الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صور تطبيق الديمقراطية 1 – 4

سعد سوسه

2022 / 8 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ثانياً: الفيتو المتبادل
تتعلق الخاصية الثانية بمبدأ الاعتراض (حق النقض) أو( الفيتو المتبادل) , فبالرغم من أن الائتلاف الواسع يتيح الفرصة لحماية الأقليات السياسية, إلا أنه لا يشكل الضمانة الكاملة والحقيقية لها للدفاع عن وجهة نظرها.
فان عملية اتخاذ القرارات تبقى رهينة مبدأ الأغلبية لذا ينبغي تعضيد خاصية (التحالف الكبير) بمبدأ (الاعتراض أو الفيتو المتبادل) أما بشكل غير رسمي أو تضمينه وثيقة الدستور، وذلك بغية ضمان حماية مختلف مكونات المجتمع المتعدد وعناصره( 37 ) .
فالفيتو المتبادل في الديمقراطية التوافقية يستعمل كحماية إضافية لمصالح الأقليات الحيوية. و يمنح كل مكون ضمانة كاملة للحماية السياسية و هو مرادف لفكرة الأكثرية المتراضية عند جون كالهون التي اعتبرت حماية مصالح الأقلية هدفها الأساسي , فهي تمنح كل مكون القدرة على حماية نفسه , وتضع حقوقه وأمنه في مكان أمن وتحت وصايته الخاصة , ومن دون ذلك فأن النزاعات قد تنشب بين القطاعات أو المكونات المختلفة .
وحق الفيتو يعني حق إجهاض أو عدم السماح بتمرير أي قرار أو تشريع مقترح ولكن في نفس الوقت لا يضمن تمرير أو تبني المشروع ويستخدم للدلالة على الحق في إيقاف تشريع معين أو مجموعة من التشريعات من جانب واحد, ويمكن تقسيمه لنوعان أحدهما مطلق والآخر محدود.
المطلق كما هو الحال في مجلس الأمن الدولي، الذي يمكن الأعضاء الدائمين عرقلة أي قرار يصدر عن المجلس , ومحدود كما هو الحال في العملية التشريعية في الولايات المتحدة، حيث أن لثلثي الأصوات في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ تجاوز حق النقض الفيتو الرئاسي للتشريع . ويستخدم حق الاعتراض في مجلس الأمن على أي قرار يقدم للمجلس دون إبداء أسباب، ويمنح للأعضاء الخمس ألدائمي العضوية في مجلس الأمن، وهم : روسيا، الصين، المملكة المتحدة، فرنسا، الولايات المتحدة.
وهو في واقع الأمر حق (إجهاض) للقرار وليس مجرد اعتراض. إذ يكفي اعتراض أي من هذه الدول الخمس ليتم رفض القرار وعدم تمريره نهائياً. حتى وإن كان مقبولاً للدول الأربعة عشر الأخرى. وقد ساعد حق النقض الفيتو الولايات المتحدة على تقديم أفضل دعم سياسي لإسرائيل وذلك بإفشال إصدار أي قرار من مجلس الأمن يلزم "إسرائيل" بضرورة وقف احتلال الأراضي الفلسطينية أو إيقاف أعمال العنف ضد الشعب الفلسطيني أو إفشال أي قرار يدين إسرائيل باستخدام القوة المفرطة ولاسيما في حرب لبنان 2006 وقـطاع غـزة في نهاية عام 2008 مما أدى ذلك إلى الشك بمصداقية الأمم المتحدة بسبب الفيتو الأمريكي.
وبالرغم من السلبيات التي قد تنجم من استخدام الفيتو المتبادل في الديمقراطية التوافقية مما قد يؤدي إلى استبداد الأقلية إلا إننا نجد ليبهارت يدافع عن هذا المبدأ ولا يعتقد بوجود الخطر منه وذلك للأسباب التالية :
أولا: أن الفيتو هنا هو فيتو متبادل , تستطيع كافة القطاعات (المكونات) الاجتماعية أو السياسية أن تستعمله , والإفراط في استعماله من قبل الأقلية مستبعد لأنه قد ينقلب ضد مصالحها الخاصة أيضا .
ثانيا: أن مجرد كون الفيتو متاحا كسلاح ممكن يمنح شعورا بالأمان يجعل استعماله مستبعدا وأن أعطاء كل قطاع قوة الحماية الذاتية يحول من دون نشوء أي صراع أو نزاع بينها على الغلبة
ثالثا: اعتراف كل قطاع بخطر الطريق المسدود والجمود الذي قد يترتب على الاستعمال غير المحدود للفيتو , إذ يشعر كل قطاع بضرورة تفادي تعطيل عمل الحكومة .
ثالثاً: النسبية
يمثل هذا المبدأ انحرافا مهما عن حكم الأكثرية أيضا, كالفيتو المتبادل، وهو وثيق الصلة بمبدأ الائتلاف الواسع ، ويقوم هذا العنصر أو المبدأ بوظيفتين هامتين.

الأولى : عملية توزيع التعيينات في الإدارات العامة والموارد المالية القليلة على شكل مساعدات حكومية على مختلف القطاعات تتم خلال الطريقة النسبية ، و يمكن مقابلتها بمبدأ الرابح يأخذ كل شيء في حكم الأكثرية غير المقيدة نظرا إلى أن تقسيم (غنائم) الحكم على أصغر عدد ممكن من المشاركين هو احد دوافع تشكيل الائتلاف الأصغر الرابح، لذا فأن قاعدة التوزيع النسبي تجعل الائتلاف الأصغر الرابح اقل ربحية ولذلك اقل إمكانية . فان النسبية بكونها معيارا محايدا وغير منحاز للتوزيع تزيل عددا كبيرا من المشاكل المسببة للانقسامات في عملية صنع القرارات وتخفف بذلك من أعباء الحكم التوافقي .

الوظيفة الثانية : تتصل بعملية صنع القرارات نفسها لان توزيع النفوذ نسبيا في مسائل السياسة لا يمكن أن يضمن إلا إذا تمت المساومة على القرار بمشاركة الجماعات كافة , غير ان النسبية تضيف ارهافا لمفهوم الائتلاف الواسع, فلا يكفي ان تكون جميع القطاعات الهامة ممثلة في اجهزة صنع القرار ، بل يجب ان تكون ممثلة بصورة نسبية ، ومن ذلك ( الصيغة السحرية ) السويسرية لتشكيل المجلس الفيدرالي في صيغة نسبية، وفي النمسا فان الحكومات الائتلافية فيها كانت تشكل بطريقة الائتلافات الواسعة بطريقة تعبر عن القوة الانتخابية لكل من الشريكين في الائتلاف الواسع بأقرب ما يكون إلى الدقة .
ويكمن المقصد من مبدأ قاعدة النسبية (سواء على صعيد النظام الانتخابي ام على أساس تشكيل الحكومة، أم تمثيل مختلف الأطراف على مستوى الوظيفة العمومية) في تجنب استحواذ الفائز على كل شيء (كما هو الحال في الديمقراطية التمثيلية)، ففي الديمقراطية التوافقية ، يساعد مبدأ النسبية على جعل اختيار السياسات نابعا من (حكومة التحالف) وليس من حكومة الأغلبية التي قررتها نتائج صناديق الاقتراع، علما إن (النسبية) هنا تتحقق بطريقتين : أما بالرفع من تمثيل المكونات الصغيرة، أو باعتماد قاعدة المساواة، وفي الحالتين معاً تروم النسبية مضاعفة حماية المجموعات الصغيرة في المجتمع المتعدد ( 38 ) .
مميزات مبدأ التمثيل النسبي:
وتتلخص أهم مميزات نظم التمثيل النسبي بما يلي:
1. تعمل هذه النظم على ترجمة الأصوات إلى مقاعد بشكل دقيق، متفادية بذلك بعض النتائج المترتبة على نظم الأغلبية حيث تعمل هذه النظم على الحد من حصول القطاعات أو المكونات والأحزاب الكبيرة على مقاعد إضافية تفوق نسبتها من أصوات الناخبين، في الوقت الذي تسمح للأقليات الصغيرة الوصول إلى البرلمان من خلال الحصول على أعداد محدودة من أصوات الناخبين.
2. يحفز نظام التمثيل النسبي على قيام الأحزاب السياسية أو تشكيل التجمعات الانتخابية والتحالفات من قبل المرشحين المتقاربين فكرياً لتقديم قوائم من المرشحين للانتخاب. ومن شأن ذلك أن يسهم في إيضاح السياسات والاختلافات الأيديولوجية والقيادية القائمة ضمن مجتمع ما، خاصةً عندما يفتقد ذلك المجتمع لأحزاب سياسية قوية ومتماسكة.
3. يساعد نظام التمثيل النسبي في تقليص وحصر أعداد الأصوات الضائعة أو المهدورة. فعندما تنخفض نسبة الحسم تفضي كافة الأصوات تقريباً إلى انتخاب مرشح ما. مما يزيد من قناعة الناخبين بأهمية المشاركة في العملية الانتخابية، وتزداد القناعة لديهم بأن لأصواتهم تأثير حقيقي من شأنه أن أحداث تغييراً فعلياً في نتائج الانتخاب، مهما كان ذلك التغيير متواضعا وبسيطاً.
4. تساعد نظم التمثيل النسبي أحزاب الأقليات في الحصول على تمثيل لها. فعدا تلك الحالات التي ترتفع فيها نسبة الحسم إلى مستويات غير مقبولة، أو يصغر فيها حجم الدوائر الانتخابية بشكل غير معتاد، يصبح بإمكان أي حزب يحصل على نسبة بسيطة من أصوات الناخبين الحصول على تمثيل له في البرلمان. وهذا ما يحقق مبدأ التعددية والذي يمكن اعتباره أساسياً في استقرار المجتمعات المنقسمة، بالإضافة إلى فوائده المثبتة والمتعلقة بعملية اتخاذ القرارات في الديمقراطيات الراسخة.
5. تعمل هذه النظم على تحفيز الأحزاب السياسية للتوجه إلى أطر واسعة من الناخبين، خارج نطاق الدوائر التي يكثر فيها مؤيديها أو تلك التي تتوقع حصول منافسة أكبر فيها. حيث أن الحافز الحقيقي في ظل نظم التمثيل النسبي يكمن في العمل على الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات، بغض النظر عن مصدر تلك الأصوات. إذ يمكن لكل صوت إضافي، حتى ولو أتى من مواقع يضعف فيها تواجد الحزب، أن يسهم في الحصول على مقعد إضافي.
6. أن مبدأ التمثيل النسبي يساعد في الحد من نمو ما يعرف بالإقطاعيات المحلية. لأنه يمنح الأحزاب والمكونات الاجتماعية الصغيرة فرصة الحصول على بضعة مقاعد، مما يقلل من إمكانية حصول حزب واحد أو مكون اجتماعي معين على كافة مقاعد الدائرة الانتخابية الواحدة. وهو ما تزيد أهميته بالنسبة للأقليات، خاصةً تلك التي لا تتمركز في مواقع جغرافية محددة ومحصورة ولا تملك وسائل بديلة للحصول على تمثيل لها.
7. تسهم هذه النظم في تعزيز مبدأ الشراكة في الحكم بين القطاعات والمجموعات ذات الانتماءات المختلفة. ففي كثير من الديمقراطيات الناشئة تعتبر مسألة الشراكة في الحكم بين الأكثرية العددية للسكان والتي تسيطر على القوة السياسية والأقلية في البلد أمراً لا بد منه وحقيقة لا يمكن تجاهلها. فنظام التمثيل النسبي، ومن خلال إشراك كافة المجموعات في السلطة التشريعية، يوفر فرصة أكبر لاتخاذ القرارات الهامة تحت الضوء وعلى مرأى من أعين العامة وبما يحقق متطلبات شرائح أوسع من المجتمع.
الانتقادات الموجهة لمبدأ التمثيل النسبي.
وعلى الرغم من ايجابيات مبدأ التمثيل النسبي إلا أننا لا يمكن أن نغفل حقيقة وجود بعض الانتقادات التي لا يمكن تجاهلها في معرض الكلام عن هذا النظام, وهذه الانتقادات هي :
1. كلما زاد عدد الكيانات السياسية في إطار التمثيل النسبي كلما زادت صعوبة تشكيل الحكومة، على عكس الحال في نظام الحزبين، حيث يكون احدهما في الحكم والثاني في المعارضة. فنظام التمثيل النسبي يعطي حتى الأحزاب الصغيرة فرصة التأثير أو المشاركة في تشكيل الحكومة وفي اتخاذ قراراتها.فقد يطالب حزب حاصل على ما مجموعه أربع أو خمس مقاعد من مجموع ثلاث مائة وأكثر مقعد على سبيل المثال بالحصول على حقائب وزارية ومناصب سيادية في الحكومة, وفي حال عدم تلبية مطالبيه قد يساهم في عرقلة الحكومة وإنجاز مشاريعها أو قراراتها.
2. أن مشكلة أزالة الحكومة القائمة على أساس التمثيل النسبي أكبر من مشكلة تشكيلها, فكثيراً ما تتحول الأحزاب الحاكمة في مثل هذا النظام الى أحزاب نخب, وتهيمن على الساحة السياسية في المجتمع لامتلاكها المال والنفوذ والتأثير القوي, الذي يجعل من الصعوبة بمكان قيام أحزاب جديدة ومنافسة لها الا بعد فترة زمنية طويلة , فنظام التمثيل النسبي كثيراً ما يصيب الحراك السياسي بالعطب, ولا يسمح بحصول متغيرات جذرية في العملية السياسية .
3. أن نظام التمثيل النسبي يحول دون قيام معارضة فعالة ومؤثرة تساهم وبصورة مباشرة أو غير مباشرة في تصحيح أخطاء العملية السياسية من جهة , وتمارس الدور الرقابي على أداء الحكومة من جهة أخرى . والحكومة التي لا تجد معارضة تقف في وجهها ستكون أكثر حرية في التصرف كما تشاء دون حساب أو رقيب. وفي المقابل سيفقد البرلمان أو أي مجلس تمثيلي آخر القدرة الحقيقية على ممارسة دوره في مراقبة أداء الحكومة أو إسقاطها. وكيف تتكون المعارضة أذا كان الجميع يشترك في الحكومة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا