الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ليس دفاعاً عن ابليس ولكن ...
ثائر أبوصالح
2022 / 6 / 14العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يقول الدكتور صادق جلال العظم في "مأساة ابليس" أننا سنكتشف في آخر الزمان أن "ابليس" كان ملاكاً أُنيط به دور الشرير. فعندما رفض أن يسجد لآدم كان أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يرفض مشيئة الله بوجود الشر في هذا العالم، أو أن يرفض الأمر الإلهي في السجود لآدم، فاختار الثاني، لأنه لا يمكن للمخلوقين رفض المشيئة الإلهية، فمثلاً الموت هو مشيئة الخالق في خلقه ولا يمكن رفضه، ولكن يمكن رفض الأمر الإلهي فالله يأمرنا ألا نقتل وألا نزني وألا نسرق... ولكننا نقدم على هذه الأعمال ونعصي أمر الخالق. فكل ما فعله ابليس انه عصى أمر الخالق ونحن البشر نقوم بهذا الفعل يومياً فلماذا نتهم ابليس بكل مآسينا.
هناك من ينسبون كل الشرور في هذا العالم الى "ابليس" و"الشيطان" ويقومون بشتمهما، ولا يعلمون أنهم بذلك يشتمون أنفسهم. فإبليس ما هو الا نحن، عندما نرفض الفضيلة، وتقودنا غرائزنا في مسيرة حياتنا، عندما نسعى نحو الغنى السريع على حساب الأخرين، عندما نمتع أنفسنا واجسادنا بمتع دنيوية زائلة دون أي احتساب لمعايير الأخلاق، والشيطان ما هو الا نحن عنما نشيط بأفكارنا باتجاه اذية أنفسنا وأذية الآخرين. عندما نتحول الى عنصر هدام في مجتمعنا تحت شعار الحرية، عندما نضرب بعرض الحائط بكل القيم التي اتفقت الإنسانية عليها انها بناءة، أي عندما نكذب، أو نأخذ ما ليس لنا، عندما نخون انفسنا ومجتمعاتنا وأوطاننا و... فليس بالصدفة أن يكون معنى كلمة شرير بالسنسكريتية تعني "المادة" أو الجسد المادي والتي هي أخر اشكال الخلق، فمن خلال أجسادنا المادية تظهر كل الغرائز وبها ترتكب المعاصي ومن خلالها نخون أنفسنا ومجتمعاتنا وأوطاننا. فالشرير هو نحن عنما نطلق عنان الغرائز لأجسادنا. والشيطان ما هو الا نحن عندما نرخي العنان لعقولنا بأن تنتتج أفكاراً هدامة.
يجب أن نتعامل مع المنظومة الإلهية على أنها منظومة حيادية تحوي الخير والشر، ويجب أن نرى وراء الخير والشر رسالة الهية للعقل الباطن لتعديل سلوكنا لنصعد على سلم الفضيلة. والفضيلة هي الوسط الذهبي كما يسميها ارسطو، فالفضيلة تكمن في الوسط، فمثلاً الكرم فضيلة لأنه وسط ذهبي بين البخل والتبذير، والشجاعة فضيلة لأنها وسط ذهبي بين الجبن والتهور، وهكذا يمكننا أن نستنتج أن الإنسان هو الذي تكمن به الفضيلة لأنه الوسط الذهبي بين فكرة الملاك التي تمثل الخير بكماله وفكرة ابليس التي تمثل الشر بكماله. فالذي يسمى ملاكاً لا يملك سوى خيار الخير فهو مسّير، والذي يسمى ابليساً لا يملك سوى خيار الشر فهو أيضاً مسّير، أما الإنسان فمخير بين الخير والشر ولذلك تكمن فيه الفضيلة، فعندما يختار الخير لنفسه وللآخرين يصبح ملاكاً، وعندما يختار الشر لنفسه ولمجتمعه يصبح ابليسياً، فلماذا نشتم اذن ابليس وهو خيارنا، بل علينا أن نشتم أنفسنا فنحن نصنع أقدارنا بأيدينا وانما اعمالكم ترد اليكم، وفق نظام كوني دقيق يقوم عليه ذكاء كوني يدير شؤون هذا الكون. فكما ان الانسان اكتشف الكثير من قوانين الطبيعة، عليه أن يسعى لكشف القوانين الروحية ليستطيع الإجابة على السؤال: لماذا وصلت مجتمعاتنا للدرك الأسفل؟ وكيف يمكن لنا أن نعود بالحد الأدنى الى مجتمع سوي؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - تناقض
آدم
(
2023 / 2 / 28 - 00:40
)
و كما أن ابليس كان مخيرا بين مشيئة الله و أمره فلم يستطع رفض مشيئته و التي اقتضت رفض امره، كذاك أنا آدم لا مقدرة لي على الخروج عن مشيئته التي تقتضي احيانا رفض أمره، فالخروج عن أمره من مشيئته او إرادته ، و لا أحد يخرج عن علمه أو مشيئته،عندما أخالف منظومته و اخالف أمره فأنا لا أخرج عما سطره لي ، أي لا أخرج عن مشيئته. فأمره لا يعني شيئا انما هو خدعة. هل يعاقبني لأنني خالفت كودا أخلاقيا معينا وفق مشيئته؟ هو اذا لا يعاقبنا إلا على مخالفة أوامره مهما كانت و لكنها وفق مشيئته و إرادته ؟ لكن حتى بعلمنا كما كان الشيطان يعلم بأوامره ،فما سنفعله سيكون فقط تطبيقا مشيئته . حتى مخالفة أوامره ستكون بمشيئته.الأمر يعود الى اختياري نفسه سأعود لأختار بين الخروج عن مشيئة الله أو رفض أمره ، و لا يمكننا الخروج عن مشيئته لذا سنضطر لرفض أمره و الخدعة أنه ان اطعناه سنكون ايضا نطبق مشيئته، اذا فسواءا رفضت أو أطعت فأنا مسير وفق مشيئته. لقد عصيت لأنه لا مقدرة لي على الخروج عن المشيئة. ليس هناك خيار ثالث، خيار الخروج عن المشيئة. هنا فقط يمكن له أن يعاقبني و أن يكون عادلا لكن هذا يتنافى مع قدره. و هنا التناقض ...