الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 90

ضياء الشكرجي

2022 / 8 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سورة آل عمران - سورة 3 - عدد آياتها 200
بِاسمِ اللهِ الرَّحمانِ الرَّحيمِ
أَلِف لام مّيم (1) اللهُ لا إِلاهَ إِلّا هُوَ الحَيُّ القَيّومُ (2)
لا شغل لنا بالحروف المتقطعة التي تبدأ بها هذه السورة وعدد من سور القرآن، ولا ينبغي أن نشغل أنفسنا بما ذهب إليه المفسرون. فالحكيم لا يخطاب مخاطَبيه بالألغاز والطلاسم. أما الآية الثانية فهي تؤكد مبدأ التوحيد الذي يقوم عليه الإسلام، ثم تذكر الله باثنتين من صفاته، أو ما يسمى بأسمائه الحسنى، فهو متصف بالحياة، وبكل تأكيد إن حياة واجب الوجود المتنزه عن المادة هي غير حياة الكائنات الحية الأخرى، كما تصفه الآية بالقَيّوم وهو اسم مشتق من القيام ومصوغ بصيغة المبالغة لاسم الفاعل (قائم) على وزن (فَعّول)، وتعني قيمومته على كل ما خلقه من أكوان ومخلوقات حية وغير حية، واعية وغير واعية.
نَزَّلَ عَلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِّما بَينَ يَدَيهِ وَأَنزَلَ التَّوراةَ وَالإِنجيلَ (3) مِن قَبلُ هُدًى لِّلنّاسِ وَأَنزَلَ الفُرقانَ إِنَّ الَّذينَ كَفَروا بِآياتِ اللهِ لَهُم عَذابٌ شَديدٌ وَّاللهُ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ (4)
وهنا شهادة مفترضة من الله لنبيه أنه هو الذي نزل عليه الكتاب، أي القرآن، وأن تنزيله إياه عليه هو تنزيل بالحق، وهي كلمة زائدة، فإذا كان الكتاب منزلا من الله، فبلا شك يجب أن يكون هذا حاصلا بالحق، إذ لا يصدر الباطل من الله. ولكننا إذا علمنا أن القرآن هو ليس كلام الله بل كلام محمد، فتعني الشهادة هنا شهادة ذاتية، وشهادة مدَّعٍ على صدق ادعائه لا يؤخذ به عادة، ولذا يجب أن يكون الدليل غير ادعاء المدعي وشهادته لنفسه على صدق ادعائه. أما كون القرآن جاء مصدقا لما قبله من توراة وإنجيل، فهذا غير صحيح، لأن القرآن يفترض وجود توراة حقيقية وإنجيل حقيقي، هما غير التوراة التي بين أيدي اليهود وغير الإنجيل الذي بين أيدي المسيحيين، لأن القرآن يقول بأن اللذان بين أيديهم هما كتابان محرفان ولا يمثلان التوراة والإنجيل اللذين يعتقد أن الله أنزلهما على موسى وعيسى. ولا نريد الاستغراق في تفسير القرقان، فقد اختلف المفسرون في ذلك، والكلمة في كل الأحوال مشتقة من الفرق، مما يعني التفريق بين الحق والباطل. لكن المهم في الآية هو «إِنَّ الَّذينَ كَفَروا بِآياتِ اللهِ» أي الذين لم يؤمنوا بمحمد والقرآن والإسلام، سواء منهم المعاندون والمنكرون كما يذهب إليه المسلمون، أو غير المقتنعين، فهؤلاء «لَهُم عَذابٌ شَديدٌ»، «وَّاللهُ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ»، فهو حسب الإسلام ينتقم من كل من لم يقتنع بالإسلام، وكأن الاقتناع أمر إرادي، فأن يقتنع المرء بشيء، صادقا كان أو كاذبا، أو لا يقتنع بشيء، صادقا كان أو كاذبا، هو أمر غير اختياري، ومن يقتنع بما هو ليس بصادق، ولا يقتنع بما هو صادق، قد يكون بقصور منه، فكيف يستقيم قول إن الله لا يظلم مثقال ذرة، وكونه لا يؤاخذ من يخطئ على خطأه، وكونه لا يكلف نفسا إلا وسعها، مع كونه ينتقم ممن لم يقتنع بأمر يريد منه أن يقتنع به، ويعذبه عذابا شديدا خالدا فيه أبدا. إذا كان عدم إيمان إنسان ما بحقيقة ما لقصور في ملكاته الإدراكية، فمن الظلم أن يعاقبه على ذلك من جعل لملكاته الذهنية وقابلياته الاستيعابية حدودا تحول دون قدرته على الاقتناع بما يفرض به أنه حق وبالتالي يجب عليه سواء استطاع أو لم يستطع أن يقتنع به.
إِنَّ اللهَ لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ فِي الأَرضِ وَلا فِي السَّماءِ (5) هُوَ الَّذي يُصَوِّرُكُم فِي الأَرحامِ كَيفَ يَشاءُ لا إِلاهَ إِلّا هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ (6)
بكل تأكيد هناك الكثيرون من غير المؤمنين بالله بل ومن اللاأدريين يثيرون إشكالهم على أن يكون الخالق محيطا علما بكل جزئيات الكون، خاصة بعدما تعرف العلم الحديث على السعة الهائلة للكون، هذا وهو لم يكتشف كل الكون، بل بمقدار ما اكتشفه. هنا يمكن الردّ كمحاولة فهم، ولا نقول كجواب حاسم ونهائي، إننا اليوم أصبحنا نعلم أنه من الناحية النظرية والعلمية المحضة نستطيع أن نتصور جاهز كومپيوتر أو منظومة كومپيوترية متطورة جدا بمقدره الإحاطة بمعظم ما يجري في الطبيعة وفي المجتمعات وما تحت البحار وما في الآفاق، ونحن نعلم إن العلم والتكنولوجيا أصبحا يتطوران بسرعة هائلة جدا متسارعة، مع نمو مطرد في التسارع، وبالتالي أصبح الكثير مما كان يعتقد أنه من المستحيل الإحاطة به بمقدور العلم أن يحيط به. فلو تصورنا إن ما توصل إليه الإنسان سيبلغ يوما ما مليون مرة مما هو عليه اليوم، فلم لا نتصور أن الخالق هو محيط بملايين ومليارات وبليونات المرات مما توصل وسيتوصل إليه الإنسان، هذا طبعا إذا ما انتهينا من قضية الإيمان بالله، كخالق أزلي أبدي كامل مطلق الكمال، وإلا فيكون الموضوع سالبا بانتفاء مقدمته. أما كون الله هو الذي يصور كل إنسان وكل حيوان في رحم أمه، فهنا يمكن أن يطرح ثمة سائل بحق، لماذا يصور الله بعضنا جميلا وآخر دميما، بعضنا سالم الخلقة وكاملها وبعضنا بتشويه خلقي، بعضنا خاليا من الأمراض وبعضنا حاملا لأمراض سيعاني منها حاملها مدى الحياة، كما سيعاني معه أمه وأبوه؟ لا نقول إن الله غير قادر على ذلك، لكن يبقى السؤال لماذا إذن كل هذا التصوير المحفوف بالنقص الكثير، وبالتالي غير العادل؟ الواقع وبعيدا عن التنظير الفلسفي المجرد يقول إن الخالق، إذا سلمنا بوجوده، قد ترك مخلوقاته خاضعة لقوانين الطبيعة، دون أن يتدخل في التفاصيل. وهنا يمكن أن يرد السؤال، ولماذا لا يتدخل، فقدرته المطلقة تحتم إمكانية تدخله، وموازين العدل والحكمة والرحمة تحتم عليه أن يتدخل. هذه أسئلة عجزت الأديان كما عجزت الفلسفات الإلهية من خارج الأديان عن إعطاء إجابات مقنعة عليها. هذا في الوقت الذي نجد فيها الأدلة على وجود الله تعالى مما يصعب معها التشكيك بوجوده، لكن تبقى للملحدين واللاأدريين مبرراتهم في الشك أو حتى النفي، ومن هنا لا يمكن أن يؤاخذهم الله على ذلك، في الوقت الذي لم يعطنا سبيلا واضحة لا يعتريها الشك للتعرف على كل تلك الأسئلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا