الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد الإسلامي التحديات والآفاق دراسة مقارنة

احسان طالب

2022 / 7 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الاقتصاد علم إنساني
خطأ أرسطو!!
يتناول كتابنا هذا دراسة مقارنة فيما يرتبط بالنظريات الاقتصادية ونظرية الاقتصاد الإسلامية، مبينا نقاط الاتصال والافتراق، ولعله من نافلة القول الإشارة إلى الناحية العلمية في المقام الأول، أي أن البحث ليس دراسة دينية بحتة ولا فقهية بحتة، رغم صلتها الوثيقة بالجانب التشريعي والفقهي، إلا أن المسألة في محصلتها تصب في ميدان الدراسة الموضوعية والواقعية، مقترنة بمتابعة تاريخية تشرح أصول النظرية وأساليب تطبيقها.
يعود اهتمامي بهذا المجال إلى ثمانينيات القرن الماضي حيث قمت بنشر العديد من الأبحاث والدراسات في عدد من المجلات التخصصية، تعكس وجهة نظر قريبة الصلة من الرؤية الشرعية المنحازة لعموم الخير والعدالة والمساواة والإنسانية كمنطلقات إسلامية أولية. اهتممت ببناء الجانب النظري واستعراض مقارن لمعطيات علم الاقتصاد، وهو في الواقع علم حديث تاريخيا ومستحدث متطور عبر سيرورته، ما يستدعي الاطلاع على المستجدات وما يطرأ من تحولات في النظرية والتطبيق.
من هنا وجب متابعة الإحصاءات والبيانات التي ترصد التقدم الحاصل في مجمل الاقتصاد العالمي باعتباره كلٌ متعالق متداخل مترابط، فالتجارة والنقد والمضاربات والأسهم والاحتياجات والندرة والمواد الطبيعية الأولية من معادن ومنتجات زراعية وأحفورية لمصادر الطاقة، تتحرك متداخلة مترابطة وكأن هناك موصل حيوي تشعبي يتخلل بين كل مفاصل تلك العناصر مكونا كتلة فيزيولوجية متعددة المركبات، متعددة البنى، تتبادل التأثر فيما بينها، منفعلة بصورة تلقائية كما متعلقة بإرادات مفتعلة. يتضمن ذلك التفاعل التبادلي علاقة بقرارات سياسية وأيديولوجية وقوانين طبيعية.
بناء على ما تقدم نلحظ ملامح جلية لماهية البحث، فالوشائج بين العنصر المادي البحت والعنصر الفكري والقيمي جزء جوهري من بنية الحياة المعيشة والعلاقات الإنسانية المادية والأخلاقية. ومن غير الموضوعي تجاوز ذلك الاقتران ما يفترض السير تزامنا بسياقين الأول مادي بحت والثاني أخلاقي فكري قيمي.
يعد بحثنا هذا الكتاب دراسة في صلب الاقتصاد؛ بقدر ما هو تحليل ومقاربة لبنية الاقتصاد الإسلامي، من حيث هو علم اقتصاد إنساني معرفي، بما له من صلة وطيدة بعلم الأخلاق وبمفاهيم القيم ـ إكسيولوجيا ، علم القيم ـ والعدالة الاجتماعية في سياق القراءة التجديدية للفكر الديني.
لم تعد العوامل الرئيسية للدراسة الكلاسيكية الاقتصادية وحيدة في ميدان التقصي والفهم، على الرغم من القيمة الأساسية التأسيسية لمفاهيم الثروة والسوق والعمل ورأس المال ووسائل وأدوات الإنتاج الزراعي والصناعي والعامل والسلعة، مع القيمة المركزية للمواد الأولية الطبيعية والصناعية، لم تعد وحيدة أو كافية، حيث باتت البرمجيات والرقميات والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الاتصالات، والابداعات والابتكارات الجديدة تتصدر واجهة الاهتمام والتركيز. ربما من هنا استطاع الاقتصاد الإسلامي ولوج تلك المجالات المستحدثة بما أنها أدوات محايدة أيديولوجيا وتقع في مجملها في حيز المباح أو الحيادي، الذي لا ينخرط في دائرة التصنيفات الفقهية كالحلال والحرام والواجب المكروه والمندوب وسواها، ما أتاح لها فرصة للنمو والاستمرار والتطور.
تتيح العولمة الاقتصادية مجالا لتنوع متصاعد من أشكال الإنتاج والسلع التكنولوجية، بحيث أصبحت المعرفة محفزا ومحركا رئيسا لنمو الاقتصاديات العالمية والوطنية.
إلى جانب تلك القطاعات التي اعتبرناها محايدة تتيح فسحة ومكانا لأجناس مختلفة من المناهج الاقتصادية، فإنه يمكننا تحديد الجانب المحوري الذي يتوفر خلاله هامش كبير لحركة الاقتصاد الإسلامية ونقصد هنا ما نص عليه كتاب الاقتصاد: بول آ . سامويلسون . و يليام د . نورد هاوس. بأن الندرة والكفاءة هما القطبان الرئيسان لعلم الاقتصاد، ولما كان ذلك العلم حديثا كما هو عليه اليوم، أي أنه قائم بذاته له تخصصاته وفروعه ومناهجه، عد البعض إقحام صفة الإسلامية عليه مسألة غير موضوعية، وحسب وجهة النظر تلك فلا يصح مثلا أن نلحق الصفة الدينية على العلوم، مثلا الرياضيات أو الفيزياء أو الطب إلخ، فهذه شؤون إنسانية بشرية دنيوية تتساوى عندها الخلائق والمجتمعات. سأقوم بمناقشة تلك النقاط وصلتها بالجانب التاريخي والاجتماعي. بالإضافة للحساسية الخاصة بما يلحق بالفكر الديني من دراسات وأبحاث، فكثيرا ما تتم دراسة فروع العلوم الإنسانية على أنها جزء من المنظومة النصية، وفي ذلك خلل علمي، فالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة واجتهادات الصحابة والأئمة إنما هي قسمان؛ الأول ملزم وهو ما يتعلق بالكتاب والسنة، والثاني استشاري تعلمي توجهي يمكن مراجعته ومفاضلته، والإفادة منه بتصور اجتهادي ورؤية قريبة الصلة تاريخيا بالنص التأسيسي. وتعد النصوص النبوية والمرويات المتعقلة بطبيعة الحياة الاجتماعية والسلوكية للمجتمعات الإسلامية تاريخيا ضرورية للفهم والاستنباط، فالنص القرآني ليس مبتوتا عن جذوره كما أنه ليس نصا تاريخيا معزولا يمكن الانفراد به، أي تناوله لغويا وأدبيا مقطوع الصلة بالبيئة الجغرافية والتاريخية لمراحل نزوله وتطبيقه والاجتهادات المرافقة له. لأن البحث هنا هو ضمن تلك المنظومة الإسلامية الجامعة لكل مذاهب وطوائف المسلمين في كافة البقاع وعبر مراحل زمنية متلاحقة. وتلك هي الميزة التي شكلت الرابطة بين مفهوم "الإسلامية" ومفهوم "الاقتصاد" ومن هذا المنطلق يغدو الاقتران بين علم ما، خاصة العلوم الإنسانية، وبين الإسلامية مسألة بحثية بحتة لا تنضوي تحت عباءة كلية الصواب وكلية الحق المنزه. بل هي مسائل دنيوية تتحرك في فلك مبادئ أساسية للأخلاق والقيم والقواعد الكلية للرسالات السماوية.
فدراسة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المدينة المنورة في القرن الهجري الأول، تتيح لنا إلقاء الضوء على الصيغ التي تلقى بها المسلمون الأوائل الوحي والرسالة السماوية وكيف تم التعامل معها وتطبيقها، كذلك هو الحال في الوقوف عند مفردات الدولة الإسلامية الأندلسية كمثال ـ بداية من رمضان سنة 92هـ الموافق يوليو سنة 711م ـ حتى ربيع الأول من سنة 897 هــ الموافق: 1492 م . وما نجم فيها وعنها من منجز حضاري وعلمي وعمراني وفلسفي. وكذلك هو الحال في الدولة الفاطمية العبيدية، كنموذج اختياري، من 969م لغاية 1171 وما زخر به تاريخها من عمران وتنظيم إداري واقتصادي وزراعي، كما في العلوم والآداب والفنون. وهذه أمثلة لبيان ضرورة الفهم الدقيق للمفهوم والاطلاع على السيرورة التي تمت خلالها ممارسة الأحكام والقواعد والأصول الحياتية والمعاشية التي ارتكزت على منظومة نصية من الكتاب والسنة والاجتهادات التاريخية. وهذا بالطبع بحث أنثروبولوجي وتاريخي ضروري للوقوف بمصداقية وحيادية قبالة الوقائع السائدة في المجتمعات والدول الإسلامية ومقارنتها بسواها. وهذا بالتأكيد ليس مجال بحثنا لكن اقتضى الأمر الإشارة والتنويه لتوضيح معنى اقتران البحث بالصفة الملاصقة كقولنا الاقتصاد الإسلامي. أمثال تلك القراءات هي التي تحدد كفاءة الأداء الاقتصادي للنظم والنظريات المختلفة. فكلما تمكنت تلك الأخيرة من تحقيق إدارة كفؤة للموارد واقتربت أكثر من تحقيق العدالة والتوازن والتماسك الاجتماعي، واستطاعت الحد من الفقر وتقليل مستوى تفاوت الدخل وتوزيع الثروة، كانت رشيدة وناجحة والعكس صحيح. هكذا نرى أن قيمة أي نظام اقتصادي تتوقف على تحليل أثره وهيكليته على النتائج والمؤشرات الاقتصادية الاجتماعية والإنسانية الناجمة عن تطبيق قواعده ومبادئه، وعن السلوكيات المفرزة نتيجة لممارسته العملية الواقعية.
مقتطف من مقدمة الكتاب الصادر عن دار زاد عمان الأردن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - Islamic economics is a pseudo science .
منير كريم ( 2022 / 7 / 4 - 23:16 )
الاستاذ المحترم احسان طالب
الاقتصاد الالسلامي علم زائف
هو مجموعة وصايا اخلاقية بائدة في الاقتصاد لا تؤسس علما
العلم له اسس قابلة للتطوير وطرائق قائمة على التجربة والرياضيات تؤدي الى نتائج نسبية هي بدورها قابل للتطوير فاين هذا من نصائح من القرون الوسطى تعتبر الهية ومقدسة
واليات هذا الاقتصاد فيما يخص الفوائد والقروض والتامين النجاري وتبادل العملات وغيرها هذه الاليات مضحكة لمن يطلع عليها
شكرا


2 - الجواب المفصل ستجده في كتابي بنفس العنوان
احسان طالب ( 2022 / 7 / 5 - 07:27 )

تحية طيبة
هناك ضرورة لمزيد من الاطلاع والقراءة والتدقيق، ولقد قدمت في الكتاب قراءة موضوعية علمية محايدة و

اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah