الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصلحة والأخلاق

سلوى فاروق رمضان

2022 / 6 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المصلحة الإنسانية والأخلاق

الأخلاق لها طابع تطوري ، مرتبطة تقدمها بتطور وعي العقل البشري؛ ففي وقت من الأوقات كان ضمير العالم يطمئن لفكرة العبودية ثم تطور الوعي فأصبحت العبودية أمر غير أخلاقي، جزء أصيل من تطور الوعي هو المصلحة ثم يأتي الإحساسة أو الضمير ثم يأتي العقل المنطقي ويضع قوانين؛ كمثال إضطهاد أي فئة في المجتمع فتجني الدولة والمجتمع ثمرة الكراهية التي قد تصل إلي حرب أهلية فيلتفت المجتمع إلي ضرورة المصالحة، إذن وعي المجتمع أنتج فكرة إنسانية نتيجة المصلحة لوقف مشاكل الكراهية ثم الخطوة التي بدأت بالمصلحة تليها مع مرور الوقت إحساس وضمير وبالتالي قانون يعلوا بالمجتمع ليصبح أفراده يرفضون الإضطهاد، فيتحولوا من خوفآ من أي ضرر سيتعرضوا له إلي خوفاً علي ألا يصيب غيرهم ضرر، فيأتي الرجل مدافعآ عن المرأة فقط لكونها إنسان مثله، ويأتي الأبيض يدافع عن الإسود أو الأجنبي يدافع عن حق شعب فلسطين في أرضه أو صاحب وطن يدافع عن لاجئ، فبمفهوم المصالح نحن نتطور؛ لذا أتمنى أن نمتع عن وصف الأنانيين والغدارين أنهم يريدون مصالحهم، هم فقط أنانيين أو غدارين لإن المصلحة دافع تطوري عظيم وليست سبة، فأفضل طالب يتعامل معه معلموه هو من يريد مصلحته، وأفضل طبيب يتعامل معه مرضاه هو الذي يريد مصلحته وأفضل علاقة زوجية أو صداقة هم لأناس يريدون مصالحهم؛ لإنهم سيجتهدوا حين إذ في تطوير ذواتهم وتقديم أفضل ما لديهم، وبالتالي يحترمون مصالح غيرهم، وبذلك تتطور الأمور واخص بالذكر هنا تطوير الاخلاق .

المصالح الدوجمائية والأخلاق

ورد سابقاً أن الأخلاق تطورية ليست نابعة من إتفاق المجتمع مثلآ بل إتفق المجتمع بعد أن عانى ويلات مالم يكن يعرفه من الأخلاق، هذا الأمر الطبيعي للمجتمعات، في هذه الجزئية أتحدث عن التطور الغير طبيعي الذي ممكن أن يحدث للمجتمعات في حالة (الدوجمائية) وهي تأخذ منحنى من القيم والأخلاق ليست متكونة بالطريقة الطبيعية المشار إليها بل تكونت بالمصالح فعلآ ولكنها مصالح غير إنسانية، هذا النوع من المصالح معطل لمفهوم الأخلاق لصالح المحافظة لفئة معينة على إمتيازات عن طريق تقيد غيرها بأمور لا تتقيد هي بها فتصبح الأخلاق حين إذ مظهرية إزدواجية؛ كالأخلاق التي نشرها السادة قديمآ ليفرضوها علي العبيد مثل مفاهيم الطاعة، لإن مصالحهم حين إذ تقتضي هذا الأمر أو الأخلاق التي تتقيد بها النساء دون الرجال لمصلحة المجتمع الذكوري، أو الأخلاق التي يجب أن يلتزم بها الأقلية في المجتمع المسلم مثل فرض الصوم في رمضان علي المسيحيين وإعتبار أن ذلك ذوقآ ومراعاة شعور غيرهم دون أن يتقيد بهذا ما يقال عليه الذوق الأغلبية، أو كما يهيمن رجال الدين علي السواد الأعظم بخلق فكرة أنهم العلماء الموكول لهم فهم كلام الله ولحومهم مسمومة، حين إذ تعطل المجتمع وتمنعه من فرصة تطوره وتصويب مساره إذا وجد ما واقف عليه لا يطوره مهما سبب له ضرر، حيث أن الأخلاق هنا ليست في المسار الطبيعي لتطورها بل هي معطلة بمصالح الفئة التي تشكلها علي حسب إمتيازتها.
كيف تسير الأخلاق في المجتمع الدوجمائي

الدوجمائية بطبيعة الحال لها قدسيتها، فلا هي قابلة للنقاش أو التعديل لإنها ليس لها أساس منطقي في الأصل، هل تظن أن أحدهم يحرق بالنار ثم يريد أن يكرر التجربة مرة أخري لا، وحدهم الدوجمائين من يفعلون ذلك، يروا السوء من ما يفرضوه علينا فيفرضوه علينا فرضآ ويلون الحقائق لتناسب إيمانهم، نعم تصبح الدوجما إيمان بعد أن ينسوا تمامآ أن سبب وجودهم كانت مصلحة ولكنها مصلحة غير إنسانية، فنرى الأزمة التي يحدثها الطلاق الشفهي وعدم عدالته ولكن يصروا عليه ونرى الأزمة في زواج القاصرات ولكنهم يدافعوا عنه ويدافعوا عن أحاديث غير منطقية تسئ للرسول، حيث أن الوهم الذي في ذهنهم هو المرئي وليس الواقع الأليم الذي حدث بسببهم إلا مجرد مؤامرة .

الازدواجية الأخلاقية تدفع ثمنها النساء بشكل أساسي لإنهن وضع عليهن كل قيود المظهر الأخلاقي ، ففي دراسة لعالم الإجتماع حليم بركات بعنوان نهر بلا جسور أوضح كيف أستغلت إسرائيل موضوع شرف المرأة لتهجير الأسر العربية في الحروب المتتالية منذ ١٩٤٨ إلي ما بعد ١٩٦٧ عن طريق تخويفهم على شرف نسائهم ، لذا دفع بعض الرجال إلي المطالبة بتغير كلمة عرض بكلمة أرض في قاموس اللغة العربية! (من كتاب المرأة المصرية السياسية والجنسية لنوال السعداوي) .فإذا إعتدي أحدهم علي المرأة تفقد هي شرفها!؛ لإن الأخلاق عندنا حدث لها عائق وهو الدوجمائية فلم تطور لتهذب نفوسنا بل للقيد والتأزم علي أطراف أخري المراد إستغلالها، وبطبيعة الحال نرى إستخدام النساء في المعارك السياسية، فيخوض ممثل هارب في عرض النساء إعتراضا على النظام، أو يتهم محامي ذائع الصيت ( أم )أي مخالف له بالفسق، أو يدعوا الخطاب الديني للأخلاق من خلال ملابس النساء ولو وجه الخطاب للرجال فيكون فيه تحريضآ علي قمع النساء في ملابسهن وإلا كنت ديوثآ.
كل من يمارس علينا السب والقذف والقمع والإبتزاز الأخلاقي كل من يمارس هذا الأسلوب يعلم تمامآ أن الأخلاق في ثقافتنا فقدت قيمتها الحقيقية والهدف الطبيعي لها وأصبحت أداه للإبتزاز، ممكن تسب وتهين وتقذف وتشهر بأحدهم وتجبر الجميع على إحترامك رغم كل ذلك بسبب قوتك، بل بقوتك تقدر أن تزايد على أخلاق المجتمع بمنتهى البجاحة، ألم نشاهد في حياتنا مثل هؤلاء الأشخاص؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة


.. هدنة معلقة...مصادر إسرائيلية تفيد بأن السنوار يطالب بضمانات




.. تفاصيل قضية استدراج الأطفال في لبنان| #الصباح


.. ما هي الشروط السعودية للموافقة على التطبيع الإسرائيلي المحتم




.. الورقة الفرنسية للتهدئة في جبهة لبنان تهدف للتنفيذ الفعال لل