الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توظيف الدين في الدولة الخطر المميت

صادق الازرقي

2022 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ادرك المفكرون والفلاسفة منذ وقت مبكر، وأثبتت التجربة البشرية ذلك، ان محاولة اقحام قضايا الدين والعبادات الفردية في نشاط الاحزاب والحكومات طالما تسببت في كوارث كبرى حاقت بالجنس البشري، وادت الى هلاك اعداد هائلة من البشر، وابلغ دليل على ذلك عصر محاكم التفتيش الشهيرة في اوروبا والاحداث والمآسي اللاحقة، ولقد عانت منها بالدرجة الاساس شعوب البلدان ومفكروها وعلماؤها وفنانوها؛ فكأننا نصرخ مع الفيلسوف الالماني نيتشه "لم يترك الاغنياء للفقراء شيئا سوى الله"، الذي يقول ايضا في موضع آخر من كتاباته، ان الإصرار على ضرورة أن يكون الناس بطريقة معينة وليس بطريقة أخرى يؤدي إلى التعصب الأعمى الذي يقلل من قيمة الخير في التنوع البشري، وان ما يصنع صديقا هو السعادة المشتركة وليست المعاناة المشتركة، ومن اقواله المعروفة ايضا "عند الأفراد الجنون هو أمر نادر ولكن في المجموعات , الأحزاب, الأمم, العصور .. الجنون هو القاعدة؛ فيما يحذر عندما يتطرق الى بعض تبعات ذلك على المجتمع بالقول: ان الحرص على النظام، هو نقص في النزاهة، و لاصلاح لأمة فسدت منابت أطفالها.
ما دفعنا الى تدبيج هذا الاقتباس من فيلسوف ومفكر معروف برغم اختلافنا مع كثير من آرائه، هو ما نراه اليوم في العراق حين نشهد معاناة الناس الذين يتطلعون الى تحسين احوالهم فيما يتصارع "السياسيون" على كراسي الحكم، مقدمين ذرائع وحجج يحاول بعضهم ربطها بمعتقدات دينية وبأديان ومذاهب من اجل الحفاظ على العملية "النظام" السياسية مثلما دأبوا على القول.
لقد عد الفلاسفة ومن بينهم الفيلسوف الالماني الذي نوهنا عنه قضايا الدين، عبادة فردية يكنون لها الاحترام اذا لم تقحم نفسها في الدول والأحزاب والحكومات بما يتسبب في الاذى للجماهير.
اردنا ان نقول اننا نشعر بأخطار اكبر مقبلة اذا تواصلت عملية قيادة المجتمع العراقي الى النهج ذاته الذي تسبب في المآسي التي يعاني منها الناس؛ التي يظهر ان ليس بالإمكان مغادرتها وتنمية حياة السكان إلا بنظام سياسي جديد يقوم على فصل الدين عن الدولة وعدم اقحام العقائد والاتجاهات الدينية في المؤسسات السياسية، بل حتى سن قانون للأحزاب ينأى بها عن التذرع بالدين لتحقيق مكاسب سياسية.
وبصراحة فلقد لاحظنا في المدة الماضية ان بعض الجهات تقوم بمحاولة إعادة احياء وتكريس التوجه المذهبي بتسمية نفسها "الاطار الشيعي" بدلا من التنسيقي واعمام ذلك على وسائل اعلام وفضائيات لمحاولة مواصلة التأثير في الناس بدعوات الطائفية وكسب الاصوات والتأييد على وفق هذا التوجه المضر، بدلا من الاتجاه الى تنمية المواطنة.
وبصراحة ايضا نقول، كانت احتجاجات تشرين العراقية الواسعة في عام 2019 انموذجا وطنيا توحدت فيه جميع الاتجاهات والقوميات والاديان والمذاهب بهدف انقاذ البلد من محنته؛ وكان على المسؤولين بصفتهم سياسيين ان يغتنموا الفرصة لإعادة تقويم العملية السياسية وإدخال التغيرات في هيكلية النظام السياسية والقوانين المتعلقة به وبادارة شؤون الدولة والحكومة، بهدف بناء وضع جديد قادر على ادارة شؤون البلاد وتحقيق رغبات الناس والارتقاء بحياتهم، وتحقيق الرخاء المطلوب لهم في بلد يصنف ضمن البلدان الغنية، وكي لا تستمر دوامة الازمات والفساد وانعدام البنى التحتية والاعمار وتخلف الخدمات، وسيادة مظاهر العنف والقتل وانعدام الامن؛ وحتى لا نواصل نحن الصراخ مع الفيلسوف الالماني لنقول: لم يترك لنا الاغنياء شيئا سوى الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج