الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التراث الفكري بين التقديس والقطيعة

حميد حبيب المالكي

2022 / 7 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تابعت في الفترة الماضية مسلسل اجنبي اسمه بورجيا، يتناول هذا المسلسل ما وصلت له المؤسسة الدينية في أوروبا مطلع القرن السادس عشر من تردّي، من يتابعه قد يستكثر ما يراه في المسلسل من سوء وفساد متفشي وفظائع وشنائع تُرتكب باسم الدين والكنيسة والظُلم والإثراء والمؤامرات والدسائس وما الى ذلك.
لكن ذلك فعلياً كان يحصل في اوروبا هو الذي حدا بتلك المجتمعات الى تقوية السلطة السياسية متمثلة بالملوك على حساب الكنيسة للتحرر من ظلمها، وهو ماقاد الى ثورات الإصلاح الديني بداية القرن السادس عشر والانقسام الطائفي الحاد والتي نتج عنها الحروب الدينية، وأدت لاحقاً للمطالبة بالدول العلمانية والنظم السياسية العلمانية وفصل الدين عن الدولة.
هذا من ناحية المسار السياسي، أما فكرياً فقد رافق ذلك ثورة فكرية ثقافية تمثلت بإعادة قراءة التاريخ الديني والتراث الديني وتناوله بالنقد والتحليل والتمحيص والنقاش، وهذا حرّر الكتاب والمفكرين من قيود فكرية دينية كانت تفرض عليهم من ذلك التراث والقائمين عليه. فصار الفكر بلا حدود ولاقيود ترهب الكتاب والمفكرين.
فبادرني سؤال؛ هل نحن قادرون على انتاج هكذا عمل فني درامي يتناول هكذا موضوع؟ ولا أقصد أن يكون بنفس الجودة التقنية والعملية والانتاجية ولكن من ناحية المحتوى.
إن كتب التراث والتاريخ مليئة بالشخصيات والمواضيع الجدلية والإشكالية، والتي تدور حولها روايات الظلم والفساد والإجرام والنفعية والأنانية والمؤامرات، ولكن من يجرؤ على تناولها؟ فمسلسل تاريخي يتناول شخصية سفاح دموي دنيوي مشهور مثل الحجاج، قام هذا المسلسل بتصويره وكأنه نبي.
وتوزع الكتاب والمثقفون العرب بين مشربين: تقديس التراث الديني بكل مافيه، تجاهل المثالب والسلبيات وتصغيرها وعدم ذكرها أو محاولة ليّ الحقائق بخصوصها وقلبها الى مناقب، أي التبريرية بأبشع صورها. يكفي أن تقرأ حديث نبوي يذمّ شخصاً ما أو فعلاً ما، فتدخل على موقع شهير ومنتشر مثل اسلام!!! لترى الحديث قد تم تفسيره بطريقة عجيبة على أنه منقبة بحق ذلك الشخص.
التيار الثاني من الكتاب العرب إختاروا القطيعة مع التراث، وهذا أيضاً فيه إشكالية، فالفكر حصيلة تراكمية وعملية بناء مستمرة وحصيلة جدال ميدانه العقل، والقطيعة تعني تجاوز وتخطّي حصيلة نتاج الفكر والعقل لقرون.
أما من يختار المواجهة الفكرية الشجاعة والمراجعة والنقد والتدقيق لهذا التراث والانطلاق من نتائج هذه المواجهة العقلية، فيتم محاربتهم وتشويههم وتشنيعهم ووصفهم بأقذع الصفات وترهيبهم كي لايفكروا هم أو غيرهم بدخول هذه المنطقة المحرمة، دون وجود حماية لهم من المجتمع أو من المؤسسات، ونستشهد بذلك على ما حدث مع الراحل نصر حامد أبو زيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah