الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمبراطورية الرومانية في ظل قسطنطين

عيسى بن ضيف الله حداد

2022 / 6 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الإمبراطورية الرومانية
في ظل قسطنطين
إن كان الانقلاب الأول مع سبتم سيفير/ يأتي الانقلاب الثاني على يد قسطنطين، ولكل منهما أسبابه. والجدير أن نشير كوننا سنهتم بالحدث، ونتجاوز الأسماء، ولا نذكرها إلى عند الضرورة الملحة..
وقفة – ظهر التدهور شامل بكل معاييره وفروعه، اقتصادا وسياسات وامن الناس، وظهرت ثورات العبيد في أمكنة عدة..
وبالموجز، أسفرت أزمة القرن الثالث عن تجدد نشاط النضال الطبقي، ولا سيما في الإمبراطورية الرومانية نقسها المؤسسة على العبودية، التي وجدت ذاتها في حالة من التفكك التام والعميق. سلك فيه ديوكلتيان اضطهادا مرعبا ضد المسيحية الوليدة، بما سمي الاضطهاد الأعظم، وبما لم يحدث من قبل، في حين قد ظهر لدى آخرين أقل قساوة.. لقد أراد أحياء دين جوبتير، وأعلن نفسه كإبن له: في عام 303 طرد المسيحيين من الجيش، حُرمت اجتماعاتهم، دمرت بيوت عباداتهم، أحرقت كتبهم، أهلك العديد من كهنتهم وأساقفتهم، فرض على مؤمنيهم التضحية للآلهة السابقة تحت طائلة التعذيب..
ظهر في الواقع تقاسم السلطة بين أقطاب عدة، ثم تمخضت الأحداث في تلك الفترة، لظهور صراع مرير بين القياصرة دام 18 عاماً.. مما أدى إلى تقاسم السلطة بين قيصر غالريس في الشرق، وقسطنطين كلوروس في الغرب.. (أب قسطنطين المعظم- استعملنا مفردة معظم لتميزه، حيث التسمية بقسطنطين متكررة.. ؟)
تزوج الإمبراطور قسطنطين كلوروس، في حياته مرتين، الأولى من منرفينا، وقد كان حينَها شابًا، له ولد واحد من هذا الزواج هو (كرسبس) وابنتان هما: (قسطنطينيا وهيلينا)، بعد ذلك تزوج للمرة الثانية من الأميرة فاوستا ابنة الإمبراطور ماكسيميانوس، أنجبت له ثلاثة أولاد حملوا أسماء متشابهة هم: (قسطنطين وقسطانز الأول وقسطنطيوس الثاني)، وهم اللذين تولوا الحكم بعد وفاة أبيهم الإمبراطور قسطنطين، على النحو الآتي: [٥] سيطر قسطنطين (المعظم) على غرب الإمبراطورية الرومانية. سيطر قسطانز الأول على الجزء الأوسط لإليريا والجزء الأوسط من شمال إفريقيا. سيطر قسطنطيوس الثاني على الجزء الشرقي من الإمبراطورية الرومانية..
في ظل هذا التوزع استطاع قسطنطين (المعظم) التفرد الكلي بالسلطة، وأصبح في العام 323 سيد الإمبراطورية الوحيد.. بعد تجربة ١٨ عاما من الحروب الداخلية..
غادر قسطنطين روما دونما رجعة، وفي عام 330 م أعلن رسمياً بيزنطة، المدينة اليونانية القديمة عاصمة الإمبراطورية..
من سياساته: بعث مجلس الشيوخ في مقام الحكومة، أحاط نفسه بأروع الصروح والمعابد سماها أكثرها باسمه، مدينة قسطنطين، أنجز بجرأة جملة من القرارات والمراسيم، إذ فرض نظام الخدمة على كل الناس، ووضعه بتصرف الدولة، أعاد الحق للأـسياد في جلد العبيد حتى الموت، كما سمح للآباء على بيع أولادهم، وحرم بحزم، ليس فقط المستوطنون المكبلون بالحديد (القانون 323)، بل الكهنة، المهنيون والتجار من الذين تركوا أعمالهم ومكان اقامتهم الدائم. وكان عدد الموظفين يربوا بدون توقف، ولم يعد الجهاز الإداري أكثر من أداة وحشية لاضطهاد لا يحتمل، يهيمن بغلظة على كاهل الجميع..
[ هو ما ذكره عنه كتاب الحضارات القديمة / ولم يظهر بوضوح في المراجع الأخرى ]
مع المسيحية (من ص 697 –698 مع نقل بدقة لأهميته): كان قسطنطين المتطير، قليل الثقافة، يبحث متحمساً عن سند ودعم سلطته في الدين، متبعاً في هذا، وبكثير من الجرأة منحى أسلافه (هم المعظم). ومهما قست حكومات ديوكليان، وخليفته غاليس أحد القياصرة الجدد مكسميان دبيا، فقد غدا محالاً استئصال المسيحية، التي صارت قوة مجتمعية جبارة وجيدة التنظيم. كان في كل مدينة عدة مجتمعات مسيحية، بأساقفتها وكهنتها وشمامستها، وتمتلك مصادر غنية في الإدارة، كما في الجيش كان الكثير يتبنى طروحاتهم: وفي قصر ديوكلتيان بالذات تعاطفتا معهم زوجته بيسكا وابنته فاليريا. وقيصر قسطنطين كان يحترمهم، ولا ينفذ قرارات ديوكلتيان ضدهم على ارض الغول وبريطانيا الخاضعتان لسلطته. وأجبر الإمبراطور غارليس أيضاً في العام 311 م أن يضع نهاية لاضطهادهم..
منذ مجيئه، انخرط قسطنطين (المعظم) في هذا الطريق ووجدوا سندا قويا حول الكهنوت المسيحي في نضاله الطويل والعنيد ضد منافسيه، لذا، منذ العام313، بعد انتصاره على مكسانس (ابن مكسمين) الذي سيده على إيطاليا، أصدر بالاتفاق مع لوسنيسن الذي كان له آنئذ شريكا له في التاج، وأعلنا عن قرار ميلانو الذي يعطي الحرية كاملة لجميع المتعبدين في كل الأديان، بما فيها المسيحية. وقبلت التجمعات الدينية، أن تساهم ببناء الصروح المدمرة، وإصلاح الأراضي والأطيان التي صودرت في أيام الاضطهاد الأكبر..
وحالما اصبح قسطنطين عاهلا مطلقا، حتى شرع يعامل الكنيسة المسيحية على خير وجه. اعفى وزراءها من التعويضات والسخرة، وقدم قصره لاتران هدية لأسقف روما. ومع امه هيلين، اهتم ببناء معابد مسيحية في فلسطين، بيت لحم والقدس وغنولغوتا، رغم انه لم يهتد إلى المسيحية إلا على فراش الموت.. وأنه حافظ حتى النهاية على لقبه كحبر أعظم وبنى أيضاً بحماس شديد معابد للآلهة السالفين في عاصمته، وأعطى الكنيسة المسيحية وضعا متميزا فعلا. وكان هذا الوثني اهتماما منه بوحدة الكنيسة، يعطي توجيهات تخص مختلف قضايا الكهنوت، ولذا حضر مجمع نيقيا في العام 325 الذي كان مسرحا لمناظرات لاهوتية حامية حول: هل الإبن " يشارك الآب في الجوهر " أم يشبه الآب "، وحيث أعد أعقد " رمز إيماني "، المعروف برمز نيقيا.
( إلى الاتجاه المعاكس) / وهكذا تحولت الكنيسة المسيحية إلى وسيلة جديدة وقوية بيد السلطة الإمبراطورية. وانصب الاضطهاد منذ الآن على البدع والهرطقات الدينية كجرائم على أمن الدولة، توقع ضررا بالأيديلوجية الرسمية، وفي مجمع نيقيا، أبعد قسطنطين وسجن ك " متمرد " الكاهن أريس، الذي مع أنصاره الآريين، تجرأوا أن يدعموا في القضايا الدينية، وجهات نظر أخرى لما تبناه الإمبراطور وذاك المجمع المطيع الخاضع له، لكن، وقد عدل الإمبراطور، أستدعى أريس من المنفى، وأرسل مكانه خصمه الأسقف أتاناس، زعيم غالبية " آباء نيقيا ". وهكذا أضيف إلى أشكال الاضطهاد الحكومية الممارسة، بالتالي، الاضطهاد الديني، وفي هذا المدى رأى الشعب انطفاء آخر أشعة الحرية.. (بما فيها داخل الدين نفسه).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو