الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التراث المسروق بين الفلسفة اليونانية و الشرق الأدنى القديم رؤية نقدية

بوشعيب بن ايجا
- كاتب و باحث مغربي في الفلسفة و التربية

2022 / 8 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن الباحث في مجال الفكر الفلسفي ، يلاحظ بأن تطور الفلسفة كان رهينا بالانتقال من الخطاب الشفوي و الشعري الى نظام مكتوب و منظم ، و هو اللوغوس . و الذي من خلاله استطاعة الفلسفة كسر حاجز الخرافات ، و الاساطير التي قيدت من الفكر التأملي كل اشكال الوصول الى الحقيقة، لهذا نؤكد على ان نشأة الفلسفة حدث ثقافي كانت وراءه مجموعة من الشروط و العوامل التي تفاعلت من اجل تأسيس هذا الفكر الفلسفي الهائل ، و الذي كان له تأثيره الخاص على الفلسفات الحديثة ، و المعاصرة ، التي إستقت منها مجموعة من النظريات الفلسفية التي غيرت اتجاه الفكر الفلسفي، سواء في الحداثة او ما بعد الحداثة . و قد كان الدافع الى التفلسف هو الكشف عن الحقيقة و القطع مع مختلف الافكار الجاهزة ، و الخطابات التأملية و جعل الخطاب العقلاني هو منبع الابداع الفلسفي كاملا ، و بهذا فإنه من الصعب أن نحدد تاريخا محددا للتفكير الفلسفي طالما أن الكون و الانسان كانا تحت مجهر دراسة مجموعة من الأمم و الشعوب ، لكن هناك جملة من مؤرخي الفكر يذهبون ان اليونان هم المبدعون الاوائل لهذا الصرح العملاق من التفكير الذي هز عقول أوروبا بكاملها ، حيث أثبتوا إنتماءهم الى هذا النمط من التفكير من خلال الابحاث العلمية ، و التأملات الميتافيزيقية التي كانوا يقومون بها ، لاسيما و أنهم كانوا يميلون الى الفكر المجرد و الذي ساعدهم على تنمية مهاراتهم الفكرية ، و الادراكية ، و منها تطور الهندسة النظرية و التي كانت محببة لديهم حيث اشتهروا بالهندسة النظرية ، و قد كانت محببة لا من أجل قيمتها التجريبية و الواقعية بل على العكس من ذلك استعملوها من اجل قيمتها النظرية و العقلية ، و التجريدية لهذا فإن مؤرخ الفكر الفلسفي يعتبر اليونان هي اصل التفلسف ، و التي من خلالها ظهر ما يسمى بالمبدأ الاول ، و الذي يعني ارجاع تعدد ظواهر الكون الى عنصر منظم و مفسر و هو الواحد ، و قد تميز التفلسف في هذه الفترة بكونه كان عقلانيا صرفا ، تميز بنقد الاساطير و الخرافات التي كانت مرتبطة بالآلهة مثل زيوس و افروديت و كل تلك الخطابات التأملية التي تجمد عمل العقل ، و تخوض به في عالم الكلام و النثر الذي لا يقوم على اسس عقلية متينة و في خضم هذا الموضوع يتبدى للذهن سلسلة من الاسئلة التي تجعل طالب الفلسفة و المؤرخ للفكر الفلسفي في حيرة ، هل الافكار اليونانية لها اصالة و ابداع ، ام انها نتيجة خارجة عن عقولهم ، أي تنتسب الى حضارات الشرق الادنى القديم . ربما يمكن القول بأن الفلسفة اصلها يوناني في جميع المذاهب و التيارات ، و لا أثر لحضارات الشرق فيها إلا اذا إستثنينا الجانب و العقيدة الاسطورية ، لهذا فعلى طول الفلسفة كان هناك صراع بين الباحثين على من له حق السبق في انشاء الحكمة و التأمل الفكري الذي كان له دور كبير في تغيير مجموعة من المواضيع و القضايا التي كانت متوجهة الى الانسان ، هذا الاخير الذي غاص في الظواهر المحسوسة فأصبح كائن ميتافيزيقي يبحث في الظواهر الماوراء الطبيعة . لهذا فإن اول ما يعترض الباحث في طريق في حقل الفلسفة هي اصول الفلسفة ، و هل هي يونانية ، ام شرقية و الفكر الفلسفي هو النموذج الاول للحياة الواقعية ، حيث ادرك الباحثون في الدراسات الفيلولوجية للنصوص ، و مدى ارتباط المذاهب الفلسفية و نجد ان عالم الاجتماع اوغست كونت صاحب الفلسفة الوضعية و التي من خلالها قسم في بداية كتابه دروس في الفلسفة الوضعية ، مراحل تطور الفكر البشري و خصوصا المرحلة الميتافيزيقية التي تميزت بالتخلص من اللاهوت و العفاريت الى مرحلة العقل الحدسي ، و استخدام العقل في تفسير ظواهر الطبيعة ، و في سياق متصل نجد انه بالرغم من الآراء التي تنفي دور حضارات الشرق الادنى القديم ، إلا انه أثناء دراسة تاريخ الفلسفة لا بد من استجلاء الدور الذي لعبته الحضارات القديمة لهذا كان من اللازم ان ندرس حكمة الشرق بوعي فلسفي من اجل ازالة الغبار عن بعض النقط الغامضة في التكوين الفلسفي ، و السعي الى الحكمة و الفكر التأملي لذلك لا بد ان نبرز و لو قليلا دور الشرق القديم في نشأة ام العلوم و الفكر الاستدلالي و البرهاني فأي فكر فلسفي لا يتأسس على دراسة المذاهب الفلسفية السابقة سوف يكون ضحلا و بلا قيمة ، و هذا ما يتطلب البحث و التأريخ لما قبل الفلسفة من أجل فهم السيرورة و الدينامية للتطور الفلسفي . فقد إنقسم المؤرخون الى قسمين ، قسم أيد النشأة في بلاد اليونان ، و أكدوا على أن الفلسفة ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد مع طاليس ، هذا الاخير الذي تطور معه الفكر و العقلانية ، و قد ظل هذا الرأي سائدا الى حدود القرن 18 الى أن ظهرت مجموعة من الدراسات على يد كل من جوستاف لوبون ، و بول ماسون و التي كشفت عن وجود درجات من التفلسف في الشرق الادنى القديم غير أن هذا الفكر كان ينقصه الكتابة و التدوين ؛ فمثلا نجد حضارة يهودا و فينيقا لم يكتب لها الاستمرار بسبب فقدان كل الكتابات العلمية و التاريخية ، لاسيما و انهم كانوا يكتبون كل تلك الثقافة على أوراق البردي ، هذه الأخيرة التي تعرضت للإتلاف ، و ذهب معها علم بكامله يجسد الثقافة الفينيقية و الاسرائيلية ، لهذا فلا بد من دراسة حكمة الشرق بوعي فلسفي فمهما كانت المبررات لا بد من اللجوء الى الفكر القديم من أجل فتح الابواب على مصراعيها من خلال إغناء إستقلالية و خصوصية الفلسفة التي اصبحت اليوم تبحث في الامور الميتافيزيقية الخارجة عن المألوف ، لهذا يقول فؤاد زكرياء " لا يتوقف تقدم الفكر البشري في البحث عن حقائق جديدة ، بقدر ما يتمثل في البحث عن حقائق مضت " غير ان أصحاب الموقف اللذين يؤكدون على أن الفلسفة يونانية الإنبثاق فهي مصدر الابداع ، و كان لها الفضل في تركيب العلم الذي من خلاله تألق أفلاطون و أرسطو دون أن ننسى أعظم فيلسوف و الشخصية الأكثر إشكالية في تاريخ الفلسفة ، و الذي كان له تأثير على الفكر الاوروبي بجميع تياراته و مذاهبه المختلفة ، نظروا الى الأفكار الشرقية فوجدوها ساذجة تجسد مجرد قضايا خرافية تفتقر الى العقلانية غير أن هذا مغالطة كبيرة بعيدة كل البعد عن الموضوعية ، ففلاسفة اليونان أنفسهم كانوا يشهدون عدة أساطير متعلقة بالآلهة تحكي عن مغامراتهم ، بالإضافة الى الايمان بتناسخ الارواح ، فالروح تصعد الى النار من أجل أن تتطهر من الذنوب ، ثم تعود لكي تتناسخ في جسد أخر و قد كانت المدرسة الفيتاغورية أبرز ممثلي هذا الاتجاه ، و ذلك عن طريق تأسيس النحلة الاورفية ، و التي تعود الى أورفيوس من الجنوب الشرقي ، و هناك بعض الاعتقادات تصرح بأنها تعود الى الصراع الذي حدث بين ديونيسوس إله الخمر و التايتن 12 ، و هي فرقة دينية تهتم بالقيام بأعمال العبادة و الصلاة و الترتيل ، و الصوم و يعتبر بعض المؤرخون على ان فيتاغورس هو مؤسس مذهب الصوفية ، و في سياق متصل نجد أرسطو في كتاب السياسة يقول الفيتاغوريين ، و ليس فيتاغورس و ذلك نظرا الى الكره الشديد الذي كان يكنه لهم بسبب فلسفتهم التي كانت محتكرة من طرف تلامذتها ، لكن عندما نلاحظ السيرورة التي كان يمشي بها الفيتاغوريون ، إتسمت نوعا ما بالتزمت و كما يقال في علم النفس الانغلاق على الذات ، فالمعرفة تدور بينهم ، و لا تخرج الى الخارج و العالم الواقعي حتى حدث مرة انهم أعدموا رجلا لأنه أخرج حل معادلة من حصار المعبد ، و هذا ما يبين على أنهم كانوا متأثرين بالحضارة المصرية القديمة ، فهذه الأخيرة التي كان التعليم فيها مقتصرا على المعبد فقط و المعرفة لا تخرج وراء أبوابه و قد أحضر فيتاغورس هذه القاعدة أثناء رحلته الى مصر القديمة ، و دراسته على يد الكهنة خصوصا انه قد درس الرياضيات و الذي كان له سبب في نزعته التجريدية لتخيل عالم مثالي يحمل الارقام و المعادلات ، و قد التقى بميلان الذي قدم له دعما ماديا لهذا نقول بفضل الشرق القديم لما وصلت إليه الفلسفة المعاصرة التي أصبح موضوعها يتجاوز اللامعقول دون أن ننسى الفلسفة اليونانية ، و عادة ما يتم نعت الحكمة الشرقية بالأسطورية و الفلسفة اليونانية بالعقلانية ، ففي إعتقادي هذا رأي شائع لأن أغلب الدراسات لا تنتبه الى ظهور مجموعة من الحضارات ( المصرية ، البابلية ، الصينية و الهندية )ة، فيكتفون بإعطاء جواب لا يشفي الغليل و هو الفلسفة معجزة من اليونان ، فكتابات الفلاسفة اليونان بدورها لم تسلم من الأسطورة و لم تكن فكرا خالصا كما يدعي دعاة القطيعة بين الحكمة الاغريقية و الفكر الشرقي القديم ، ففكرة الماء باعتبارها أصل و ذروة التصور الانطولوجي الذي جاء به طاليس لم تكن ذات أصل يوناني بل إستمدها من أسطورة مصرية قديمة ، و هي أسطورة خليقة الأشمونيين التي تؤكد أنه في البدء كان هناك محيط مائي أزلي ظهر منه ما يسمى بالثامون الإلهي ، أي ثامون الاشمونيين ، بالإضافة الى مجموعة من الفلاسفة الذين تأثروا بالشرق الادنى القديم ، مثل هرقليطس صاحب فلسفة الحزن و الشك ، الذي أكد على أن اللوغوس هو متحكم في الكون ، و قال بالنار كمبدأ أول نجده قد تأثر بالديانة الزراديشتية ، ناهيك عن ديمقريطس فيلسوف الذرة الذي يقول " كل شيء بالعرف أما الموجود في الحقيقة فهي الذرات " و هذه الاخيرة متشابهة من حيث المظهر مختلفة من حيث الكم و الكيف ، تأثر هو بدوره بالفيلسوف الهندي كاشيابا الملقب بكانادا الذي قال بفكرة الذرات و يعتقد مؤرخو الفكر أن مذهبه الذري أفضل و أقوى من ديمقريطس ، بالإضافة الى انكسغوراس الذي قال بالإله الواحد ،و هذه الفكرة استمدها من مصر القديمة في عهد أخناتون بإعتباره أول موحد ، و نيفرتيتي بالإضافة الى كسينوفان، لهذا السبب عدت الإنتاجات الفلسفية اليونانية الكبرى ذات جذور عميقة تجلت في الحضارات الشرقية القديمة ، و لهذا يمكن إعتبار كل من بوذا و لاوتسو و كونفوشيوس ، و ناكار و غوتا و كانادا فضلا عن زرادشت من الفلاسفة الذين كان لهم أثر عميق في تاريخ الفلسفة و هذا ما يجعلنا نؤكد على أن الفلسفة اليونانية هي إمتداد للحكمة الشرقية ، و نجد أن كل من شوبنهاور و غوته و تولستوي يعترفون بالجذور المتأصلة للفلسفة في الحكمة الشرقية لذلك كان لا بد من دراسة الشرق القديم بوعي فلسفي يحترم التسلسل الزمني لنشأة الحكمة ، و الاكثر من ذلك يعطي تصورا بيداغوجيا للطالب في حقل الفلسفة عن تكون الفلسفة ، فنحن كمسلمين نختلف في المحطات التاريخية التي مر بها تاريخ الفلسفة الاوروبي منذ نشأتها ، ففي تناولي لهذه المقالة لا بد أن يكون الفكر النقذي في تناول تاريخ هائل إنبثق منه فكر عظيم غمر البشرية كلها ، فالانفتاح على الفكر الفلسفي بدون رؤية نقدية فإنه يخالف الدرس الفلسفي الاول الذي هو إستقلالية التفكير ، و نجد أن جمهور المؤرخ الاوروبي يؤكد أن نشأة الفلسفة هو حدث تاريخي بكونه معجزة و صار اللفظ المتداول هو المعجزة اليونانية ، غير أن المؤرخ الاوروبي يشهد على تغطية تاريخ بكامله ما قبل الفلسفة اليونانية و يحرص على أن يؤكد على أن نشأة الفلسفة ذاتي و داخلي ، فعندما يسئل في التفاصيل و عن الشروط التي أدت الى بناء هذا الصرح الفكري ، لا يجد فيقول معجزة يونانية فهذا التفسير هو تفسير مناقض للعقل مثل الذي يفسر العقل باللاعقل ، و المقصود بالمعجزة اليونانية ذلك الإنبثاق المفاجئ للفكر ، هذا يعني أنها ظهرت من لا شيء ، و نذكر هنا تفسيرا أخر أكثر مغالات و هو التفسير بالعرق مثلما قال كل من جوبينو و ديبور و ارنست رينان ، الذين اكدوا على ان اليونان كان لهم حق السبق في إنشاء الفلسفة لأن عرقهم آري على عكس العرق السامي الذين لم ينتجوا أي فلسفة ، و لهذا فإن كل منتجاتهم إما دين أو شعر ، غير أن نظرية العرق لا يمكن الجزم بها ، حسب الفيلسوف هيغل في كتاب تاريخ الفلسفة حيث يسخر من الاتراك و يقول " إن الاتراك اليوم يقفون على نفس الجغرافية التي كان يقف عليها اليونان ، و بالرغم من ذلك لم ينتجوا فلسفة " و هذا بحد ذاته رد على القول الذي يؤكد على أن العامل الجغرافي لليونان سبب في نشوء الفلسفة و إزدهارها و تطور التفكير العقلاني ، بالإضافة الى هذا نجد ادموند هوسرل صاحب الفينومينولوجيا أي عالم الظواهر و الذي أكد على أن الوعي قصدي يحمل الشيء المفكر فيه، و يرى بأن اوروبا عبارة عن جغرافية ثقافية ظهرت فيها الافكار الفلسفية ، و الظاهر أن مشكلة المفسر لنشأة الفلسفة بالعرق هي مشكلة قاسية على نفسيته ووجدانه ، و التي تقول أن أول فيلسوف كان عربيا و ليس هندو اوروبي ، أي أنه فينيقي ، فالتفسير بالعرق له عدة دواعي تجعل من المؤرخ في حالة حيرة و قلق دائم ، لهذا فالقول بالنشأة الفلسفية إستناد إلى العرق الآري نجد أن إسبارطة كانت تحمل العرق الآري الاصلي، لكن مع ذلك لم تنتج فلسفة ، فهذه الاخيرة لم تنبثق إلا بعد هجرة الايونيين الى أثينا التي لم تكن تحمل فيلسوف قط ، لهذا فأحيانا نجد المفكرون و المؤرخون و الفلاسفة لهم نقطة ضعف فليس كل ما يقال صحيح لذلك كان لزاما إمتلاك مهارة التفكير النقدي من أجل إستجلاء أبعاد التفكير الفلسفي القادر على تكوين شخصية مستقلة فكريا ، فالإستناد الى نظرية العرق الآري لا يعبر عن وعي فلسفي ، فليس مهما عرق الفيلسوف و الدم الذي يجري في عروقه بقدر ما يهم طبيعة التفكير الفلسفي الذي يمتلكه و هل يستفاد منه و صحيح ام خاطئ و باطل ، و ما دمنا قلنا بأن الفلسفة هي يونانية كان من اللازم الإشارة الى السبق الفلسفي الذي طبع تاريخ التطور الفلسفي و هي حضارات الشرق الادنى القديم ، لهذا لا يمكن ان نقول بقدم الفلسفة في الحضارة اليونانية دون ان نخص بالذكر الحضارات الشرقية ، فقط كان هناك خط مثاقفة يربط بينهما ، و يفسر الظاهرة اليونانية باستبعادها سوف تكون مجبرا أن تقول ما يقوله المؤرخ لتاريخ الفكر الفلسفي معبرا عن ضعفه إنها معجزة يونانية ، و السبب أنه لم يستطع البحث في الشروط الخارجية لبزوغ فجر الفلسفة و الحكمة ، فعندما تستبعد الحضارات الاخرى سوف تجد نفسك في دوامة من التفكير العميق ، و الفراغ المعرفي و الوجداني الذي يجعلك لا تلقي إهتمام للفضل الذي كان للحضارات الاخرى في إزدهار الفلسفة ، و لو من زاوية واحدة ألا و هي العلوم و في هذا الصدد يقول جورج سارتون في كتابه تاريخ العلم " متى بدأ العلم ، بدأ العلم عندما عهد الناس حل العديد من معضلات الحياة " و يؤكد المؤرخ جورج جيمس على أن اليونان ليس لهم أي إسهام فلسفي أصيل ، بل هم مجرد ناقلين للمعرفة الفلسفية المصرية القديمة ، لكن بالرغم من ذلك نجد مغالات في هذا الكلام ، فلا يمكن أن تكون كل الفلسفة شرقية الاصل ففي هذه النقطة نوع من الظلم و الانكار للفضل اليوناني في بروز الفلسفة من جهة اخرى فإذا كان التأكيد على أن الفلسفة تراث مسروق من الشرق الادنى القديم من طرف اليونان ، فأين هو مفتاح الإضافة في الفكر اليوناني . إذن فالفلسفة في اصلها هي محطة نزاع و صراع بين المؤرخين و الفلاسفة و المفكرين و الذين من خلال تضارب مواقفهم يبرزون الاهمية الكبرى للعقل الفلسفي الذي من خلاله أصبح الإنسان يعي نفسه ، و يعمل على سبر أغوار الوجود بكل مشكلاته الميتافيزيقية ، و عليه فإن الفلسفة حدث تاريخي كبير لم يسبق له مثيل تساعد على إستجلاء القضايا الإنسانية ، و العمل على حلها من جميع الطرق ، و نحن نؤكد من جهتنا على أنه ما دامت الفلسفة تعتمد على البرهان و الاستدلال و العقل ، فإنها يونانية ، و إن كان هناك تأثر بالشرق الادنى القديم و بأفكاره التي ساعدت على تكوين هذه المادة المعرفية الهائلة ، و الاكثر من ذلك لم يكن هذا الموضوع إلا لنبين أن المؤرخين ليسوا دائما على حق فيما يتعلق بالتأريخ للفلسفة ، و لهذا كان من الضروري التسلح بمبادئ الفكر النقدي في المعرفة الفلسفية تجنبا لكل تظليل ، و الأخذ بعين الاعتبار صحة المعلومة الفلسفية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا، أي تداعيات لها؟| المسائية


.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات جديدة على إيران




.. لماذا أجلت إسرائيل ردها على الهجوم الإيراني؟ • فرانس 24


.. مواطن يهاجم رئيسة المفوضية الأوروبية: دماء أطفال غزة على يدك




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا الحربية أغارت على بنى تحتية ومبان