الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعنة الإسلام السياسي

سالار الناصري

2006 / 9 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك فارق كبير بين أن يكون الدين تجربة ذاتية ترتقي بالقيم الإنسانية لدى الفرد،وبين أن يكون أداة للتسلط على الجماهير لتحقيق أهداف وغايات المؤسسة الدينية ،سواء كانت هذه المؤسسة تنظيم أو حزب أو جمعية أو مرجعية دينية وسواء كانت جماعة أو فرد .
وتحت شعار الإسلام دين وحياة مررت مشاريع الدولة الإسلامية،ونظرت الكثير من مقولات الإسلام السياسي ،وشرعن الجل الأعظم من الفقهاء التحزب والحزبية والعمل السياسي للوصول الى السلطة لتطبيق الشريعة وإعادة المجتمعات الى صور متوهمة وسلفية عن المجتمع الإسلامي.
ولان الكثير من مقولات الإسلام السياسي لم تجد لها ذلك الصدى الكبير في المجتمعات المسلمة ولان الجهد الدعوي الذي بدأ عند ابرز الأحزاب والجمعيات الإسلامية قد انتهى على مشارف السبعينيات من القرن المنصرم الى فشل كبير في عدم تقبل جماهير الأمة الإسلام السياسي كسلطة تحكم المجتمع وتدبر شوؤن الدولة فكان انقلاب جماعات الإسلام السياسي على الأمة وتكفيرها وتصنفيها ضمن خانة المرتدة والجاهلية .
وأصبح السبيل الوحيد هو العمل المسلح (فالمسلمين اليوم ليسوا في مرحلة دعوة بل في مرحلة الردة عن الإسلام لذلك لابد من حزب رباني انقلابي يصل الى السلطة ويتسلم الحكم) كما يصرح بذلك سعيد حوى في كتاب جند الله ـ 1977،ويؤكد فتحي يكن على ضرورة مقاتلة الأنظمة الكافرة فيقول(ان قبضة الحركة الاسلامية ينبغي ان تكون موجهة دائما الى مقاتلة النظم الوضيعة الحاكمة )راجع مشكلات الدعوة والداعية ـ ويجزم أمير جماعة التكفير والهجرة احمد شكري مصطفى بكفر المجتمع ويطلق حكما نهائيا في هذا المجال ، وتصبح إسلامية الفرد مقرونة بانتمائه الى الجماعة الإسلامية ،أما إذا رفض مقولات الإسلام السياسي رافضا الانتماء الى الجماعة السياسية الإسلامية (فيحكم عليه حينئذ حكما نظريا بالكفر ان رفض دخول جماعة المسلمين)راجع رفعت سيد احمد،النبي المسلح 1991.وعند ذاك استبيحت دماء الأمة بفتاوى سيد قطب وابن باز وابن لادن والقرضاوي عقابا على رفضها الخضوع لدكتاتورية الإسلام السياسي التي تصادر في مقدماتها الأولى حقوق الإنسان وحرية التعبير والاعتقاد والمساواة،وتشرعن عودة الخلافة وولاية الفقيه.
ولان الإسلام السياسي متعدد ومتنوع ومتوالد بصورة مستمرة من خلال المذاهب والطوائف والاصوليات والسلفيات والمدارس الفقهية ،ولكل منها إسلام يخالف الآخر ويتقاطع معه ضمن مفترق التكفير والجهاد في مناخ تتسلط عليه نظرية الفرقة الناجية وتحركه نظرية المؤامرة ،فإننا شهدنا جماعات متعددة لا تساهم فقط في تكفير الأمة وتحل سفك دمائها بل تجاهد بكل ما أوتيت من قوة ومن رباط الخيل في ذبح أبناءها ،ولعل الجثث المغدورة الثلاثمائة في شوارع بغداد خلال الأيام المنصرمة تشهد على لعنة الإسلام السياسي وجماعاته المنادية به..
قتلى من جميع المذاهب الإسلامية والأديان السماوية ومن جميع القوميات والأعراق يوميا في العراق مثال حي على إستراتجية الإسلام السياسي في كيفية التعامل مع الأمة وإخضاعها ،وكشف واقعي عن أسلوبه في كيفية الوصول الى السلطة ولا ادري إذا كان الإخوان المسلمين يبحون أصواتهم في اعتبار الإسلام هو الحل في بحر من الدماء وإذا كان انتصار خط المرجعية في العراق مغمسا بدماء الفقراء الشيعة ،وإذا كان الحل في ذبح الأمة وتركيع الجماهير وإرهاب الطبقات المسحوقة تارة بالسيارات المفخخة التي تستهدف بائعي الأرصفة وعمال الازبال في كراج النهضة والعلاوي في بغداد أو التلويح بالتكفير في السعودية ومصر ،فهذا ليس حلا ولا انتصارا لكي تسود فكرة ما أو مشروع سياسي ، لان الأمة لابد أن تنتفض يوما لتسحق المؤسسة الدينية التي تشرعن تكفيرها وذبحها على طريقة قطع الروؤس ، لتحرر نفسها أولا ولتحرر الدين ثانيا.
وإذا كانت بعض الجماعات الشعبية تنساق وراء أوهام وخرافات وآمال جماعات الإسلام السياسي فان هناك عدة أسباب من أبرزها غياب الديمقراطية ومؤسساتها وإثارة عواطف ومخاوف الجماهير المذهبية والطائفية والعرقية والتلويح بالتكفير وشق صف الجماعة وبطلان عمل الفرد ..الخ أو الأهم وهو عسلية الأحلام التي يغرقون بها أتباعهم بدءا من ضمان الجنة في الآخرة وتحويل البلد الى جنة ولا ادري أي جنة حققتها الحكومة العراقية بقيادة ومشاركة أحزاب ومنظمات شيعية وسنية وسلفية،وهي حكومة لم تزداد فيها معدلات التنمية أو الاستثمار أو مصاريف الصحة والتعليم بل ازدادت معدلات القتل على الهوية والمفخخات ومعدلات الفساد الإداري التي وصلت الى 170%(وهي حكومة أحزابها تعتبر فوائد المصارف ربا بنسبة فوائد9%ولا تعتبر نفسها سارقة عندما يصل فسادها الى هذه المعدلات الفاحشة )وتراجعت الخدمات الى الحد الذي يبات فيه أصحاب المركبات في طوابير ليس لها نهاية أمام محطات البانزين في بلد يعوم فوق بحر من النفط .
وإذا كانت جماعات الإسلام السياسي تتعامل مع الأمة بأسلوب
ـ التكفير
ـ الذبح
ـ التجويع والتركيع
فمتى نتخلص من هذه اللعنة لنعيش مثل بقية خلق الله ،نفكر في كيفية وضع بصمتنا الحضارية ،وكيف نبدع في الثقافة العالمية ،وكيف نساهم مع الأمم في صنع التاريخ وارتقاء الإنسان ،وكيف نخدم أوطاننا ونبني بلداننا لا أن نفجر مدننا ونقتل أطفالنا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 105-Ali-Imran


.. 106-Ali-Imran




.. 107-Ali-Imran


.. 108-Ali-Imran




.. 109-Ali-Imran