الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب: شرح ما بعد الطبيعة في ضوء منطق أرسطو: نظرية البرهان الفلسفي عند ابن رشد للباحث يوسف بن عدي

كمال طيرشي

2022 / 8 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قراءة في كتاب: شرح ما بعد الطبيعة في ضوء منطق أرسطو: نظرية البرهان الفلسفي عند ابن رشد
للباحث يوسف بن عدي
باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

من الكتب الهامة التي صدرت مؤخراً عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، كتاب الباحث المغربي الذي حمل عنوان: شرح ما بعد الطبيعة في ضوء منطق أرسطو: نظرية البرهان الفلسفي عند ابن رشد. حاول فيه الباحث الإجابة عن مقاربة إشكالية مركزية متعلقة بالنصوص الأساسية للشارح الأكبر لفلسفة أرسطوطاليس، ابن رشد القرطبي. محاولاً في ذلك البحث والتنقيب في هذه النصوص بُغية تفسيرها وفهمها في اطار علاقتها الغامضة مع المنطق الأرسطي وعلم الميتافيزيقا، وكيف سلكت منحى التواشج والتطور فيما بعد. واستعان الباحث في ذلك بمنج أنالوطيقي تحليلي مع الاستعانة طبعاً بنقد ابستمولوجي ومقارني ليتتبع التحورات التي تنبجس معها المفاهيم ودلالاتها الفلسفية وذلك في إطار عام للفلسفة العربية الإسلامية والفلسفة الوسيطية المسيحية.
استهل الباحث كتابه بالحديث عن مكانة المنطق الأرسطي عند بن رشد، وكيف تعالق بعلم ما بعد الطبيعة، هذه العلاقة التي أكد فيها الباحث أنها لم تكن ميسورة البتة، وطالها الكثير من الغموض، ولعل أول تمظر غوامضي لها مستند أساساً للفظ المنطق في حد ذاته، فضلاً عن حضورها في الفلسفة الأولى. لكن لابد من الاعتراف ههنا بأن الأولوية الكبيرة التي أعطاها بن رشد لدراسة المنطق الأرسطي لم تأت من فراغ، بل كان الهدف الرئيس من وراءها آيديولوجي، وبيداغوجي تعليمي في الآن عينه. حيث لم يعد معه المنطق مجرد آلة للعلم تعصمه من الوقوع في الزلل. بل موضوعاً يتجسد معه الدور الوجودي للأشياء وتموضعها في العالم. واعتبر يوسف بن عدي أن الطريقة التي طرق بها بن رشد تعددية الدلالات والأسماء كمسلك فلسفي خالص، ماهو في الحقيقة إلا طريقة منهجية حاول من خلالها فك طلاسم الكثير من الغموض عن المنطق الأرسطي، على وهاد افتراض نقتدر من خلاله النظر في مقولات المنطق الأرسطي المركيو كالجوهر والماهية والكلي والصورة ...إلخ. وهو تصور فلسفي يتواشج مع المنطق ومابعد الطبيعة بطريقة متوارية.
كما كان اعتماد كتاب المقولات في القول الماورائي لابن رشد تعبيراً عن الترابط الكبير بين التصورات المنطقية والماورائية للفلسفة الأولى، حيث يتضح فيما بعد كيف أصبحت مقولات الجوهر مثلاً. المنعوتة بالأولية والمشار إليها دوماً، في موضع ارتباك ولغط. ومروقاً عن مسلك كتاب المقولات ومنحاه اللوجيقي، نحو تشييدات دلالية جديدة تعمد إلى المراهنة على حفظ الوجود والعالم وسيرورة انتظامه الكلياني. بل الأدهى من كل ذلك يمكننا اعتبار الشارح الأكبر لفلسفة أرسطو لجأ بغية توضيح واستجلاء اسم الجوهر في علم الميتافيزيقا. وصولاً إلى ممارسة التأويل بخصوصه. وبرهان ذلك أننا نجد أنفسنا أمام تمظهر لقسمة الجوهر وفقاً لمايلي: القسمة الرباعية الأولى والثانية في مقالة الزاي، وثانياُ القسمة الثلاثية التي اعتمدها مقالة اللام، وثالثاً من مقالات تفسير الميتافيزيقا.
وبهذا يتوصل الباحث يوسف بن عدي إلى مسلمة أساسية مفادها أن أي تفكر فلسفي نظري في طريقة اعتماد الدياليكتيك والقول الخطابي في الفلسفة الأولى، إنما يسهم في اجلاء الجذور البنيوية المابعد طبيعية للقول المنطقي الخالص، ثم إنه في المقابل من ذلك يضع الواحد منا أمام التباسات ومعوقات تتحجب وراء اعتماد ابن رشد المنطق الأرسطي في القول الماورائي الميتافيزيقي. ودليل ذلك الأكبر أن مثالب الدياليكتيكا هو في كونها منتجة للقول البرهاني، حيث يقتدر الفيلسوف فتح مغالق المقولات المتناقضة والمتباينة في تاريخ الفلسفة برمته. وهذا لا يقف عثرة أمام مشاركة القول الديالكتيكي للقول البرهاني في مواضع معتبرة. بالإضافة إلى رفع الالتباس عنها، مع سلبية جل الأحكام المتعلقة بمكانة الديالكتيك في القول الرشدي عموماً. إذ أن أي نأي عن مناحي توظيف الديالكتيك واستحضاره في النصوص الرشدية ربما يجعل في ذلك تفويتاً صارخاً لأي فرصة نحو التمييز بين الفلسفة والعلم عند ابن رشد.
هذا وعرج الباحث يوسف بن عدي كذلك على التواشج بين السفسطة مع الميتافيزيقا، التي نجد حضوراً جلياً لها في النصوص الرشدية. والتي نظر لها بن عدي بمعانيها المغلوطة وكيفية ايجاد السبل السنحة للمروق عنها، فمن شرائط تحصيل البرهان السعي لتكوين معرفة مكامن المغالطات واللبس التي يميط المعاني والألفاظ، ومن خلال ذلك يمكن الجزم أن منهجية التفصيل الدلالي والعلم بالتباين الاسماني كان بمثابة طريقة رشدية محبذة من لدنه. من حيث اعتبارها منفذ النجدة الأساسي من الوقوع في براثن فوضى المعاني والدلالات والأغاليط.
كما تتضح لنا كذلك أن الواشج الذي يجمع صنعة الخطابة بالعلم الماورائي، كامن في ايضاح مُكنة ضرب الأمثلة لتجويد الحلول وايجاد بعض الاجابات المقنعة للمسائل المبهمة. فعلم الخطابة في القول الرشدي لم تعد البغية من راءها الوصول إلى الاقناع فقط، بل أصبحت كذلك تجسيداً بيناً للتمثيلات والاستعمارات المنتجة للقول الإثباتي البرهاني من طريق تمثيل المسائل الماورائية والابستمية والوجودانية، ولم يُصبح مرمى القول الخطابي هو في الاقناع، كما هو الأمر في المنطق الأرسطي وضوابط اللوجيقية، بل امتد الأمر في الفلسفة الأولى إلى إثارة الظنون ووضع العقل في حالة متزق وحيرة كبيرة. كما أن من المسائل المثيرة التي يعقب عليها الباحث يوسف بن عدي تلك المرتبطة بمشروعية البحث في برهانية الفلسفة، ومدى اعتماد بن رشد على القول الفلسفي في نظر علم الميتافيزيقا. وهذا ما يستوجب منا اكتناه إجابات مقنعة لهذه القضية والتمييز بين البرهان كصناعة منطقية خالصة، وحضورها في الفلسفة الأولى.
كما كان ابن رشد القرطبي في معرض كلامه عن مبدأ عدم التناقض المنطقي، مترنحاً بين التصور المنطقي والنظر الميتافيزيقي، على الرغم من أن الحجة القطعية ههنا لم تكن إلا للمنحى الأنطولوجي الذي يتمظهر في تشييد صرح الوجود من حيث هو موجود في مقالة الجيم. وينضاف إلى جانب ذلك الهاجس الدلالي والمعرغي في اكتناه استقرار المعنى. وعليه يعتقد بن عدي بحقيقة مفادها أن دلالة اسم البرهان في نظر علم الميتافيزيقا، قد تمظهر على شاكلة ظنون في منأى عن دلالة التواطؤ والاشتراك في الاسم، مما قد يشوبه من مقاربات ابستمية وفلسفة كبيرة على شتى العلوم، والشاهد ههنا هو في مدى تحول مفهوم الحد من استنباط ماهية الشي من الفصول والأجناس إلى ايضاح وجود الشيء ومدى صدقه، وأن التمييز في ما يتعلق بمفهوم الحدود سيعمد إلى دفعنا إلى اعتبار القول عند ابن رشد القرطبي كان يتكلم عن نظرية البرهان الفلسفي القائم عل الظنون والتقديم وكذلك التأخير، بالاضافة إلى استراتيجية المنسوب إلى شيء واحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!