الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسوء احتجاج سمعته في حياتي: المثقف ينبغي أن يكون فاعلا لا منفعلا

حميد الهاشمي
مختص بعلم الاجتماع

(Hamied Hashimi)

2006 / 9 / 24
المجتمع المدني


طالعتنا الأنباء عن أن مثقّفين عراقيين قد أحرقوا كتبا في شارع المتنبي، بوسط بغداد، وذلك احتجاجاً على منع التجوّل أيام الجمعة. وسوق المتنبي لمن لازال يجهله أو يجهل أهميته، هو سوق متخصصة ببيع الكتب والقرطاسية، يتخذ اسمه من شارع المتنبي الصغير المتفرع من شارع الرشيد في بغداد. وهو بمثابة رئة ثقافية للمثقفين العراقيين، خاصة من ناحية تزويدهم بالكتب التي تباع بأثمان زهيدة. أما يوم الجمعة خاصة فهو بمثابة مهرجان تسوق أسبوعي، حيث تقام مزادات علنية للكثير من الكتب أو سلسلة مؤلفات دفعة واحدة.
أما قرار حظر التجوال، فهو بالتأكيد جاء كأحد ردود الأفعال التي تتخذها السلطات الحكومية في بغداد تجاه تردي الوضع الأمني. ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن هذا القرار بالتأكيد.

لعمري إن هذا الاحتجاج هو أسوء احتجاج اسمعه في حياتي. فهو بمثابة انتحار للمثقف أن يحرق روحه، فالانتحار سلاح العاجزين واليائسين. ولا أظن المثقف كذلك.
فالمثقف يجب أن يكون أداة للتغيير، وفاعلا في مسيرة الحياة لا منفعل.
اغلب الظن أن من قام بهذا العمل هم أما ثلة من العابثين والمحسوبين على الثقافة والمسيئين لها، أو إنهم ثلة من المثقفين فعلا، قد فقدت صوابها إلى هذه الدرجة، وانجرفت بسلوك جمعي، فأخلت " بعصمة " المثقف الذي ينبغي أن يكون آخر من ييأس وآخر من يستسلم، مثلما ينبغي أن يكون أول من يتصدى لقيادة المجتمع، بشتى أساليبه المبتكرة، وان هناك من المثقفين من يرتبط بمجتمعه ارتباطا عضويا على حد قول "غرامشي" أحد رواد المفهوم هذا. والمثقف في لدى ماكس فيبر، هو "المفكر المتميز والمسلح بالبصيرة". وفي مفهوم بارسونز، هو "المفكر المتخصص في أمور الثقافة والفكر المجدد البعيد عن أمور الحياة".
ومن ضمن ما كتب عن المثقف، انه : "هو الذي يضع نظرة شاملة لتغيير المجتمع"، و" المثقف هو الذي يعمل لصالح القطاعات العريضة في المجتمع"، و"المثقف يتميز بان لديه القدرة على النقد الاجتماعي والعلمي".
فلماذا يتخلى عن أدواره ويقف عاجزا؟
إن حرق الكتاب بالنسبة للمثقف، هو بمثابة حرق مؤمن لكتابه المقدس. فهل ارتد المثقف عن عقيدته؟؟
لقد عرف المثقف العراقي بصبره وجلده وقوة تحمله للظروف وجرأته بمواجهتها، ونرجو أن يستمر على هذا المنوال، رغما عن الظروف التي تواجهه، ولعلها تستهدفه بالدرجة الأولى.

فتحية للصامدين من أحبتنا المثقفين أنبياء العصر، وصبرا ثم صبرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين