الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة تأمل ما بين روما وبيزانطة

عيسى بن ضيف الله حداد

2022 / 8 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


من أوراقي: وقفة تأمل ما بين روما وبيزانطة
رؤيتي في التاريخ- لا شيء يأتي دونما قبله، ثمة ثلاثية انطلق منها تفرض ذاتها، التواصل لا التفاصل، مع وجود المفاصل، المفاصل تغير المجرى لا تمحوه بكليته، تعلن عن عالمه، يجدد في مرآته.. وهكذا..
في أوائل العصر البيزنطي، تركزت السياسة الإمبراطورية، في محاولة المحافظة على السيادة المباشرة على أملاك الدولة الرومانية، ثم تطورت هذه السياسة في الفترتين المتوسطة والمتأخرة من العصر البيزنطي، فأضحى اهتمامها موجها إلى الاحتفاظ بالسيادة الاسمية .
مهما حرصت الدولة البيزنطية على صلتها بروما القديمة، وازداد تعلقها بالتراث الروماني، ففي الواقع أخذت الدولة البيزنطية تبتعد بالتدريج عما كان للعالم الروماني من خصائص ومميزات إذ تغلبت في الدولة البيزنطية الحضارة واللغة اليونانية، وازداد تأثير الكنيسة اليونانية في الحياة البيزنطية. وما حدث من تطور هو جديد في أبعاده ومسار عالمه..
كرؤية: هناك فرق نوعي ما بين روما وبيزنطا، وما الادعاء البيزنطي بكونهم استمرار تاريخي كلي لروما، وما هو سوى التقاط لمشروعية تاريخية، توارت تدريجياً كواقع وتقاليد وثقافة. وأكبر دليل هو تغير اللغة التي لم تعد هي ذاتها، إذ أصبحت إغريقية أو أكثر صلة بها، وحتى من جانب المسيحية، فروما لم تتبناها بشكل كلي، إذ كانت عملياً بين أخذ ورد، وحتى قسطنطين بحد ذاته، حين قد أعلن تبنيه لها – إن جرى – فقد كان على مرقد الموت.. ؟
ومن جانب آخر في المنطقة الجغرافية التي نمت فيها بيزنطا، كان فيها تنوع وتعدد إثني واسع المدى..
وهناك ظاهرة واضحة، نلتقطها بالمقارنة بين بيزنطا وروما، ففي روما، بعد سقوطها في يد الجرمان، استعادت روما أصلها الروماني في العصر الحديث عبر إيطاليا.,.
في حين بعد سقوط عاصمة بيزنطا في يد العثمانيين، زالت بيزنطا وأصبح مجالها عثمانياً وبعده تركياً، وهذا يؤكد هشاشة رومانية بيزنطا إذ قد راحت مع الريح..
نظرة في الإثنيات واللغات ومجرى طبقات التاريخ في بيزنطة.
تضمنت الأناضول اللغات الرئيسية القديمة: الحيثية واللوية والليدية، في حين تضمنت اللغات المحلية الأخرى، غير الموثقة جيدًا، الفريجية والميسية. كما قد جرى التحدث باللغات الحورو- أورارتية في مملكة ميتاني الجنوبية الشرقية، بينما جرى التحدث باللغة الغلاطية، وهي لغة قلطية في غلاطية وسط الأناضول.
وحينما قد تدهورت حضارة الإمبراطورية الحيثية ظهرت الكثير من المستعمرات اليونانية على السواحل، وبهذا اتصلوا بمدن منها طروادة وفريجيا وليديا.. ولما جاء الإسكندر الأكبر، قام بدمج اقليم آسيا الوسطى في إمبراطوريته، وبعد وفاته قسمت إلى دويلات صغيرة إلى أن أتى الرومان من جديد ووحدوها تحت دولة واحدة وذلك قبل الفتح الإسلامي لها. ومع ذلك بقيت بين حين وحين في ظل هجوم مستمر.
واستطاعت الدولة العربية الأموية فتح مناطقها الوسطى، ولما جاءت الدولة العثمانية احتلت معظمها وجعلتها مركز الخلافة الإسلامية.
بدأ تتريك الأناضول تحت حكم الإمبراطورية السلجوقية في أواخر القرن الحادي عشر، واستمر تحت حكم الإمبراطورية العثمانية بين أواخر القرن الثالث عشر وأوائل القرن العشرين، وما زال مستمرًا تحت حكم الجمهورية التركية الحالية.
ورغم ذلك، ما تزال الأقليات في الأناضول تتحدث بلغات مختلفة غير تركية، تشمل الكردية، والآرامية الجديدة، والأرمنية، والعربية، واللازية، والجورجية واليونانية. وشملت الشعوب القديمة الأخرى في المنطقة الغلاطيون، والحوريون، والآشوريون، والهاتيون، والكيميريون، وأيضًا الأيونيون والدوريون واليونانيون الأيوليكيون.
ما بين سقوط روما وسقوط بيزنطا
يكاد يكون السقوط متماثل، ففي الوقت الذي سقطت روما أمام غزوات القبائل الجرمانية المتتالية، تسقط بيزنطا أمام الهجمات العربية الإسلامية وما تلاها من هجمات السلاجقة والعثمانية الإسلامية..
والمفارقة: ولعل ما يثير الدهشة أن يصبح سقوط المدن، يترافق معه سقوط الإمبراطوريات، وحتى ظهور أكثر من مرة اسم قسطنطين في كلا الحدثين الروماني والبزنطي..
فهل يكون اسم قسطنطين الأول قد فتح الباب لحدث سقوط روما من قبل من جاء بعده، في حين راح يبني إمبراطوريته البيزنطية على وقع من بناء قسطنطينته، تلك المدينة التي ما فتأت على مدى إحدى عشر قرنا ونيف تدير إمبراطوريتها..
والمفارقة الأخرى تعلن عن ذاتها، بكون قسطنطين الكبير، قد افتتح مدينته قسطنطينية في الحادي عشر من أيار 330 م، وأنها قد سقطت في ذات اليوم (11 من أيار ) في عهد قسطنطين الحادي عشر عام 1453 م. (المفارقة الأخيرة، مستمدة من الإمبراطورية البيزنطية وحضارتها/ من محمود سعيد عمران)
فمن قسطنطين الكبير إلى قسطنطين الحادي عشر وألف عام بينهما، تحولت في نهايته الإمبراطورية البيزنطية لتصبح عثمانية على يد محمد الفاتح في الشهر ذاته.. فما أسرع ما تتهاوى فيها الإمبراطوريات، كما يظهره التاريخ..
في قول لي أظنه صائب وجرئ:
لولا الإسلام لما تأسست الإمبراطورية العثمانية، ولا الدولة التركية الحالية.. وربما قد عبرت عن ذاتها بدويلات يختلط فيها القديم بالحديث..
أجل إنه الإسلام الذي قد تشكًل في ظله المفصل، الذي مزج القديم بالوسيط وفي الحديث، وهو ما نراه قد حصل.. وصان لتركيا تراثها.. فلتاريخ كلمته التي يفرضها على البشر. !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة