الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظِل المقدس

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2022 / 6 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تدين القبائل الإفريقية بالكثير من المعتقدات التي تخص روح الإنسان؛ حيث تعتقد قبائل (بامبارا) بوجود نسمة مزدوجة لكل إنسان: أولا النفس (ني) Ni وثانيا التوءم (ديا) Dya... وتطلق النسمة "ني" على الزفير والشهيق وهي التي تنطلق عندما ينام الإنسان. وأما "ديا" فهي توءم الإنسان فإن كان ذكراً فتوءمه أنثى وبالعكس. وهي الظل الذي يمتد على الأرض، والخيال الذي ينعكس على صفحة الماء. وللإنسان وراء ذلك خليقتان هما "تيريه" Téré و"انزو" Wanzo. أما "تيريه" فهي الطبع الذي يفسد عندما يرتكب محرما؛ وقد تصبح قوة مستقلة خطيرة "نياما". وأما "وانزو" فيعبر بها عن الشر الغريزي فيه، وهذه يمكن التطهر منها في حفلات التلقين والاطلاع على الأسرار "عند الختان".
والدم عندهم هو حامل الخصائص الروحية وناقلها. فالتضحية بالقربان تخلص منه هذه الأسرار، وتغذي بها المعابد والمحاريب. وللبصاق أيضا عندهم قوة روحية، والأذن عضو مزدوج الجنس، يجمع بين الذكر والأنثى. والمفاصل هي مركز النطفة الحية، والأقدام عرضة للتدنس بنجاسة الأرض فيجب تطهيرها في أوقات متقاربة. وكل إنسان في أصل تكوينه يجمع بين صفتي الذكر والأنثى. فالرجل فيه من خلقة الأنثى ما دام بغير ختان. والأنثى فيها من خلقة الذكر، ما دامت بغير خفاض ومن هنا نشأت عادة الختان في الجنسين، فالختان هو الذي يميز كل جنس عن الآخر ويحدد طبيعته نهائيا.
وعندما يموت الشخص تنفصم عنه "نفوسه"، فتذهب "ديا" إلى الماء، وتنضم هناك إلى آلهة الماء. وأما "ني" فتحل في محراب الأسرة فإذا ولد طفل في الأسرة عادتا للحلول في بدنه، ومصير الجثة إلى الديدان والفناء.
وتعتقد قبائل الـ"دوجون" أن العنصر غير المتجسد في الإنسان مركب من "خيال عاقل" يسكن الجسم وهو الذي ينفصم عنه في سباته ثمن من "خيال غير عاقل" وهو الظل المادي ثم من القوة الحيوية وهي "النياما". فالموت يطلق الظل الأول، فيتجه للاتصال بالإله بعد رحلات طويلة. وأما "النياما" فتفارق الجسم عن طريق الشعر.
وتعتقد قبائل "الـ"مانداج" أن كل إنسان له صورة أو ظل "دا" Da. وله نسمة بها حياته "ني" Ni فبعد الموت تصعد "ني" إلى السماء وأما "دا" فإنها تظل في بيت الميت، إلى أن تتم مراسم الجنازة، ثم تغادره وتظل هائمة على وجهها زهاء خمسين عاما، تزور فيها مواطنها الأولى ثم تعود للحاق بالنسمة "ني". (هوبير ديشان. الديانات في أفريقيا السوداء، ص 14-16).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟