الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزهر في ألف عام

عطا درغام

2022 / 7 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ذاع صيت المسجد الأزهر وشاعت شهرته حتي أوشك ان يحتل المكانة الرابعة بعد المساجد الثلاثة . لقد بناه الفاطميون فور استيلائهم علي مصر سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة من الهجرة ،وكان القصد من بنائهم له تعليم المذهب الشيعي الإسماعيلي وإحلاله محل المذهب السني علي ضفاف النيل، غير أن الله تعالي جعله منارة لأهل السنة ومشكاة تنبعث منها أقباس مبادئهم وتعاليمهم بعد زوال ملك الفاطميين،وظل الأزهر يحمل لواء هذا المذهب ويحميه منذ بنائه حتي الآن وأن لا مقصر مما جعله تاج المساجد ورابعها بعد المسجد الحرام و والمسجد الأقصي المسجد النبوي.
والسبب الذي من أجله استحق الأزهر هذه الرتبة ونال دون غيره تلك المنزلة هو أنه المسجد الوحيد الذي حمل علي عاتقه مهمة حماية الإسلام ولغته،وظل أكثر من الف عام كالطود الشامخ.لا تنال منه العوادي ولا تؤثر فيه الخطوب والأرزاء حتي صار قلعة الحنيفية وحصن العربية.
وحتي قصد إليه طلاب العلم وعشاق المعرفة من شتي بقاع الدنيا وأصقاعها للتزود مما لدي شيوخه العظام والجلوس منهم مجلس التلاميذ والطلاب. والسبب الثاني وهو ان هذا المعهد العتيد كان يفتح ذراعيه للعلماء الفارين من وجه الظلم والاضطهاد في كل بلد يحتله أعداء الإسلام، ويبسطون عليه سلطانهم.وهذا واضح في الغزو الصليبي للمشرق العربي،والاجتياح المغولي للخلافة العباسية.
فإن أولئك وهؤلاء لما زحفوا علي بلاد الإسلام ودمروا حضارتها ومدنيتها وصبوا علي أهلها جام البطش والانتقام لم يجد هوادة العلم ولا عشاق المعرفة ملجأً يهرعون إليه ،ويأمنون في رحابه غير الأزهر.
أقبلوا عليه زرافات ووحدانًا،وكان الأزهر كما تصوروه وتخيلوه، فد أمنهم بعد خوف وأعزهم بعد ذل ولم يقدم إليهم العلم،وإنما أعطاهم كل ماهم في حاجة إليه..أعطاهم الملبس والمسكن والمأكل والمشرب حتي الأوراق والأقلام والكتب والمحابر؛ فإنه وضع هذا كله بين أيديهم وتحت تصرفهم ، فقدر الذي استحقه الأزهر إذن والصيت الذي بلغه لم يكن هبة وهبت له ولا عطية أهديت له ،وإنما كان جزاءً وفاقًا لأعماله وأفعاله ودوره الذي لم يمارسه غيره.
ومنذ الوهلة الاولي التي وضع فيها هذا المعهد العتيد في أرض القاهرة وارتفعت مآذنه السامقة في سمائها والعشرات بل المئات من الكتب والمقالات التي تؤرخ له وتفيض في ذكر مآثره ومفاخره وتشرح أفضاله وتطري أعماله،وتبين الجهود التي كان ولا يزال يبذلها في خدمة الإسلام،ولغته وقطع الطريق علي أعدائهما الذين يتربصون بهما ويحشدون الحملات للنيل منهما.
غير أن هؤلاء الكتاب لم يكونوا جميعًا من الموالين للأزهر ولا من العارفين لقدره ومنزلته،وإنما كان بعضهم كذلك وكان البعض الآخر من المتحاملين عليه والمسخرين أقلامهم لتنقصه وتصيد العيوب له ،ومن الكتب الجادة التي أنصفت الأزهر وعرفت له شأنه وقدره وخلت من الإساءة إليه والتهوين من فضله وكانت محايدة في الكتابة عنه
والكتاب الذي كتبه الدكتور بيارد دودج تحت عنوان"الأزهر في ألف عام" وقد ترجمه إلي العربية حسين فوزي النجار، وجاء في التقديم الذي كتبه مؤلفه بين يديه الهدف من تألف هذا الكتاب هو تعريف غير العرب بالثقافة الإسلامية التي يتولي الأزهر الشريف نشرها عن طريق الأساتذة والمعلمين الذين يتولون التدريس في أبهائه وساحاته وليس القصد منه نقد هذا المعهد العتيد ولا التصدي لما يمكن أن يكون عليه من المآخذ والملاحظات.
ولكي يكون المؤلف صادقًا فيما يكتب مطمئنًا إلي ثصحته فقد غادر بلاده وأقام سنتين طوالًا عن كثب من الأزهر. وناقش علماه غيرهم من أصحاب الفكر والقلم وهكذا توافرت لكتابه كل ماهو في حاجة إليه من المعلومات السليمة والآراء المفيدة.
والكتاب يحوي بين دفتيه تقديمًا وثمانية فصول وملحقًا واحدًا،وصفحاته سبع وستون ومائة من القطع الكبير، وقد تناول المؤلف في الفصل الأول:وعنوانه الأزهر والخلفاء الفواطم عددًا من القضايا منها: بناء الأزهر والشعائر ومعالم الفكر الفاطمي.وحلقات الدراسة،والحاكم بأمر الله.
وفي الفصل الثاني: وعنوانه صلاح الدين والدولة الأيوبية تحدث المؤلف عن معاهد العصر الوسيط ومناهج الدراسة فيها وعرض للعلوم العقلية والنقلية ووقف وقفة قصيرة عند كل من اللغة والنحو والصرف والبلاغة والأدب والقراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام.
وفي الفصل الثالث: تكلم المؤلف عن تجديد الأزهر،وأعطي فكرة موجزة عن السلطان الناصر وخلفائه
وفي الفصل الرابع وعنوانه الأزهر في العصر العثماني عالج المؤلف أمورًا منها: المنح الدراسية ومشيخة الأزهر وتأثير التصوف في الحركة العلمية والصراعات التي كانت تدور عند تولي بعض العلماء مشيخة الأزهر،كما عرض للحياة الثقافية في مصر في أواخر القرن الثامن عشر،وعاد إلي الأزهر فتحدث عن تعميره وتوسعته وحياة طلابه.
وفي الفصل الخامس: وعنوانه بداية التاريخ الحديث ركز المؤلف علي الحديث عن محمد علي وخلفائه وجمال الدين الأفغاني والاحتلال البريطاني
وفي الفصل السادس:عنوانه التجديد والإصلاح، تناول المؤلف الشيخ محمد عبده ودوره في إصلاح الأزهر،وانتقل إلي التعليم في الأزهر، فتناول مراحله الثلاث وهي: المرحلة الابتدائية والثانوية والعالية،وانتقل إلي قضايا أخري منها الحرب والثورة وما بين الحربين والحرب الثانية.
وفي الفصل السابع: وعنوانه الأزهر بعدألف عام تحدث عن القضايا التالية: الجامعة والمعاهد الدينية النظامية والحرة ومسنتوي الإدارة والمبني الجديد لها وسجلات الطلاب المبصرين منهم والمكفوفين(العميان) والإنفاق والميزانية والدراسة والمكتبة والتربية البدنية والصحية والخدمات الإدارة فيه ومذاهبهم والمدة التي لبثها كل واحد منهم في منصبه الإضافية.
وفي الفصل الثامن والأخير: وعنوانه قضية المستقبل وقد عرض فيه لبعض قضايا التعليم وتحدث عن الشبيبة الجديدة.
وأنهي المؤلف الكتاب بملحق شرح فيه الإشراف علي الأزهر عبر العصور وسجل أسماء العلماء الذين تولوا زمام الإدارة فيه ومذاهبهم والمدة التي لبثها كل واحد منهم في منصبه.
والذي يطالع هذا الكتاب من ألف إلي يائه، يلاحظ أن مؤلفه قد بذل فيه الكثير من الجهد وموثقه ،وعلي الرغم من أن المؤلف ليس عربيًا ولا مسلمًا؛ فإنه لم يكن منحازًا، ولا متعصبًا وإنما كان محايدًا في أكثر ماكتب.. بل لقد لقد كان يكبر الأزهر وشيوخه ، ويدفع عنهم قالات الأفك والزور.
وإن ما تناوله هذا الكتاب من حديث عن الأزهر ومناهجه والجهود التي كانت ولا يزال يبذلها في خدمة الإسلام، ولغة القرآن شهادة حق من عالم لا ينتمي إلي هذا الدين، ولا يقيم في دياره ولا ينطق لغته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب