الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصول الاستبداد عند بني يعرب

وهيب أيوب

2022 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لا أريد العودة إلى التاريخ القديم إلا للدلالة على أصلانية ذهنية الاستبداد لدى العربان والمسلمين منذ ظهور الإسلام قبل 1400 سنة، وهي ذهنية متجذّرة ومستمرّة منذ اجتماع سقيفة بني ساعدة ومن تولّوا السلطة والحكم من الخلفاء ، ومن حينها تمّ فُرض الخليفة الأول أبو بكر بالقوّة وحدّ السيف رغماً عن كل من عارض ، فلا مكان هنا لمناقشة أو قبول أي رأيٍ آخر يرفض زعامة قريش ، وهذا السلوك الاستبدادي المستند للقوّة والقمع والفرض مستمرّ منذ الخلافة الراشدة ، مروراً بالخلافة الأموية والعباسية وكل ما تفرّع عنهم من دول ودويلات ، سلاجقة، فاطميين، أيوبيين، مماليك وعثمانيين ، كلّه جرى بالقهر والقمع وبالسيف والدمّ ، وهذا نهجٌ متأصل في ذهنية العربان والمسلمين ، وهو سائدٌ حتى اليوم ...
انتقالاً إلى العهد الحديث ؛ في العام 1954 ، وبعد انقلاب ما سُميّ بـ " الضباط الأحرار " انقلاب العساكر الذي سُمّي زوراً وبُهتاناً " ثورة يوليو 52 " ، جرى خلاف بين رئيس مصر الأول محمد نجيب من جهة وبين عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة المزعوم من جهة أُخرى ، أرادوا يومها إزاحة محمد نجيب لمطالبته بالديموقراطية والحياة البرلمانية. لكن جماعة الضباط ومناصري "الثورة" خرجوا بمظاهرات حول البرلمان والقصر الجمهوري ، ومن أغرب ما حصل في تلك المظاهراتة ؛ هتافات الجماهير المحتشدة بشعارات : " لا أحزاب ولا برلمان " " تسقط الديمقراطية تسقط الحرية "
هكذا ؛ وتحت ذريعة سيادة الثورة والشعارات الوطنجية والقومجية الهادرة ، تم استفراد عبد الناصر كحاكم ديكتاتور أوحد ، وتأسيس دولة الأمن والمخابرات والبوليس السرّي وكمّ الأفواه ، والويل لمن يعترض .
وكانت أولى إنجازات عروبية عبد الناصر وقومجيته وشعارات الوحدة العربية بعد " الثورة " المزعومة ، بانفصال مصر عن السودان عام 56 وإعلان استقلالها .
ثمّ أتت الهزيمة العسكرية التالية في ذات العام 56 بما سمّي العدوان الثلاثي ، فرنسا وبريطانيا وإسرائيل على مصر .
وفي عام الـ 58 وبخطوة ارتجالية جرى إقامة الوحدة بين مصر وسوريا ، كان شرط البطل القومجي عبد الناصر يومها إلغاء الأحزاب في سوريا كما في مصر ، وانتقل الحكم البوليسي الأمني المخابراتي إلى سوريا ليسحق كل صوت معارض ، لدرجة أن رجُل عبد الناصر في سوريا عبد الحميد السرّاج قد أذاب السياسي الشيوعي فرج الله الحلو بالأسيد ، بعد أن قال له عبد الناصر ؛ لا أريد أن أسمع باسم هذا الرجل ، كما اغتال السياسي اللبناني كامل مروّة بسبب معارضته لسياسة عبد الناصر الديكتاتورية القمعية ، ورمى عبد الناصر ومخابراته بالسجون كل من عارض ذاك النهج ، بمن فيهم على سبيل المثال لا الحصر الشاعر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام .
كانت إذاعة " صوت العرب " التي أنشأها عبد الناصر وضبّاطه ، تصدح وتبثّ الأغاني والأناشيد القومجية الثورجية ، وتتوعّد االعصابات الصهيونية والدولة العبرية الوليدة بالويل والثبور وعظائم الأمور وانتظار رميهم بالبحر لتلتهمهم الأسماك ، هذا ردّاً على الهزيمة التي ألحقتها تلك العصابات الصهيونية عام 48 بجيش الإنقاذ والجيوش العربية المشاركة ، التي رفضت قرار التقسيم الصادر من الأمم المتحدة ، وأرادوا تحرير فلسطين من البحر إلى النهر دون نقصان ، لكنهم لاحقاً وبعد الهزائم المتتالية وأبرزها هزيمة الـ 67 الساحقة الماحقة على ثلاث جبهات واحتلال سيناء وغزّة والضفة والقدس والجولان ؛ ما انفكوا يُطالبون بتطبيق ذات القرارات التي رفضوها سابقاً ولو بالحدّ الأدنى ، ولكن دون أن يجدوا لهم صاغياً حتى اليوم ...
مع ذلك ظلّت ذهنية الاستبداد والديكتاتورية وحكم الفرد تطغى على شعوب المنطقة ونُخبِها ، فانتقلت تلك الشعارات الثورجية القومجية وجماهيرها من الرعاع والغوغاء ، إلى الجزائر وليبيا والعراق وسوريا واليمن ولبنان ، وهي اليوم دول مدمّرة فاشلة ، بعد أن خاضت جميعها حروب أهلية ، كان سببها الأول والأخير الاستبداد والطغيان والحكم الديكتاتوري البوليسي الفاشي ، الذي مهّد له "الشبّ الأسمر" عبد الناصر ، ناهيك عن الدول الملكية المؤسّس فيها الاستبداد منذ قرون ؛ دينياً وقبلياً ومُثبّت دستورياً .
ما يكشف تجذّر تلك الذهنية الاستبدادية واستمرائها من قِبل الكثير من النُخب السياسية والمثقفين ، ما زالوا حتى اليوم يشيدون بإنجازات عبد الناصر وهواري بومدين وصدام حسين والقذافي وحافظ الأسد ، وهؤلاء جميعاً أورثوا الهزائم والهلاك لمجتمعاتهم وأخرجوهم من الحضارة والتاريخ . فكيف الخروج من عنق الزجاجة ومن هذا الكهف ؛
وأين المفرّ ؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش