الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الميثاق الوطني للتربية و التكوين ، رؤية نقدية

بوشعيب بن ايجا
- كاتب و باحث مغربي في الفلسفة و التربية

2022 / 8 / 16
التربية والتعليم والبحث العلمي


يسعى قطاع التربية و التكوين إلى تحسين و تجويد الخدمة التي يقدمها ، و التي هي عبارة عن حزمة من المعارف و المهارات التي يسعى القائمون على عملية الإرسال ، الى تمكين التلاميذ و الطلبة و الأطر التربوية من الإستفادة المتدرجة منها ، و هو ما يستلزم الخضوع إلى معايير مضبوطة ، و محدودة زمنيا و مكانيا ، و عليه فقد حاولت المنظومة التربوية العمل على تطوير خدمات التعليم ، فالجودة في التربية و التعليم تقوم على تجاوز المعطى القائم إلى محاولة تبني رؤية جديدة تقوم على الاحكام و التمييز ، و هي مركبة من مجموعة من العمليات ، تهدف إلى تقديم خدمات متعددة إلى المستفيدين من خدمات هذا القطاع و تحقيق مبدأ الإشباع و الرضى المعرفي ، و يستجيب الرفع من جودة أنواع التعليم من حيث المحتوى و المناهج لأهداف التخفيف و التبسيط و المرونة و التكيف ، و يتم مراجعة جميع المكونات البيداغوجية و الديداكتيكية، لسيرورات التربية و التكوين ، و ذلك في أفق تحقيق الإرساء التدريجي للنظام الجديد للتربية و التكوين ، كما جاء في الدعامة الرابعة من هذا الميثاق .

• الدعامة السابعة : مراجعة البرامج و المناهج و الكتب المدرسية و الوسائط التعليمية

المنهج هو روح العملية التربوية ،و قلب المؤسسة التعليمية، و مركز المادة الدراسية ، و هو ليس محصورا في المواد الدراسية ، أو نمط التعليم التقليدي الذي يتأسس على مجموعة من الطرق البيداغوجية الحديثة ، لكنها لا تطبق لأن المغرب ما زال إلى حدود اليوم يطبق المقاربة بالكفايات ، و المضامين التي تعتمد على السلوكية في التعليم ، و الطرق القديمة ، لذلك نجد عدم بذل الجهد في تنقيح الكتب المدرسية ، فالمنهج هو الحياة الدراسية كلها ، و هو كل التعليم و التعلم الذي يتم بشكل مقصود في الفصل الدراسي لذلك ترى المجتمعات المتقدمة تراجع المناهج و البرامج التعليمية و التربوية ، بعد فترة زمنية قصيرة فتغير من الكتب و طرق التدريس ، و الاهداف و المحتوى حتى تساير المدرسة و المؤسسة التربوية تطور العصر و سيرورة الحياة المتحولة ، و تتجه مراجعة البرامج و المناهج تحقيق الاهداف العامة و تدقيقها بالنسبة لكل سلك ، و كل مستوى للتربية و التكوين ، في إطار الدعامة الرابعة من الميثاق في صيغة مواصفات للتخرج و مؤهلات مطابقة لها ، بالإضافة إلى تحقيق الجذوع المشتركة و الجسور داخل نظام التربية و التكوين و صياغة متطلبات الحياة المعاصرة ، و لضمان سير العملية التعليمية التعلمية ، ضمن الاهداف المسطرة لها ، و العمل على إبراز جميع قدرات المتعلم العقلية و المعرفية، و ذلك عن طريق تجزئ المقررات المقررات السنوية الى وحدات تعليمية يمكن التحكم فيها على مدى فصل بدل السنة الدراسية الكاملة ، ناهيك عن الحفاظ على التمفصل و الإنسجام الإجمالي لكل برنامج مع مراعاة الاهداف المميزة لكل مرحلة ، و العمل على وضع برامج تعتمد نظام الوحدات و المجزوءات انطلاقا من التعليم الثانوي ، من أجل العمل على تنويع القدرات المتاحة ، و التي تناسب كل متعلم ، من أجل ترصيد المجزوءات التي اكتسبها ، و توزيع مجمل الدروس ووحدات التكوين ، بالإضافة إلى وضع مناهج للتعليم يكون ، يكون مخرجها التعليمي قادرا على الإستفادة من إيجابيات الثورة العلمية و التقنية ، و مؤثرا فاعلا في استنباط أشكال جديدة منها تلائم بيئته و مجتمعه ، و تعمل على تنمية قدرات و مهارات، و اتجاهات المتعلم من خلال إتارة التفكير الابداعي و العلمي و النقذي ، و تهيئة الظروف الصفية و اللاصفية ، و إتاحة الفرص لحل المشكلات اليومية و العلمية ، لهذا نجد في الميثاق الوطني مجموعة من القواعد تنص على نجاعة التعليم عن طريق ربطه بالمحيط الاجتماعي، بهذا المعنى يمكن القول أن أهمية المناهج التعليمية ، تأتي من فائدتها في تنمية قدرات الافراد داخل المجتمع ، و على أساس هذه القدرات يتم العمل على تطوير البرامج التعليمية بما يتناسب مع مهارات المتعلم اليوم ، لأن قضية المناهج و البرامج الدراسية صارت في قلب إهتمام قطاع التربية و التكوين، و لا شك أن وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني ، و التعليم العالي ، و البحث العلمي ، تحاول جاهدة العمل على الخروج بمناهج موحدة معتمدة تفي بالغرض ، و تضمن مخرجات مدرسية عالية الجودة ، فالميثاق الوطني كان حريصا على بناء مناهج وطنية علمية حداثية مستقبلية تعكس كل مكونات المجتمع الثقافية بكل أطيافها، بالإضافة الى هذا تساعد على إغتناء المخزون الثقافي لدى أبناء المجتمع ، و هذا ما يجعلهم متشبتين بهويتهم ، و عقيدتهم ، التي تؤكد على ضرورة الاجتهاد في تحصيل العلم والمعرفة . فالميثاق الوطني كان حريصا على بناء مناهج وطنية علمية حداثية مستقبلية تعكس كل مكونات المجتمع الثقافية ، و يصل بها التلميذ إلى درجة من التحصيل الفكري و المعرفي ، فالمناهج و البرامج الدراسية هي إخراج المتعلم من الإنغلاق على ذاته إلى جعله محور العملية التعليمية التعلمية، فالمناهج الحديثة تمتاز بالمرونة ، إذ يمكن تعديلها ، كما أنها تهتم بطريقة تفكير التلاميذ ، و المهارات و تطويرها و تجعل المقررات تتلاءم مع رغبات و قدرات المتعلم ، و بالتالي فإن مراجعة المناهج و البرامج ، بالإضافة الى الكتب المدرسية ترفع من جودة التربية و التكوين ، و تأتي الكتب المدرسية عن طريق عملية النقل الديداكتيكي، فهي العدة الديداكتيكية التي بفضلها يعمل المدرس على تكوين علاقة التعليم بينه ، و بين المتعلم ، فلا يمكن نقل المعرفة دون مقرر دراسي ، فهو الوسيلة التعليمية الأكثر استعمالا في المؤسسات التربوية ، فيجب على الأستاذ أن يكون قدوة في التعامل مع البرامج الدراسية حتى يحصل للمتعلم الفهم الجيد ، فالكتاب المدرسي يجب أن يتضمن مفاهيم و خطاطات تشرح المادة و تجعلها سهلة الإستيعاب.

• الرؤية النقدية
إن معظم البرامج و المناهج تتحكم فيها مسألتان الزمن و التقييم ، و يتم التركيز على الكم بدل الكيف على مستوى البرامج و المناهج الدراسية ، و نلاحظ في مستوى التعليم الإبتدائي و التأهيلي سيادة كثافة المواد التي تعمل على إثقال كاهل المتعلم الذي يكون عرضت للحيرة بين البرامج التعليمية ، و قد أبرز الميثاق الوطني ضعفه ، و عجز التلاميذ عن مسايرة المقرر الدراسي مما أدى إلى بروز أشكال الغش في الصفوف الدراسية ، فالمتعلم الذي لا يتوفر على وسائل تعليمية سوف يصبح اهتمامه بالتمدرس ضعيفا مكتفيا بما تقدمه المقررات ، و لا يطور فكره بالمطالعة ، أما الكتب المدرسية فتعاني من الاهمال و عدم توخي المسؤولية في النشر ، ففي كتاب الرحاب لمادة الفلسفة الذي جاء على شكل مجزوءتين ، الانسان و الفاعلية و الابداع ، فقد جاءت العناوين ركيكة تميل إلى الضبابية ، فعلى سبيل المثال نجد فريق التأليف وضع في الصفحة العاشرة من درس " الوعي و اللاوعي " عنوان مشكلة الوعي ، لكنه عاد في الصفحة 12 يضع عنوان آخر لنفس المحور و هو " الادراك الحسي و الشعور " أما فيما يتعلق بمسألة المراجع و الشروحات فنجد أن نص برتراند راسل المفصل حول مسألة الوعي لا يعبر عن تعبير فلسفي منظم ، حيث يتضح ركاكة الكتابة و عدم تناسق الافكار و الفقرات ، و نجد أن الفريق إرتأى ترجمة كتاب راسل " بعلم و دين " و الحال أن التعريف ضروري و يعطي دلالة فياضة في اللغة العربية من خلال الترجمة إلى النص الأصلي باللغة الإنجليزية، ناهيك عن كتاب المنار و الرحاب للجذوع المشتركة ؛ فالاول يقدم الفلسفة بلغة سهلة و بسيطة تتماشى مع قدرات المتعلمين ، و بأسلوب راق و جميل ، أما الثاني جعل مجموعة من الثنائيات محط نقاش مثل الفلسفة و الدين ، فالبرامج و المناهج و الكتب المدرسية لا زالت تفتقر إلى التجديد و الادوات العلمية التي تساهم في تحسين التعليم .

الدعامة الثامنة : إستعمال الزمن و الإيقاعات المدرسية و البيداغوجية

إن الكشف عن القدرات الكامنة لدى المتعلم أثناء العملية التعليمية التعلمية لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم تدبير الزمن و الإيقاعات المدرسية بأهمية كبرى في العملية التربوية ، و نظرا للأهمية التي يحضى بها عنصر الزمن في تحقيق التجديد التربوي ، و الرفع من جودة التربية و التكوين ، و قد أشار الميثاق الوطني للتربية و التكوين إلى عامل الزمن كأحد دعامات التغيير داخل الوسط المدرسي ، و هو يمثل أحد أسس تحسين التعليم ، و بالرغم من أن الميثاق الوطني يحدد الغلاف الزمني السنوي ، إلا أنه يترك للفاعلين حرية الإختيار في ضبط الزمن المدرسي ، و تنص التشريعات على ضرورة تدبير الزمن المدرسي و استغلاله بشكل معقلن تجاوزا لكل هدر و إخلال بالسير العام للمنظومة التربوية ، و بخصوص تدبير الزمن في المستوى الإبتدائي كان هدفه هو الملائمة مع تطلعات التلاميذ مع الاستعدادات النفسية و الجسدية و الذهنية للمتعلم و العمل على برمجة التعلمات بما يتماشى مع خصوصية المتعلمين و الايقاعات اليومية و الأسبوعية ، و السنوية ، بالإضافة الى جعل فضاء المدرسة أكثر مرونة في جعل الزمن المدرسي يتماشى مع ظروف التلاميذ الإجتماعية و التنقل ، دون أن ننسى العمل على تحديد هذه الإيقاعات المدرسية من أجل منح المتعلم فسحة لإنجاز الفروض و العروض المدرسية ، و نجد أن أي فضاء تربوي يبنى على ضبط الإيقاعات المدرسية ، و التي تساهم في بناء الجانب النفسي و الحيوي للطفل ، و بعد العطلة الصيفية يتم الحديث عن الدخول المدرسي ، و يتحول بعده من اجتماعي إلى سياسي ، و من أهم الآليات التي تسهم في تدبير الزمن المدرسي :

 الدافعية: تعد الدافعية من أهم العوامل الاي تساعد على تحقيق المعرفة و الفهم ، فالمتعلمون الذين لهم دافعية أكبر لهم القدرة على التعاطي مع التحصيل الدراسي.

 التخطيط الجيد للدرس: إن التخطيط الجيد يلعب دورا كبيرا في سير أدوار الزمن المدرسي ، لأنه يخضع لسلسة من الافعال المنتظمة زمنيا ، فكلما كان التخطيط دقيق تمكن الاستاذ من توفير الجهد و الوقت ، فلا بد من تخفيض عدد الساعات الدراسية في كل من المستويين الإعدادي و الإبتدائي من أجل العمل على تحديد البرامج و المناهج ، فالإيقاعات البيداغوجية تحترم الفروق الفردية بين التلاميذ سواء كانت إجتماعية أو إقتصادية أو ثقافية .

• الرؤية النقدية

بالنسبة لدعامة إستعمال الزمن و الايقاعات المدرسية و البيداغوجية ، فمن الصعب العمل على تنزيل مثل هذه الدراسة داخل الميدان التربوي خصوصا ، إذا تعلق الأمر بالعالم القروي ، و ذلك لوجود إكراهات بنيوية مرتبطة بالبنية التحتية للمؤسسات ، و كذا مرتبطة بعنصر الموارد البشرية ، و بالتالي يصعب تنزيل خلاصات الدراسات العلمية ، و كدا طموح و روح المذكرات الوزارية على أرض الواقع لما تعاني منه مؤسساتنا التربوية و استعمالات الزمن لا تكون متناسبة مع حالات المتعلمين الإجتماعية الذين يعيشون وسط البرد القارس ، لاسيما أنه يتم الإهتمام بتدبير الزمن المدرسي ، و إهمال زمن التعلمات لدى المتعلمين ، فلا بد من العمل على مراعاة الظروف النفسية و البيولوجية للمتعلم خصوصا بالمجال القروي ، و نجد أن الاستعمالات الزمنية التي نص عليها الميثاق الوطني لا تراعي المناخ و التقلبات الجوية، ناهيك عن طول مسافة السكن مما يجعل الخضوع لطلب التعلم غير ممكن ، إلم نقل مستحيل في بعض الحالات الخاصة ، كما أن تخفيض الساعات المدرسية للتلاميذ لم يجد تطبيق على مستوى الواقع ، و من بين أهم العوائق التي تجعل الزمن المدرسي ، و الإيقاعات المدرسي و البيداغوجية تعبر عن التخلف :

 تجدر الافكار القديمة المتعلقة بإصدار إستعمال الزمن لدى المؤسسة التربوية و الأستاذ و التلميذ و الأسرة
 الخوف من التغيير المصاحب للأستاذ و الإداري في وضع برنامج غير مألوف، و يجد الآباء الاجداد أنفسهم يدرسون بنفس إستعمال الزمن و تدبير الوقت الذي درسو هم بها من قبل .

و بالتالي فإن تدبير الزمن المدرسي و الايقاعات المدرسية و البيداغوجية يحتاج إلى تظافر جهود الاسرة ، و المدرسة من أحل وضع مخطط زمني يتناسب مع الاستعدادات النفسية و المعرفية للتلاميذ، و مدى استعدادهم لتلقي المعرفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل