الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على بلاطة

محمود الباتع

2006 / 9 / 22
المجتمع المدني


توقف الزمن عند كلماتٍ متوارية نطق بها البابا بندكت السادس عشر في محفل ديني بألمانيا، واعتبرها المسلمون مفاجأة مسيئة إلى الدين الإسلامي. وسواء كان نطقه عن الهوى أم عن وحي يوحى، فقد أحدثت كلماته ما يشبه تموجات في بحيرة السجال الراكدة بين المسلمبن والمسيحيين.

يجب ألا نفاجأ بكلام البابا عن الإسلام، فهذا هو رأي الكنيسة في الإسلام ونبيه منذ ظهوره في أرض العرب. كما لا يفاجئنا حديث بابوات الإسلام عن الكنيسة المسيحية والإنجيل وعقيدة التثليث وواقعة الصلب منذ قرون، فرجال الأديان في كل زمان ومكان، وتحت أي عنوان، قد تملكهم الإحساس بامتلاك الحقيقة بشكل أقرب إلى الإحتكار، بحيث يرى كل من بقف على الجانب الآخر ضالاً وعلى خطأ.

تقتضي طبيعة الأشياء الإختلاف، هذا بديهي .. ويستدعي الحوار، أما التناحر والاقتتال فهو شيء مرفوض تماماً، خصوصاً إذا كان بمسوغ ديني.

من هنا فإن الحروب التي تشن لأسباب دينية يجب أن تندرج تحت مفهوم جرائم الإبادة الجماعية، والتي توصل العالم اليوم إلى إنشاء محاكم مختصة للمتورطين فيها. والحقيقة أن التطهير الديني لا يقل بشاعة عن التطهير العرقي ، ولو استطعنا أن نحاكم المتورطين في ما سمي بالحروب المقدسة بأثر رجعي، لمثل في قفص الإتهام آلاف القادة ورجال الدين. أكتفي بأن أذكر مثالاً من كل جانب، معارك السنة والشيعة إبان الخلافة الإسلامية، ومحاكم التفتيش في أوروبا القرون الوسطى.

لا يخفي الرداء الديني لجميع هذه الحروب، ما تنطوي عليه من دوافع سياسية وسلطوية وأسباب اقتصادية ألبست لباس الدين لأغراض التعبئة الجماهيرية البحتة. وأجزم أن العقائد الدينية لا ناقة لها في الحرب ولا جمل.

ليس كل مايتفوه به رجل الدين صحيح، وليس الحق منحصراً في ما يقول، فالإيمان لدى العموم من الناس لا يحتاج إلى مترجم حتى يفهمه الله، فالله قد خلق الناس وخلق قلوبهم وهو الوحيد القادر على تقييمهم ومن ثم محاسبتهم.

إن ما نعانيه جميعا، أفرداً ومجتمعات، من فتن طائفية وحروب واتهامات وإدانات مذهبية، ومن تعصب وكراهية تجاه بعضنا البعض، إنما هو نتيجة التحريض الديني المستمر من رجال الأديان ومن سار على نهجهم.

لم أكن لآبه لكلام البابا ولا لغيره، لولا وجود فئة منا، من أهلنا ومواطنينا يدينون بدينه، ونعلم أنهم يصدقون ما يقول، أحبهم، ولا أريد أن أخسرهم، أو أن أخاصمهم، فضلاً عن أن أقاتلهم، فهذا هو مجتمعنا جميعاً، و نحن هم أبناؤه فيه، وهؤلاء هم أهلنا ولا أقول جيراننا أو شركاءنا، ووحدتنا الوطنية وسلامنا الأهلي أهم عندي من "أبونا" و "أبوهم"، وما يريدون .

وعلى بلاطة أقول، عبثٌ جهودكم يا أصحاب الفضيلة والقداسة، فلن يصبح المسيحي مسلماً، ولن يصير المسلم مسيحياً مهما قلتم، وأعان الله كل منا على دينه .......
فأريحونا ... واستريحوا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة


.. تراجع الاحتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية.. واعتقال أكثر




.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ