمصر , نفاذا من ثغرة الدين- ومروا ب .. و.. و
وحتي حكاية الرئيس مرسي / و.. و
كل أمة بالأرض لها حكايات مماثلة مع دين ما
فيجب تعديل ميثاق الأمم المتحدة . لاستبدال مادة : حرية العقيدة الدينية
لتكون : حق وواجب ازدرء الأديان , مكفول لكل انسان
مع الشكر


4 - الأستاذ صلاح محسن
محمد حسين يونس ( 2022 / 6 / 9 - 11:07 )

أشكر مرور حضرتك و إضافتك .. نعم عبر التاريخ المصرى كان لكهنة الأديان تأثيرا سيئا علي مسار الأحداث في بلدنا .. و لقد أظهرت هذا في علاقة كهنة رع بقمبيز .. ثم كهنة أمون بالإسكندر .. و الدور غير البناء الذى قام به حيرحور و خلفاؤة .. من الأسرة 21 حتي 26 .. في تقزيم و تدمير بلدهم .
المشكلة أن المصريين تعودوا علي الإستسلام لتعليمات و نفوذ رجال الدين .. حتي بعد عصور التنوير في نهاية القرن ال19 و بداية العشرين .. بحيث كان دائما لهم حديث مؤثر علي توجهات الناس .. ظهر بوضوح بعد ثورة 2011 و قيادة المسيرة لإتجاه ( جمعة قندهار )..و نجاح الإخوان في الإنتخابات .. و إقرار دستور ( قندهارى الشكل و المضمون )
في نفس الوقت إنكماشهم و تحولهم لحلفاء للضباط سواء علي مستوى العمم البيضاء أو السوداء .. بعد فض إعتصام رابعة و سلسلة الأعمال الإرهابية ..و إستياء الناس من سلوكياتهم الضارة
فلتبق حرية العقيدة .. أساس للإنسان المعاصر .. بشروط الأ تحتل دواوين الحكومة و إتخاذ القرار أو ترهب البشر المخالفين بالسلاح .. تحياتي


5 - أستاذ يونس - 4
صلاح الدين محسن ( 2022 / 6 / 9 - 16:00 )
أولاً : شكراً لأن في ردك حضرتك أكرمتني بحذف الدين من اسمي ( صلاح محسن )- ليتني أتمكن من حذفه علي طول , فقد ألصقه بي أبي منذ صغري .. ويسبب لي مشاكل كثيرة حتي كتابته بالانجليزية محيّرة
ِAldeen - El deen Al-deen el-deen - addeen - eddeen
نعود لموضوعنا : طلبي - في تعليق 3 - تغيير بند حرية العقيدة الدينية بمواثيق حقوق الانسان ..حيث حجتي وقائع تاريخية صارخة من اخناتون , الي الاسكندر الأكبر/ ق.م , حتي الرئيس مرسي عام 2012 الميلادي - مع ايماءة لما بين تلك التواريخ . و التعزيز بقول الفيلسوف ماركس : الدين أفيون الشعوب
وكان لحضرتك رأي آخر : فلتبق حرية العقيدة .. أساس للإنسان المعاصر .. بشروط الأ تحتل دواوين الحكومة و إتخاذ القرار أو ترهب البشر المخالفين بالسلاح
واسمح لي أعقب : يا ريت يمكن ضمان تحقيق تلك الشروط
أو ضمان منح ترخيص بحمل سلاح ناري , بشرط عدم استخدامه في القتل
..!
- صدر كتاب لأديب مصري, منذ حوالي 60 سنة, بعنوان- الدين والديناميت
عذراً للاطالة
وأحيي كتاباتك المتدفقة والمنيرة , رغم تقدم السن , مع سبق مشاركاتك في حروب , وتعرضك للأسر
تقبل تمنياتي لك بالصحة
مع وافر الشكر

اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا