الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصريحات البابا ، دوائر مغلقة

محمد زكريا السقال

2006 / 9 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثارت المحاضرة التي ألقاها غبطة بابا الفاتيكان بندكتوس السادس عشر ، في إحدى جامعات ألمانيا ، التي كانت تمنحه كرسي تدريسي لمادة اللاهوت ، ردود أفعال ليست جديدة في الوسط الاسلامي إلا انها ترسم صورة ، طالما عمل الغرب على نشرها وعول عليها في سبيل تعميم ثقافة ، مفادها أن الغرب مهدد من مجتمعات معاقة ومتخلفة ، لاتتوانى عن ابادة مجتمعات أخرى في سبيل معتقدها الديني المقدس ، ومازالت تحتكم لغيبيات ، وأهواء قادرة على التكفير والقتل والرجم والبتر والقطع . فكثيرة هي الحوادث التي استنفر فيها المسلمون ، وثارو ليحرقوا ويهددوا ، في سبيل الدين وقدسيته ، متجاهلين ، أو عاملين على إلغاء العقل ، واغفال أن الدين لا أكراه فيه ، وأن الله خلق المؤمن والكافر ، وخلق العقل والكلمة كحالة توسط للوصول للخير والجمال والعدالة ، وهذا أساس الدين أإسلامي كان أم مسيحي ، أم يهودي ، ام ماني بوذي وكل المعتقدات سماوية كانت ، أم اجتهاد إنساني، بمنعى الحق والخير والعدالة والجمال كنتاج إنساني يحكم العلاقات الانسانية هو الأساس المهم في العلاقات البشرية ، وهو جوهر الدين ، جوهر تفاعل الروح مع العقل كمختبر لانتاج هذه القيم ضمن هذه الزوبعة المثارة ، والتي من الواضح أن هناك من يريد لها أن تستعر وتثار لتأجيج صراعات تعمل دوائر كثيرة للاستفادة منها ، وعلى رأسهم المحافظون الجدد الذين يغذون إدارة الرئيس بوش ، الذي صرح أكثر من مرة عن أن الصراع هو صراع ديني مع قوى الشر والارهاب المتمثلة بالاسلام الفاشي . بهذا المعنى نكون نحن أمام دوائر وحلقات ، تعمل جاهدة على إعادة الصراع للوراء للتاريخ ، للعصور الظلامية .
- الدائرة الأولى ، وهي دوائر الرأسمال العالمي التي تعي وبشكل جيد أهمية منطقتنا والثروات المكتنزة بها ، وتسعى بشكل واع ومبرمج من أجل أستمرار سيطرة نفوذها بها والأستيلاء عليها إذا اقتضت الضرورة ، وبهذا فهي تبث شبكة كبيرة من الدعاية والأعلام حول تخلف المنطقة ، والقوانين البدائية التي تحكم بها مستفيدة من مراكز الأستشراق الذي جعل من مجتمعاتنا وتاريخنا مادة دراسية تسهل لهذا الرأسمال النفوذ والأستغلال .
- دائرة الاستبداد والقمع التي تمارس من قبل السلطات الغير شرعية في المنطقة والتي مازالت تتربع على حكم المنطقة عاملة على أنضاج عوامل التخلف والأرتداد من خلال بث واحياء مجمل السلطات الذي من المفروض القضاء عليها بعد فترة النهوض القومي ، مثل العشيرة والعائلة ، والطائفة والأقلية من خلال بناء الدولة المدنية العلمانية بمعنى دولة المواطنة والقانون .
- دائرة السلفيين المغرقين بالتعصب ،والجهل والذين حولوا الدين لوثنية جامدة من خلال إلغاء التفكير والمسائلة ، والأجتهاد ، والتطوير في العلاقات باعتبار الواقع متطور ومتجدد ، إلا إذا ارتأينا إخراج الله من دائرة التجديد باعتباره الخالق الملهم الدائم .

الله جلبنا للإيمان والاسلام من خلال السؤال عن الخلق والطبيعة ، والكائنات ، بمعنى استعمال العقل أداة للتفكير ، ويجب أن لاتلغى أبدا ، واهتداؤنا لله من خلال الاسلام يجب أن يدفعنا لأن نجدد ونتطور لنتفاعل مع ما ألهم البشرية إليه من معرفة وعلم وصناعة ، وعلاقات . فهناك الكثير مما نراه من فتاوى وأفكار ، فضلاً عن التقزز والقرف الذي تثيره ، فأنها لاتبشر ببناء مستقبل نتعايش به كبشر ، ولايقربنا أيضا من الأخرين ، بل على العكس تماما فكتابة هذا المقال ماكانت لو تهيأ لنا مناخا حرا كريما نجهر به نحن والآخرون بأفكارنا ، ونصرح عن مكنوناتنا ، لذا فأنني ومن استشعار الخطر الذي أخذ يلف كل محيطنا ، من تخلف وفقر واستهداف ، وقمع وأسبتداد ، وكل ما يعكس ويعبر عن قصور هذه الآمة وعجزها واستسلامها لقدرها ، أصرخ وأتوجه لللإعلام الذي يقدم نفسه مستقلا ومحايدا وديمقراطيا أن يأخذ على عاتقه معنا نحن الذين نبحث عن خلاص ومخرج أمام هذا التغول واستمراء المذابح والحرائق ،في أوطاننا من خلال تكثيف برامج الحوار بين كل الاتجاهات والأفكار التي تعج بها مجتمعاتنا ، نحن لانرى فائدة ترتجى من الشريعة والحياة ، نريد من الذي يشرع لحياتنا أن يلتقي معنا ، لانريد طقوسا ، نريد مبادرات تجمع العلماني مع المسلم والمسيحي من اجل مناقشة الحياة ، مناقشة الحرية ، من أجل رفع الظلم والاستبداد ، من أجل تأمين العمل ، من أجل توفير الصحة ، من أجل ، حقي بالكفر ، وواجبه ( لشيخ الدين ، والراهب والأب ) أن يهديني لا أن يهدر دمي ، من أجل أن أمارس حريتي الفكرية ، شرط عدم الاساءة للآخرين نريد مبادرات إعلامية تأخذ على عاتقها تأمين حوار جادا ومنفتحا مع كل المهتمين بالشأن العام ، نريد أن نرى سلمان رشدي محاورا للقرضاوي ، او طنطاوي ، نريد ان نرى شيوخا مثل فضل الله وقباني مع جلال صادق العظم ونصر حامد أبوزيد نريد أن نرى الأخوة اليسوعيين ، والموسويين مع كوكبة علماء الحداثة والاجتهاد ، نريد أن نرى حوارا مبرمجا ، حول قضايانا الخاصة والعامة ، نريد أن نثبت أننا أمة قادرة على التعايش مع ذاتها من خلال إنعاش مناخ الاختلاف واللقاء ، ومع الأخر من خلال الحوار البناء .
فهل سنرى قريبا من الاعلام والفضائيات تحديدا خطوة في هذا الاتجاه ، هل سنرى لقاءاً بين معتقدين ، فكرين ، طائفتين ، أقليتين ، يتحدثون بشفافية وبدون مواربة عن الهموم التي تعترينا ، هل سنرى قراءة ومحاكمة عقلية متنورة لمحاضرة البابا ، أم سنحرق ونخاصم دون معرفة.

برلين / 20 / 9 / 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا