الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين النهضة والنهضة

عبد اللطيف بن سالم

2022 / 7 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



ما بين نهضة الشمال ونهضة الجنوب بون شاسع لا حدود له وعجائبٌ أخرى وغرائبُ .
انطلقت النهضة الأولى من معقل المؤسسة الدينية المسيحية الكبرى بأوروبا ، الفاتيكان بإيطاليا ثم انتشرت فيها كالنار في الهشيم كرد فعل على ما كانت تقاسيه الشعوبُ الأوروبية حينذاك من هيمنة النظام الإقطاعي المدعوم من السلطة الحاكمة والذي كان خادما أيضا للمؤسسة الدينية ومساندا لها ما دامت هي القاعدة والأساس المعتمد في تلك الهيمنة.
وانطلقت النهضة الثانية من معقل المؤسسة الدينية الإسلامية بالسعودية ثم انتشرت كالنار في الهشيم أيضا في كامل البلاد العربية وكامل البلدان الشرقية الأخرى التي صارت تنعت لاحقا بالإسلامية وحتى في بعض البلدان الأوروبية الديمقراطية المتسامحة مع ضيوفها .
الأولى كانت متجهة لعلمنة العالم والخروج به من بحر الظلمات إلى النور،نور العلم والمعرفة اعتمادا على ما قدمه لها فلاسفة الأنوار من الأفكار المتطورة من مثل مونتسكيو وفولتار وديدرو وجان جاك روسو وكانط وهيوم وغيرهم من المرشدين المتنورين في ذلك الزمن وكان لها ما أرادت .
والثانية كانت متجهة إلى أسلمة العالم كله والعودة به إلى نظام الخلافة الرشيدة معتمدة في ذلك على ما قدمه لها فلاسفة التطرّف الديني من أمثال ابن تيمية وابن القيم وابن القيم الجوزية وأخيرا المجموعة الوهابية والذين كانوا جميعا من زعماء التكفير ، التكفير المطلق والتكفير المعين كما يقولون وكانوا يُوهمون أنفسهم ويوهمون الناس من حولهم بأنهم بالعكس مجددون في الدين ولكن للأسف كانوا مقيدين بعجلة التاريخ الهاربة بهم إلى الوراء من حيث لا يدرون وما كان لهذه النهضة الثانية شيء مما أرادت سوى خلق المزيد من التناقضات الغريبة والعجيبة والمزيد من الخلافات بين المسلمين ما يبعث دائما على الشك في المبادئ والمؤسسات التي يقوم عليها هذا الدين . وهكذا تمكن الملاحظة بأن هؤلاء أصحاب النهضة الأولى يتقدمون في تطوّرهم بينما أولاء أصحاب النهضة الثانية يتقدمون في تخلفهم وإذا لم يعد هؤلاء يفكرون مجددا في استعمار أولاء جغرافيا فلأسباب استراتيجية بحتة إذ صاروا يكتفون ب استعمارهم اقتصاديا وثقافيا وأخلاقيا واللعب بمصائرهم في الحياة السياسية كما يشاءون وكما يشتهون والأمثلة على ذلك ما نرى يوميا وما نسمع من الاعتداءات على كامل دول المنطقة العربية شرقا وغربا بالتخريب والتدمير الشامل ، غزو العراق وتحطيم سوريا وليبيا واليمن ومنا وشتهم لبقية البلدان لتأسيس ما يريدون تسميته بمنطقة الشرق الأوسط الجديد ومن يدري منا ما المقصود ؟
وهكذا كما نرى أن أولاء في خدمة الرب الذي لم يطلب منهم أبدا أي خدمة وهؤلاء في خدمة أنفسهم وفي خدمة بلدانهم وأوطانهم وأولاء في خدمة ماضيهم الذي لا يعود أبدا وهؤلاء في خدمة حاضرهم ومستقبلهم الذي يسيرون نحوه دائما ، أولاء يحضّرون أنفسهم للموت وهؤلاء يحضّرون أنفسهم للحياة .
يقول باروخ سبينوزا:
« إن آخر ما يفكّر فيه الرّجل الحرّ هو الموت : فإن الحكمة -عنده- في تأمّل الحياة لا الموت»








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي