الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظريات المفسرة للتذوق الجمالى والنقد الفنى

محمد فُتوح

2022 / 6 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



لقد تعددت النظريات المفسرة لعملية التذوق الجمالى . فــ منها ما ، يعول على البيئة كأساس للتذوق ، ومنها ما يرى أن حياة الإنسان ما هى ، إلا رحلة للتذوق ، ومنها ما ينحى منحاً نفسياً ، فيفسر التذوق ، على أساس سيكولوجى . فالتذوق نوع من التسامى بالطاقة البشرية . وتتعدد وتتنوع ، النظريات المفسرة للتذوق الجمالى ، وكل منها ، يلقى بعضاً من الضوء ، على جوانب العملية التذوقية .
وفى هذا السياق ، سوف ألقى الضوء على بعض هذه النظريات ، التى تكشف العديد من الجوانب الهامة ، والتى تعين على فهم عملية التذوق الجمالى بجوانبها المختلفة .
النظرية الأولى : البيئة أساس للتذوق و النقد الفنى
....................................................................
تؤكد هذه النظرية أن المنظومة البيئية هى أساس فاعلية المتذوق والناقد ، وأن البيئة هى المحرك الأساسى للناقد والمتذوق ، وأن لها دوراً كبيراً فى تحقيق مدى الفاعلية ، وللبيئة أنواع وتنظيمات لها دورها فى مستوى الذوق والنقد . وتقسم البيئة المؤثرة إلى :
البيئى The Environment ، ويقصد بها البيئة المادية المحيطة بالناقد والمتذوق ، والتى تمثل منظومة متكاملة ، وهى جميع المدركات المحيطة بالناقد والمتذوق ، وما يتصل بها من مفاهيم ومعلومات ومدركات حسية . وبمعنى آخر إنها البيئة التى يتم من خلالها إستيراد بعض مفردات الطاقة البيئية ، و إعادة صياغتها من جديد ، ثم تحويلها لمخرجات وعلاقات و أنظمة ومضامين وتشكيلات ، يمكن استنتاجها من العمل الفنى ، ثم إعادتها للبيئة مرة ثانية ، وتؤثر هذه البيئة فى الذوق والنقد .
النظرية الثانية : نظرية الاتزان النقدى
.......................................................
أُشتقت هذه النظرية من نظرية لبياجيه ، عالم النفس السويسرى ، حيث يرى بياجيه ، أن هناك علاقة قوية بين الاتزان العقلى فى مجابهة المشكلات ، وبين المواقف الجديدة التى تُعتبر عمليات نقدية ، وأن النمو فى المواقف النقدية يحدث بسبب عمليتين أطلق عليهما التمثيل Assimilation ، والتوسيع Accomodation ، وأن التمثيل النقدى للفن هو عملية إدماج Incorporation مثير فنى جديد ، فى نظرة الناقد المعرفية ، عن المجال النقدى . والتوسع هو عملية تغيير Changing نظرة الناقد المعرفية ، وسلوكياته ، عندما تتطلب المعلومات الجديدة هذا التغيير . ويشير بياجيه ، إلى وجود توتر Tention دائم بين التمثيل النقدى ، وبين الأفكار القديمة لمقابلة المواقف الجديدة ، ويؤدى حل التوتر النقدى للمشكلة ، إلى إثراء النمو العقلى ، والإبداعى فى عملية النقد .
وهذه النظرية ذات اتصال وثيق بالنمو ، ويمكن الخروج منها ببعض الأسس التى تسهم فى إثراء عملية النقد والتذوق وهى :
1- أن النمو العقلى يتصل اتصالاً وثيقاً بالنمو النقدى .
2- أن الاتزان العقلى يحقق اتزاناً نقدياً .
3- أن مستوى العمليات الإدراكية والحسية والشعورية لدى الناقد ، لها أثرها فى عملية النقد .
4- أن كل توتر عقلى له تأثيره على عمليات النقد .
النظرية الثالثة : الطاقة أساس أنظمة المستقبلات فى عملية النقد الفنى
.........................................................................................
وترى هذه النظرية أن سلامة المعلومات ، التى يمكن استنتاجها واقعيا من الأعمال الفنية ، أساسها سلامة الحواس ، وأنه يحدث استقبال للمعلومات ، إذا تواجد المثير Stimulusالفنى ، أو الجمالى ، أو الموضوعى ، سواء كان من البيئة ، أو من الخيال ، وبعد ذلك ، يتدخل أحد أشكال الطاقة ، التى تؤثر فى الشكل كالضوء ، أو اللون ، أو الحرارة ، حيث تنبعث الموجات من العمل الفنى إلى الناقد فيضعها ، ويحللها ، وترجم ما بها من معلومات ورموز.
ويتحقق ذلك ، من خلال توافر أنظمة المستقبلات Receptors فى الجهاز العصبى ، التى تستقبل الموجات ، وترسلها دفعات عصبية Nervous impulses إلى الدماغ Brain ، لترجمتها وتفسيرها ، وأن لكل حاسة قنواتها ومستقبلاتها الخاصة. وهذه النظرية تشير إلى بعض الجوانب الهامة وهى :
1- أن المثيرات هى أساس الاستجابة للنقد الفنى .
2- يُسهم الخيال فى ثراء عملية النقد .
3- ينبغى أن يكون الناقد على درجة من الوعى .
4- ينبغى أن يتوفر الحد الأدنى من الإثارة ، لتحقيق واقعية النقد .
5- ضرورة استمتاع الناقد بصرياً ، وعقلياً ، وثقافياً .
النظرية الرابعة : التذوق والنقد بأتيان من الفن وللفن
..................................................................................
أظهر بنيامين كونتسانت B. Constant ، أن عمليات التذوق ، تأتى من خلال الاستمتاع بالأعمال الفنية ، وأن هذا الاستمتاع ، ينعكس مرة ثانية على الأعمال الفنية . مضافاً إليها ذاتية الشخص المدرك للفن . وعلى ذلك تكون عملية التذوق ، دائمة ونامية ومتجددة ، بتجدد الرؤية ، والاستمتاع الفنى ، ومن ثم يمكن تحقيق ذلك النمو من خلال التالى :
1- الممارسات الفنية والجمالية .
2- قراءة الأعمال الفنية .
3- زيارة المتاحف والمعارض .
4- المقارنة والمفاضلة بين الأعمال الفنية .
5- المناقشات والمفاضلات .
النظرية الخامسة : التذوق والنقد هما الحياة
.................................................................
هذه النظرية وضع أساسها شوبنهور Schopenhouer ، وهى تؤكد أن حياة الإنسان ، رحلة للتذوق والنقد ، وما يفعله الإنسان من تعبيرات خلال الفنون ، ماهى إلا ترجمة ، وتنفيس ، لما يشعر به الإنسان ، من تذوق ، للمدركات والقضايا الحياتية ، وأن التذوق والنقد ، هما تاريخ الإنسان ، وأن ما يجابهه الإنسان من مشكلات وبخاصة المأساة ، يعد قيمة الفن ، الذى هو مصدر للتذوق .
وهذه النظرية تشير إلى جوانب هامة هى :
1- أن يتعلم الإنسان كيف يبحث عن مواطن الجمال ، و ينقد ما يصادفه بأسلوب علمى .
2- تنمية المتعلم للمدركات الجمالية فى الحياة .
3- استخدام الطرق والأساليب المقصودة ، وغير المقصودة ، لإثراء الذوق والنقد .
4- أن كل موقف فى الحياة هو موقف للتذوق ، ويجب التركيز على كيفية ، وإمكانية الإفادة منه .
5- أن ممارسة الفنون وسيلة للتذوق .
6- أن تعليم قيم الحياة والأخلاق هى أساسيات للتذوق .
7- أن فى مشكلات الحياة جانباً ، لإثراء التذوق والنقد .
8- أن الفن مصدر للتعبير عن الحياة ، التى هى مصدر للذوق .
النظرية السادسة : نظرية المعلومات
..........................................................
ومضمون هذه النظرية أن التذوق هو عملية اتصال ، ويتوقف الكثير من خصائص هذه النظرية على كمية ، ونوع ، وخصائص المعلومات ، التى يطرحها المثير ، أو الموضوع الفنى ، موضوع التذوق وما يتم خلال العملية من استيعاب ، وإثارة للأفكار ، وإعادة نظر ، ثم المقارنة ، والتفضيل ، بين نفس العمل ، وأعمال أخرى مختزنة ، فى عقل الإنسان .
النظرية السابعة : نظرية التحليل النفسى
..........................................................
وترى أن التذوق نوع من التسامى بالطاقة البشرية ، نحو نشاط رفيع ، وهو فى نظر البعض نشاط انسحابى .
النظرية الثامنة : نظرية القطاع الذهبى
.....................................................................
وتشير إلى أن ما يتحكم فى عملية التذوق وخصائصها ، هو ما يطلق عليه اسم القطاع الذهبى فى الشىء موضوع التذوق ، باعتبار أن أى شىء له حجم معين ومساحة معينة . وحين تكون أجزاء هذا الشىء مرتبة وفقاً لنسب معينة ، مثلاً كوجه الإنسان ، حينئذ يرى البعض القطاع الذهبى يتحقق فيه ، حيث تكون المسافة من أسفل الذقن ، حتى أسفل الجبهة ، تساوى ضعف المسافة من أسفل الجبهة إلى منبت شعر الرأس ، وقل نفس الأمر فى أعمال التشكيل كلها . ، فـــ لكل موضوع قطاع ذهبى ، إذا توفر ، كان من الممكن أن ندرك فى الشىء درجة أو أخرى من درجات الجمال .
من كتاب : " الآثار النفسية والتلوث البصرى " 2008
------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب