الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَن يُسَلِّعُ المرأةَ ويُشيّؤها … على هامش مقتل نيّرة

فاطمة ناعوت

2022 / 6 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رحمَ اللهُ "نيّرة أشرف عبد القادر" طالبة جامعة المنصورة، الفتاة الجميلة التي قتلها زميلُها لأنها صدّت شغفَه، فذبحَها في وضح النهار، لتنزفَ دماؤها من قلوب المصريين جميعًا، بل ومن قلوب العالمين بعدما صارت قضية رأي عام هزّت أركان الدنيا. اللهم اربط بالصبر الجميل والاحتساب على قلوب أبويها وذويها وأصدقائها. وبعد.
كعادتهم، بعض "أدعياء الدين"، لا يظهرون إلا حين تظهر "المرأة"، ويتوارون حين تظهر الكوارثُ والجوائحُ والفقرُ والمرضُ وحروبُ العالم وقضايا الوطن. ثمّة ارتباطٌ شرطيٌّ عجيب بين ظهورهم، و"جسد المرأة”. لم يلفت نظرَهم في تلك الفاجعة المدوية التي وخزت قلبَ مصر، إلا أن الفتاة الصريعة لم تكن "محجبة"، وأرجعوا سبب القتل إلى ذلك! ويشاءُ القدرُ أن يردَّ عليهم بعد يومين من استشهاد "نيرة"، بجريمةٍ شنعاءَ مماثلة في الأردن الشقيق، راحت ضحيتها الطالبةُ "إيمان إرشيد" التي صرعها زميلُها لنفس السبب: إذْ رفضتْ شغفَه بها، والفارقُ الوحيد بين الضحيتين، أن الشهيدة الأردنية كانت "محجبة". وكأن القدرَ يودُّ أن يُخرسَ ألسنَ المتنطعين على الدين، بأن الجريمة "عمياء" لا تُميّز خصلاتِ الضحية، بل يسكنُ التمييزُ أدمغةَ أدعياء الدين.
قال أحد أولئك المتنطعين على الدين، والدين منهم براء: (السبب في الجريمة هو "تسليعُ المرأة وتشييؤها في الدراما والأفلام)! و"التسليعُ" هو جعلُ الإنسانِ "سلعةً" تُباعُ وتُشترى، و"التشييءُ" هو جعلُ الإنسانِ "شيئًا"، وليس كائنًا عاقلا ذا إرادة. وعكس "التشييء" هو "الأنسنة"، وهو مصطلحٌ أدبي وتيمةٌ شعرية يستخدمها الشعراءُ حين يضفون على الأشياء الجامدة صفات "الإنسان" لمنحه الحياة. فنقول: القمر "يغفو"، والشمسُ "تضحك"، والأشجار "ترقص"، والزهور "تغني"، والليلُ "يتنفس" الخ.
وهنا يأتي السؤال: (مَن الذي يُسلِّعُ المرأةَ، ويجعلها شيئًا رخيصًا يُباعُ ويُشترى؟) الدراما والفنون القيّمة التي تحثُّ المرأةَ على التفوق والعمل وإثبات الذات والاعتماد على نفسها ومواجهة المجتمع بصلابة وعزّة نفس؟ أم المتطرفون والإرهابيون الذين شاهدناهم بأعيننا يبيعون النساء سبايا في أسواق النخاسة في كل بقعة احتلتها داعش وبوكو حرام وطالبان وغيرها من جماعات التكفير والإذلال وقتل الحياة وتشويه الدين؟! مَن الذي يُسلِّعُ المرأة ويُهينُ إنسانيتَها؟ الدراما كما في مسلسل "إلا أنا" التي جعلت الفتاة تواجه مشاكلها المجتمعية والنفسية والمرضية لتصمد وتواجه وتنجح؟ أم الدعيِّ الذي قال بالحرف إن (المرأة مثل السيارة التي يملكها الرجل، إن تركها مفتوحة تُركب من الغير!) و"مفتوحة" هنا يعني "غير محجبة". وهذا الدعي يُدرك بالقطع، كما أدركنا جميعًا، أنه بهذا يُجيزُ التحرش والاغتصاب لكل فتاة غير محجبة في المجتمع! وبالتالي، ضمنيًا، يُجيز التحرش بـ واغتصاب كل فتاة مسيحية على أرض مصر! ولستُ أدري كيف لم يتم توقيف هذا الشخص بعد هذا التصريح المخيف الذي وضعه في خانة "الفتوى"، بما أنه يخدعُ الناس بإيهامهم أنه أحد ألسن الأزهر الشريف، حاشاه، وأحد المتحدثين باسمه، رغم تبرؤ الأزهر الشريف منه علانية، وكذلك منعته هيئة الأوقاف من اعتلاء المنابر والظهور على أية فضائية مصرية، في خطوة محمودة نشكرهم عليها. لكنه مازال، وسوف يظل، يبثُّ سمومَه على صفحته الشخصية وقناة يوتيوب التي يتابعها بضعة ملايين من شباب مصر، غير المسلّح بالعلم والمعرفة الدينية الصلبة، فيصدقون ما يقول من ترهاتٍ تُشوّه ديننا العظيم، ويهللون له. وربما خرج من بينهم مَن يتحرش بغير المحجبة أو مَن يقتل فتاةً لم تبادلها حبًّا بحب، مادامت المرأةُ "شيئًا" مملوكًا للرجل لا يحق لها الاختيار ولا تجوز لها الإرادة، كما أوهمهم عرّابُهم الذي وصف المرأة "بالسيارة التي تُركب"! فمن الذي يُسلِّع المرأةَ ويجعلها شيئا؟ الدراما الراقية، أم الشيخ الذي قال مخاطبًا سيدات مصر: (اخرجي "قفّة"، إن كنتي عاوزة تعيشي! لو خرجتي وشعرك على الخدود يهفهف، هاتدّبحي!!!). مَن يُسلّع المرأة؟! الدراما والأفلام والفن التشكيلي والموسيقى والباليه والأوبرا والمسرح والقوى الناعمة التي تُثقِّف النشء، أم الشيخ الذي أفتى بأن الخروج من الضائقة الاقتصادية جدُّ يسيرٌ عن طريق غزو الدول الأجنبية لكي نسترقّ نساءها ورجالها وأطفالها ونأخذهم سبايا، ننكحُ ما يطيب لنا منهم، وحين نضجر منهم نبيعهم، فنجني الأموال! قال هذا بالحرف الواحد، والفيديو موجود بكل أسف على يوتيوب مازال يسمعه النشءُ فتتلوثُ مداركُهم ويخرج من بينهم مع مقبل الأيام إرهابيون وسفاحون وقتلة ومتحرشون.
“الجمهورية الجديدة" تسيرُ بخطًى واثقة ومشهودة نحو التحقق والعلو. قضينا على الإرهاب والحمد لله في شمال سيناء وفي سائر أرجاء الوطن العزيز، لكن مازال أمامنا مشوارٌ مهم وحتمي لأجل انتزاع "نصل الإرهاب الفكري" المتغلغل في عقل الوطن.


***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لو شنقوا ذابح زميلته بنفس المكان وبسرعة لصار عبرة
أنور نور ( 2022 / 6 / 29 - 21:00 )
الأدلة أكثر من كثيرة .. والشهود كثيرون فقد ذبحها نهاراً جهاراً وسط زميلاتهما وزملائهما
لو صدر أمر بنصب مشنقة للجاني في خلال 24 ساعة من ارتكاب الجريمة - بعد انتهاء التحقيقات المكثقة .. لما تكرر الحادث نفسه في الأردن . ولما صارت كل طالبة بالجامعات كلها وبدول المنطقة جميعها , تخشي من نفس مصير الطالبة نيّرة .. ولما ظن طالب آخر ان بمقدوره ارتكاب جريمته , وهو مطمئن الي أن حبال القضاء طويييلة .. ودهاليز العدالة كثيرة , وجديرة بترك أمل لديه في الافلات..أو بحكم مخفف , وبعده افراج بقضاء 3 أرباع المدة ! أو بإفراج لدواعي صحية مصطنعة وكاذبة !. ولكم في قاتل المطربة السورية - سوزان تميم - ومموِّله - .. مثلاً حياً
العدل بالأرض يبكي الجن لو سمعوا به
الذين أهملوا البلاغات القانونية التي قدمتها من قبل , الضحية وأهلها ضد الجاني , بسبب تهديداته لها بالقتل .. هم شركاء أصلاء في الجريمة . لو قاموا بواجبهم واعتقلوه وحاكموه وسجنوه .. لما قامت الجريمة.. هؤلاء هم المتهم الأول في جريمة القتل. فهل من أحد استدعاهم وحاكمهم ؟؟


2 - الكاتبة الكريمة
وسام يوسف ( 2022 / 6 / 30 - 14:19 )

هل المشكلة في رجال الدين ام في تفكير المسلمين ؟
اليوم جاءني على الفيس بوك منشور لموقع اسمه عمار يامصر يتحدث عن قاتل نيرة في لحظة صدور الحكم بأعدامه
العشرات من التعليقات من رجال ونساء تتأسف على حال القاتل وعلى امه المسكينة وعلى شبابه دون ان تذكر او تترحم على نيرة ، جعلوا من هذا المأفون ضحية مسكينة اغواه الشيطان اللعين ...والمسامح كريم !
واحدة اسمها شروق جمال تقول بالحرف-ربنا يرحمه يارب و يسكنه فسيح جناته - ولاذكر للمقتولة.
وواحد اسمه عمرو محمد يدعي للقاتل المسكين بالقول :-اللهم خفف عنه يارب العالمين
وارحمه برحمتك يا ارحم الراحمين- ولاذكر لنيرة.
عشرات من تعليقات مشابهة ملأى بآيات استغفارية ، بل ان احدهم استشهد بقول المسيح -من كان منكم بلا خطيئة فليرجمه بحجر
كلهم اعتبروا علنا او ضمنا ان سوء تربية نيرة هي التي دفعت القاتل لارتكاب جريمته.
سيدتي الكريمة : دينك -العظيم- هو الذي زين لهذا الوغد ان يفعل ما فعل ، وسيكرر غيره فعلته وسيبقى المسلمون الأصلاء الذين يخافون الله يطلبون الرحمة والمغفرة للقتلة مادامت
المقتولة فتاة تريد ان تعيش حياتها .
تحياتي الخالصة

اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24