الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نواجه مخاطر الفساد.؟

ميشال شماس

2006 / 9 / 19
المجتمع المدني


كثر الحديث عن الفساد وسُبل مكافحته والحد من أثاره المدمرة ليس على المجتمع السوري وبل على المجتمعات العربية والبلدان النامية أيضاً، وقد ارتفعت وتيرة الحديث عن الفساد هذه الأيام خاصة بعد انتشاره بشكل مخيف بين مختلف فئات الشعب، حتى أصبح يطلق عليه "الفساد الشعبي"، وكتب وقيل الكثير عنه والقاسم المشترك بين كل ما قيل وما كتب هو أن محاربة الفساد بات يشكل المدخل الحقيقي لضمان نجاح عملية الإصلاح والتغيير التي ينشدها السوريون، وبالرغم من كل ذلك فما زالت قصور الفساد تعلو على كل ماعداها. فماهي أسباب هذا الفساد وماهي أثاره ؟ وهل يمكن الحد من انتشاره ؟
- أسباب تفشي الفساد :
الفساد أشبه ببذرة، موجودة في كل زمان ومكان، لايمكن أن تنمو إلا إذا توافرت مجموعة من العوامل الملائمة لنموها والتي يمكن تلخيصها فيما يلي :
1- ضعف الحياة السياسية وعدم وجود مؤسسات مدنية غير حكومية "كمؤسسات المجتمع المدني" ، والنفوذ الواسع والمؤثر الذي يتمتع به أعضاء السلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية الواسعة والمقربون منهم، قد جعل من الصعب كشف حالات الفساد.
2- تدني مستوى الدخل وخاصة لدى موظفي الدولة، وانتشار الفقر لدى قسم كبير من الناس، قد ساهم في تعميم الفساد.
3- انعدام المراقبة، وتهميش دور السلطة القضائية ، وفقدان العدالة، وعدم معاقبة المسؤولين الكبار الذين تورطوا في عمليات الفساد ونهب المال العام.
4- ضعف العقوبة المقررة لمرتكبي عمليات الفساد، وشمول الجرم جزئياً بالعفو قد أدى إلى المزيد من الفساد والإفساد.
- نتائج انتشار الفساد على المجتمع:
1- يؤدي إلى الاستهتار بالقوانين والأنظمة الناظمة النافذة والتشكيك بها وخرقها باستمرار، والى انهيار منظومة القيم الأخلاقية والروحية فيه كالثقة والأمانة.
2- يضعف النمو الاقتصادي من خلال انعكاس الرشوة على الكلفة الاجتماعية والاقتصادية للمشروعات بما يرفع من تكلفتها وضعف مردودها.
3- يدفع الفساد إلى إتباع أساليب الغش في محاولة للربح السريع على حساب جودة الخدمة أو البضاعة المصنعة سواء تلك المقدمة من القطاع العام أو القطاع الخاص، مما ينعكس سلباً على قدرة الدولة على التصدير وإضعاف واردات الخزينة.
4- يساهم في تشجيع ثقافة الاتكال والاستهلاك بدون حدود، على حساب إضعاف روح المبادرة والابتكار.
5- يؤدي إلى تكديس الثروات بأيدي أصحاب النفوذ والسلطة على حساب تهميش بقية أفراد المجتمع.
6- يدفع الفساد بمن يدهم السلطة إلى التركيز في الإنفاق على المؤسسات والمشاريع التي يمكن من خلالها بسهولة كسب المال بطريق الرشاوى، على حساب إنفاق أقل على قطاعات مثل التربية والتعليم والصحة.
- كيفية الحد من تنامي هذا الفساد :
وبعد أن عرفنا أسباب الفساد ونتائجه الخطيرة، بقي علينا أن نعرف كيف نضع حداً لتنامي هذا الفساد، من خلال اتخاذ جملة من الإجراءات تشمل مختلف الصُعد السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
أولاً- على الصعيد السياسي:
1- رفع حالة الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية، وإطلاق سراح من تبقى من معتقلي الرأي والضمير، وإلغاء الاعتقال السياسي من قاموس السياسة السورية نهائياً، والسماح بعودة المنفيين وإعادة المظالم لأصحابها.
2- إطلاق حرية العمل السياسي والنقابي والإعلامي، وإصدار قانون الأحزاب والجمعيات السياسية بما يسمح بتداول السلطة. وتشجيع عمل مؤسسات المجتمع المدني، نظراً لدورها الفاعل والمؤثر في محاربة الفساد.
3- تعديل قانون الانتخابات بما يعيد الاعتبار لمبدأ الانتخاب الحر والمباشر والسري في جميع المستويات، لتمكين الناس من اختيار ممثليهم الحقيقيين بكل حرية، تحت إشراف سلطة القضاء.
4- التأكيد على فصل السلطات بضمان قيام سلطة قضائية مستقلة ذات نظام قوي تتألف من رجال أكفاء نز يهون يتمتعون بالاستقلال المطلق تجاه السلطة السياسية، مع توفير الاحترام من الحكام والمحكومين للأحكام التي تصدرها هذه السلطة القضائية.
5- انفتاح الحكومة على المواطنين بكثير من الشفافية والوضوح، لكسب ثقتهم ودعمهم لها.
ثانياً- على الصعيد الإداري:
1- إعادة النظر بأسلوب ترقية الموظفين في الدولة على أساس الكفاءة والعدالة والموضوعية بعيداً عن الولاء والقرابة والانتماء السياسي والديني.
2- تفعيل قانون الكسب غير المشروع رقم 64 تاريخ 15/6/1958 الذي يلزم الموظف أو المسؤول مهما كبر وقبل استلامه مهامه أن يصرح عن أمواله وأموال زوجاته وأولاده. وأن يفعل الشيء نفسه عند تركه المركز أو المنصب لأي سبب كان.
3- إعادة النظر بأساليب تدريب العاملين من خلال التشديد على أخلاقيات الوظيفة والمسؤولية العامة، واعتماد سياسة التدوير الوظيفي كلما كان ذلك ممكناً.
4- تفعيل الدور الرقابي وإطلاق يده في كل المجالات بعد رفده بعناصر كفوءة ونزيهة، وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني.
5- تعديل القوانين المتعلقة بمحاسبة مرتكبي جرائم الفساد المختلفة، باتجاه تشديد العقوبة المعنوية والمادية خاصة لمن يحتلون مناصب ومراكز مهمة، أو من يقوم بتزييف العملة وترويجها، أو تهريب المخدرات أو الغش في أعمال البناء والغذاء والدواء.. واعتبار أفعال هؤلاء عمل من أعمال الخيانة العظمى لتكون العقوبة رادعة وشديدة لحماية المجتمع من هذا الوباء الخطير.
6- إصدار قانون يحدد كيفية صرف مكافأة مالية مجزية للموظفين الذين يبلغون السلطات عن أعمال محظورة قام بها زملائهم في العمل، أومن قبل الغير.
7- إنشاء لجنة مشتركة حكومية ومن مؤسسات المجتمع المدني تتبع رئيس الجمهورية، وظيفتها مكافحة الفساد في المؤسسات الحكومية المختلفة، واسترداد الأموال التي سرقها المسؤولين والموظفين السابقين على نحو ما فعلت بعض البلدان"كنيجريا واندونيسيا" التي طالبت بأموال زعمائها و مسؤوليها السابقين الذين فروا خارج بلدانهم.
ثالثا-على الصعيد الاقتصادي:
1- رفع المستوى المعيشي لموظفي الدولة، بما يحفظ كرامتهم، ومحاسبة الموظفين ذوي السلوك الفاسد ومكافأة الموظفين ذوي الكفاءة والنزاهة، بما يساعد على زيادة درجة الحصانة إزاء الفساد.
2- ترشيد الإنفاق الحكومي وخاصة منه "البذخي والترفي"، وإصلاح نظام الضرائب للتخفيف من ظاهرة التهرب الضريبي والمتأخرات، والحد من الهدر في مؤسسات الدولة بشكل عام.
رابعاً- على الصعيد التربوي والثقافي:
1- إصلاح التعليم بدءا ًمن الاهتمام بالمعلم الذي يشكل المحور الأساسي في العملية التعليمية، وتطوير مناهج التربية والتعليم، وتقديم مواد تتدرج في أفق التربية على القيم الأخلاقية والروحية واحترام القانون وحقوق الناس. بدءاً من البيت والمدرسة وفي أماكن العمل ودور العبادة.
2- خلق رأي عام معارض للفساد داخل المجتمع، وذلك من خلال توعية الناس بخطر الفساد على التنمية بمختلف جوانبها، وفضح رموز الفساد والتشهير بهم، وخاصة أصحاب النفوذ والسلطة والمناصب الرفيعة، بتخصيص حصص دراسية في المدارس والجامعات وبرامج في مختلف وسائل الإعلام..الخ .
3- وضع لوحات إعلانية إرشادية في جميع مؤسسات الدولة ودوائرها وأقسامها تعرّف المراجعين بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات منعاً للابتزاز الذي قد يتعرضون له.
وختاماً، فإن الوقت يمر مسرعاً، وإن لم نعمل جدياً على مكافحة الفساد هذا السرطان المخيف، والحد من انتشاره، فإن مصيرنا سيكون التهميش على صعيد المجتمع الدولي، وليس هذا وحسب، بل سيبقى هذا الفساد يشكل الممر والتربة الخصبة لاستمرار التهديدات والتدخلات الخارجية التي تتعرض لها بلادنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ


.. نتنياهو: شروط غانتس تعني هزيمة إسرائيل والتخلي عن الأسرى




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 160 موقعًا أمميًا دمرته


.. الصفدي: الأونروا ما زالت بحاجة إلى دعم في ضوء حجم الكارثة في




.. مفوض الأونروا: 800 ألف من سكان رفح يعيشون في الطرقات.. ومناط