الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة .. في سورة الأنفال / آية 17

يوسف تيلجي

2022 / 6 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ / سورة الأنفال 17 ) .
الموضوع :
لا بد لنا بداية أن نفسر الآية أعلاه - من المراجع الأسلامية الرصينة ، وبشكل مقتضب ، فقد جاء في شرحها - وفق تفسير بن كثير ، التالي (( يبين الله تعالى أنه خالق أفعال العباد ، وأنه المحمود على جميع ما صدر عنهم من خير ؛ لأنه هو الذي وفقهم لذلك وأعانهم ؛ ولهذا قال " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم " أي : ليس بحولكم وقوتكم قتلتم أعداءكم مع كثرة عددهم وقلة عددكم ، أي : بل هو الذي أظفركم بهم ونصركم عليهم ، كما قال تعالى ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون / سورة آل عمران : 123 .) . وقال تعالى ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين / سورة التوبة : 25 ) يعلم - تبارك وتعالى - أن النصر ليس عن كثرة العدد ، ولا بلبس اللأمة والعدد ، وإنما النصر من عند الله تعالى كما قال : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين / سورة البقرة 249 ) . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : في قوله تعالى ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) قال : هذا يوم بدر ، أخذ رسول الله : ثلاث حصيات فرمى بحصاة في ميمنة القوم ، وحصاة في ميسرة القوم ، وحصاة بين أظهرهم ، وقال : شاهت الوجوه ، فانهزموا . قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله ، ممن شهد بدرًا مع رسول الله ، فقاتل أعداء دينه معه من كفار قريش : فلم تقتلوا المشركين ، أيها المؤمنون ، أنتم ، ولكن الله قتلهم . / نقل بأختصار من الموقع التالي http://quran.ksu.edu.sa . )) .
القراءة :
أولا - تشير البنية النصية للآية ، أن فعل القتال ضد كفار قريش / يوم بدر ، وقتلهم تم بقوة ألهية تامة ، حيث توضح الآية و بجلاء تام " فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ " - والمحدثين أكدا ذلك كأبن أسلم وأبو جعفر ، والظفر تم أيضا بذات القوة الألهية ، وكانت كل رمية ، أنما تتم بقوة الله ! . وهنا يتجلى الله بصورة أخرى ، وبدور أخر ، وهو قاتل كفار قريش ، حيث يحارب الله مع المسلمين ضد الكفار .

ثانيا - ووفق الآية وشرحها ، أري أن الله قد أكتسب صفة أخرى ، وهي صفة " المحارب " ، ومن المنطق / أسلاميا ، أن نصحح أسماء الله الحسنى من 99 أسما الى 100 أسم ، وذلك بأضافة " المحارب " لها ! .. " أسماء الله الحُسنى لا يعلمها إلا الله - تعالى - وفي السُّنة الصحيحة عن أبي هريرة : ( لله تسعة وتسعون اسمًا ، مَن حَفِظها ، دخَلَ الجنة ، وإنَّ الله وِتْرٌ يحبُّ الوِتْرَ ) / نقل من موقع الألوكة " .

ثالثا - ولكن كيف لله أن يحارب ويقتل ويرمي ، وهو " السلام " ، وكيف للذات الألهية أن تغيير من فعلها السلموي في الحياة الى فعل دموي ! ، وقد جاء في موقع / الكلم الطيب ، تأكيدا بأن الله هو " السلام " ( ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في موضع واحد ، يقول الله عز وجل : هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ . / سورة الحشر 23 ) . وفي صحيح البخاري ، يبين أن النبي يقول : " فإن الله هو السلام " )) . أذن هناك تضارب وتضادد بين أسماء الله الحسنى ومعانيها ، فليس من المنطق أن يكون الله سلاما ويحارب ! .

رابعا - ومن الأحاديث ، نلاحظ أن رسول الأسلام يسرد عنه رواية رمي الحصيات ، التي رماها " ميمنة وميسرة وبين أظهرهم .. فأنهزموا الكفار " . وهنا يقدم محمد نموذجا خارقا في هذا الحديث ، أسوة بربه الذي حارب مع المسلمين ضد الكفار ، ولكن النص القرآني يسارع فيعزز هذا الحديث بآية ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى .. / 17 سورة الأنفال ) ، موضحا أن الذي رمى ليس محمدا بل الله .. فالله يحارب عوضا عن المسلمين من جهة ، وعوضا عن محمد في " رمي الحصيات " من جهة اخرى ! .

خامسا - وفي هذا الصدد نلاحظ أن الله في المسيحية له شأن أخر ، حيث يعبر عنه في أنجيل يوحنا ب" الله محبة " . فكيف لله أن يكون في قرآن محمد محاربا ، وكيف له أن يكون في الأنجيل " محبة " فهل رب محمد ربا أخر ! هذا مجرد تساؤل .

أضاءة :
بماذا ممكن أن يفسر أمراء الأرهاب هذه الآية للمخدوعين من المنظمين للمنظمات الارهابية الأسلامية - القاعدة وداعش .. وغيرها ، من المؤكد سيعبأون أدمغتهم بأن الله يحارب معهم في ذبحهم وسحلهم للكفار ! ، مثلما حارب الله من قبل مع محمد في غزواته قبل 14 قرنا ّ ضد كفار قريش . السؤال الأهم : في كيفية ألغاء هكذا نصوص ، أو على الأقل ، العمل على تحجيمها ، وأرى أن هذا لا يتم ألا بثورة على هذا الموروث الهزيل ، الذي ساهم في تجهيل عقلية المسلم لعدة قرون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعترف بحركة طالبان رسمياً كحكومة شرعية في أفغانستان


.. تماذاقلب اكتشاف النحاس تاريخالبشرية؟




.. خروج جثمان أحمد عامر من المسجد لتشييع جثمانه لمثواه الأخير


.. فرنسا: مدرسة -نوتردام دو بيتارام- الكاثوليكية.. ممارسات وحشي




.. الزعيم الروحي التيبتي الدالاي لاما يعلن عن خليفته بعد وفاته