الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الحكومة واجب ديني أم مصلحة دنيوية؟

سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي

2022 / 7 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


توجد قاعدة هامة في فكر الجماعات لا زالت تسيطر عليهم، والتي يبدو أنهم عاجزين عن التخلص منها بعد، فبرغم فشل كل تجارب الإسلام السياسي والدول الدينية بالعصر الحديث إلا أن الخطاب السياسي الأيدلوجي للجماعات وللتيار السلفي التقليدي بالعموم لا زالت تسيطر عليه أحلام دولة "الشريعة" التي كانوا يجاهرون بها قبل داعش على أنها "دولة الخلافة" لكن بعد ظهور داعش وتجاربها القاسية والمؤلمة انخفض حماسهم لهذا المصطلح وصاروا يروجون لمظلة أخرى وهي (ثوابت الدين) (ثوابت الشريعة) ثم يضعون تحت هذه المظلة ما يريدون من خلافة وشريعة، أي ما فعلوه هو مجرد ترتيب ألفاظ وعبارات وسحب جمل وعبارات لصالح أخرى صارت مُقبّحة، لكن المشروع والبرنامج السياسي الديني لم يتغير..

هذه القاعدة التي تسيطر عليهم تقول "أن الحكومة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق مقاصد الدين" فالمقاصد لديهم هي الثوابت كالتوحيد والرسالة والنبوات وحراسة الأخلاق والعقيدة وتطبيق الشرع المنصوص عليه والدفاع عن المسلمين" ثم يرون هذه المقاصد أنها البديل الوحيد لعدم انهيار الإسلام وشيوع الكُفر مثلما يعتقدون، وبعد سنوات طويلة من تأليف عبدالسلام فرج كتابه "الفريضة الغائبة" الذي يقصد به الجهاد لتحقيق مقاصد الدين لم يتغير هذا التفكير حتى الآن، لكن مواقف هذه الجماعات تتباين من ناحية قدرتهم على تحقيق تلك المقاصد بالقوة، منهم من يضع المبادئ فوق المصالح وبالتالي فالجهاد أولى حتى وهم ضعفاء، ومنهم من يقول بالعكس أن المصالح أولى حين يستحيل تحقيق المبادئ ، وأن تلك المصالح المتحققة هي في ذاتها تحفظ المبادئ لحين قدوم عصر التمكين، والفرقة الثالثة والأخيرة تجمع بين الاثنين ، أي تقول بالموازنة بين المصالح والمبادئ متى استطاعوا ذلك، وهذا ملف تنظيمي كبير يكتب فيه قادة وشيوخ الإسلام السياسي..

إن القول بأن الحكومة هي التي تحقق مقاصد الدين سيفضي إلى (دولة دينية) قولا واحدا، فالدول الدينية التي حدثت في التاريخ - والتي يتحلل من اسمها المشبوه بعض جماعات الإسلام السياسي لتاريخها السئ في أوروبا تحديدا - هذه الدول حدثت بنفس الطريقة وعن تطبيق نفس القاعدة وهي "أن الحكومة هي وسيلة إنجاز مقاصد الدين"

وحين تُشكل هذه الحكومة سوف تُحقق مذهبها هي ورؤية حاكمها ومسئوليها للدين، فكافة النصوص التي تحرض على كراهية وقتل غير المسلم أو غير السني سوف تكون دستورا وقانونا في المحاكم ، وهذا ما كان يسعى إليه في مصر الإخوان المسلمين في دستور 2012 بوضعهم مادة دستورية أطلقوا عليها المادة المفسرة للمادة الثانية التي حملت رقم 219 في نفس العام، وهذه المادة كانت تحصر الشريعة الإسلامية في المادة الثانية بمذهب أهل السنة والجماعة، والسبب أن الشريعة في المادة الثانية قد تؤخَذ من مذاهب الاعتزال والتشيع والرأي والخوارج وهذه مذاهب إسلامية لها شرائع وقوانين معتبرة وخالدة في كتب التاريخ، فكانت الحاجة بتخصيص المادة الثانية لتضييق الشارع والدولة على كل من هو غير سني، أي كان دستورا طائفيا بامتياز يجري الإعداد له تحت سمع وبصر الدولة حتى تم إقراره بنسبة أكثر من 60%

صحيح تم تعطيل هذا الدستور الطائفي بعد ثورة يونيو 2013 لكن بقيت بعض آثاره كالمادة السابعة التي تعطي للأزهر حق التشريع بوصفه مستشارا دينيا وهو المُخوّل الوحيد للتحدث في أمور الدين، علما بأن تلك المادة كان منصوصا عليها في الدستور ليكون الأزهر - وعن طريق هيئة كبار علمائه - هو (جماعة الحل والعقد) التي نص عليها في كتب السياسة الشرعية، أي كانت مادة مقصودة ليكون الأزهر هو الحاكم الديني لمصر..وللأسف لم يتم تعديل أو إلغاء المادة في دستور 2014 وبقيت كما هي ليتغول الأزهر شيئا فشيئا مع أخبار مؤكدة عن اختراق الجماعات لهذه المؤسسة العريقة، وأن احتمالية عودة الإخوان سوف تكون من خلال الأزهر على الراجح من الأقوال، لذا فالدولة ربما أبصرت خطورة ذلك فبدأت تنزع من صلاحيات الأزهر لصالح وزارة العدل مثلما حدث قبل عام تقريبا من تحويل دار الإفتاء لوزارة العدل، وعن أخبار بقرب إصدار قوانين إصلاحية بخصوص المرأة والأحوال الشخصية..إضافة لدفاع الرئيس الواضح وثقته في مفتي الجمهورية "شوقي علام" الذي يعد رمزا تنويريا مقبولا ربما يجري الإعداد له كي يحصل على مناصب هامة في المستقبل.

وهنا يُثار السؤال: هل الحكومة واجب ديني؟

لاحظ أنني قلت الحكومة وليست الخلافة..لأن الخلافة كما هي مقررة في كتب الأصول والسياسة الشرعية لها شروط كإجماع المسلمين، لكن الشرع يجوز تطبيقه بالسُلطة حتى لو لم يتحقق الإجماع لكنها لا تُسمى خلافة..وعلى ذلك درج فقهاء المسلمين في تناولهم للسياسة، فهم يفصلون بين الإمامة والخلافة..برغم أن كتب السابقين لم تفصل بينهم كالأحكام السلطانية للماوردي وأبي يعلي الفراء الحنبلي الذين ذكروا الإمامة والخلافة بمعنى واحد وبسياق واحد وسلطات واحدة، لكن مؤخرا تم الفصل بينهم على أساس أن الأولى اجتهاد بينما الثانية فرض كفاية، وبالتالي فالحكومة وفقا لتعريفات المعاصرين هي الإمامة الدينية التي نُصّ عليها في كتب السياسة الشرعية، وهي بالفعل لديهم وسيلة تحقيق مقاصد الدين التي من خلالها سوف يقوم الإسلام وبدونها سوف يُهدَم ، لذلك رأينا الحماس الجارف للجماعات والتحشيد المبالغ فيه والانتحار بأعداد هائلة لتحقيق ذلك الهدف المقدس، فمن ذا الذي لا يبيع نفسه لله كي يشتري الجنة وفقا لفهمهم للنص القرآني وفتاوى علمائهم في فرضية ووجوب الجهاد والغزو..

نعود للسؤال: هل الحكومة واجب ديني؟..لو قلنا نعم فما بال شعوب الصحراء والغابات والجزر المنعزلة التي تعيش دون حكومة؟..إن هذا يحدث كثيرا في زماننا أن تجد الملايين يعيشون في مجتمع قبلي عشائري لا سلطة موحدة له ولا حكومة تفرض قوانين متفقا عليها، بل البديل عن ذلك هو (العُرف) الذي يحكم به أهل القبائل، حتى في الأرياف – وهم غالبية سكان مصر – لا يلجأون للقانون في معظم الأحوال ويُفضلون حل قضاياهم بالعُرف، والدولة قد آمنت بهذه الوضعية لأهل الريف وصارت تُصدر بطاقات هوية لمُحكمين الأعراف في القرى باعتبارهم شخوصا مهمين يقومون بدور الدولة في الحل، صحيح أن معظم أحكامهم العرفية تتفق مع الشريعة الإسلامية لكن البعض منها يختلف كتقدير الديات في الأعضاء المقطوعة ونظام الإجارة الذي يعمل به الفقهاء في الغالب بحد أقصى 8 سنوات، فعقود الإجارة قد تصل مدى الحياة وأشياء أخرى كثيرة..إضافة لأعراف المجتمع الريفي المسيحي خصوصا في الصعيد، فهؤلاء قطعا لا يحكمون بالعُرف الإسلامي بل ما درجوا عليه من دين وتقاليد موروثة عن الآباء والأجداد..

هذا السؤال محوري، لأن الإجابة لو كانت لا، أي (ليست الحكومة واجبا دينيا) فالبديل عن ذلك هي حكومة مدنية تحكم بقوانين وضعية، وهنا يُثار السؤال الشهير الذي يشغلهم ويؤرق مضاجعهم، ماذا لو اختلفت هذه القوانين الوضعية مع الشريعة؟..وماذا لو حَكّمنا الديمقراطية وانتخبنا حكومة بالأغلبية لا تطبق الشريعة؟..سيفضي بهم الجواب على هذه الأسئلة أن الإمامة السياسية يجب أن تفرض شريعتها جبرا وبقوة السلاح دون رغبة الشعب، وهذا هو الوجه الفاشي في دولتهم الدينية الذين ظلوا ينكروه لعشرات السنين ويتبرأون منه ويتحايلون عليه ولا يريدون الاعتراف بمشكلته أبدا، وأود أن أطرح عليهم هنا حلا جوهريا لتلك المعضلة، أنه وبدلا من القول بأن الحكومة هي التي ستفرض الشريعة لتحقق أهداف الدين..ماذا لو قلنا أن (المجتمع المدني) هو الذي يفعل ذلك؟

إنها فكرة مُلهمة ومُشجعة قد تقنع الإسلام السياسي بتعديل أفكاره وتصحيح نظرته للعلمانية، فالإسلام السياسي يرى ضرورة وجود سلطة لتحقيق مقاصد الدين، بينما لو قام بتحقيق تلك المقاصد المجتمع المدني فسيصبح الخلاف بسيطا حول تعريف ذلك المجتمع وصلاحياته، بمعنى أن القرية هي نموذج مصغر للمجتمع المدني، فلو رضي الفلاحون في هذه القرية بتحكيم شريعتهم الدينية دون خلاف وبالإجماع صارت الشريعة هنا أمرا مقبولا، لأن ذلك لم يجيز لتلك القرية فرض قوانينها الخاصة على قرية أخرى وخصوصا قرى المسيحيين أو من يخالفونهم المذهب والدين، فضلا عن استحالة فرض هذه الشريعة القروية على سكان المدن لعدم تحقق العُرف الواحد عند سكان الحَضر، فالمدن وعن طريق الانفتاح صارت متعددة الثقافات وبالتالي صار اجتماع سكانها على رأي ديني واحد هو أمر مستحيل..

علما بأنني معارض لهذه الفكرة وهي استبدال الحكومة كوسيلة تحقيق مقاصد الدين بالمجتمع المدني، إنما ذكري لها هنا من باب المناقشة العقلية التي قد تقنع بعضهم بعدم وجوب هذا النوع من الحكومات، وأن السلطات عموما هي اجتهادات بشرية وتجارب إنسانية تتأثر بالخبرات والتجارب والانفعالات والخوف والمشاعر والفرح والطمع والحسد والقوة والضعف..إلخ، فهي نشاط بشري محض.. خاضع كليا للصواب والخطأ، والقول بوجوب هذا النشاط دينيا سوف يُفضي بالنهاية إلى تقديس القائمين عليه بوصفهم حراس الدين والهوية، وكافة تجارب الدول الدينية في السابق والحالي شهدت بتقديس أولي الأمر وزعماء هذه الدولة من مسئولين وأعيان ورجال دين، وسبب معارضتي للفكرة أن القول بأحقية المجتمع المدني بتطبيق الشريعة سوف يصنع فارقا وجدانيا بين الدولة وهذا المجتمع الصغير، فالدولة ككيان اعتباري سوف يكون مقصدا لزعماء هذا المجتمع الصغير لنقل تجاربه والتمرد على قوانينه ودستوره والنظر إليه بالعموم على أنه يُخالف الدين، ولأن الشريعة التي سوف يطبقها المجتمع الصغير هذا سوف تعاني من سلبيات الدول الدينية وهي تقديس أولي الأمر..

لكن المُلهم في نفس الفكرة أن مبدأ تطبيق الحكومات للشريعة سوف يجري استبداله بمبدأ آخر وهو تطبيق الإنسان المسلم لشريعته الخاصة، وهذا الذي قد يُقرب فكرة العلمانية للسلفي والإخواني –كمثال – فالعلمانية لا تقول بفرض شريعة معينة على أحد ولا بإجبار الشعب على اعتناق دين لا يرغبه أو يخالف توجهاته وثوابته ولا هي تهين معتقدات الناس أو تسعى لتلك الإهانة، بل تُعيد كافة هذه الأمور والمقدسات إلى المواطن نفسه، إلى المؤمن الذي يقتنع بإيمانه هذا لا مشكلة له مع العلمانية، بمعنى أن لو سرق السلفي ويريد تطبيق الشريعة على نفسه فليستأجر أحد بقطع يده، ولو زنا فليأمر أحد برجمه..هنا العلمانية تتعامل مع هذا التصرف كخيار شخصي لا يجوز إجبار الناس عليه، يعني لا يجوز للسلفي والإخواني رجم أحد أو قطع يد أحد بل عليه أن يلتزم بقوانين الدولة المتفق عليها بين كل فئات الشعب، لكنها سوف تتعامل مع هذا التصرف الشخصي للسلفي – المرجوم والمقطوع يده – على أنها جريمة انتحار أو إيذاء نفس لا ينبغي لها أن تكون..سوف يجري التحذير منها، إنما لن يكون هناك مذنبا آخر غير السلفي لتجري معاقبته، وهنا الحكمة من القوانين العلمانية أنها تعيد مبدأ تطبيق الدين للشخص نفسه على نفسه ومنع هذا السلوك على الغير..

بينما في الدول الدينية نرى أن المسئولين والحكام والأعيان وفقهاء البلاط هم آخر من تطبق عليهم الشريعة، ويجري نسج الأعذار لهم والتبريرات التي تنقذهم من القتل والحدود والعقوبات الشرعية، في وقت يكون فيه الضعفاء والفقراء هم أكثر من يتعرضون لتطبيق الحدود والعقوبات الشرعية، ولولا ضعفهم وأنانية الحكام والأئمة ما حدث ذلك..بالتالي نخلص بنتيجة وهي أن تحرير العلاقة بين الدولة والدين هنا يلزمه سؤالا فورا: هل الحكومة واجب ديني؟..وهل يمكن استبدالها بالمجتمع المدني؟..وهل يمكن تطبيق كل مواطن شريعته على نفسه فقط دون الانشغال بتطبيقها على الغير؟

إن الدولة لها أهداف وطبيعة مختلفة عن المواطن وهذا ما لا يريد أن يفهمه التيار الإخواني وجماعات الإسلام السياسي، فالدولة تقوم على تحقيق المصالح العامة لكافة مواطنيها، وهذا لا يحدث سوى بتشريع قوانين عادلة وتوفير الثقة بين المواطن والدولة، فلا فارق هنا بين حكومة دينية وغير دينية..الجميع يجب أن يحقق هذه الشروط ليستحق لقب دولة، بينما الحكومة الدينية قامت على التمييز كأصل وهو اعتبار أن أصحاب هذه الحكومة هم الأفضل والأعلى والأطهر..فمن ثم لا يجوز لغيرهم الحصول على السلطة أو الثروة أو النفوذ، ما بالك وأن قوانين تلك الدول الدينية تنص بمنتهى الوضوح على منع إقامة معابد للأديان والمذاهب الأخرى وتفرض الأموال والضرائب الخاصة على المعارضين بينما يتمتع أولى القربى ومن هم على دين ورأي الإمام بكل الامتيازات، وهذا ما لم ينفيه الإخوان وقت حوارهم مع القوى المدنية قبل ثورة يناير، إذ وفي خضم هذا الحوار كانوا يكتفون بطمأنة المخالفين وأن عليهم الثقة في شخوصهم ..لكن ظل عجز الإخوان وعدم قدرتهم على صياغة مشروع سياسي واضح ومقنع للقوى المدنية والمسيحيين هو الحائل أمام قبولهم من مؤسسات الدولة..

ناهيك عن مشكلة أخرى في النظام السياسي الديني وهي (المزايدة)

فكل نظام سياسي جديد سوف يسعى لإثبات أحقيته في المُلك عبر التزلف للشعب دينيا عبر مسلكين اثنين، الأول: خلق أعداء وهميين في الداخل والخارج ليصفهم بكل صفات الكفر والبدع والهرطقة ثم تقديم نفسه بصورة البطل الديني الذي يكافح مؤامرات الكفار الأشرار، فالناس لا يمكنها العيش بدون أعداء في الواقع..هذا ما يحفزهم على الانتقام والمغامرة، وقد قيل أن الشعب يحتاج لأعداء وهميين أكثر من حاجته إلى الخُبز والكرامة، أما المسلك الثاني: فهو إظهار كافة مظاهر التقوى والعبادة والورع، وسوف يؤدي به ذلك التصرف إلى سياسيات أكثر تشددا ومظهرية في الحكم على الآخرين، ومن ثم لن يرتقي في الدولة سوى الأكثر ظهورا بمظهر المتدين الورع..وبالتالي يختفي عامل الكفاءة تدريجيا حتى ينتهي تماما، في وقت يدرس فيه طلاب العلوم السياسية في أي مكان بالعالم أن الكفاءة شرط أساسي للاستمرار، فالحكومات هنا تضعف وتفشل كلما اعتمدت على المظهر فتضطر لإرضاء الناس بتشدد ديني أكثر ومظهرية أكثر لتعويض جانب الفشل..

أما لو لم يلجأ الحاكم والمسئولين في تلك الدولة الدينية إلى التزلف والمزايدات فسوف يفضي بهم الحال إلى (تكفيرهم) من طرف المعارضة، ثم التحريض على الخروج عليهم بدعوى الكفر والبدعة، فالنظام السياسي ديني أصلا والرؤية الدينية تتحكم في مناظير كلا الطرفين ..بل في كل الأطراف الذين يؤمنون بحجية ومشروعية هذا النظام الديني، والتاريخ يحكي كمّ الثورات والفتن الدينية التي حدثت بفعل هذا السلوك من المعارضين والحكام معا، فالحاكم لكي يتقرب إلى الشعب سوف يُضحي بأكثر المعارضين خطورة على منصبه ليصبح بطلا دينيا وهذه الضحية المسكينة المعارِضة سوف تُكتَب دائما من الأشرار، أما المُعارضين ليكي يثبتوا أحقيتهم بالمُلك سوف يتهمون الحاكم بالكفر ليقنعوا الشعب بضرورة الخروج والتمرد العسكري إن أمكن، والفترتين الأموية والعباسية كانتا هي أوضح نموذج تاريخي على تحقق هذه المزايدات..

فكل حروب هذه الفترة حدثت بفعل التكفير والحُكم على الآخرين والمزايدات والنفاق الديني الذي هو عارض أصيل من عوارض أي سلطة دينية لم يتخلص بعد منها جماعات الإسلام السياسي، وعلى ما يبدو أنه لا زال لديهم الطريق طويلا لفهم التاريخ ثم فهم أنفسهم التي لولا جهلهم بالفلسفات وعلوم العقل وتركهم للعلم ماوقعوا في هذه التجارب الفاشلة، ولولا جهلهم بالدولة الحديثة والتغير الجذري الذي طرأ على العالم والإنسان فضلا على أنانيتهم وحرصهم على المُلك والثروة وحرمان المعارضين منها ما وقعوا في الجريمة، وما نسبوا تلك الجرائم لله..فالباب مفتوح إذن للمراجعة ولو وصل مقالي هذا لأحدهم فليسأل هذه الأسئلة بداخله على نفسه أولا قبل أن يطرحها على أميره أو شيخه، فردود الأمراء ورجال الدين على الأسئلة غالبا تراعي مصالحهم الشخصية لا الحقيقة بذاتها..فما خلق الله شرا أكبر من (فتنة السلطة) وشهوتها في النفس تغطي على كل شئ وتمنع رؤية أي فضيلة، إنها أصل كل الشرور والمظالم التي حدثت وستحدث بالعالم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا