الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التيارات السياسيبة والاجتماعية بين المجددين والمحافظين- دراسة تاريخية في فكر الشيخ محمد عبده
عطا درغام
2022 / 7 / 1دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
حظيت آراء الشيخ محمد عبده باهتمام عديد من الدراسات الأكاديمية وغير الأكاديمية في حقول التاريخ والفلسفة والفقه ،وكذلك الذين يعنون بدراسة التيارات الفكرية من العرب والأجانب.
وعلي الرغم منذ لك فإن هذه الآراء ما زالت في أغلبها تحتاج إلي مزيد من الدراسة خاصة وان أغلب الدراسات حولها- حتي الأكاديمية- قد مالت إلي التطرف مدحًا أو قدحًا سواء في شخصية محمد عبده أو في آرائه.
كتلك الدراسة التي قام بها الدكتور عثمان أمين بعنوان "رائد الفكر المصري الإمام محمد عبده" والتي ذهب فيها إلي حد بعيد في مدح الشيخ والدفاع عن آرائه،وفي المقابل تأتي كتابات الدكتور محمد محمد حسين وبخاصة التي وردت في كتابه" الإسلام والحضارة الغربية" التي ألقت الضوء علي عديد من الجوانب في شخصية محمد عبده وسلوكه ،والتي حاول أن يعالج –مهاجمًا آراءه- ومن منظور إسلامي محافز- من خلالها.
كما أن أغلب مفكري الغرب- ومن تبعهم من المفكرين المسلمين- ممن تعرضوا لدراسة هذا الموضوع بصفة خاصة، أو تناولت أبحاثهم الاتجاهات الإصلاحية في مصر والعالم الإسلامي في التاريخ الحديث والمعاصر بوجه عام قد أعمتهم دعاوي القومية الأوربية بشكل جعلهم ينسبون كل ماهو مضيء في ثقافتنا إلي الحضارة إرجاعها – تجاهلًا أو عدم إدراك لتراثنا الحضاري والإسلامي وذهب بعضهم إلي حدرإنكار ما أسهم به العرب والمسلمون في الحضارة العالمية عامة والأوربية المعاصرة بوجه خاص.
لكننا نحن المسلمين لا نستطيع إنكار تأثر الافغاني ومحمد عبده وغيرهما بالفكر الأوربي الذي وفد إلي الشرق الإسلامي منذ مطلع القرن التاسع عشر،والذي هز الفكر الإسلامي هزة عنيفة استوجبت ضرورة اليقظة والتنبه لحالها ولما يُراد بها، فسعت إلي إحياء التراث وتجديد الفكر القائم بشكل يلائم قضايا العصر.
ولم يكن اتجاه الأفغاني ومحمد عبده الإصلاحي اتجاهًا "كهنوتيًا بالمفهوم الأوربي بل كان إصلاحيًا دينيًا بالمفهوم الإسلامي الشمولي حيث شمل كافة جوانب الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي من خلال الإصلاح الديني الذي وصفته العروة الوثفي بقولها:" أن أصوله لم تكن قاصرة علي دعوة الخلق إلي الحق وملاحظة أحوال النفوس من جهة كونها روحانية..بل هي كما كانت جاءت وافية بوضع حدود المعاملات بين العباد وبيان الحقوق كليهما وجزئيها وتحديد السلطة الوازعة التي تقوم بتنفيذ المشروعات وإقامة الحدود.."
وهذه النظرة تلتقي مع نظرة ابن خلدون إلي التاريخ التي تتجه إلي تحليل الظواهر الاجتماعية علي ضوء الواقع لا علي ضوء القوانين الغيبية.
ومن هنا يمكن التدليل- بل التأكيد- علي أن هذا الاتجاه الإصلاحي كانت جذوره إسلامية أكثر منها أوربية، كما يمكن – من جهة اخري – تفسير أسباب الصدام بين أقطابه والسلطة السياسية، وبينهم وبين المشايخ التقليديين وكذلك دعاة التقليد الأعمي للحضارة الغربية.
لقد التقي كل من السلطة السياسية والمشايخ التقليديين علي طريق واحد يهدف إلي تقويض الاتجاه الإصلاحي الذي قاده جمال الدين الافغاني، ومن بعده محمد عبده، فطُرد الافغاني من مصر،ونُفي محمد عبده خارجها.ولم يكن باستطاعة محمد عبده أن يهاجم الاثنين معا بعد عودته وحيدًا إلي مصر فحاول الفصل بين القوتين حتي ينفرد بإصلاح كل منهما أو أيهما بدءًا بالأزهر وحسبما نتيجة الظروف.
وتحمل مانتج عن ذلك من اتهام بالترويج للعلمانية،وهو اتهام قوي جناح معارضيه من مشايخ الأزهر المحافظين..لكنه حينما اشتد في الهجوم عليهم وحاول تعريتهم وإظهار جهلهم بعلوم العصر، وحتي ببعض جوانب دينهم لاذوا بالسلطة السياسية، فاضطر محمد عبده إلي الاستعانة بسلطة كرومر،علي أنهما- أي الخديو ومشايخ الأزهر- قد تمكنا معًا من تقويض دوره الإصلاحي، وذلك لأن كرومر له في خطواته الإصلاحية كان تأييدًا محدودًا لا مطلقًا كما كان يريد، ومات دون ان يحقق ما يصبو إليه.
وبصفة عامة عامة ينبغي أن نوضح أن أغلب المفكرين الأحرار في العالم العربي بشتي انتماءاتهم لا يجدون المناخ المناسب لنشر أفكارهم ،ويرجع ذلك في الغالب إلي سيطرة المحافظين التقليديين لظروف سياسية واجتماعية واقتصادية تؤدي إلي دوام انتصارهم علي أتباع الفكرالحر ولارتباط المفكرين الأحرار بالفكر الغربي الحر في الوقت الذي يبدو فيه الغرب في صورة بغيضة لدي الجماهير ،وهي صورة تقوي موقف المحافظين، لكنه علي الرغم من ذلك فإن الفكر الحر كان ومازال له تأثيره علي كافة التيارات الفكرية.
وكما لم تكن وفاة محمد عبده نهاية لحملة الهجوم عليه لم تقف هذه الحملات عند حد مهاجمة آرائه بل تعدتها إلي حد اتهامه في دينه وسلوكه،ولا زال هذا التيار ينقب حوله بغرض التشكيك في أصله وانتماءاته وإسناد عديد من المساويء إليه.
وهذا الكتاب للدكتور زكريا سليمان بيومي (التيارات السياسيبة والاجتماعية بين المجددين والمحافظين- دراسة تاريخية في فكر الشيخ محمد عبده) محاولة موضوعية لتوضيح فكر الإمام محمد عبده وربطها بجذورها الإسلامية علي الرغم من تأثره بالحضارة الاوربية التي ساعدته ثقافتها وأفكارها علي بلورة هذه الآراء.
كما أنها محاولة لتوضيح دعوته في ضرورة التعامل والتفاعل مع الرصيد الحضاري، وفي أي ثوب مع الاحتفاظ بميزان دقيق وقلب واضح تصب فيه هذه الحضارة وبشكل يميزها،ويوضح هوية الدين الذين يهمون في دفعها.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. -ابتزاز جنسي مقابل النقاط-.. طالبات مغربيات يكسرن حاجز الصمت
.. هل يوجد شبه بين #جيني_اسبر و #هيفاء_وهبي #ترند #اكسبلور #فول
.. ما الذي تكشفه التحركات الروسية في سوريا؟ • فرانس 24
.. آل الأسد وأعوان حزب الله.. شبكة علاقات معقدة تقف خلف صناعة ا
.. كتائب القسام تنشر مقطعا بعنوان: حلم نتنياهو الكبير أن يموتوا