الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس والديانة الإبراهيمية الجديدة

محمد عمر عمارة

2022 / 7 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد يكون التحول السياسي والاجتماعي والاقتصادي سهلاً نسبياً على الرغم من أن هكذا تحولات قد تأخذ وقتاً طويلاً لكي تستقر وذلك لخطورتها عندما لا تصيب أهدافها من جهة أو لحديتها بما قد تعمقه من انقسام حول وسائلها وحجمها وزمانها ونتائجها من جهة أخرى، ولكن بنفس الوقت فإن الأصعب والأخطر وأشد حدية هو التحول الديني من دين سماوي إلى دين وضعي كما هو يسمى دين الإبراهيمية الجديد.
لقد ظهرت الإبراهيمية بوصفها دينٌ تقريبي بين الديانات السماوية من جهة، وقبول بمفهوم الديانة الوضعية مسحوباً على مختلف الديانات الوضعية من جهة ثانية، وتحقيقاً لمساواة غير قائمة أصلاً ولا عادلة من جهة ثالثة بين ما هو سماوي ورباني وبين ما زُين للإنسان في أصقاع الأرض من مصادفات، وفلسفات، واعتقادات أفراد أو جماعات لا تستند إلا لأساطير ومعتقدات موروثة لم تثبت صحتها عند مراجعتها في أبسط ظروفها وصورها.
المثير للاهتمام ويدفع بالقارئ والمحلل والمراقب إلى التفكير والاستقراء والبحث هي محاولات تمرير الديانة الإبراهيمية بقيام أحد أبناء قيادة حماس (حركة المقاومة الاسلامية) حازم إسماعيل هنية بتسجيل وافتتاح شركة لاستيراد وبيع المشروبات الروحية في دولة الإمارات العربية، الدولة التي تدين بالإسلام بما يؤكد أن تسجيل وافتتاح هذه الشركة على أرض الإمارات محل ولادة الديانة الإبراهيمية لم يكن إلا أمراً مدبراً ومتفق عليه، وينسجم مع أهداف الديانة الإبراهيمية وتجسيداً لها عبر هذا المشروع التجاري العائد لإبن إسماعيل هنية رئيس حركة حماس الاسلاماوية، وكأن هذا باكورة أعمال الإسلام السياسي.
على طريق تمتين وتمكين حماس وقادتها من الانخراط في الديانة الإبراهيمية الأمريكية الإسرائيلية العربية كان لا بد من مواجهة ردود أفعال الأمة الإسلامية والعربية على ما اقدم عليه نجل اسماعيل هنية ذلك القائد الحمساوي المتلحف بالدين الاسلامي بافتتاح شركة لاستيراد المشروبات الروحية والمتاجرة بها، وهنا انبرى ودون وازع من دين أو وجل الدكتور موسى أبو مرزوق للدفاع عن هذا العمل المرفوض والمستفز لكل المسلمين في أصقاع المعمورة ويقدم فتواه بهذا العمل المحرم شرعاً حيث قال: " لا يوجد تعارض بين المصالح والمبادئ، ولا تفاضل أو وسطية بينهما، فهل هناك مصلحة ونصف مبدأ، أو هناك تغليب المبدأ على المصلحة او العكس؟ الجواب لا، بل يجب تحقيق المصالح وهي غير متعارضة مع المبادئ اصلاً، فحيث تكون المصلحة يكون شرع الله، ولا تصادم بين شرع الله والمبادئ ابتداءً."
على هذا النحو من التصريح الداعم لشركة استيراد المشروبات الروحية التي يملكها حازم إسماعيل هنية فلقد اتضح جلياً مدى ما وصل إليه تواطؤ وتآمر قادة حركة حماس على الدين الإسلامي وإحلال الدعوة الإبراهيمية محل الدعوة المحمدية التي زعمت جماعة الإخوان وربيبتهم حماس حمل لواء نشرها والدفاع عنها، بالعودة إلى إقامة شركة فيتاس لاستيراد المشروبات الروحية والمملوكة لنجل رئيس حركة حماس حازم إسماعيل هنية في الإمارات العربية مركز ومسرح الدعوة للديانة الابراهيمية، وموقف الدفاع والمناصرة الذي قدمه الدكتور موسى أبو مرزوق فقد بان الخيط الأبيض من الأسود من فجر قيام جماعة الإخوان وربيبتهم حركة حماس وأهداف ودور تلك الجماعة ليس على المستوى السياسي فحسب في اخضاع الدين لخدمة أهدافهم ومصالحهم الحزبية، بل تعدى الاخضاع الى استنبات التفاضل ما بين شرع الله ومصالح ومبادئ الجماعة، فكانت لأبي مرزوق الدعوة الإسلامية ومصادرها من القرآن والسنة النبوية محل التفاضل والمساومة عليها بالمصالح. إن تصريح الدكتور أبو مرزوق أخطر ألف مرة من انزلاق حازم هنية بالحرام في استيراد المشروبات الروحية والمتاجرة بها، الدكتور أبو مرزوق تلاعب بشكل مكشوف على الأسس والمبادئ الربانية والمقاصد الشرعية، وتأويل مفهوم شرع الله في مصلحة الناس، هنا تثار أسئلة مباشرة في مفهوم شرع الله، ومفهوم المبدأ، ومفهوم المصلحة، ومفهوم التفاضل، وكذلك الوسطية، فأين يقف دكتور أبو مرزوق كقائد في حماس من شرع الله ومن أعمال حازم هنية، وهل ما صرح به دكتور أبو مرزوق من الإسلام في شيء؟
عودة على التنقيب في تصريح دكتور أبو مرزوق لنعرف أين يقف من الدعوة الإسلامية المحمدية وأنا أعني هذا التحديد مقابل ما يُروَج له فيما اصطلح عليه بالديانة الابراهيمية، ونحن نتحدث عن شركة فيتاس لاستيراد المشروبات الروحية المملوكة لحازم اسماعيل هنية فقد صمم دكتور ابو مرزوق قوام الشرعنة التالية:
• لا يوجد تعارض بين المصالح والمبادئ ولا تفاضل أو وسطية بينهما.
• حيث تكون المصلحة يكون شرع الله.
• لا تصادم بين شرع الله والمبادئ ابتداءً.
في سياق الرد على المحاور الأساسية في تصريح دكتور أبو مرزوق لا بد من تبيان هشاشة تفقهه بالدين ابتداءً، وتناقض معرفته وتفسيراته للمفاهيم، وكذلك تقديمه لمفهوم المصلحة على أنه المتغير المستقل على مفهوم شرع الله باعتباره متغيراً تابعاً، وهذا فيه نفي لشرع الله وتطويع واخضاع لشرع الله لأمر المصلحة وصولاً لاستيراد المشروبات الروحية والمتاجرة بها، فعن أي دين وشرع يتحدث دكتور أبو مرزوق؟!
على وجه العموم فإن المبادئ والقيم هي التي تُكسِب المصالح هويتها ما بين أنها مصالح خير أو أنها شر ومفاسد، وهي التي تُكسِب التصرف وصف المصلحة وهي التي تنزعه عنه، أي أنه لا يعرف التصرف مصلحة أو مفسدة إلا بإخضاعه للمبادئ والقيم المعيارية، لكن ما القول اذا كان التصرف مرتبط بمدى تطبيق شرع الله، أي أن التصرف على اختلافه يخضع إلى ما شرع الله للناس على أنها مصلحتهم وهنا يكمن تفسير القاعدة " شرع الله من مصلحة الناس" ولهذا حرم شرع الله مثلاً على الناس جميعاً أكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير..، وكذلك حرم الخمر والميسر والانصاب والازلام بواقع أنها رجس من عمل الشيطان، وما ذكر الشيطان هنا إلا للتفريق ما بين المصلحة والمفسدة.
المنظور هنا بوضوح أن المبادئ والقيم المعيارية والمصالح ما دامت متعلقة بدور الجماعات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان وربيبتها حماس في الدعوة إلى الله وحماية الدعوة المحمدية، وتثبيت الدين الإسلامي في عقول ونفوس العباد فهي مبادئ وقيم ومصالح دنيوية وضعية صبغتها نفعية كمية مادية منفصلة مستقلة عن دين الله وشرعه، ولا تقوم على أساس من وحدة المصدر وسلامة وحفظ المقاصد الشرعية ( حفظ الدين، والنفس، والعقل، والمال، والنسل)، إن هذا الانفصال يعني فصل الدين عن الدولة وعن الأخلاق وفصل الدين عن الحياة وبعثرة للإيمان والطاعة لحساب الحرام والمعصية في سياق من العلمانية يحارب فيها الدين الاسلامي ممن ادعوا الولاء لدعوته طيلة عقود من الزمن، في الوقت الذي فيه المصالح والمبادئ والقيم هي دينٌ وشريعة وتكاليف يقوم عليها الفرد والمجتمع كما هي افتراضاً الجماعات الإسلامية وعلى رأسها الإخوان وحماس بحكم هويتهم الإسلامية التي التزموا بها منذ ١٩٢٨ ولم يحافظوا عليها وخذلوها عند أول تحول عبثي ديني تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبعض العرب العارية.
السؤال الختامي، كم تبقى لجماعة الإخوان وحركة حماس ليعلنوا ولائهم للديانة الأمريكية الإسرائيلية العربية الجديدة (الإبراهيمية)، أم أن اقامة شركة حازم هنية لاستيراد المشروبات الروحية والمتاجرة بها، وتصريح د. أبو مرزوق هي بوادر حسن النية وتقديم الولاء للديانة الابراهيمية؟
قد يكون القادم أعظم وتتكشف الحقائق وتسقط ورقة التوت عن عوراتهم وحقيقة أنهم مستعربين متأسلمين.
__________
فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah