الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخرافات اليهودية الشعبية – الجزء الثاني

بوياسمين خولى
كاتب وباحث متفرغ

(Abouyasmine Khawla)

2022 / 7 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عين الشر عند اليهودية
فكرة أن شخصًا أو كائنًا خارقًا يمكن أن يتسبب في ضرر بمجرد نظرة - والممارسات التي يعتقد أنها تمنعه.
"العين الشريرة" (عين حارة بالعبرية) ، هي فكرة أن الشخص أو الكائن الخارق يمكن أن يسحر أو يؤذي فردًا بمجرد النظر إليه. إن هذا الاعتقاد ليس مجرد خرافة يهودية فولكلورية فحسب ، بل يتم تناولها أيضًا في بعض النصوص الحاخامية.

يستخدم المصطلح " عين الشر" أيضًا أحيانًا لوصف الميول الشريرة أو مشاعر الحسد.
ويرى الحاخامات أن عين الشر لعبت دورًا في حوادث مختلفة في التوراة. على سبيل المثال ، يقولون إن "سارة" – زوجة إبراهيم - ألقت نظرة شريرة على هاجر عندما كانت حاملاً ، مما تسبب في إجهاضها قبل أن تحمل إسماعيل. في مكان آخر ، يجادل الحاخامات بأن خصوبة "ليا" تأثرت سلبًا عندما "أصبحت خاضعة لقوة العين الشريرة" لشكرها الله على السماح لها بإنجاب أكثر من ربع أبناء يعقوب. (رابينو باهيا ، بريشيت 30: 38: 5). في التلمود ، يقول الحاخامات إن نسل يوسف محصنون ضد قوة عين الشر - وأن: "من يدخل مدينة ويخشى العين الشريرة عليه أن يمسك إبهام يده اليمنى بيده اليسرى وإبهام يده اليسرى بيده اليمنى ويقرأ ما يلي: "أنا فلان ابن فلان. إذن ، من نسل يوسف الذي لا سلطان للعين الشريرة عليه" ( بيراخوت . (Berakhot 55b

وفي أماكن أخرى من التلمود ، في "ميشناه بوروه" ، يتم حث اليهود على أداء طقوس "روش هاشناه تشليش" (1) في مسطح مائي يحتوي على أسماك لأن "الأسماك غير قادرة على التأثر بالعين الشريرة".
---------------------
(1) "رُوش هَشَنَه أو رُوش هَاشَنَاه" (بالعبرية بمعنى "رأس السنة) وينطقه الأشكناز "غوش هشنه" ، إنه عيد يهودي يحتفل اليهود فيه برأس السنة العبرية، ويعتبر هذا العيد "يوم الدين" الذي يحاكم الإنسان فيه عن السنة الماضية كما يذكر بداية أيام التوبة العشرة التي تنتهي في يوم كيبور.
-------------------------
وفي "بافا باترا" (2) ( 2 ب: 9 )، يقول الحاخامات إنه "يحظر على الإنسان أن يقف في حقل غيره وينظر إلى محصوله أثناء ترعرع الحبوب ، لأنه يلقي بها عين شريرة فتسبب له ضررًا ، و وينطبق الشيء نفسه على الحديقة. "
------------------------
(2) "بافا باترا" أو "بابا باترا" (بالآرامية التلمودية "باب آخر") ؛ تتعامل مع مسؤوليات وحقوق الشخص بصفته مالكًا للممتلكات. إنه جزء من القانون الشفوي. في الأصل مع "بافا كاما" و "بافا ميتزيا" ، شكلت مسلك واحد يسمى "نيزكين" (أضرار أو إصابات).
-----------------------------

على مر القرون ، استخدم اليهود العديد من الممارسات الخرافية التي يُعتقد أنها لدرء عين الشر ، مثل البصق ثلاث مرات ، أو القول ، عند مناقشة بعض الخطط المستقبلية ، "فليكن بدون العين الشريرة" .

ما هي الخمسة أو الخميسة ( كف اليد)؟
على الرغم من أنها قد تكون مستمدة من الثقافة الإسلامية أو الوثنية ، إلا أن الخميسة أصبحت اليوم رمزًا يهوديًا وإسرائيليًا.
ربما تكون قد رأيت هذه الرموز ذات الشكل الفريد على المعلقات التي ترتديها النساء اليهوديات أوفي حلي البربريات أو معلقة في معصم الرضع أو على أبواب المنازل العتيقة أو معروضة في متاجر الصناعة التقليدية ، فإن الخميسة - سواء على القلائد أو سلاسل المفاتيح أو المعروضة على الجدران - موجودة في كل مكان مثل نجمة داود.

ولكن ما هي الخميسة بالضبط؟ وما الذي يجعلها يهودية؟
هذا الرمز للعين المغروسة في كف اليد المفتوحة والمبسوطة، له العديد من الأسماء الأخرى على مر العصور ، بما في ذلك "عين فاطمة" ، و"يد فاطمة" ، و"يد مريم". ويتم تقديم النموذج في بعض الأحيان بشكل طبيعي وأحيانًا أخرى بشكل متماثل مع إبهام ثانٍ يحل محل الإصبع الصغير.
تم تفسير الخميسة بأشكال مختلفة من قبل العلماء على أنها تميمة يهودية أو مسيحية أو إسلامية ، ورمز وثني للخصوبة. ومع ذلك ، حتى مع بقاء الشكل السحري يكتنفه الغموض ومناقشة العلماء تقريبًا حول كل جانب من جوانب ظهوره ، يتم التعرف عليه اليوم على أنه تميمة "كبالية" – نسبة للكابالا (3) - ورمز مهم في الفن اليهودي.
----------------------
(3) "الكابالا" (بالعبرية: "تقليد") ، تصوف يهودي باطني ظهر في القرن الثاني عشر وما بعده. ولطالما كانت الكابالا في الأساس تقليدًا شفهيًا ، و أن البدء في ممارساتها يتم بواسطة دليل شخصي لتجنب المخاطر الكامنة في التجارب الصوفية. فالكابالا الباطنية هي أيضًا "تقليد" بقدر ما تدعي المعرفة السرية للتوراة غير المكتوبة (الوحي الإلهي) التي نقلها الله إلى موسى وآدم.
----------------------

أصول الخميسة
كما تشير الخميسة إلى "فاطمة" (ابنة محمد) و"مريم" (أخت موسى) ، فإن التميمة تحمل أهمية خاصة لكل من اليهود والمسلمين. من أبرز المظاهر المبكرة للخميسة صورة اليد الكبيرة المفتوحة التي تظهر على "بويرتا جوديسياريا" (بوابة الدينونة) في قصر الحمراء بالأندلس ، وهو حصن إسلامي من القرن الرابع عشر في جنوب إسبانيا.

ويبدو أن "يد فاطمة" في قصر الحمراء تعتمد على الكلمة العربية "خمسة 5" ، ، وهو رقم يتم استخدامه ،في حد ذاته ، لمحاربة عين الشر. كما يشير تصميم و شكل قصر الحمراء ، بالإضافة إلى صور اليد الإسبانية والمغربية الأخرى ، إلى أركان الإسلام الخمسة (الإيمان ، والصوم ، والحج ، والصلاة ، والزكاة) عدد أصابع اليد الخمسة.

وفقًا للفولكلور الإسلامي ، أصبحت "يد فاطمة" رمزًا للإيمان بعد أن عاد زوجها "علي" إلى المنزل بزوجة جديدة ذات يوم. "فاطمة" ، التي كانت تطبخ في ذلك الوقت ، أسقطت مغرفة الحساء التي كانت تستخدمها. ومع ذلك كانت منشغلة جدًا بالقدوم الجديد لدرجة أنها استمرت في التحريك باستخدام يدها العارية، ولم تلاحظ أنها كانت تحرق نفسها.
لن يكون غريبًا أن يجد رمز إسلامي طريقه إلى الثقافة اليهودية "السفاردية" – نسبة للسفارديم (4)" ، التي ازدهرت جنبًا إلى جنب مع الإسلام. ومع ذلك ، فإن التمائم تمثل إشكالية إلى حد ما في اليهودية لأن الكتاب المقدس يحظر السحر والعرافة. ومع ذلك ، يشير التلمود في عدة مناسبات إلى التمائم (أو kamiyot ) ، والتي قد تكون أتت من الكلمة العبرية التي تعني "الارتباط". ويسمح أحد القوانين اليهودية بحمل تميمة معتمدة في يوم السبت ، مما يشير إلى أن التمائم كانت شائعة بين اليهود في بعض النقاط في التاريخ.
-----------------
(4) "السفاديم" يهود من دول البحر الأبيض المتوسط في يهود اليهود "الأشكناز" من أوروبا الشرقية.
----------------
يثير مؤرخ الفن "والتر ليو هيلدبرج" أيضًا إلى احتمال أن يكون للخميسة جذور مسيحية ، وقد يكون تأثر بالشكل الفني المسيحي حيث غالبًا ما تحمل "ماري" يديها في وضع وضع الإبهام تحت السبابة بجانب الاصبع الوسطى.
ووفقًا للأستاذ بجامعة شيكاغو "أحمد عشراتي" ، لم تنشأ الخميسة بالضرورة في سياق ديني. إد يظهر شكل اليد المفتوحة في كهوف العصر الحجري القديم في فرنسا وإسبانيا والأرجنتين وأستراليا ، بما في ذلك موقع واحد في الجزائر يحمل اسم "كهف الأيدي."
وفي الفن المصري ، يتم تمثيل الروح البشرية (وتسمى ka) بذراعين يصلان إلى الأعلى (يشكلان شكل حدوة حصان) ، وإن كان بإصبعين فقط في كل يد. كما يشبه رمز الإلهة القمرية الفينيقية "تانيت" امرأة ترفع يديها ، كما وجدت يداها طريقهما إلى زخارف المقابر. ورسم "الأتروسكان" (5) أيديهم مع قرون على قبورهم ، وظهرت بعض ممارسات الدفن اليهودية صوراً للأيدي (توحي بالبركة الكهنوتية) على علامات حجرية لمقابر "لاويين". كل هذه يمكن اعتبارها سلائف مبكرة جدا للخميسة.
---------------------
(5) الحضارة "الإتروسكانية" كانت حضارة في إيطاليا القديمة، نشأت نحو سنة 900 قبل الميلاد، واستمرت الحضارة الإتروسكانية حتى اندمجت في المجتمع الروماني، بدءًا من أواخر القرن الرابع قبل الميلاد.
----------------------

معتقدات يهودية عن الخميسة
من الصعب تحديد الوقت الدقيق الذي ظهرت فيه الخميسة في الثقافة اليهودية ، على الرغم من أنها رمز واضح لها طبيعة سجية. ربما استخدمها اليهود لاستدعاء يد الله ، أو لمواجهة عين الشر بالعين المغروسة في راحة اليد. وبعض الخميسات تحتوي على صور للأسماك ، وفقا لتصريح الحاخام "يوس بن حنينا" في أن نسل يوسف ، الذين نالوا بركة يعقوب للتكاثر كالسمك في سفر تكوين 48:16 ، محميون من عين الشر كالسمك. ويشرح قائلاً: "الماء يغطي أسماك البحر فلا سلطان للعين عليها.

كما تم العتور أيقونات أخرى بجانب، العيون والأسماك ، بما في ذلك نجمة داود ، و"الشيما" ( 6) ، والبركة على المنزل ، واللون الأحمر والأزرق ، وكلاهما يقال إنه يحبط عين الشر.
-------------------------------
(6) يعتبر اليهود الأرثوذكس أن "الشيما " هي أهم جزء من الصلاة في اليهودية وتتم تلاوتها مرتين يومياً، و من تقاليد اليهود أن يقولوا "شيما" على أنها كلماتهم الأخيرة، كما يفعل المسلمون مع قضية الشهادتين عندما يقترب الموت من أحدهم، كما أنه واجب على الآباء أن يعلموا أطفالهم أن يقولوها قبل أن يناموا ليلًا.
----------------------------
ويظهر رمز اليد ، وغالبًا ما تكون الأيدي الكهنوتية ، في المخطوطات والتمائم "الكابالية" ، ويتضاعف مثل حرف "شين" ، وهو الحرف الأول من الاسم الإلهي "شداي" (7). هذا التخطيط لليد البشرية على الاسم واليد الإلهي ربما كان له تأثير في إنشاء جسر بين العابد والله.
------------------------
(7) " SHADDAI " هو واحد من أسماء الله عند إسرائيل . تُترجم تقليديًا إلى اللغة الإنجليزية على أنها الله القدير - Deus Omnipotens - باللاتينية، لكن معناها الأصلي غير واضح. كان أول ظهور لهذا الاسم في سفر " تكوين 17: 1 "، "عندما كان أبرام – إبراهيم - يبلغ من العمر تسعة وتسعين عامًا ، ظهر الرب لأبرام وقال له ،" أنا الشدّاي ؛ امشِ أمامي وكن بريئًا ".
----------------------


لا تزال الخميسة لعب دورًا في بعض طقوس "السفارديم" اليوم. فخلال حفل الحناء ، عندما يتم تزيين العرائس استعدادًا للزفاف ، قد ترتدي العرائس الخميسة حول رقبتهن لدرء عين الشر.
وحتى مع ارتباط الخميسة اليوم بالكابالا وإسرائيل واليهودية ، ربما تكون الأصول الغامضة للرمز والخرافات المحيطة به هي التي تجذب انتباه المشاهير والناس العاديين على حدٍ سواء.
_____________________ يتبع الجزء الثالث _____________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات