الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ روسيا – 17 زواج إيفان الثالث من الأميرة صوفيا

محمد زكريا توفيق

2022 / 7 / 25
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الفصل التاسع عشر

كيف تزوج إيفان العظيم من الأميرة البيزنطية صوفيا

عندما كان إيفان الثالث (1440-1505)، والمعروف أيضا بإيفان العظيم، فتى في الثانية عشرة من عمره، كان قد بدأ في مشاركة الحكم مع الأب باسيل الثاني الأعمى، وكان متزوجا من ماريا، ابنة بوريس، الأمير الكبير لتفير.

لكن ماريا لم تعش طويلا. في عام 1467، يقال إن إحدى نسائها، التي تم شرائها سابقا، هي التي قتلتها بالسم. ربما بسبب الصراع على الحكم داخل العائلة. حتى لا تنجب وريثا آخر. فقد تركت ابنا واحدا اسمه إيفان أيضا.

بعد ذلك بعامين، ظهر يوناني يدعى جورج، أمام بلاط إيفان، يحمل رسالة من الكاردينال بيساريون.

في الوقت الذي استولى فيه محمد الفاتح على القسطنطينية، هرب شقيق الإمبراطور البيزنطي توماس، مع عائلته إلى روما، حيث توفي تاركا ولدين وابنة جميلة، صوفيا، التي منحها البابا حمايته.

أكد مبعوث الكاردينال لإيفان أن البابا فعل ذلك، لكي يمنحه شرف طلب يد صوفيا، التي رفضت العديد من الخطاب الملوك، منهم ملك فرنسا ودوق ميلانو.

سمع الأمير الكبير الرسالة وكان مضطربا. لكن المطران كان سعيدا ، وقال:

"يرسل الله لك هذا الزوجة المشهورة، وهي فرع من شجرة الأباطرة البيزنطيين، الذين حموا ذات يوم كل المسيحية الأرثوذكسية. إنه تحالف سعيد، سيجعل من موسكو قسطنطينية أخرى، وسيمنح أمراءها الكبار جميع حقوق القياصرة البيزنطيين"

بعد مشاورات رسمية مع والدته ونبلائه، وفي أقل من شهر، أرسل إلى روما سفيرا، هو الإيطالي جون فريازين، الذي عاد ومعه صورة للأميرة، وجواز سفر للسفراء الروس في جميع الأراضي التي تدين بالكاثوليكية.

كان الأمير الكبير منبهرا، ومرة أخرى قام جون فريازين بالرحلة الطويلة إلى روما. مخولا، هذه المرة، بالتوقيع على وثيقة الزواج.

البابا كان يحلم باتحاد بين كنائس الغرب والشرق، وكان يرى في إيفان، الأمير الأكبر لموسكو، حليفا قويا ضد محمد الثاني (الفاتح)، في القسطنطينية.

في يوم جميل من أيام يونيو عام 1472، غادرت الأميرة صوفيا مدينة روما، غنية بمهرها من قبل البابا، يرافقها الكاردينال أنطونيو ومجموعة من اليونانيين والإيطاليين، للقاء بعلها الشمالي.

لم تكن الرحلة متسرعة. بل كانت بطيئة وكريمة. من روما إلى لوبيك، من لوبيك، عن طريق البحر في سفينة مزينة بشكل رائع، إلى ريفال.

في أحد أيام شهر أكتوبر، سمع رنين جرس مجلس بسكوف، وعندما تجمع المواطنون على عجل في المحكمة، نهض نيكولاس، المبشر من ريفال، لمخاطبتهم:

"صوفيا، ابنة القياصرة البيزنطيين، في طريقها عبر البحار إلى موسكو. هي ابنة توماس، أمير المورة، وابنة أخت قسطنطين، قيصر القسطنطينية. ستكون سيدتنا، وزوجة للأمير الكبير إيفان. فاستعدوا، أنتم، يا رجال بسكوف، لاستقبالها بشرف."

بعد حديثه، انتقل المبشر إلى نوفجورود وإلى موسكو. وقام شعب بسكوف بجميع الاستعدادات للترحيب بالأميرة.

العمد والنبلاء والرجال المسلحون، خرجوا إلى استقبالها عند الحدود. انتظروها ثمانية أيام كاملة على ضفاف نهر إمباخ. كان النهر مبتهجا بالقوارب واللافتات. وعندما جاءت أخيرا، ملأوا الكؤوس والقرون الذهبية بالنبيذ وشراب الميد، وقاموا بالسجود أمامها.

تقبلت صوفيا بلطف تكريمهم، ورافقها حشد رائع من المستقبلين إلى بسكوف. ذهبت أولا إلى كاتدرائية الثالوث المقدس، مع الكاردينال وأصدقائها.

ثم سار موكبها إلى القصر، حيث قدم لها الهدايا، مسؤولي المدينة والنبلاء (البويار) وجميع أهل بسكوف. وقدموا النبيذ والميد واللحوم والطعام والخيول لأصدقائها وخدمها. ولم ينس السفير الذي قام بدور الخاطبة، جون فريازين، أخذ نصيبة الذي بلغ عشرة روبل فضية.

عندما رأت الأميرة صوفيا التكريم، وكيف يستقبلها مواطني بسكوف بحماس، ألقت كلمة رشيقة:

"الآن أنا حريصة على الذهاب في طريقي للقاء سيدي ورئيسكم في موسكو. وأشكركم بما حفوتموني به من تكريم واستقبال عظيم. أشكركم لما قدمتموه من خبز ونبيذ وميد. ومتى أصل إلى موسكو، وتأتي المناسبة، سأراعي دائما باهتمام مصالحكم."

بعد حديثها الودي، ودعت العمدة ومواطني بسكوف، ثم غادرت نوفجورود. أثناء الاحتفال في نوفجورود، عقد الأمير الكبير إيفان، اجتماعا مع والدته وإخوته ونبلائه، بخصوص مراسيم استقبال الأميرة البيزنطية.

حتى الآن، إلى أي مدينة تذهب، تجد الكاردينال أنطونيو يسير أمامها حاملا بيده الصليب الكاثوليكي. قال البعض إن مثل هذه الفضيحة لا ينبغي أن يسمح بها أبدا في موسكو.

وأعاد البعض للأذهان، كيف كانت الديانة الكاثوليكية تعامل أيام الأمير الكبير باسيل الثاني الأعمى والد إيفان. وكيف تم سجن إيزيدور، مطران موسكو عندما كان ينادي بوحدة الكنائس من قبل. مما جعل إيفان يقع في حيرة، ويطلب رأي المطران فيليب، الذي أجاب:

"إنه لأمر مخالف، أن يدخل مثل هذا السفير المدينة مع صليبه، أو حتى يقترب منها. إذا كنت ترغب في تكريمه، فدعه يفعل ذلك.

لكن من جهتي، فإنه إذا دخل المدينة من أحد أبوابها، سأخرج أنا، من بوابة أخرى. إنه لأمر مثير للغضب أن نفكر في مثل هذا الشيء، لأن من يغرق في إيمان زائف، هو معاد لنفسه".

أرسل الأمير الكبير نبيلا لكي يصادر الصليب المشكلة، ويخفيه في زلاجته. كان الكاردينال أنطونيو يميل في البداية للمقاومة، لكنه استسلم بعد ذلك.

في اليوم الأول من ديسمبر عام 1472، دخلت صوفيا موسكو ، وتزوجت على الفور من الأمير الكبير مع احتفال رائع وأبهة كبيرة.

جلبت صوفيا جميع إمكانيات القسطنطينية الرائعة معها. وجاء مع موكبها، رجال الدولة المحنكين، المتعلمين اللاهوتيين، وفنانو الشرق المهرة.

تحت إشراف المهندسين المعماريين اليونانيين والإيطاليين، الذين جاءوا معها، أمر إيفان بإحاطة الكرملين بجدران حجرية بيضاء جديدة صلبة وعالية، يحرسها ثمانية عشر برجا.

وبنى بيترو، من ميلانو، بوابة "مخلصنا"، وبنى إيطالي آخر بوابة "القديس نيكولاس"، الذي ينتقم من شهداء الزور، والذي أمام صورته، تؤدى الأيمان الرسمية.

بناء على طلب إيفان، جاء المهندس المعماري، أرسطو، من بولونيا، المفضل للباباوات والملوك الغربيين، مع ابنه أندرو، براتب شهري قدره عشرة روبلات.

أعاد بناء كاتدرائية العذراء، التي باتت يتوج فيها القياصرة الروس، لمدة أربعمائة سنة قادمة. كان المهندسون المعماريون الروس قد بذلوا الكثير من الجهود لبناء هذه الكنيسة في السابق.

تفقد أرسطو الأعمال في الكاتدرائية. أشاد بنعومة الجدران، ولكن الجير في الأساسات لم يصنع بشكل صحيح. ثم قام باختراع آلة هدم، ساعدته في هدم الجدران التي استغرق بنائها في الماضي ثلاث سنوات، في زمن قياسي. ثم قام بإعادة بناء الأساسات والجدران في أربع سنوات على أسس سليمة.

بعد ذلك، أرسل إيفان إلى جميع مدنه، وإلى جمع المطارنة، ورؤساء الأساقفة، والأساقفة، ورجال الدين، لإقامة خدمة تكريس كبيرة. عدد الشموع المضاءة كان لا يحصى ولا يعد.

الأعمدة المطلية بالذهب الخالص، كانت تعكس توهجا خافتا على صور وجوه القديسين والملائكة، وتبين تفاصيل رسومات "الدينونة الأخيرة" و "نهاية العالم" على الجدران، وتضفي لمعة على الماس والجواهر في الألواح الزجاجية، وتطرد الظلال التي تخيم على أقبيتها الخالية من النوافذ.

أرسطو ، إلى جانب بناء كنائس إيفان، صاغ النقود، واخترع جسرا عائما لاستخدامه في الهجوم على نوفجورود، وصنع المدفع الذي مكنه من قهر الأمراء الأصغر، وأخضع به مدينة كازان.

باولو بوسيو، من جنوة، صنع للأمير البنادق الضخمة، التي ترقد صامتة لحراسة أسوار الكرملين. بعد الانتهاء من إعادة بناء كاتدرائية العذراء، أمر إيفان إيطاليا ببناء قصر حجري له
بسقف مذهب.

كان يسمى بقصر الحجر المقطوع. تم استخدامه بعد ذلك لاستقبال السفراء. الدرج الأحمر، الذي من أعلاه يظهر القياصرة للناس، لا يزال موجودا.

جناح حريم النساء، بسقفه المطلي، قاعة المجلس بسقفها المقبب، والمرسوم علية بالذهب صور قديسين يقومون بحماية إيفان.

إيفان العظيم، من خلال زواجه من الأميرة البيزنطية صوفيا، أصبح وريث أباطرة القسطنطينية، والقياصرة الرومان. لذلك، اتخذ شعار النسر مزدوج الرأسين، رمزا لقوة الإمبراطورية الجديدة. لم تعد روسيا مجموعة مقطعة الأوصال من الإمارات، ولكن إمبراطورية كبيرة يعمل لها ألف حساب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي