الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية غوندياييف

بارباروسا آكيم

2022 / 7 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ارسل لي أحد الأصدقاء الأعزاء مقالة مع مقطع فيديو وهو يصور لحظة مهاجمة كاهن روسي يدعى
غوندياييف لنظيره الأوكراني بصليب كان يحمله بيده لأن الأخير تكلم عن الغزو الروسي لأوكرانيا
و طلب مني التعليق عن هذا الموضوع و عن طبيعة علاقة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بالرئيس فلاديمير بوتن مطالبا اياي بشرح نظرية هؤلاء في الحكم

طبعا لم ينسى صديقنا أن يضع لمسته الساخرة في الموضوع فيقول : لابد إنه اي _ غوندياييف _ قد كان يكرز للناس قبل أن يهاجم نظيره الأوكراني بأن الصليب رمز المحبة ، و لابد إنه طالب الناس في العضة : أن احبو اعدائكم باركو لاعنيكم و صلوا لأجل الذين يسيئون اليكم

ولكن حينما وصل الأمر لبوتن فقد وضع المحبة جانبا و صار الصليب سلاح من الأسلحة المشرعة للدفاع عن بوتن !

و تعليقي ..

تميزت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وغيرها من الكنائس الأرثوذكسية بميزة ظلت تلازمها من عهد القياصرة وصولا الى بوتن
فهي على عكس الكنيسة الكاثوليكية لم تؤمن بالحكم (الثيوقراطي) أو حكم رجال الكهنوت  _ أي ولاية الفقيه _ كما تسمى باللغة العربية بل لها نظرية أخرى وهي دعم الحكم الفردي العلماني ( الأوتقراطي ) تتلخص في أن الحاكم هو ممثل العناية الإلهية وله واجب الطاعة ، و المفاجئة هي أنهم يطيعون الحاكم أيً كان حتى ولو لم يكن مسيحياً !!

و حينما أقول علماني فأنا أقصد المعنى الكنسي للمصطلح وليس المعنى المتعارف عليه في ميدان العلوم السياسية الحديثة  ، يعني شخص لا يحمل رتبة كهنوتية ، لماذا ؟ لأن الكنيسة الأرثوذكسية ترى بأن السياسة نجاسة و بالتالي لا يجوز للإكليروس التورط في نجاسات العالم الحاضر
بل توكل المهمة لشخص من غير الإكليروس/ الكهنوت حتى يقود مهمة تنظيم حياة الناس و تكون لهذا الشخص واجب الطاعة كونه إختير من الله يعني هو يمثل إرادة الله و ليست مشيئة البشر ، و ليس هذا فقط بل للحاكم الحق في التدخل في بعض القضايا الكنسية !

ومن هنا نستطيع أن نفهم معنى عبارة القيصر رومانوف حينما كان يقدم على اي عمل مهما كان كارثياً : هذه ارادة الله !

يعني هي معكوس نظرية الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى على إنه تم تطوير هذا المفهوم من قبل بعض الملوك في اوروبا لتصل الى نظرية الحق الإلهي في الحكم أي إن الملك هو ممثل الله في الأرض و اعلى سلطة بعد الله وهو بذلك تتفوق صلاحياته على صلاحيات البابا كما هو الحال مع الملك جيمس الأول ملك انكلترا

لذلك حينما كنت أوجه الرسائل للإخوة المسلمين بضرورة الإصلاح الديني كمقدمة للتنوير و من ثم العلمانية فذلك لأنني إنسان قاريء جيد للتاريخ
و كل المراحل التي يعيشونها الآن سبق و أن عاشها قبلهم اولئك الذين قد سبقوهم فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر

قد تكون هناك بعض الاختلافات هنا و هناك و لكن في النهاية كل النماذج الإسلامية في الحكم سواءا الثيوقراطية أو الاوتوقراطية هي نماذج من سبقهم و أن الوصول إلى مجتمع علماني تعددي ديموقراطي يستوجب التعامل مع الحاكم على إنه مجرد بشر أو مجرد موظف و ليس ممثل العناية الإلهية و التعامل مع الدين على إنه إعتقاد شخصي و ليس فلسفة حكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قال
عدلي جندي ( 2022 / 7 / 30 - 16:47 )
تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك
ابن الطاعة تحل عليه البركة
لنا وطن ثان
أوشية الملوك والحكام في القداس
خسارة بلد متعدد المواهب والعلوم رفيعة فنونه وثقافته مثل روسيا أن تقع فريسة طغمة من المتشددين الأرثوذكس وأسيرة مجنون مثل بوتين
تحية عطرة أخي باربا


2 - الصراحه
على سالم ( 2022 / 7 / 30 - 20:58 )
حقيقه اخ باربارو ان كل هذه الاديان والمعتقدات المختلفه ماهى الا بشريه المنشأ وليس لها اى علاقه بالسماء او جبريل او يسوع او كريشنا , الاديان انتشرت بالتوريث عبر الاجيال وبسبب هذا التوريث يجد الفرد نفسه يدافع عنها معتقدا انها الحقيقه الخالصه بسبب انها اصبحت تجرى فى دمه , مايفعله المجرم بوتن هو استحمار واستهبال واستعباط الشعب الروسى المقموع بالحديد والنار من اجل داء التحكم والابتزاز والاستبداد والديكتاتوريه البغيضه


3 - الأخ عدلي الجندي
بارباروسا آكيم ( 2022 / 7 / 30 - 23:33 )
و الله أخي عدلي كنت اريد أن أكتب هذه العبارة بالنص
أطع الأمير ولو أخذ مالك و جلد ظهرك
و تراجعت عن ذلك حتى لا تأخذ المقالة مسار آخر

أما الروس فهم فعلاً شعب رائع بمعنى الكلمة و لهم في كل مجال إبتكاراتهم الخاصة .. من الأدب الروسي الى المطبخ الروسي و قد تركوا بصمة رائعة في كل شيء
فن ، ثقافة ، مسرح ، علوم تطبيقية
محبتي و تقديري


4 - الأخ علي سالم المحترم
بارباروسا آكيم ( 2022 / 7 / 31 - 00:02 )
بالتأكيد أخي علي الأديان بشرية المنشأ و أكبر دليل على بشريتها هو الإختلاف على تفسيرها
فلأننا بشر فلكل منا طريقته بالتفكير ! و على هذا الأساس ظهرت الأديان و الطوائف و المذاهب وظهرت المدارس الفلسفية
و هذا القرد الذي كان يتقافز يوما بين الأشجار و لم يكن يملك الوقت لكي يفكر في شيء أكثر من البقاء و توريث جيناته
قد صار يفكر في وقت لاحق فيما هو ابعد من ذلك حينما بدأ يشعر بالراحة قليلا فصار يطرح اسألة من قبيل من اين اتينا و الى اين نمضي ؟
فبعد أن كان يفكر في كيف يقي نفسه من المفترسين الذين يتربصون به ، صار يفكر بكيف يؤبد نفسه و يبقى مخلدا

تحياتي و تقديري

اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت