الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصريحات البابا بنديكتوس، تذكي الحرب الارهابية العالمية

طه معروف

2006 / 9 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو ان المانيا ؛البلد الذي خرج منه أعظم القادة والمفكرون والفلاسفة اصحاب العقول المتنورة وألانسانية ومهد الحركة الشيوعية المساواتية والتي لعنت الدين ((أفيون الشعوب)) - كارل ماركس بوصفه أداة الطبقات المضطهدة لتخدير الجماهير ولزرع الشقاق والكراهية في صفوفها ، تحولت بعد قرنين من الزمن وفي ظل قيادة ميركل وحزبه اليميني ( الديمقراطي المسيحي) الذي ساند التصريحات الاخيرة للبابا ، الى منبر لتقسيم البشرية حسب الهوية الدينية في سياق دعم وتأيد الحرب الارهابية العالمية والمصادقة على ادعائات بوش حول الحرب المقدسة.
صحيح ان محمد والأسلام لم يجلبا للعالم سوى الاشياء الشريرة واللاانسانية ، ولكن هذا جزء من الحقيقة و ان جزئها الاخر هو ان المسيحية ايضا لم تقدم للبشرية سوى الخداع والحروب وسلب ارادة الجماهير وليس لها ماضي اشرف من ماضي الأسلام ، فالحرب المقدسة والجهاد وجهان لعملة واحدة ،كلاهما حاصل الشريعة والمبادئ الدينية التي كانت دوما و على مر العصور المختلفة في خدمة مصالح اقليات مستغلة من ملاك العبيد او الامراء والملوك الاقطاعيين و الراسماليين الذين أشعلوا الحروب والغزوات لتجميع الاموال والسيطرة على الأراضي و الاسواق ومصادر الثروة الاخرى.
تأريخيا هناك نقطة مركزية تلتقي فيها جميع الأديان ،هي الخرافة التي نشرت و فرضت بالعنف والسيف، كأمثل طريقة لفرضها على الجماهير عبر القرون و قد استفادت الاديان جميعها، في المقاطع التأريخية ، من الجهل السائد في صفوف الجماهير و عدم ادراكها لاسباب معاناتها الأنسانية .
إن الادعائات التي يتم ترويجها حول التسامح في الدين المسيحي هي محاولة لإحياء المسيحية في الحياة السياسية والأجتماعية الراهنة ولتنظيف وجهها وتبرئتها من الجرائم والانتهاكات التي مارستها ضد حقوق الانسان في العصور الماضية خلال وجودها في السلطة .الفرق الوحيد بين الدين الاسلامي والمسيحي ،هو ان الأخير تلقى ضربة قاسية من الحركات السياسية والاجتماعية. فبدءا بحركة مارتن لوثرالأصلاحية البروتستانتية الذي أحدثت اكبر انشقاق في صفوف الكاثوليكية المتسلطة وانتهائا بالثورة الفلسفية المادية الاوروبية الذي مهدت الطريق للثورة الفرنسية الكبرى لتكنيس السلطة المسيحية وابعادها عن الحياة السياسية والاجتماعية ومصادرة ممتلكاتها التي قاومت بشراسة من اجل الإحتفاظ بها .كان كارل ماركس على حق عندما قال :ان الكنيسة مستعدة للتنازل عن مجموع 39 شريعة من شرائعها السماوية ،ولكنها غير مستعدة للتنازل عن شريعة واحدة مرتبطة بقوانين تملك الثروة التي وجدت من اجلها. "أخنق آخرملك بأمعاء آخرقسيس" ،هو احد شعارات الثورة الفرنسية والذي يعكس مدى عمق الحقد المقدس لدى الجماهير إزاء سلطة الكنيسة الأستبدادية .وإذا كان حصر الفاتيكان في قلب اوروبا المتمدنة هو من ناحية ، مؤشر لهزيمة سلطة الكنيسة على أيدي الجماهير المتمدنة و حصرها في هذه الزاوية الضيقة من روما فهو من ناحية أخرى وسيلة بأيدي الرأسمالية العالمية لتهديد المدنية عبر هذا النموذج الرجعي المذهبي و استعماله سلاحا ضد تلك الدول "الاسلامية" التي لم تحدث فيها مثل تلك الحركات والثورات السياسية والاجتماعية والتي لايزال الاسلام فيها مصدرا اساسيا للتشريع.
من نافل القول ان نشير الى ان القوة الراهنة للاسلام السياسي يعود في احد جوانبه الى دعم الراسمال العالمي؛ الامريكي والغربي للدين الاسلامي في سياق مواجهة مد النفوذ الشيوعي وخصوصا بعدما ادرك بأن نمو وتطور الحركات الأشتراكية تشكل خطرا جديا على مصالحه .
ان تصريحات البابا في هذه الظروف التي تدمر الحرب الارهابية العالمية بين امريكا والغرب والاسلام السياسي جماهير غفيرة من العالم حيث تحصد يوميا ارواح العشرات في لبنان وفلسطين والعراق وافغانستان وتفرض اجواء الخوف في دول اخرى من العالم ،هي مساهمة جلية لإشعال المزيد من الصراعات والتشرذم في صفوف الحركات الاجتماعية للكادحين وزجهم بالتالي في اتون الحرب الارهابية وان المستفيد الاول هوالفاتيكان، و الاسلام السياسي وحركاته الارهابية ، فالترويج للحرب الصليبية و الجهاد بين الجماهير وفي دول مثل مصر والعراق اللذان يشهدان صراعات دينية حادة سيؤدي بلا شك الى ارتكاب مزيدا من اعمال العنف والتصفيات كما هو الامر في العراق. إن تسريحات بابا فرصة ثمينة للأسلام السياسي الارهابي لحشد وجمع القوى للإدامة بالقتل والدمار واعمال السلب والنهب في اطار الحرب الارهابية العالمية. إن تمسك بوش والحكومة اليمينية الامريكية برجال الكنيسة والإدعائات التافهة حول ما امر به الرب لإشعال حربه الارهابية ومحاولته الرجعية لإزالة نظرية داروين في المنهج الدراسي ليحل محلها "نظرية تصميم الذكي"اي وجود خالق للكون او اكاذيب توني بلير بأن الله هو وحده له الحق في محاسبته لإشتراكه في الحرب الارهابية العالمية وتصريحات وزير العدل الهولندي الأخير "بيت هاين دونر" حول الإسلام في هولندا، والافتراضات ألوارده في كتاب له سيصدر خلال أيام ،من إن: الشريعة الإسلامية يمكن أن تطبق في هولندا إذا ما اقتنع ثلاثة أرباع الهولنديين بضرورة ذلك في وقت ما في المستقبل ، ان كل ذلك دليل على التخبط وزيف الديمقراطية الغربية وتوجهاتها المنحرفة ورؤيتها الرجعية لمستقبل البشرية التي تحاول حصرها في اطار اشرس وسيلة رجعية ، اي الدين . ومثلما كان الاسلاميين في ايران والسعودية وباكستان جعلوا من الدين أشرس الوسيلة لحماية النظام الطبقي الرأسمالي ،فأن المسيحية هي الاخرى تريد ان تجعل بديلا سياسيا للنظام الطبقي العلماني في الدول الغربية وإن تشكيل الاحزاب الديمقراطية المسيحية هي خطوة في هذا الأتجاه .
إن إخضاع البشرية لمشيئة الدين والله ،هي وسيلة بأيدي القساوسة ورجال الدين الأسلاميين ،لتقديم اكبر خدمة للراسمالية العالمية بالأستناد على زرع بذور الشقاق والتفتت في صفوف الجماهير العمالية لمنع وحدتها الطبقية وتنظيمهما الموحد بوجه النظام والعالم الرأسمالي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي