الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نشأة البسملة في بداية تشكُّل الوعي الإنساني

هيثم طيون
باحث بالشأن التاريخي والديني والميثولوجيا

(Hitham Tayoun)

2022 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل تساءلت يوماً عزيزي القارئ لماذا لا يوجد ديانة قامت على الأرض تطلب منك أن تُصلِّي للإله بالطريقة التي تريدها أنت، وأن كل ديانة تطلب منك أن تعبد الله بالطريقة التي وضعها مؤسسها فقط، المؤسس هو الوكيل الحصري للإله، هو الموزع الرسمي والوحيد لطلباته؟ هل تساءلت لماذا لا توجد طريقة تشبه الأخرى أو ترنيمة تشابه سابقتها أو بسملة لإله واحد؛ لماذا؟؟ ذلك لأن التواصل مع (الله/ الكون) ليس الهدف الفعلي لنشأة الأديان، بل هو تطبيق لرؤية كهنة الأديان لكيفية فرض أنفسهم، الهدف هو أن تصبح عضواً يسمع ويُنَفِّذ، لا أن يكون إنساناً يفكر ويسأل!.


يعتقد الكثيرون أن عبارة البسملة "بسم الله الرحمن الرحيم" جاءت مع الإسلام، وأنها جزء أساسي من بداية كل سورة من سور القرآن، بل وحتى أن البعض اخترعوا لها اعجازاً يلائمها عبر سلسلة من الصلوات والأدعية والاستغفار والحجب، ومن يشك بوجودها يتم تكفيره حيث أنها وردت في آية النمل فمن أين جاءت هذه البسملة التي وردت أيضاً في رسائل البطاركة الأنطاكيين السريان والتي كانوا يرددونها في كنائسهم منذ حوالي ألفي سنة بالسريانية بالتعبير التالي: "بشم ألوها رحمانو أوم رحيمو". رحمانو، في الأصل "رحم ان"، رحم نون (ن/ ان) ربة الخصب، الأم الكبرى، السِّت المصرية الفرعونية القديمة، وفي السريانية تعني "بيت الرّحم"، حيث تُشير إلى ولادة الرّوح وتجسّدها بما يطابق: "وصارت الكلمة جسداً"

لكن ما هو أصل البسملة؟ ومن أين أخذ الرهبان السريان في العراق وسوريا وكنعان هذا المُصطلح؟
نجد أن هذه العبارة مكتوبة على نقش على أحد الأبواب القديمة في الجامع الأموي في دمشق حيث وردت العبارة داخل صليب مربع على الشكل التالي: ➕ بسُمِّ اللات الرّحم نون والبعث من الرّحم هذا خلق حور ➕، لكن هذه العبارة المنقوشة على الباب متبوعة بكلمة أخرى بعد كلمة الرحيم هي: (دا + ها + خلق)، و(دا) تعني كما تقال في العامية المصرية الدارجة (ده) بمعنى "هذا هو": "هو دا/ هو ده/ هو ذا بالفصحى/ خودا بالفارسية/ هودا/ الهُدى" نحن نقول: "يا هو دا/ يا هُدى أو يا هدي الله/ أتباع الهُدى والفرس يقولون "يا خودا"، و(ها) لفظة عِبرية مثل (ها يوم) بمعنى: "هذا اليوم" و أيضاً (ها نبي) بمعنى: "هذا نبي" و أصلها هو (حا) من المصرية الفرعونية القديمة التي تعني: الحاوي (الساحر)؛ وهكذا يكون معنى عبارة (دا حا خلق) الواردة بعد كلمة الرّحيم هو: (هذا خلق حا) "الحاوي/ الساحر/ حور/ حورس" فيكون معنى البسملة هو كالتالي: بِسُمِّ (ب سُمِّ أي بسم أفعى الساحر/ فعبان الكوبرا هو أحد رموز الربة الأم الكبرى السِّت إيزيس والسُّم هو رمز لامتلاك العلوم والمعرفة والحِكمة والطبابة والدواء) الله (تكتب بثلاثة أشكال هي: الله/ اللة/ اللات وهي الإله الأكبر السِّت العدرا أو السيدة العذراء أم الإله الأصغر حور أو روح الأم/ البعل/ المسيح/ الإله الفادي/ الخضر) أما كلمة الرّحمن فأصلها هي: الرّحم نون/ رحم نون و هي رحم السِّت نون أو السيدة العذراء/ اللات أو اللة أو الله، وكلمة أوم الرّحيم تعني: البعث أو الولادة من جديد من الرحم الإلهي/ رحم الأم الإلهى: أوم رحيم/ رحم الأم (وهو تماماً معناها عندما ندعوا للمُتَوفَّى أو للمُتَوفَّاة: "الله يرحمو" أو "الله يرحمها" فنحن ندعوا لهم بالبعث أو بالعودة إلى الحياة والولادة من الرّحم الإلهي/ رحم الرّبة الأم من جديد) أما باقي العبارة "هذا خلق حور" فتعني: هذا هو من خلق حور/ الإله الخالِق/ خالِق حور (أي الإله الأكبر/ الله أكبر/ السيدة العذراء والِدة الإله الأصغر المسيح عيسى بن مريم/ حورس/ حور أو روح الأم). ونلاحظ الرموز على النقش (ها) فوقها رمز زهرة اللوتس (اللات/ اللة/ الله/ الخالق)، وأيضاً الكأس في منتصف الباب/ منتصف الصليب الذي يرمز إلى رحم الأم (حُتنب/ حَوَت نِب/ نون/ حَوَت حور/ حت-حور/ حتحور).

عبادة السِّت الأم العدرا وابنها المسيح هي أقدم العبادات و هي ليست ب"العبادة الكاذبة" كما يصفها البعض بل هي مكان الأسطورة الأولى والمُعتقدات الأساسية التي تفرّعت عنها الديانات المسيحانية (التي يؤمن أتباعها بالمسيح عيسى بن مريم/ الإله الفادي/ المُخَلِّص/ المُهدي المُنتظَر) كاليهودية والنّصرانية (التي نشأت وتطوّرت منها الإسلامية). ومصر الفرعونية القديمة هي أقدم الحضارات على سطح الأرض، حيث تصوّر الفراعنة (فرعون تعني فرع نون/ الإله حور غصن مُتَفرِّع من الرّبة نون) قدماء المصريين (وجميع الحضارات التي أتت من بعدهم واستنسخت مُعتقداتهم وعلومهم وفلسفتهم وثقافتهم كالسومريين والكنعانيين والفرس والهنود والإغريق-اليونان وغيرهم) أن الكون هو على هيئة مملكة تحكمها الآلهة يتجلّى فيها مبدأ الطاعة وخاصةً طاعة القوانين والسير بموجب أنظمة المجتمع وأعرافه الشفهية والمدونة. وبلغ من تقديرهم لفضيلة الطاعة أنهم تخيّلوا ظهور عهد ذهبي بين البشر في يوم ما تسود فيه الطاعة والنظام وسيادة القانون، وهذا يشابه إلى حدٍّ كبير يوم القيامة في الأديان الإبراهيمية كافةً. كانت هذه المحاولات الفلسفية الجريئة الخاصة بأصل الكون والوجود والأساس في مكونات المادة هي الأولى تاريخياً لمحاولة تفسير مسائل الحياة والموت والكون، ومن المؤكد لنا اليوم أن قدماء المصريين قد سبقوا الفلاسفة الهنود والفرس والإغريق وغيرهم بقولهم بمبدأ العناصر الأربعة الأولية (الماء والهواء والتراب والنار/ أربع زوايا الكعبة/ بيت الإله/ بيت الله/ اللة/ اللات) التي عدت أصل الأشياء جميعها!

وتعتبر متون الأهرام و كتاب الموتى وكتاب البيان (الفرقان/ فرقان موسى/ الصحف الأولى صحف إبراهيم و موسى) وعدد كبير جداً من الأساطير المكتوبة على جدران المعابد المصرية الفرعونية القديمة وعلى لفائف أوراق البردي وأكفان المومياوات وفي نصوص أشعار الرُّقم الرّافدينية والفينيقية الكنعانية المدونة بالحروف المِسمارية الأكدية المُطوَّرة عن الحيروغليفية الفرعونية القديمة هي النواة الحقيقية لنشأة الأديان الإبراهيمية، فملحمة تهريب الربة إيزيس لطفلها الوليد حورس في سلّة في النهر خوفاً ولحمايته من وجهها الشرير الغاضب (ست/ السِّت) نجدها تتكرر عند باقي الثقافات في قصة ولادة ونشأة الملك سركون الأكدي/ صارغون الأول وقصة ولادة ونشأة النبي موسى التوراتية، وقصة الطوفان في ملحمة غِلغامِش الرّافدينية تشابه قصة طوفان النبي نوح التوراتية-القرآنية وغيرها من القصص التي تتحدث عن بداية تشكُّل الخلق والوعي الإنساني بالوجود والحياة والموت.


وفي باب العلوم الصرفة كعلوم الفلك والرياضيات والهندسة والجبر عرف الفراعنة بُناة الأهرامات ومن ورثها عنهم من الرّافدينيين لاحقاً أسساً مهمة في خواص الأعداد وكذلك في العمليات والعمليات الحِسابية والمُعادلات الجبرية الأساسية. من ذلك مثلاً مُعادلات الدرجة الأولى بأنواعها المختلفة فضلاً عن مُعادلات الدرجة الثانية والثالثة، وقد اتبعوا في طرق حلّها عمليات مُدهشة لا تكاد تُصدَّق لتطابقها مع الطرق العلمية الحديثة. ومما يقال اليوم بوجه عام إن الفضل في تقدم الجبر الحديث يعود إلى قدماء المصريين أصل العرب واللغة العربية الذين اخترعوها وبرعوا بها قبل ما نَسَبَ اليونان لأنفسهم منها تزويراً بعشرات الآلاف من السنين! ومن الأمور المتفق عليها أيضاً في تاريخ المعارف البشرية أن قدماء المصريين هم الذين أسّسوا علم الفلك الرياضي، وبدؤوا يدونون مُلاحظاتهم وحساباتهم الفلكية منذ العهود السحيقة الغابرة، وتقدم هذا العلم إلى درجة كبيرة مُذهلة في العهد الفرعوني القديم. أما معرفتهم بالعلوم الطبيعية خصوصاً علم الخيمياء فهو الذي تطور عنه علم الكيمياء وعلوم أسرار الأرقام التي برعت فيها الديانات الباطنية لاحقاً (كتاب الحفر مثلاً). ومن هنا فإن الإعجاز العلمي العددي الوارد في القرآن أو غيره عن الأديان الإبراهيمية الأناجيل التوراة التي كتبت في عهدٍ حديث نسبياً ماهي إلا عبارة عن كتب جمعية احتوت على علوم وسير وأساطير الأولين من الحضارات القديمة وخاصةً أساطير الفراعنة القدماء المهد الأول لجميع تلك العلوم والأساطير!!


خاتمة: عزيزي القارئ، قبل أن تنظر على أن نقدنا للأديان هو عبارة عن كائن غريب كريه، أو أنه غزو خارجي، وبذاءة أو فجور أخلاقي، يريد أن يغتال آلهتك التي سخّرت لك الشمس والقمر والنجوم والكواكب ولحظة الولادة الخارقة، لتكون في هيئتك البشرية ووعيك بعيداً عن انحرافات كوكب المريخ وتشاؤمات كوكب زحل وتعارضه مع برج زوجتك فكِّر بعيداً عن أي سيناريو بدائي أو طفولي لماذا كان قدماء المصريين والسومريين وغيرهم من الحضارات القديمة يصلّون بنفس الطريقة التي نراها ماثلةً عند مُختلف الأديان إلى اليوم؟ أنت تعتقد أن الإنسان المحظوظ هو كل إنسان مُتَديِّن، وتشكر الله لأنك تعتقد أنه يُحبك أكثر من باقي البشر؛ فالله الخاص بك اختار لك والديك بمحض الصدفة، اللذان بدورهما أورثاك الدين الصحيح والطائفة الصحيحة من بين أكثر من ستة آلاف 6000 دين مُنتَشِر في هذا العالم! أنت تؤمن إيماناً قطعياً بأن دينك هو الصحيح وأن طائفتك هي وحدها الفرقة الناجية دوناً عن باقي جميع المُعتقدات والأديان والطوائف. لكن ويا للصدفة، ألم تلاحظ أن كل المؤمنين من باقي الفرق والطوائف والأديان يشاركونك هذا اليقين؛ كلٌّ من منظوره الخاص؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة


.. العراق.. احتفال العائلات المسيحية بعيد القيامة وحنين لعودة ا




.. البابا تواضروس الثاني يستقبل المهنئين بعيد القيامة في الكاتد