الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أستنزاف الإنسان المصرى
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
2022 / 8 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لولا العلماء العرب المسلمين لما تقدم الغرب وصنع التكنولوجيا واخترق السماء ووصل إلى الفضاء الكونى الفسيح، هذه العبارة عينة من الإفلاس والجمود الفكرى والركود ووصلت إجتهاداتهم إلى إصابة الحضارة الغربية بالضربة القاضية أى بالإعجاز العلمى، نعم بدلاً من أن يجتهدوا فى كتابة كتب بها نظريات وعلوم تتفوق على الحضارة القذرة التى تستهلك أموالهم وتتركهم متخلفين بالتآمر عليهم، تمسكوا أكثر بالماضى ورجعوا إليه ينهلوا من مئات وآلاف المجلدات التى كتبها بشر تلك العصور، لتكون نماذج يتمثلوا بهم ليعيدوا صناعة الخلافة أو الإماء والسبايا والجزية والأموال من جديد مؤسسة على مناهج وأفكار وعلوم وفلسفات قديمة أنتهى عصرها وليست صالحة لزماننا.
هذه المقدمة تمثل عبقرية الفكر والثقافة المتخلفة التى تستنزف أعمار وطاقات وقدرات ومواهب الإنسان المعاصر، الذى لا ذنب له فى هذا الاستنزاف إلا وقوعه فى مجتمعات أفرادها عاطلون عن التفكير والتجديد وعاجزون عن استثمار عقولهم فى النهوض بواقعهم المتخلف، بل ليس لديهم إيمان بأنفسهم وأنهم قادرون على صناعة حاضرهم بما يتوافق مع الإنجازات العصرية للآخرون ورفض وقبول ما يتفق مع قيمهم ومبادئهم الاخلاقية، إنه الحنين إلى الماضى الذى كانت أداة التفكير فيه هى السيف به يكتسبون الغذاء
من السهل جداً أستنزاف الإنسان المصرى الفطرى المشهور بسرعة البديهة مع الأخلاق الطيبة ليظل متخلفاً بالأموال والتعاليم الوهابية المحظورة فى مسقط رأسها، لكنها فى بلاد المصريين والحضارة بضاعة رائجة يروجها دعاة الدين والسياسة وتأكيدهم الواثق بعلم الله بأن الدين هو الحل، وأن الفشل والتخلف والفقر والضعف وعدم قدرة البلاد العربية كلها على تخطى واقع التخلف إلا نتيجة حتمية من نتائج ترك وأبتعاد المؤمنين عن الله والدين، يعالجون التخلف بتخلف أسوأ وأعظم فى أستمرار نفس الأرضية الفكرية الدينية ليتم تأصيلها فى نفوس الناس أكثر، بل وتشجيع التواكل والتمسك به لأن الله أكد ووعدهم بأن يستجيب لطلباتهم ودعاواهم والمؤمنين مقتنعين بذلك.
عندما يكون الإنسان أسير للفكر والتاريخ الماضى يصبح عجينة لينة يسهل على دعاة الدين تشكيلها وكل من يقع بين أيديهم يكون ضحية يقدم لهم فرض الولاء والطاعة وينفذ أوامرهم بأعتبار أنها آتية من الله، والأسير والضحية من الصعب عليه الفكاك من مجتمع ودستور وبرلمان وحكومة يؤكدان له بأنه يملك الحقيقة ويحكم بها ويعيش فى نعمتها وخيراتها، وبذلك يكون من السهولة أستنزاف العقول وتمرير أية أفكار تخالف المنطق والواقع بأسم الدين والإله، ويسهل أيضاً السيطرة على إرادة الأسرى الضحايا الذين يخشون الخروج على إرادة الله أو عصيانه كما يقنعونهم بذلك أهل العلم والدعوة الدينية.
أصبح أستنزاف الإنسان المصرى دعوة غيبية تستهدف إخضاع العقل للحظر الفكرى والثقافى العلمى وإستبعاده ومنع أستعماله أو تعطيله حتى لا يأتى بالضرر على دعاة الدين، فالخوف من التفكير فى عصرنا الحاضر هى الصفة الغالبة على العقول التى ترفض تخطى عقبات التقدم ومنها الإيمان الدينى، إن خصوم العقل تكاثروا بتكاثر وتناسل الحركات والجماعات الدينية التى تطالب كل مؤمن بتقديم أستقالة عقله فى مقابل تفويض عقل الله أو الدعاة للتفكير بدلاً عنهم، وإضفاء طابع الخصوصية على العقلية التى تخضع خضوعاً تاماً لمن يفكرون مكانهم حتى يقضون على كل مظاهر المعارضة أو الجدل ضدهم، وبذلك يتم أستنزاف الإنسان بتغليب الإيمان الغيبى على سلوكياته وتجاهل ثمار وإنجازات البشر فى صنع الحضارات والتقدم الذى يعيش فيه العالم.
أكثر من مائة مليون مصرى هو تعداد سكان مصر فى وقتنا الحالى توجد على مستوى العالم قوى كثيرة تحاول أستنزاف هؤلاء المصريين وتحجيم إنجازاتهم وثوراتهم وأنظمتهم التعليمية حتى يستمر تخلفهم وتستطيع دولاً أخرى أن تتقدم على حساب قمع الإنسان المصرى مثل السعودية وغيرها الذين يصدرون لمصر الوهابية لتعيش مصر فى التطرف والعنف والتناسل المستمر حتى لا يعصوا الله، وفى كل هذا فوائد كثيرة للدول التى تتقدم على حساب فشل مصر فى تخطى التحديات الكثيرة من الداخل والخارج معاً، والنهاية المؤسفة هى تحويل الإتسان المصرى إلى مفردة عقيمة بالمقارنة بتصعيد سطوة الشخصية البدوية المحصورة فى الأنا الخاصة بهذا الدين أو ذاك.
إن التحالفات العالمية بأسم الدين فى مصر تقوم بها الدول الكبرى وبعض الدول العربية للقضاء على الحكم القائم وتسليم مصر للمصير الذى يقضى على أمال شعبها فى مستقبل مستنير، ويحاولون خنق العقول التى تسعى للهروب من الحصار المفروض عليه من سيطرة التراث والأنساق القديمة على كل مناحى الفكر والثقافة، والغرض منها تبديد وإلغاء أى جهود مبذولة لأستعادة مكانة العقل أو تحرير بعض الفراغات والمساحات من خصوم العقل الكثيرين، ولأن الإنسان المصرى يقف وحيداً أمام تلك التحالفات الإرهابية التى تعمل بكل قوتها لتقصيه عن الحياة العامة والخاصة للمواطن المصرى لتفريغه من القيم والأخلاق الحقيقية التى خلقتها كل الإنسانية وحضاراتها المختلفة، لذلك من الصعب فى وقتنا الراهن أن نسمع أو نشاهد نهضة فى هذا المجتمع الغريب عن أصله المصرى الحقيقى.
الإنسان المصرى بصورة عامة تتصف حياته بالخصوبة لذلك أنتج حضارة وكان إنسان حضارى يسعى لأستخدام ما لديه من قدرات، وخير دليل على قدراته العالية ما تركه لنا من علوم وفنون وأهرامات وغيرها من الرموز الغنية وثراء حياة الإنسان المصرى، لذلك ما نجده ويعيشه المصريون فى المجتمع المصرى المعاصر هى اشياء غريبة عن الشخصية المصرية الحقيقية، تلك الشخصية التى لم تكن عقيمة فى يوم من الأيام بل كانت دائماً تقدم للمجتمع الإنسانى ما يفيده ويحقق خير البشرية، لكننا الآن أمام التحدى الكبير الذى لا يتكلم عنه أحد لأننا أمام أخطار حقيقية تهدد أمن وأمان الشخصية المصرية التى تآكلت بفعل عوامل التعرية البيئية والجغرافية والدينية الغيبية والإدارية التى تحكمت وسيطرت على قرارات الناس وجعلتهم أمام كل مشكلة يقولون: ربنا موجود!!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. حريق ضخم وأضرار جسيمة في كنيس يهودي بأستراليا والشرطة تحقق ف
.. إعادة ترميم كاتدرائية نوتردام في باريس هل تم استخدام رموز شي
.. 107-Al-araf
.. 117-Al-araf
.. #شاهد يهود كنديون يقتحمون مبنى البرلمان ويردّدون شعارات مندّ