الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ روسيا – 09 التتار يغزون روسيا

محمد زكريا توفيق

2022 / 6 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الفصل الحادي عشر

مجيء التتار.

من هم التتار؟ كتب رجل صيني، منذ ستمائة سنة ما يلي:

"التاتسي، أو الداس، مشغولون دوما بقطعانهم. يتجولون بلا توقف، من مراعي إلى مراعي، ومن نهر إلى نهر. إنهم لا يعرفون طبيعة المدن والأسوار. لا يعرفون الكتابة والكتب. يتم إبرام معاهداتهم شفهيا.

منذ الطفولة، متعودون على ركوب الخيل، لإطلاق سهامهم على الطيور والجرذان. وبالتالي، يكتسبون الشجاعة اللازمة لحياتهم في الحرب والسطو؟

ليس لديهم احتفالات دينية، ولا محاكم وقضاء. من الأمير إلى أدنى رجل في القبيلة، يتغذوا جميعا على لحوم ما يقتلونه من حيوانات، ويرتدون جلودها وفرائها.

الأقوى من بينها، له أكبر وأسمن لقمة في الأعياد. المسنون يأكلون ويشربون الرفات. لا يحترمون شيئا سوى القوة والشجاعة. يزدرون الضعف والشيخوخة. عندما يموت الأب يتزوج ابنه من أصغر زوجاته".

كان التتار مسلحين بالرماح والسيوف والأقواس والسهام والبلط والحبال. معهم، العديد من عربات الإمدادات والمؤونة. يستخدمون خيام اللباد. يصفهم كاتب قديم لأحد الباباوات بالآتي:

"على الجانب الشرقي من موسكو، يوجد السكيثيون، الذين يطلق عليهم الآن اسم التتار. وهم أمة متجولة، مشهورة بالحرب. بدلا من المنازل، يعيشون في عربات مغطاة بالجلود.

بالنسبة للمدن والقرى، يستخدمون خياما وأجنحة كبيرة، لا تحميها الخنادق أو الأسوار الخشبية أو الحجرية. لكنها محمية بمجموعة لا حصر لها من الرماة على ظهور الخيل.

التتار ينقسمون إلى مجموعات، يسمونها جحافل، وهي كلمة في لسانهم تشير إلى تكتل من الناس، مجتمعين معا في شكل مدينة. "


"شكل التتري ولون بشرته"، كما يقول كاتب إنجليزي قديم:

"له وجه عريض مسطح، مدبوغ باللونين، الأصفر والأسود. شرس الملامح، وقاسي النظرات. خفيف ورشيق البدن. قصير الساقين، كما لو كان قد خلق لركوب الخيل.

يمارسون ركوبها منذ نعومة أظافرهم، ونادرا ما يسيرون على الأقدام، عندما يقمون بأي عمل تجاري. يتكلمون بشكل مفاجئ وبصوت عال، كما لو كان الكلام يخرج من حلق عميق أجوف.

عندما يغنون ، قد تعتقد أنك تسمع خوار ثور أو نباح كلب. رياضتهم المفضلة، هي إطلاق الأسهم، الأمر الذي يتعلمه أطفالهم منذ الصغر. لا يسمح لهم بالأكل، إلا بعد إصابة هدف صغير من مسافة معينة."

لم يكن جيش التتار به مشاة، وعندما يريدون غزو مدينة، يذهبون إليها على متن خيولهم السريعة. ثم يلزمون سكان القرى المحيطة بالمدينة، على جمع كمية أخشاب وأحجار، يملؤون بها الخنادق، إن وجدت، أو لكي يصلوا بها إلى أعلى الأسوار.

في الاستيلاء على مدينة ما، يقول أحد الكتاب الصينيين:

"فقدان عشرة آلاف رجل، هو بالأمر التافه. لا أحد يمكنه مقاومتهم. في أحد المرات، أعدموا جميع سكان المدينة التي فتحوها. كبار السن، شباب، أغنياء، فقراء، نساء جميلات أو قبيحات. كل من قاوم أو استسلم بدون مقاومة، تم قتله."

هذه القبائل الخشنة من المغول، التي تعيش عند سفوح جبال "ألتاي"، تم توحيدها في جيش قاهر تحت قيادة أمير نشط، يعيش بالقرب من نهر "آمور".

بعد موت هذا الأمير، ابنه، وهو فتى في الثالثة عشرة من عمره، وجد نفسه سيد خمسين ألف قبيلة. حاولت العديد من القبائل المعنية الانفصال عنه.

لكنه قبض على قادتهم، وأغرق سبعين منهم في الماء المغلي. وبعد أربعين عاما من الصراعات، حرر نفسه من سلطة الإمبراطور الصيني، ونصب نفسه لورد الكرة الأرضية، هذا هو جنكيز خان (1165-1227م).

على رأس جيش هائل، عبر حدود الصين، وأخضع تسعين مدينة. أرسل إمبراطور الصين له، كعلامة على الخضوع، ألف فتاة وصبي، ثلاثة آلاف حصان، كميات هائلة من الذهب والملابس الحريرية.

لكن هذه الهدايا، لم تكن كافية لوقف تقدمه. فسقطت العاصمة بيكين تحت سنابك خيله، وأشعلت فيها النيران. ثم عبر الأراضي ودخل أوزباكستان، وأحرق مدينتي سمرقند وبخارى. ولمدة ثلاث سنوات، دمر سهول غرب آسيا، وبسبب هذا الدمار، لم تتعاف تركستان من الكارثة بسهولة.

بينما كان رئيس التتار يغزو بخارى، أرسل اثنين من جنرالاته حول بحر قزوين. غزوا مجموعة من قبائل الأتراك هناك، ومروا بجورجيا والقوقاز، ثم سهوب جنوب روسيا. تقاس قوتهم بقوة الكومان، أعداء الروس القدماء.

حذر "باستي"، خان الكومان، وبعث برسالة إلى أمراء كييف وسوزدال وجاليتش (روسيا الحمراء):

"اليوم استولوا على أراضينا، وغدا سيأخذون أراضيكم".

الأمير الملقب ب"انتقام الشهرة"، والأمير دانيال الشجاع، أقنعا أمراء الجنوب وغرب روسيا، بالذهاب للدفاع عن باستي، الذي تم تعميده تكريما للتحالف.

الأمراء الروس في جاليتش، فولينيا، تشيرنإيجوف، سمولينسك، نوفجورود، وكييف، تجمعوا على ضفاف نهر الدنيبر، فأرسل لهم التتار سفراء، برسالة تقول:

"نحن قادمون بمشيئة الله ضد عبيدنا الكومان الملعونين. سالمونا تسلموا".

لكن الأمراء أعدموا السفراء، ثم ساروا تسعة أيام في السهوب. على ضفاف نهر كالكا الصغير، الذي يصب في بحر أزوف". إلى أن ظهرت على مدد الشوف، في اللمحات الأولى، خيام التتار متعددة الألوان، تعجز العين عن رؤية نهايتها.

"انتقام الشهرة"، ودانيال من فولينيا، طلبا للشهرة والمجد، دون انتظار لأية إشارة، أو إعطاء لأي تحذير، اندفعا إلى وسط فرسان التتار. احتدمت المعركة بعد ذلك بين الكومان والروس من جهة والتتار من جهة أخرى، مصحوبة بغضب فوري.

فجأة، حدث ذعر بين الكومان. تراجعوا وأحدثوا فوضى بين صفوف الروس. التتار، مع الصراخ والصفير، أرسلوا زخات من السهام من فوق ظهور الخيل، ثم قاموا بتعقب الفارين.

خسر الأمراء الروس المعركة، وأصبحت الهزيمة عامة. سبعة أمراء، سبعون من قادة الجيش، كانوا من بين القتلى. تسعة أعشار الجيش الروسي تم تدميره. كييف وحدها، خسرت عشرة آلاف رجل. أميرها الكبير، الذي تخلى عنه حلفاؤه، بقي في معسكر محصن، على ضفاف نهر كالكا، وحاول الدفاع عن نفسه.

"إذا دفعتم لنا فدية عن أنفسكم وعن رؤسائكم، يمكنكم المغادرة بسلام". قال خان التتار. لكن البربري نقض وعده بعد دفع الفدية. وقام بقتل حرس الأمير، ثم خنقه هو وزوجي ابنتيه، ووضع أجسامهم تحت ألواح خشبية، وأقام حفلا فوقها.

بدلا من مواصلة انتصاراته، استدعى الخان الكبير، التتار إلى شمال الصين. وبعد ثلاث سنوات، توفي تاركا لأبنائه الأربعة واحدة من أعظم الإمبراطوريات التي شهدها العالم على الإطلاق.

الروس، الذين اعتقدوا أن هذه القبائل البرية هي شعوب يأجوج ومأجوج، التي تنبئ بنهاية العالم. لكنهم، نسوا الخطر الذي هددهم.

ولمدة عشر سنوات أخرى، تشاجر أمراؤهم، ولم يلتفتوا إلى الشواهد القاتلة، والمجاعات الطاحنة، والحرائق والصواعق والزلازل والكسوف الكلي للشمس، الذي نعرفه من خلال السجلات.

عندما أسس "أوكتاي"، الابن الأكبر للخان العظيم، سلطته وأخضع دول آسيا إلى شروطه، أرسل ابن أخيه، "باتي" الرهيب، مع جيش ليس له عدد، مثل الجراد المنتشر، لغزو الأراضي شمال بحر قزوين.

عبر "باتي" جبال الأورال، ونزل إلى وادي نهر الفولجا، وقام بحرق المدينة العظيمة، عاصمة البلغار، وأخض السكان بحد السيف.

ثم اتجه غربا، عبر أميال لا تنقطع من الغابات، ودخل إلى قلب روسيا. أرسل ساحرا، واثنين من المبشرين لأمراء ريازان، قائلين:

"إذا كنتم تريدون السلام، أعطونا عشر بضاعتكم." لكن أجابه الأمراء الروس:

"على جثثنا. عندما نموت كلنا، يمكنك أن تأخذ كل ما لنا."

طلب الأمراء المساعدة عبثا من أمراء تشيميجوف وجورج الثاني، من سوزدال. إلا أنهم تقدموا ببسالة لملاقاة خان التتار. انتصر "باتي"، وترك جميع أمراء ريازان وحلفائهم تقريبا قتلى، وألقى جثثهم في الحقول.

أظهر الروس بسالة، وفعلوا أعمالا رائعة. فقد قاتل الأمير ثيودور، قتال الأبطال، لكي يمنع زوجته الشابة من الوقوع في يد "باتي"، لكنه سحق من قبل قوات متفوقة. وعندما سمعت أميرته أنه قد مات، اخذت ابنهما الصغير، وقفزت به من النافذة العلوية لمسكنها.

كما تم العثور على أوليج الوسيم على قيد الحياة في ميدان المعركة. وقف أمام الخان، الذي عرض عليه حياته إذا قبل الدخول في خدمته، واعتنق دين التتار، الذين كانوا يعبدون الشمس في ذلك الوقت. لكن الأمير الشجاع رفض الإغراء، فتم تقطيعه إربا.

مر التتار عبر المحافظات. نهبوا المدن، وقتلوا السكان. جورج الثاني، من سوزدال، الذي رفض أن يهب لمساعدة كييف، أو ريازان، عوقب الآن على أنانيته.

تعرض جيشه للهزيمة في "أوكا". موسكو، والعديد من المدن الأخرى، نهبت وأحرقت. ترك جورج ابنيه للدفاع عن مدينة فلاديمير. اختار الأمراء والنبلاء الموت بدلا من العبودية. أعطاهم الأسقف سر الله، وأغلقوا أنفسهم في الكاتدرائية، معهم زوجاتهم وأطفالهم. وهلكوا جميعا في النيران.

تسلق التتار الأسوار ،وقاموا بتدمير البوابات، واحتشدوا عبر المدينة. الشوارع كانت مغطاة بالدماء. الأمير الكبير، نصب معسكره على ضفاف نهر "سيت"، لا يبعد كثيرا عن نوفجورود، وذهب يعد جيشا جديدا. ثم سارع بالعودة لحماية عاصمته، ولكن عندما سمع بمصير المواطنين وعائلته ، بكى وقال:

"كان من الأفضل لي أن أهلك، بدلا من أن أعيش لأرى هذا اليوم! فلماذا تركت وحدي يا ربي؟"

اقترب التتار، واشتبك معهم جورج، وقاتلهم ببسالة، ولكن كل ذلك كان عبثا. فقد تجاوز فرسان التتار رجاله في العدد والعتاد، واكتسحوا جيشه.

الأمير الكبير نفسه، تم قتله، وبعد المعركة، وجد أسقف روستوف جثته بلا رأس. وأسر ابن أخيه، فاسيلكو، وأسر معه وجهه النبيل، وشجاعته ،وأخلاقه الكريمة، مما أثلج صدور المنتصرين. الذين قالوا له:

"كن صديقا لنا، وقاتل تحت لواء باتي العظيم"، فأجابهم:

"أعداء الوطن والمسيح، ليسوا أبدا أصدقائي. ولن تستطيعوا إجباري على قتال المسيحيين.".

كز التتار على أسنانهم غيظا، وقاموا بطعن الشاب البطل، وألقوا بجثته في الغابة.

استمر اجتياح الإعصار المدمر، و"اختفت القرى والمدن، وحصدت رؤوس الروس بسيوف التتار، كما تحصد سيقان القمح بالمنجل".

فقط الغابات العميقة والمستنقعات، التي يصعب اجتيازها، والأنهار التي فاضت بأمطار الربيع، هي التي أنقذت مدينة نوفجورود. التي اقترب منها "باتي" العظيم، وكان على بعد مائة كيلو متر. ثم ولى وجهه شطر الجنوب.

المدينة الصغيرة، كوزيلسك، قامت بمثل هذه المقاومة الباسلة، وانتهت إلى نفس الخراب والكثير من الخسائر في الأرواح. فأطلق عليها التتار اسم "المدينة الشريرة". وعند سقوطها، أضرموا فيها النيران، وأبادوا سكانها، وأغرقوا فيها، أميرها الشاب في بحر من الدماء.

قضى التتار عامين في تدمير جنوب روسيا. وأخيرا جاء دور مدينة كييف. وقف الخان لفترة طويلة على الضفة اليسرى من نهر الدنيبر، معجبا بالمدينة الجميلة التي ترتفع على التلال المقابلة، بجدرانها البيضاء من الحجر المقطوع، تنعكس صورها في النهر الواسع، وأبراجها الشاهقة، وكنائسها ذات القباب الذهبية التي تضوي وتبرق في الشمس الساطعة.

عرض البربري شروط الاستسلام، لكن رجال كييف، بالرغم من فرار أمرائهم، وبالرغم من أنهم كانوا يعرفون جيدا كيف كان مصير المدن الأخرى، قتلوا مبعوثي التتار وانتظروا مصيرهم.

يقول المؤرخون، إنه مع اقتراب جيش التتار الرئيسي، كان صرير عجلات العربات الخشبية، ورنين الأجراس في رقاب الجاموس، ورغاء وهدير الجمال ، وصهيل الخيول ، والصراخ الشرس للتتار، صاخبا للغاية. لدرجة أن الرجال لم يتمكنوا من سماع أصوات كل منهم في قلب المدينة.

هاجم البرابرة البوابة البولندية والجدران بآلات نطح جبارة. النبيل ديمتري، من جاليتش، ونائب الأمير دانيا، قاد المواطنين في الدفاع عن الأسوار حتى غروب الشمس.

ثم انسحبوا إلى كنيسة العشور وبنوا جرفا للحماية، لكنهم لقوا حتفهم خلفه في اليوم التالي، بالقرب من قبر "الشهرة النارية". لقد نجا ديمتري الشجاع من التتار، ولكن تم نهب أم المدن الروسية، كييف، للمرة الثالثة. ومن هذه الضربة لم تتعافى أبدا.

تم تفكيك ونهب كنيسة العشور، وكنيسة القديسة صوفيا، ودير الكهوف. وكان هذا هو الدير حيث قام القديسون بسجن أنفسهم في الزنازين، ثم أصبحت مقابرهم فيما بعد، وبقيت أجسادهم غير قابلة للفساد.

إنها الآن واحدة من "الأماكن المقدسة ". وكل عام، يقوم ثلاثمائة ألف من المؤمنين، بالحج إلى المدينة والانحناء أمام آثار الماضي المقدسة.

كل روسيا، باستثناء نوفجورود والبلاد في الشمال الغربي، أضحت الآن في سلطة التتار. عدد قليل من الأمراء بقوا على قيد الحياة في روسيا. الباقين، إما قتلى أو في المنفى. الكثير من المواطنين الأثرياء، تم استعبادهم.

"زوجاتهم، اللاتي لم يعرفن الكدح أبدا، وكن يلبسن إلى عهد قريب، ملابس غنية، مزينة بالجواهر، ويتحلين بأساور الذهب، تحيط بهن الجواري والعبيد، أصبحن اليوم جواري وعبيد عند البرابرة وزوجاتهم. يقمن بإدارة حجر الطاحونة، أو بطهي الطعام بأنفسهن للسادة الغزاة"

غزا "باتي" المجر، وقاتل البولنديين في سيليسيا، ولكن تم اختباره لفترة طويلة من قبل أحد النبلاء الشجعان في مورافيا.

أصيبت أوروبا بالرعب من هذا الخطر الداهم. البابا، الذي طلب دانيال، أمير جاليتش، مساعدته، قام باستنفار العالم المسيحي.

لويس التاسع، ملك فرنسا، قام بالاستعداد لحملة صليبية. وكتب الإمبراطور فريدريك إلى ملوك الغرب:

"هذه هي لحظة حاسمة لفتح العيون وإيقاظ الجسد والروح، عندما يكون الأمراء الشجعان الذين اعتمدنا عليهم، قد ماتوا أو صاروا عبيدا".

بينما كان ملك بوهيميا، ودوقات النمسا، وكارينثيا، يحشدون قواتهم، للوقوف في وجه التتار، مات الحاكم الثاني للإمبراطورية المغولية الشاسعة. ورأى ابن أخيه، أنه من الأفضل الانسحاب.

في طريق عودته، بني على أحد فروع الفولجا الجنوبية، مدينة أطلق عليها اسم القلعة. والتي أصبحت عاصمة إمبراطورية القبيلة الذهبية، أو القبجاق.

وهي إمبراطورية قوية، تصل من جبال الأورال إلى نهر الدانوب، والتي فرض القياصرة أو خان المغول على سكانها الجزية من المال والفراء. وفرض المساعدات العسكرية، من الدول تحت نفوذهم.

مبعوث أحد الباباوات يعطي هذه الصورة لبلاط "باتي":

" إنها خيمة مزدحمة ورائعة. يبلغ عدد أفراد جيش الخان ستمائة ألف رجل، ربعهم من التتار، البقية من الوحدات الأجنبية والمسيحيين وكذلك الكفار.

في يوم الجمعة العظيمة، تم اقتيادنا إلى خيمة الخان، بين نارين مشتعلتين. لأن التتار يعتقدون أن النار تطهر كل شيء، وتبطل مفعول السم حتى لو كان مخفيا.

كان علينا أن نلقي كثيرا من التحيات ونحن ندخل إلى الخيمة. كان يجلس "باتي" على عرشه مع إحدى زوجاته. إخوته وأولاده ولوردات التتار كانوا يجلسون على دكك. باقي أعضاء البلاط كانوا يفترشون الأرض. الرجال على اليمين والنساء على اليسار.

الخان ولوردات بلاطه، من وقت لآخر، يفرغون كؤوسا من الفضة والذهب، في حين يصدح الموسيقيون بالأنغام، فيردد الهواء صدى الألحان. "باتي" له وجه مشرق، ولطيف إلى حد ما مع رجاله، ولكن الناس تقف مرعوبة أمامه".

خانات المغول، بعد أن غزوا روسيا، اكتفوا بالسيادة العامة، تاركين القوانين المحلية والمحاكم والحكومة للروس. وسمح للأمراء بالاحتفاظ بألقابهم، يدفعون ضرائب رهيبة وهم صاغرين.

غالبا ما كان الباسكاك القساة، المكلفون بجمع الضرائب للخان، هم سبب الثورات في المدن الروسية، في كثير من الحالات.

كانت القبيلة الذهبية في البداية، مرتبطة بسلطة الخان الأكبر في آسيا. لكن تحت حكم الخليفة الرابع لجنكيز خان، اهتزت هذه التبعية، وأصبحت القبيلة الذهبية مستقلة.

وبعد خمسين عاما من تاريخ معركة الكالكا، اعتنق التتار ديانة النبي محمد، وأصبحوا أشرس أبطال الإسلام.

وللحديث بقية، فإلى اللقاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة