الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميثرا و يسوع و الأسطورة

مصطفى عبداللاه
باحث

(Mustafa)

2022 / 6 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تأسيس
الدين هو منتج حضاري وتراث بشري يخضع لقوانين التطور التاريخي والمعرفي ، فأي تراث ما هو إلا نتاج تطور تراث أدنى منه زمناً ، ويكون التطور تلبية لمتطلبات وتغيرات الواقع ، فكما أن التراث متأثر بالواقع الذي نشأ فيه إلا أنه يؤثر فيه أيضاً في عجلة تبادلية لا تتوقف ، وإذا أردنا أن ندرس ونفهم تراث بعينه علينا أن ندرس الظروف التي أفرزته و التراث السابق عليه لأنه يكون حجر أساس للتراث موضع البحث ، فلا يمكن أن نفهم التاريخ وأي تاريخ ونحن نقطعه من جذوره وسياقه ونترك مبدأ السبب والسببية جانباً .


المسيحية مدخل للفهم :

وتأسيساً على ما سبق ، إذا أردنا أن نفهم العقيدة المسيحية ونفهم عقائدها وطقوسها علينا أن نرجع إلى أمرين ، إلى الوضع الاجتماعي والسياسي للمجتمع التي نشأت فيه تلك العقيدة ، ومن المعلوم أن ولدت في العقود الأولى من القرن الأول داخل المجتمع اليهودي ، وإذا نظرنا من الناحية الاجتماعية و السياسية لذلك المجتمع :

الاحتلال الروماني وحلم المسيا :

في العقود الأخيرة قبل الميلاد كان اليهود يعيشون في ظل الحكم الروماني لليهودية ( أورشليم ) تحت حكم هيرود الخاضع لحكم قيصر ، ولم يكن اليهود يعتبروا الحكم الروماني إلا مجرد أحتلال وثني للأرض اليهودية ولكن المخيلة اليهودية كانت في انتظار المسيا أو المخلص الذي سيخلص اليهود من الذل بل سيعيد لهم مملكتهم كمملكة سليمان المزعومة ، ولم يكن حلم المسيا بجديد على الفكر اليهودي في تلك الفترة بل أنه يرجع الى عهد السبي البابلي الأول 597 ق.م حيث ظهر ونشأ في تلك الفترة إِبَّانُ تدوين الأسفار الأولى للعهد القديم، فكان كلما وقع اليهود تحت سبي أو احتلال استعادوا حلم المسيا مرة أخرى ، وفي تلك العقود الأخيرة ظهرت العديد من حركات التمرد على الرومان تحت اسم المسيا وهو ما يورده لنا المؤرخ اليهودي يوسيفوسوف : و في القرن الأول ظهرت العديد من الحركات اليهودية المسلحة ولقب أتباع تلك الحركات أصحابها بالمسحاة إلا أن أكثر تلك الدعوات انتهت بالفشل.. (1) (وسيفوس : تاريح اليهود)
وفي تلك الظروف وفي ظل وجود الدولة الرومانية بقواتها كان من المستحيل أن يظهر مسيا اليهود الحقيقي المنتظر من سيقود اليهود لحكم الأرض وإعادة المملكة اليهودية مرة أخرى ، فكان على اليهود تغيير التكتيك الخاص بالمسيا بالأحرى صنع مسيا أخرى مناسب للواقع ، في ظل استحالة ظهور مملكة أرضية تتحول تلك المملكة الى مملكة سماوية ويتحول من المسيح مقاتل و قائد عسكري الى مسيح مسالم يعطي مال قيصر لقيصر ، فكان من الواجب تطوير أسطورة موجودة ومؤثرة في تلك البيئة وتحويلها إلى المسيح المنتظر .



الميثراوية :

الميثراوية هي الديانات الشرقية القديمة تعود في منشأها إلى 1500 قبل الميلاد في بلاد فارس والهند وهي فرع من فروع الزرادشتية كما يذهب كان فرانز كومونت، إلا أن الميثراوية ظهرت متأخرة في روما تحديداً في القرن الأخير قبل الميلاد كما يذهب المؤرخ الفارسي أبو لالا سودافار مستشهداً و معتمداً في ذلك بالمفكر اليوناني بلوتارخ ، وكانت الميثراوية ديانة روما الأولى أن ذاك وظلت تصارع في المسيحية في قرونها الأولى بسبب اتهام أتباع ميثرا المسيحيين بسرقة عقائدهم كما يقول يذهب روج أرنست في كتابه أصول المسيحية .


بين المسيحية و الميثراوية :

يعد أقدم الأناجيل كتابتاً هو إنجيل مرقس المدون حوالي 70 ميلادي ويأتي أنجيل لوقا ومتى بين عام 80 وعام 90 والأخير يوحنا بين 100 و 110 ميلادياً ، مما يعني أن الثلاث الأخيرة متى و لوقا و يوحنا دونت بعد تدمير أورشليم و انتقال المسيحية من رحم اليهودية إلى الثقافة الرومانية وحتى إنجيل مرقس المدون في حوالي عام 70 نرجح أنه دون بعد تدمير أورشليم أيضاً لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يهتم أحدهم بالكتابة في ظل تلك الأوضاع ، ومع بداية تدوين الأناجيل في ظل هيمنة الثقافة الرومانية والتأثير الروماني نجد أن شخصية المسيا تحولت الى ميثرا جديد ، كما يذهب ، تشارلز فرانسوا دوبوي مؤسس نظرية أسطورة المسيح أن العهد الجديد كانت على الأرجح بناء أسطوري من الميثراوية تم إنشاؤه كوسيلة للسيطرة على الممارسات الدينية ، و يقول إرنست رينان لو تم إيقاف نمو المسيحية من قبل مرض مميت ، لكان العالم ميثرايك ، و أوجه التشابه تصل إلى حد التطابق ، فميلاد ميثرا كان في الخامس والعشرين من ديسمبر كما كان هذا أحتفال في الإمبراطورية الرومانية (2) (Encyclopaedia Britannica) ، وهو اليوم الذي تحول فيما بعد إلى يوم ميلاد المسيح ، كما أن ميثرا مولود من العذراء ( اناهتيا) أي الطاهرة وهي تقول على لسانها في نقش عثر عليه في مدينة (كنكاور ) في أيرأن (” آناهيتا العذراء، الطاهرة، أم الرب ميثرا) ، وكما يذهب دكتور سيد القمني مذهب عباس العقاد في التشابه بين ميثرا والمسيح قائلاً (وقد عبد الهنود بدورهم هذا الإله (الفارسي)، واعتقد عبَّاده أنه يدخل سنويًا في معركة مع آلهة الموت والظلام، وأنه كان يتعرض في هذه المعركة للأسر، ثـم الاستشهاد موتًا على الصليب، فيصيب الأرض الجفاف ويتوقف النسل، لكنه يقوم من الموت في الحادي والعشرين من شهر آزار، عند المنقلب الربيعي، فتعود بقيامته المجيدة الحياة للأرض خيرًا ونماءً، ويشير المرحوم (عباس العقاد) إلى طقوس من ديانة (ميثهرا)، نجد فيها شبهًا كبيرًا بما في المسيحية، ولك أن تلاحظ أن احتفال المسيحية بعيد ميلاد إلهها الشهيد (يسوع المسيح) في 25 كانون أول وهو نفس موعد ميلاد (ميثهرا)، وأن احتفالها بعيد القيامة المجيد يوم 20 آزار، هو بدوره نفس موعد قيامـة ميثهـرا المجيدة. ويقول (عصام ناصف): "وقد اقتبست المسيحية بعض ما في المثروية، ومن ذلك مفتاح دار التعليم ومفتاح الجحيم، وتيجان الأساقفة وأحذيتهم الحمراء، ولقب بابا وكان يُلقَّب به كبير كهنة ميثهرا) ، كما يلخص الدكتور أحمد شلبي أوجه التشابه بين ميثرا و المسيح قائلاً
( متراس: هذه الديانة فارسية الأصل، وقد ازدهرت في بلاد فارس قبل الميلاد بحوالي ستة قرون.. وتذكر هذه الديانة أن:
ـــ "مثرا " كان وسيطًا بين الله والبشر.
ــــ وأن مولده كان في كهف أو زاوية من الأرض.
ـــ وأنه وُلِد في الخامس والعشرين من ديسمبر.
ــــ كان له اثنى عشر حواريًا.
ـــ مات ليخلص البشر من خطاياهم.
ــــ دُفِن ولكنه عاد للحياة وقام من قبره.
ــــ صعد إلى السماء أمام تلاميذه وهم يبتهلون له ويركعون.
ــــ كان يُدعى مخلصًا ومنقذًا.
ــــ ومن أوصافه أنه كان كالحمل الوديع.
ــــ كان أتباعه يعمدون بِاسمه )
وفي رأينا نحن أن المسيح حتى وإن سلمنا جدلاً بوجوده كشخصية تاريخية الا انه لا يعدو إلا أن يكون مجرد يهودي تحول فيما بعد الى أسطورة بعد تحول المسيحية من اليهودية كثقافة إلى روما و أصبح المسيح مثيرا ملحق ببعض الأساطير من العقائد الأخر من أجل خلق مسيا جديد كي يناسب الوضع القائم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مصطفى عبداللاه
عبد جابر الاربيلي ( 2022 / 6 / 25 - 06:43 )
رايك محترم
دعك من اعتقادك بوجوده من عدمه ولكنه كيف ترى افكاره وعقيدته وكيف انك تقارنها مع عقائد الاخرين
هنا اريد ان اسمعك منك

اخر الافلام

.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح


.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص




.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن