الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخشى أن يكون البابا مخطئاً

ثائر زكي الزعزوع

2006 / 9 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نعم، ما أثارته تصريحات البابا بنديكت السادس عشر من ردود أفعال عالمية لم تكن شيئاً غريباً على الإطلاق، فالجالس على الكرسي الرسولي في الفاتيكان أثار ضغينة أكثر من مليار شخص حول العالم، وهؤلاء المليار سواء شاءوا أم أبوا فإن خطاب الحبر الأعظم، وتبريره قد وضعهم قاب قوسين أو أدنى من الضفة الأخرى للعالم، وهم الذين اعتادوا، وطيلة جلوس الراحل يوحنا بولس الثاني على الكرسي الرسولي لغة سلام ومحبة تتناغم مع دعوة المسيح عليه السلام، ولم يصدر عن البابا الراحل أي مسّ بديانة سماوية أو أرضية، بل إن ما كان يميزه هو دعوته الدائمة للحوار بين مختلف الديانات.
البابا بنديكت السادس عشر لم يخطئ في إيراده فصلاً مقتبساً فيه حديث عن الإسلام، بل فيه تهجم واضح على الدعوة الإسلامية التي رأى فيه الاقتباس شراً، إذ إن، وحسب الحديث الشريف، ناقل الكفر ليس بكافر. وإن يكن الدفاع عن قداسة البابا ينطلق من هذا الباب فإنه دفاع سيكون على الأغلب مقبولاً عند الخاصة، ولكن هل يمكن اعتبار أكثر من مليار مسلم من الخاصة!
هذا أولاً، وثانياً في النصوص التوراتية التي يعمل فيها في الدولة اليهودية وتعدّ منهاج عمل لتلك الدولة منذ قيامها وحتى الآن هناك فقرات واضحة وضوح الشمس تدعو إلى قتل الآخرين، إذ يستلهم حاخامات دولة إسرائيل عظاتهم وتعاليمهم لمريديهم الذين هم المجتمع كله من دعوة نبيهم يشع بن نون التي يقول فيها: (ابقروا بطون الحوامل ، اذبحوا الأطفال ، اقتلوا الرجال ، احرقوا الأرض ثم استولوا عليها). دون أن ننسى طبعاً أن كبار حاخامات إسرائيل اعتبروا قتل الأطفال والنساء خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان مباحاً، ووقتها لم يصدر أي رد من الفاتيكان!. ولعل ديفيد بن غوريون الذي يرى فيه اليهود الإسرائيليون ملهماً بل إنه بمثابة المعلم الأكبر يرى إن الصهيونية تستطيع وبإمكانها اجتياز الهوة بين المثال الديني التاريخي إلى الواقع، عن طريق العنف ... إذ أن العنف هو الوسيلة الوحيدة لفرض الاتساق الهندسي على جدل الواقع.
قام أحد الصحفيين منتصف هذا العام، بسؤال البابا بنديكت السادس عشر بشكل مباشر ومفاجئ إن كان يعتبر (الإسلام دين سلام؟). رفض البابا أن يصف الإسلام بدين السلام، وإنما قال بثقة: (إنني لا أرغب في استخدام الكلمات الكبيرة لوصف أمور عامة.. إن الإسلام بالتأكيد يحتوي على عناصر (يمكن) أن تميل إلى السلام، ولكنه أيضاً يتكون من عناصر أخرى.. ولابدّ لنا أن نختار دائماً أفضل العناصر)!.
حين زار البابا الراحل يوحنا بولس الثاني دمشق في العام 2001، كان أبرز شيء فعله هو زيارته الجامع الأموي برفقة رجال الدين المسلمين، وفي عظته التي ألقاها في دمشق كان السلام الكلمة الأشد بروزاً في كل ما قاله. ولعل رفض البابا الحالي إطلاق صفة السلام على الإسلام توهن عزيمة الكرسي الرسولي في التقريب بين الديانات بل إنها قد تثير لغطاً لا ينتهي، في الوقت الذي يتضور فيه العالم جوعاً وعطشاً لمفردة واحدة تدعو إلى السلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah