الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلقات التنوير مع ابن رشد من النقد إلى التنوير الجزء الثالث.

المعانيد الشرقي
كاتب و باحث

2022 / 6 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


   قسم ابن رشد كتابه " تهافت التهافت " إلى قسمين: الإلهيات ثم الطبيعيات، وقد تناول في هذين الجزئين المسائل العشرين التي خاض فيها حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، منها ست عشرة في الإلهيات وأربع في الطبيعيات، بدءً من مسألة قِدم العالم وحدوثه إلى إشكال الخلود، والإستدلال على صانع العالم ثم صدور الكثرة عن الواحد؛ أي الله، ثم نفي الكثرة في ذات الخالق والصفات والإقرار بالوحدانية والوجود والماهية في الذات الإلهية بالتحديد الميتافيزيقي ثم التنزيه والتجسيم. وبعد ذلك تأتي ثلاث مسائل في العلم الإلهي، العلم بالكليات والجزئيات وتليها طاعة السماء والغرض المُحرك لها واللوح المحفوظ ثم نفوس السماوات، لينتقل ابن رشد إلى الطبيعيات التي قادته للبحث في السببية والعلية ثم روحانية النفس ومسألة الخلود وبعدها إشكالية فناء النفوس الإنسانية وأخيرا مسألة البعث الذي لا نعرف عنه إلا تمثلاث وصور ذهنية تندرج في الأبعاد الميتافيزيقية التي تنفلت من قبضة العقل والمنطق أحيانا كثيرة. وفي مسألة البعث بَيّنَ ابن رشد ما المقصود به في تعالقه مع الجسد والروح؛ بمعنى، هل ستُبعث الأرواح وحدها أم مع الأجساد، أم هما معاً، وكيف سيتم ذلك؟ 
   ولما كان الغزالي قد كَفّرَ الفلاسفة في خاتمة كتابه " تهافت الفلاسفة " الذي شن فيه حربا على الفلاسفة تارة وعلى الفقهاء تارة أخرى انطلاقا من ثلاث مسائلٍ وهي، مسألة قِدم العالم والثانية قول الفلاسفة بأن الله لا يُحيط علما بالجزئيات الحادثة من الأشخاص ثم الثالثة والأخيرة، إنكارهم بعث الأجساد وحشرها. لكن ابن رشد برهن في كتابه " تهافت التهافت " على أن فهم أمور الدين ينبغي أن تتم عبر حوار عقلاني علمي منطقي آخذين في الإعتبار إمكانية وقوع الخطأ ونسبية الحقيقة مؤكدا في ذات الآن على الحق في الاختلاف وضرورة فهم الرأي الآخر في إطاره المرجعي، علاوة على التعامل مع الخصم في إطار التفهم والتزام الموضوعية.
  هكذا قام ابن رشد بتشريح كتاب الغزالي " تهافت الفلاسفة " بإظهار عيوب منطقه. فإن اختلف النص الديني مع العقل، فإن علينا أن ننتصر للعقل لا للنص اللاهوتي حسب ابن رشد، لأن الدين يجب أن يترك للتفسيرات الروحية وليس للعقلانية والمادية، وبهذا، أخذ الشرق عن الغزالي فلازم أهله النكوصية والتقهقهر ودخلوا في حروب منذ تلك الفترات إلى اليوم، وحرقوا كتب ابن رشد وحاربوا أفكاره ورموه بالزندقة والمروق في كثير من المناسبات، وكانت النتائج هي ما نلاحظه اليوم، التخلف والإنحطاط والبؤس في كثير من المجالات. وأخذ الغرب بإبن رشد وأفكاره ودرسوها لأبنائهم في الجامعات، فتقدموا وشيدوا حضارة متكاملة الأركان عبر الإستفادة من فلكه وفيزيائه وعلومه في الرياضيات والأخلاق. ومن يتساءل عن تخلف العرب، فالجواب واضح إلا من أصابهم مرض عميان الفكر، فلما حارب العرب العلماء بإسم الدين، فلا مجال لأن يبحثوا عن أسباب تخلفهم وانحطاطهم.

  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور