الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيار الفساد أصبح تسونامي .

محمد حسين يونس

2022 / 7 / 12
المجتمع المدني


عندما تضطر للتعامل .. او العمل في مكان ببلدنا ..عليك أن تستكشف المافيا التي تتحكم فية و إلا سيصيبك ما أصابنا من أذى و نحن عنه غافلون
ففي مصر المنحوسة بمديريها الفاسدين و مليارديراتها المتحكمين ..تعشش عادة ( مافيات) متخصصة داخل وحول مؤسسات الحكومة و الإنتاج ..تقوم بحلبها لصالحها و لا تغادرها مهما حدث مستخدمة كل الطرق الطيبة و الشريرة لإستمرار تواجدها بغض النظرعن أى تبعات أخرى حتي لو فشل المكان و سقط و بيع خردة بسبب نهبه.
السبب في ذلك هو إنتقال المجتمع خلال السنوات الماضية..لمرحلة تمكن الرأسمالية الطفيلية ..بما فيها من ركود إقتصادى ، صراع علي الأعمال ، بطالة ،عنف و جريمة منظمة ، إنتهازية التسلق وتغليب المنفعة الشخصية..و براجماتية شريرة تدعو للرشوة و التربح و إستغلال النفوذ ..و سيادة الأنشطة غير الإنتاجية ..مع زيادة عدد الأغنياء علي حساب المعدمين و الفقراء ..
الرأسمالية التي إستعرناها من أمريكا لم نستورد معها ترياق منع تغولها .. الديموقراطية ذات القدرة علي ضبط الإيقاع المجتمعي ،حقوق الإنسان و شفافية المعلومات، تطبيق القانون علي الجميع .. أو ما يسمي بالعدالة الناجزة .. ومن أين لك هذا ؟ .. و مطاردة الإعلام للإنحرافات و كشفها ..و إحترام الحرية الشخصية ..مع تقييد أجهزة الأمن أثناء الإعتقال و السجن ..و تمكين مؤسسات المجتمع المدني و الحفاظ عليها .
بكلمات أخرى إستوردنا مرض عضال إسمه الراسمالية ..بدون ترياقه الحرية و الديموقراطية ..و ربطنا مقطورتنا بالقاطرة الأمريكية دون كوابح أو حماية للركاب .. فتكاثرت لدينا عصابات مافيا ..تنهب ..وتسرق و تسترزق و تتكسب و تسمسر .. في كل المجالات .. بالإضافة إلي من إختصروا الطريق و قاموا بطرق سبل الكسب السريع كبيع الأثار و المخدرات و الدعارة و العمل في الدكاكين السياسية المشبوهه أو التجارة في الدين و إستغلال النفوذ و أخذ الرشاوى .
مافيا بلدنا منتشرة في كل مفاصل حياتنا .. في حدها الأدني تتمثل في منادى السيارات بمنطقة مزدحمة الذى يفرض فئات مبالغ فيها علي المستخدمين .. أو الكاتب الجالس أمام الشهر العقارى أو قسم التراخيص يتصيد من يريدون إنهاء معاملاتهم بسرعة للنجاة من التزاحم و البطء .. والمهندس الذى يقدم مستندات البناء للجهات المختصة رغم كل المخالفات التي بها و يسعي لأخذ الموافقة عليها. . بالإضافة الي السماسرة المرافقين لحملات البلدية و النظافة و يقومون بإعادة البضائع المصادرة لاصحابها لقاء نسبة معينة والبلطجية الميرى داخل الأقسام و قطاع الطريق .
و المافيا في حدها الأعلي من يحتكر لسبب أو أخر السيطرة علي مؤسسات.. مثل البورصة .. و الصناديق المالية و يبيع القطاع الحكومي و العام .. أو توريد المواد ، العمالة ، المعدات ،الخدمات الفنية ، قطع الغيار أو الزيوت و الوقود لمؤسسات الحكومة .. يجرون مناقصات أو مزايدات شكلية ..تؤدى لحصوله ( بالقانون ) ظاهريا علي عقود بالملايين و قد تصل للمليارات .
بينهما .. نجد مورد الأنفار و جامعي الخردة و القمامة ومقاول الباطن الذى ينفذ بإستمرار أعمال تخصصية لجهه حكومية أو لمقاول قطاع عام بالأمر المباشر ..ومن يرشح الفنانين للمنتجين او لاعبي كرة القدم للاندية ..و مكاتب عمل دراسات الجدوى وتسهيل تمويل البنوك للمشاريع .. و مكاتب المحامين التي لها حيلها لتبرئة موكليها .. و مراجعين الحسابات الذين يعرفون كيف يتعاملون مع جهات الجباية .. و مخلص البضائع المستوردة من الجمارك ..و ما يشبهها من شركات توظيف الأموال العلنية و السرية و تجار العملة أوالأعضاء البشرية .. وكل من يبحث عن المكسب بطرق غير تقليدية
هذه المافيا تتداخل في نسيج الإنتاج والعمل للمجتمع و تنظم تعاون ( أو تتأمر ) مع المسئولين عن النشاط لضمان الإستمرار سواء بإتفاق واضح يقسم المحصول بينهم .. أو بإسلوب شيلني و أشيللك .. بحيث يستفيد كل من أعضاءها حسب درجته المفياوية .. وياخذ حسنته الذين يسمحون لهم بالتواجد حسب أهميتهم .
المافيا كما تحرص علي علاقات طيبة بالمسئولين تحرص في نفس الوقت .. ليخلو لها الجو تعربد كيفما شاءت ..علي إرهاب أو نفي أو تلويث سمعة أى عنصرجاد يعارضها أو يقف عقبة في تحقيق أهدافها ..أويتساءل أو يقوم بفضحها أو يطالب بالتصحيح و تطبيق القانون و اللوائح .
المافيا متواجدة بكثافة في بلدنا منذ إنفتاح السادات .. و لكنها في الزمن الحديث .. إزدهرت و توسعت .. و قويت .. و سيطرت ..و أخرجت العديد من المليارديرات .. و المليونيرات .. قد تعرفهم لو جمعت قطع (البازل) لترى الصورة كاملة إنهم يشبهون من تقبض عليهم الحكومة و تحاكمهم و تسجنهم بتهم الرشوة و التربح و إستغلال النفوذ .
نساء ورجال ملو بدلهم يسعون بيننا .. ينفقون ببذخ في الساحل و حفلات لوكاندات النجوم الخمسة ..و يركبون أفضل السيارات و يقومون بأغلي سفريات الحج ....وفي نفس الوقت يقتلون بسهولة حتي زوجاتهم أو عشيقاتهم .. و لا يهمهم غير مصلحتهم .. ففي النهاية عندما يقعوا.. و هم لن يقعوا ..فسيعيشون في سجون مجهزة فاخرة .. يديرون منها أعمالهم .. ثم يفرج عنهم بعفو أو أسباب صحية .
كان في تخطيطي منذ بداية العام أن أبدأ في كتابة مذكراتي عن فترة ثلاثين سنة قضيتها في الإشراف علي إنشاء محطة معالجة مياة صرف صحي منذ أن إستلمنا موقعها خرابة تمتليء بالبرك و المستنقعات و الحشرات .. و حتي سلمها المقاول الإيطالي ..لشركة أنشأها خصيصا وزير الإسكان .. محطة تعمل لا مثيل لها في المنطقة .
كنت أنوى أن أتحدث عن كم المشاكل و العقبات الفنية و المستجدة علينا التي واجهت طاقم العمل و من يشرف عليهم و وسائل الإنشاء المستحدثه التي إستخدمت .. و التكاليف الباهظة التي دفعها المصريون ..و طرق التجميل والديكور و الزراعات الكثيفة المثمرة .. ثم كيف بعد أن إكتمل البناء ..منذ عشرين سنة.. شكل الوزير محمد إبراهيم سليمان شركة للتشغيل و الصيانة تطورت مع الزمن من شركة ليست لها خبرات .. إلي مافيا تحتكر إدارة المحطة لمدة عشرين سنة متصلة .
شركة الإدارة هذه .. إستخدمت العمالة التي كانت تعمل مع الشركة الإيطالية ..فإستمر العمل بالقصور الذاتي .. حتي تحول في النهاية لفوضي .. الوزير وضع البذرة الاولي 1999.. ثم تولاها بالرعاية و الحماية الوزراء التاليين و مستشاريهم و ناصحيهم حتي أصبحت النبته الضعيفة المستحدثه .. شجرة مثمرة تذهب قطوفها إلي عشرات الناهبين .
كنت أريد أن اتتبع بالتفصيل .. تحول هذه الشركة كنموذج لنمو المافيا في بلدنا و كيف ذللت و إكتسحت كل العقبات التي أمامها و شكلت أفرادها ( كبيرهم و صغيرهم ) و دربتهم علي أعمال التربح والإستفادة .. و التأمر و الخداع .
ولكنني كنت دائما ما أؤجل الكتابة عسي أن نصل لختام سعيد أن يكون من بين أصحاب القرار شخص عاقل يدرس ما علي مكتبه من تقارير و قرائن عجز و إهمال الشركة وتخبطها و إهدارها لاموال الدولة ..و يصلح ما فسد بأن يستبعدها بعد إنتهاء عقدها.. و يحل محلها من هو أكثر حرفية و قدرة
ثم جد جديد
بالأمس حسم الأمر لقد إنتصرت شركة تشغيل المحطة علي من يسعون لتعديل الأوضاع ..فقد و قعت عقدا لمدة ثمان سنوات إعتبارا من أول أغسطس القادم مع الجهه المشرفة .. ليستمر عملها في صيانة و تشغيل المحطة دون إنقطاع أو تقييم جاد لعملها و لحالة المحطة ..منذ بداية القرن.
المحزن أن هذا تم رغم معرفة المسئولين الذين وقعوا معهم.... بالدليل القاطع ....عن سوء إدارة الشركة و تدهور كفاءة البشر الذين يستخدمونهم ..والمعدات التي يصونونها و يقومون بتشغلها..وتدني مستوى الإنتاج بسبب جشع الجميع ( صغير و كبير ) و التوفير في النفقات الضرورية ..عبر ثلاثة أو اربعة أجيال .
عليه العوض
مبروك للجيل الأكثر شططا و تأمرا و شرها و الاقل في تحمل المسئولية ..( بصراحة دة ملعبكم و لعبتوها صح ) .. برافو.. أزلتم العقبات من أمامكم .. و إشارتكم خضرا .. إشمعني إنتم ..م الكل حولكم بياكل .. نسمع عنكم كل خير .. و نشوف قبل نهاية التعاقد .. تلاتة أو اربعة منكم مليارديرات لو متخانقتوش و إنتوا بتقسموا و سقط أحدكم تحت عجلات مافيا أخرى .
أما أنا فلن أتكلم و لن أكتب مذكراتي..ولن أهتم حتي لو فرقعت خزانات الغاز من الإهمال و الجهل و نسفت المنطقة .. فتيار الفساد في هذا المكان .لا يقاوم لقد أصبح تسونامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حاكم نفسه
عدلي جندي ( 2022 / 7 / 12 - 10:08 )
خير من حاكم مدينة
دمتم قدوة ومثل
تحرسكم آلهة الحب والخير والسلام
إنها جمهورية الموز
صارت وصار شعبها اللي ما يشتري يتفرج
إيش بيربح الملايين وباليخوت والطائرات الخاصة مسافرين
والغلابة على الشط مستنيين
مكان يسع أقدامهم بس واقفين
عشان يرموا نفسهم ع شواطئ الكافرين
وعجبي ع بلد كانت إيقونة العالمين
تحية عطرة


2 - الأستاذ عدلي جندى
محمد حسين يونس ( 2022 / 7 / 12 - 11:41 )
أشكر مرور حضرتك و كلماتك الطيبة ..لقد كان تأثير التغيرات الإقتصادية علي المصريين شيء محزن .. فالجميع يبحثون عن الثروة .. من أقصر السبل و الوسائل ..و هم يرون البعض من العالمين بالأسرار يتحولون لمليارديرات بمجرد معرفتهم أنه في ساعة محددة ستتضاعف قيمة الدولار عدة مرات .. أو أن سيدة غير متخصصة يمكن أن تكسب ما يزيد عن المائة مليون جنية .. بتقديم رسم مسروق من فنان أجنبي لمجرد قربها من صاحب القرار .. و بالتالي أصبح طريق الفساد هو طريق النجاح و النجاة و تحولنا من بلد جاذب لأخر طارد لاهله .. بعد أن كنا ايقونة العالمين كما تفضلت وذكرت


3 - مشكله المصريين
على سالم ( 2022 / 7 / 12 - 20:46 )
المشكله مع المصريين معقده وصعبه للغايه , من الواضح جدا ان غالبيه الشعب المصرى تعانى من من نقص حاد فى الادراك والفهم والتمييز والوعى المجتمعى , هذه المشكله ساهم فيها بشكل اساسى الطبقه السياسيه الحاكمه الغاشمه على مدار سبعين عام كالحه مع رجال الدين الفاسدين الكذبه لكى يتأكدوا ان الشعب يعيش فى الغيبيات والميتافيزيقيا والافيون الدينى والتخلف والغباء الجمعى وهذا فى حد ذاته مقصود تماما لكى يتأكدوا ان الشعب جثه هامده لاحراك فيها ولاحياه ولايمكن ابدا ان تتذمر وتطالب بالحقوق والديمقراطيه والحريه والعدل وتبادل السلطه السياسيه والشفافيه وهذه افضل الطرق للديكتاتوريه والاستبداد والقمع لقياده شعب مثل قطيع من البهايم لاتفكر ولاتفقه ودائما خائفه ومرعوبه من سياده اللواء المجرم السادى الحرامى


4 - الأستاذ علي سالم
محمد حسين يونس ( 2022 / 7 / 13 - 06:05 )
أشكر مرور سيادتك و إضافتك .. نعم لقد حدث لأغلب المصريين تغير نوعي .. بعد تراكمات إستمرت لسبعين سنة من الحكم المطلق بحيث لم يعد أغلبهم يهتم حتي بأن يعلم ..

لقد نشرت هذا المقال علي الفيس بوك فتجاهله الجميع .. لقد خافوا أن يعملوا لايك .. فيذهبون خلف الشمس .. و ما أدراك ما هو خلف الشمس ..عليه العوض .. سنحتاج لقرون لعلاج هذه الطبيعة الجديدة .. تحياتي

اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية