الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الجاهزية للتقدّم

حسن مدن

2022 / 7 / 27
المجتمع المدني


هناك من يروج، بحسن أو سوء نية، وإن كنا نرجح الثانية، أن الشعوب العربية ليست جاهزة للديمقراطية، وأنه حتى لو تيسرت لها فرصة انتخاب ممثليها في المجالس النيابية والبلدية وسواها فلن تختار إلا أسوأ العناصر وأكثرها تخلفاً وعداءً للتقدم، لا بل ولفكرة الديمقراطية ذاتها.

ووجد البعض ذلك في مخرجات الانتخابات التي جرت في عدد من البلدان العربية بعد تحولات 2011 وما تلاها، حيث حصدت أحزاب الإسلام السياسي أغلبية المقاعد في البرلمانات، لا بل وكسبت الانتخابات الرئاسية، وهذا أيضاً دليل على أنه ما من خير يرتجى للعملية الديمقراطية في بلدان لم تنضج شعوبها لها.

هذا الزعم بحاجة إلى مناقشة، لا بل وإلى تفنيد.

واقع الحال في بلداننا العربية، وأكاد أقول كلها بدون استثناء، يقول إن الناس تنشد التغيير والتقدم والارتقاء، وليس العكس، والديمقراطية هي أحد أوجه هذا الارتقاء.

ولنمعن النظر في حقيقة أن مزارعاً بسيطاً أو حرفياً أو صاحب بقالة صغيرة أو بائع سمك، يمكن أن يقنن مصروفاته الحياتية جميعها إلى حدها الأدنى كي يؤمن لابنه أو ابنته مقعداً في الجامعة ليدرس الطب أوالهندسة أو الحقوق، ويواصل الصرف عليه، أو عليها حتى التخرج، حين لا تفي الحكومات بواجبها في تأمين التعليم العالي للشباب بالمجان؛ لأن هذا الشخص البسيط يرى أن المستقبل هو للوعي وللعلم، ولأنه يريد أن يحقق أبناؤه ما لم تسمح ظروف فقره في تأمينه لنفسه عندما كان في أعمارهم.

وهؤلاء الناس البسطاء، لكنهم يملكون حساً سليماً بالفطرة، لا يمكن أن يكونوا ضد التقدم حين تتهيأ له السبل أمام ناظريهم، ويمكن أن يثقوا بالديمقراطية كأحد السبل نحو هذا التقدم.

ولكن الديمقراطية ليست هي الانتخابات وحدها، وإنما هي منظومة ثقافة متكاملة يجب تهيئتها، أما أن يترك الحبل على الغارب للقوى المحافظة كي تستحوذ على البسطاء عبر الصناديق الخيرية وأكياس الأرز والسكر، فيما المفروض أن تأمين هذه الحاجات هو من صلب مهام الحكومات لا سواها، وأن يجري التغاضي عن هيمنة هؤلاء على الأذهان، من خلال المنابر الدينية والمناهج الدراسية ومؤسسات التعليم، ثم يقال لنا: انظروا إلى هذا الشعب الجاهل الذي يدفع في الانتخابات بمن هم أعداء العصر والحرية، فتلك لعبة سياسية ممجوجة.

حين دفع الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة بمجلة الأحوال الشخصية التي أنصفت المرأة التونسية، وأطلقت طاقاتها الكبيرة التي كانت محبوسة، أتته نساء تونس، زرافات، يحيينه على ما حققه لهن، ويومها انطلقت أصوات بعض المحافظين معترضة، فقال ما مفاده: لن أترك حفنة من المتحجرين تضلل الناس ليقفوا ضد مصلحتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العقلانية والعلمانية والتنوير
منير كريم ( 2022 / 7 / 27 - 20:01 )
الاستاذ المحترم
كيف يتحقق التقدم والديمقراطية وانا ارى ان ادعياء اليبرالية والماركسيين والقوميين وهم يعطون دورا ايجابيا ووطنيا لقوى الاسلام السياسي
لاتقدم بدون موقف حاسم من المثقفين تجاه العلمانية والتنوير
الاسلام السياسي هو الثورة المضادة وتجارب نصف قرن في البلاد العربية تبين ذلك
شكرا


2 - الديمقراطية تحتاج لقادة ديمقراطيين
لبيب سلطان ( 2022 / 7 / 28 - 05:20 )
السيد الكاتب المحترم
شكرا على هذه الأطلالة الجميلة اردت ان اضيف ان الديمقراطية كأي الية اخرى في تنظيم الحكم و الحياة في المجتمع قابلة للتشويه ومثل العراق واضح حيث تستغل الأسلاموية الديمقراطية للسيطرة على السلطة وقبلها فعل هتلر وغيرهما واكاد اصل لقناعة ان الديمقراطية بدون قادة اجتماعيين يؤمنون بها ويقودون دولهم وفقها هي اداة بيد اعدائها للوصول الى السلطة وهي رغم كون نجاحاتها الباهرة فلها اعداء كثيرون ومنهم من يدعي اليسار كالماركسيين العرب حيث لا تخلوا لهم مقالة الا وذكروا ان الديمقراطية الغربية مزيفة وهم بذلك يصطفون مع الأسلام السياسيي والظلاميين لحرمان مجتمعاتنا من نافذة نجاح الديمقراطية في العالم وهي الليبرالية اي ربطها بالحقوق والحريات ..ولكنها اي الديمقراطية بحاجة لمن يؤمن بها ويطبقها

اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين:




.. تغطية خاصة | إعلام إسرائيلي: الحكومة وافقت على مقترح لوقف إط


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري




.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان