الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة في الحوا ر الوطني الجاري في سوريا وجهة نظر كردية

فيصل يوسف

2003 / 5 / 26
القضية الكردية


 – سوريا

ثمة إجماع بين مختلف القوى الوطنية ، وفي جميع المراحل سابقا،ً وحاضراً، ولاحقا ً ، على أهمية تمتين الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية ، لكن هناك  اختلافات جوهرية في رؤوى تلك القوى والفصائل عامة  حول سبل تحقيقها ، فحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم ومعه سائر أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية يعتمدون إيديولوجيتهم كتعبير وحيد لتعزيز الوحدة الوطنية (( وإن خفت حدتها في السنوات الأخيرة )) ولا يعترفون بأي وجود لغير العرب في سوريا ، ولا بالرأي الآخر، وهذا مكرس في الدستور القائم في البلاد ووثائق الجبهة الوطنية التقدمية .
والقوى والفصائل الوطنية الأخرى ((باستثناء الأكراد )) فلا يختلفون  كثيرا في رؤيتهم بهذا الخصوص  عن القوى السلطوية إيديولوجيا سوى نقطة وحيدةوهي  المطالبة بما يسمح لهم المشاركة السياسية عبر المطالب الديمقراطية المعروفة دون حاجة إلى إعادة ذكرها   وهم بدورهم لا يقرون بغير العنصر العربي في إطار الهوية السورية .!!!
أما الحركة السياسية الكردية السورية، ومنذ نشأتها، فقد  عملت على إنجاز الوحدة الوطنية وتعزيزها، وإزالة كل ما يعرقل مثل هذا الهدف، والبحث عن السبل الكفيلة بذلك، ، فلا أسمى، ولا افضل منه، ووفق هذه الرؤية طالب أول تنظيم كردي نشأ في سوريا عام1957،  بإيجاد حل للقضية الكردية ، فقد جاء في برنامجه، وبالحرف (( عندما يتحرر بلدنا سوريا من النفوذ الاستعماري وتنتهي التدخلات الأجنبية في شؤونه الداخلية عندها سيطالب حزبنا بإيجاد وضع خاص لـ /400/ ألف كردي يعيشون في الجزيرة وجبل الأكراد وعين العرب من أجل منحهم حقوقهم القومية والسياسية والثقافية والاجتماعية )) .إلا أن المواطنين الأكراد، ومنذ ذلك التاريخ ،لم يجنوا سوى المزيد من السياسات التميزية، والحرمان من حقوقهم القومية والإنسانية 
لقد ترجم الحزب مبادئه في الساحة الوطنية وأضحى رافداً قوياً للحركة الديمقراطية في البلاد بوجه عام ، وجابه الأفكار الشوفينية والدسائس التي هدفت لزرع الفتنة بين المواطنين بالحكمة وبعد النظر ، آخذاً بالاعتبار ضرورة  التآخي الوطني فيما بين مختلف فئات الشعب السوري ، وبيان الآثار الضارة للسياسات التمييزية المقيتة على الوطن والمواطن، مقدرة لمسؤولياتها الوطنية، وحرصها   على الوقوف في وجه التحديات الخارجية، والداخلية،  بالترابط الوثيق مع نضال مجمل القوى الوطنية والديمقراطية داخل البلاد، وفق قناعة راسخة، بأن مسألة المواطنين الأكراد المتمثلة في رفع الظلم عنهم، وتأمين حقوقهم القومية، هو شأن يهم كل فصيل وطني ،يعمل من أجل تقدم البلاد وازدهاره ، واستكمال تحرره وتطوره الاقتصادي، والاجتماعي ، ذلك لأن الشعب الكردي يشكل جزءاً لا يتجزأ من المجتمع السوري ، بحيث لا يمكن لأي حريص على وحدة الصف الوطني معالجة القضايا التي من شأنها تقدم البلاد وتجاهل الحلول المنصفة لما يتعرض لـه الأكراد من غبن وحرمان من حقوقهم ، ولأن قضية أي مواطن هو قضية وطنية وعلى الجميع التصدي لها بما يملي عليهم الواجب الوطني بكل موضوعية 0

 وعلى الرغم من الانقسامات التي أصابت الحركة الكردية لأسباب عديدة لا مجال لذكرها هنا، وعلى الرغم من  الغبن المزمن والمتصاعد بحق  أبناء الشعب الكردي في سوريا طيلة السنوات المنصرمة ، إلا أنها بقيت مؤمنة بالحل الديمقراطي في الإطار الوطني العام ، حيث جاء في مقدمة الفقرة الأولى من برنامج التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا (( أن الحركة الوطنية الكردية في سوريا جزء من الحركة الوطنية الديمقراطية والتقدمية في البلاد وهي حركة وطنية وديمقراطية معادية للعنصرية والتمييز بين المواطنين بسبب الانتماء القومي أو الدين أو المذهب وهي تناضل من أجل حل المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والابتعاد عن المواقف القومية الضيقة والانعزالية وأن الحركة الوطنية الديمقراطية في البلاد مطالبة بأن تتجاوز سياسة تجاهل واقع وجود الشعب الكردي وقضيته القومية وعليها أن تتصدى لمسؤولياتها بحزم ومبدئية )) .
 ولقد بادرت أصوات كثيرة من بين القوى الوطنية في البلاد مؤخرا  بالدعوة إلى مؤتمرات للحوار الوطني في مواجهة التحديات الراهنة ، حيث سبق ان  دعت الحركة  السياسية الكردية إلى مثلها دوما ، في مواجهة العثرات، والصعاب التي تعترض توسيع وتمتين الوحدة الوطنية ،  و عرضت مفاهيمها وبرنامجها السياسي على مجمل القوى الوطنية داخل السلطة وخارجها ، بغية العمل معاً من أجل إيجاد الحلول المناسبة لقضايا البلاد، ومنها معاناة وحرمان الأكراد من  حقوقهم، وكان اخرها ما أكد عليه  المجلس العام للتحالف الديمقراطي الكردي في اجتماعه بأواسط نيسان المنصرم  واصدر بلاغا بهذا الشان ، إلا أنه لم يلمس من القوى الوطنية في البلاد حتى الآن التجاوب المطلوب ، لاعتبارات ربما تكون أيديولوجية   قومية لا تعترف بالحالة الكردية كجزء من الهوية الوطنية  السورية ، والأدهى من كل ذلك،  أن بعضهم يطالب الأكراد  بالعمل من أجل الديمقراطية دون ذكر لحقوقهم،  لأن من شأنه تحسين أوضاعهم مستقبلاً ،متناسين أسبقية الاعتراف بالحقوق لأية حالة ديمقراطية .
لم يكن الأكراد في يوم من الأيام معادين للنظام منطلقين بذلك من اعتبارات عديدة  بل كانوا معارضين أشداء للسياسات الشوفينية المتبعة بحقهم و كذلك الممارسات القمعية على جميع المواطنين دون تفريق ، منخرطين في لجة النضال الوطني من أجل التحولات الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز استقلال الوطن، واسترجاع أراضيه المحتلة، وإشاعة الحياة الديمقراطية في البلاد، وإطلاق الحريات العامة، واحترام حقوق الإنسان، وإلغاء القوانين الاستثنائية، وإصدار قانون لتنظيم الأحزاب، وحرية الصحافة، وغير ذلك، مما يكفل  إرساء دعائم المجتمع المدني ،وإزالة الاضطهاد القومي عن كاهل الأكراد، وتأمين حقوقهم القومية، والديمقراطية، والإصلاح الاقتصادي، وإطلاق سراح سجناء الرأي في البلاد جميعاً ...
في المقابل لم تعمد السلطة حتى الآن إلى إلغاء سياسة تمييزية واحدة بحق الأكراد، بل زادت من وتيرتها من خلال  فصل الطلبة الأكراد من المعاهد،  و القيام بحملات التعريب في المناطق الكردية،  وإبقاء  مئات الآلاف منهم  مجردين من جنسيتهم ،واستمرار حملات الاعتقال بحق نشطاءهم ،.. والقوى الوطنية خارج السلطة غير آبهة بما يحصل لمواطنيهم الأكراد من ظلم وإجحاف وعندما   تتدارس هذه القوى وضعهم  فبكل خجل وحياء خوفاً من الإخلال ((بالمحرمات    )) ؟!! وخرق الأطر  والبعض منهم يدعي جهله بأحوالهم !!!؟؟؟00000 .
وبينما  أكدت الحركة السياسية الكردية على المطالب الديمقراطية في جميع نداءاتها، ومذكراتها ،وبإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في سجون  البلاد، فان الفصائل الوطنية السورية الأخرى ، لم تعر اهتماماً حتى  للمعتقلين السياسيين الأكراد ، بل اكتفت بالعشرة الأفاضل(0مع شديد احترامنا  وتقديرنا لهم) سجناء  مرحلة ما سمي بربيع دمشق ، فالمناضل نوح أحمد بقي ثلاث سنوات في وراء القضبان  بسبب قصيدة شعرية يعتز فيها بهويته السورية الكردية !! ، والمناضل إبراهيم نعسان  ما زال في غياهب  السجن دون معرفة أي سبب لإدانته  ، والمناضل أحمد قاسم ما زال معتقلاً منذ ستة أشهر مودعا في السجن  وأهله محرومون من اللقاء به بسبب ضبطه وهو يحمل  جريدة كردية تدعو لتعزيز الوحدة الوطنية ، أخيراً وليس آخراً لا ننسى  اعتقال المناضلين حسن صالح ومروان عثمان لمطالبتهم بإلغاء السياسات التمييزية، بحق المواطنين الأكراد، والاعتراف بهويتهم الثقافية، في اعتصام سلمي، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان قبالة مجلس الشعب السوري بدمشق   .
لا شك أن المعتقلين السياسيين الأكراد معتقلو رأي وليس من الإنصاف استثناءهم من بين عداد مناضلي الحرية والديمقراطية ، وانه لابد من   إدراج قضايا المواطنين جميعاً على أجندة كل من يهمه تعزيز مكانة البلاد بالمصارحة، والاستفادة من تجارب الماضي، والتخلص من العقلية الشوفينية، والتعصب الإيديولوجي ، فهذا وسواه لا يصلح للأيام القادمة، بل البحث عن كيفية تعزيز مشاركة المواطنين جميعا في القرارات التي تقوي الشعور بالمواطنة للدفاع عن الوطن عندما يملي الواجب ذلك ، ونبذ التشكيك والتخوين بحق الآخرين .وقد كان ملفتا أن  بعضا من  الأقلام السورية وفي الاونة الأخيرة   أشارت للاثنيات في داخل الوطن ولكن للأسف ضرورة الحذر منهم  حتى لا يستخدموا من قبل القوى الخارجية وكأن هولاء الاثنيات  اقل شعورا وولاء للوطن من غيرهم من المواطنين!!!
يقيناً أن نقاط الالتقاء بين جميع الفصائل الوطنية أكبر بكثير من نقاط الخلاف في تناولها للشأن العام، وأنه لمن الأهمية الأخذ بالاعتبار برامج القوى السياسية المؤتلفة واستنباط المشترك منها مثل برامج (( التجمع الوطني – التحالف الديمقراطي الكردي – لجان إحياء المجتمع المدني - الجبهة الوطنية التقدمية -الميثاق الوطني  )) لإعداد مسودة مشروع لعمل وطني، على أن يبادر كل من جانبه الى  التواصل، والحوار، لا الانتظار في عصر الزمن السريع والمتسارع وبقطاراته التي لا تقف طويلاً في المحطات .
 بقي ان لاينسىاحد ان الوحدة الوطنية هي بمقدار ترسيخها  بأسس صحيحة من الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة أمام القانون، لابالاقوال النظرية، وان أي وحدة لاتاخذ بالاعتبار مجمل عناصرها ،سوف  لن تعطي النتائج المرجوة ،وستبقي المعادلة دون حل0 ومن نافل القول التأكيد  ان الأكراد السوريين يعتزون بهويتهم الوطنية، ويضعونها في مقدمة أولوياتهم، وان من مصلحتهم تعزيز وتكريس المبادئ الصحيحة لمفهوم المواطنة، وحقوقها ، و  بأنهم ليسوا ضيوفا، أو مهاجرين، كما يحلو لبعض من المتزمتين قول ذلك 00!!  بل انهم خير من يعبرون عن الأصالة الوطنية في بلادهم سوريا، وهم لا يضمرون إلا العداء لاعداءهاوالتشبث بحقوقهم في إطارها 
22-5-2003

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد اعتقال المحامية سنية الدهماني بالقوة.. محامو تونس يضربون


.. اعتقالات وإعفاءات في تونس بسبب العلم التونسي




.. تونس– اعتقالات وتوقيف بحق محامين وإعلاميين


.. العالم الليلة | قصف إسرائيلي على شمال غزة.. وترمب يتعهد بطرد




.. ترمب يواصل تصريحاته الصادمة بشأن المهاجرين غير الشرعيين