الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 88

ضياء الشكرجي

2022 / 8 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا تَدايَنتُم بِدَينٍ إِلى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكتُبوهُ وَليَكتُب بَّينَكُم كاتِبٌ بِالعَدلِ وَلا يأبَ كاتِبٌ أَن يَّكتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَليَكتُب وَليُملِلِ الَّذي عَلَيهِ الحَقُّ وَليَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبخَس مِنهُ شَيئًا فَإِن كانَ الَّذي عَلَيهِ الحَقُّ سَفيهًا أَو ضَعيفًا أَو لا يَستَطيعُ أَن يُّمِلَّ هُوَ فَليُملِل وَلِيُّهُ بِالعَدلِ وَاستَشهِدوا شَهيدَينِ مِن رِّجالِكُم فَإِن لَّم يَكونا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَّامَرَأَتانِ مِمَّن تَرضَونَ مِنَ الشُّهَداءِ أَن تَضِلَّ إِحداهُما فَتُذَكِّرَ إِحداهُمَا الأُخرى وَلا يَأبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعوا وَلا تَسأموا أَن تَكتُبوهُ صَغيرًا أَو كَبيرًا إِلى أَجَلِهِ ذالِكُم أَقسَطُ عِندَ اللهِ وَأَقوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدنى أَلّا تَرتابوا إلّا أَن تَكونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُديرونَها بَينَكُم فَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَلّا تَكتُبوها وَأَشهِدوا إِذا تَبايَعتُم وَلا يُضارَّ كاتِبٌ وَّلا شَهيدٌ وَّإِن تَفعَلوا فَإِنَّهُ فُسوقٌ بِكُم وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ (282)
أهم ما يؤخذ على هذه الآية وشبيهاتها التفصيل فيما لا حاجة للتفصيل فيه، فإذا افترضنا وجود كتاب من الله، فالمنتظر من كتاب الله أن يعطي الخطوط العريضة في العقائد والأحكام والأخلاق، فوسائل ضمان حقوق طرفي الدَّين، قد تكون متغيرة من زمان وآخر، فالمهم تثبيت وجوب أداء الدين، أو عموم العهود والمواثيق والالتزامات، ويكفي تثبيت قيمة أخلاقية في التسامح، لاسيما من الطرف الأقوى تجاه الطرف الأضعف. فهل هناك هذه الضرورة لكل هذه التفاصيل: «إِذا تَدايَنتُم بِدَينٍ إِلى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكتُبوهُ»، ثم «وَليَكتُب بَّينَكُم كاتِبٌ»، ثم أن تكون الكتابة «بِالعَدلِ»، وبعدها «وَلا يأبَ كاتِبٌ أَن يَّكتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ»، ولا ندري ماهي الوسيلة التي علم الله كل كاتب كيف يكتب، الأمر بعبارة «فَليَكتُب»، «وَليُملِلِ الَّذي عَلَيهِ الحَقُّ»، ولا ندري لماذا يجب أن يكون من يملي (وليس من يملل) هو الذي عليه الحق، وليس الذي له الحق، أو بالتوافق بينهما على الصيغة، وهو الأصح، ثم توجيه موعظة أو أمر لا ندري أموجه للذي يملي، أم للذي يكتب، إذ يطلب من هذه أو ذاك «لِيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ»، وبعدها «وَلا يَبخَس مِنهُ شَيئًا»، ثم طرح احتمال «إِن كانَ الَّذي عَلَيهِ الحَقُّ سَفيهًا أَو ضَعيفًا أَو لا يَستَطيعُ أَن يُّمِلَّ هُوَ فَليُملِل وَلِيُّهُ»، وأيضا يجري تأكيد أن يملي ولي الذي عليه الحق «بِالعَدلِ»، ثم «وَاستَشهِدوا شَهيدَينِ»، وبشرط أن يكون الشاهدان «مِن رِّجالِكُم»، ثم يجري التسامح في حال الاضطرار، وليس من قبيل الاختيار، عند عدم توفر شاهدين من الرجال، عندها «إِن لَّم يَكونا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَّامَرَأَتانِ»، ثم أن يكون الشاهدان الرجلان أو الشاهد الرجل والشاهدتان الامرأتان «مِمَّن تَرضَونَ مِنَ الشُّهَداءِ»، ثم تعطي الآية المملة في التفاصيل مبرر أن تكون امرأتان بديلا لرجل كشاهد ثان، بأنه «أَن تَضِلَّ إِحداهُما فَتُذَكِّرَ إِحداهُمَا الأُخرى»، وكأن الضلال أو النسيان من خصوصيات النساء دون الرجال، ثم يتواصل التفصيل بأن «لا يَأبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعوا» للشهادة، وتأكيد على أن «لا تَسأموا أَن تَكتُبوهُ صَغيرًا أَو كَبيرًا» مع تأكيد أن يثبت «إِلى أَجَلِهِ»، وبيان علة كل تلك الأحكام كونها «أَقسَطُ عِندَ اللهِ وَأَقوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدنى أَلّا تَرتابوا»، ويأتي الاستثناء، وكأن الأحكام جاءت لأناس سذّج وأغبياء، ويحتاجون إلى كل هذه التفاصيل، فيجري ذكر الاستثناء «إلّا أَن تَكونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُديرونَها بَينَكُم»، فهنا «لَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَلّا تَكتُبوها»، ولكن «أَشهِدوا إِذا تَبايَعتُم»، مع إن ليس كل معاملة بيع وشراء تحتاج إلى شهود. ثم تأتي وصية أخيرة ألا يؤذى «وَلا يُضارَّ كاتِبٌ وَّلا شَهيدٌ»، ولا يجري ممارسة الضغوط أو التهديد عليهم، ثم تأكيد قبح هذه الأعمال بقول «وَّإِن تَفعَلوا فَإِنَّهُ فُسوقٌ بِكُم». والآن لنشر إلى خطأ لغوي، فالآية تستمعل فعل الإملال بدلا من فعل الإملاء، حيث ذكر الفعل ثلاث مرات في الآية تارة بعبارة «وَليُملِلِ» وثانية بعبارة «أَن يُّمِلَّ» وثالثة بعبارة «فَليُملِل»، في الأولى والثالثة ورد الفعل بصيغة المضارع المجزوم بلام الأمر، والثانية المضارع المنصوب بـ (أَنْ)، وورد الأول والثالث بتفكيك اللامين، والثانية بإدغامهما، بينما الفعل الصحيح هنا ليس (أَمَلَّ/أَملَلَ يُمِلُّ/يُملِلُ إملالاً)، بل (أَملَأ/أَملى يُملِئُ/يُملي إِملاءً).
ثم من أكثر ما حطّت هذه الآية من قيمة المرأة، وهو ما برّر عدّها ناقصة عقل، هو كون قيمة شهادتها نصف قيمة شهادة الرجل، وكأن الرجال يملكون ضعف ما عند النساء، من صدق، ونزاهة، وقوة ذاكرة، وعدم استعداد للخضوع تحت تأثيرات الآخرين، أو الخضوع للعاطفة، بحيث تكون شهادتا امرأتين تعدلان شهادة رجل واحد. فلنتصور أنفسنا في محكمة يشهد فيها شاهدان وشاهدتان، الشاهدان رجلان أميّان أو محدودا الثقافة، وذوا وعي اجتماعي بسيط جدا، ومن النوع الذي يتأثر بعواطفه فينحاز إلى من يحب، حتى لو كان ظالما، وضد من لا يحب، حتى لو كان على حق، أو هما أو أحدهما من النوع الذي يخضع لضغوطات الترهيب أو الترغيب أو الإحراج، أو يكونان من السفلة الساقطين. بينما الشاهدتان امرأتان، كل منهما ذات شهادة أو أكثر من شهادة عليا، وإحداهما أستاذة جامعية، والثانية مُصلحة اجتماعية، وهما ذواتا تجربة اجتماعية طويلة، وتمثلان شخصيتين موضوعيتين، وقويتي الشخصية، لا تخضعان لأي ضغط كان، ومحايدتين، غير مستعدتين للانحياز فيما هو الحق والباطل. وإذا بالقاضي إذا ما تعارضت شهادتا الشاهدتين مع شهادتي الشاهدين، يأخذ بشهادة الرجلين، لأن شهادتي الامرأتين تعدل شهادة رجل واحد، ما لم تأتِ الشاهدتان بامرأتين أخريين تشهدان بما يعضّد شهادتيهما، لتكون شهادتاهما بمنزلة وقيمة شهادتي الشاهدين الرجلين. ربما يقال إن كثيرا من الفقهاء وجدوا تخريجا يخلصهم من تعميم عدّ شهادتي امرأتين بمثابة شهادة رجل واحد. عـلى أي حال هذه الآية بالذات تجعل قيمة المرأة نصف قيمة الرجل في موضوع الشهادة، وهذا ما سنجده في قيمتها تجاه قيمته في الإرث، بينما سنجد قيمتها تنزل إلى ربع قيمته في موضوعة الزوجية. والذي يلاحظ على هذه الآية عندما جعلت امرأتين كشاهدتين بمثابة تعويض عن رجل شاهد واحد، لكن اشترطت مع هذا أن يكون وجود رجل واحد شرطا لصحة الشهادة، فحتى لو سلمنا بعدّ شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، فلم تعط الآية خيار أن تشهد أربع نساء بدلا من رجلين، في حال عدم وجود رجال للشهادة. ام هل نسي المؤلف ذكر هذا الاحتمال، رغم تفصيله فيما لا حاجة للتفصيل فيه، أم لضعفه في الحساب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24