الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ممارسة السياسة الكويرية بين الإسلاموفوبيا والإسلام السياسي

نسرين الشاعر

2022 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بقلم: نسرين الشاعر وزليخة ميرزازاده



نشر المقال باللغة الانكليزية في العدد الثالث من Crisis Magazine بتاريخ 5 آب/أغسطس 2022

في أوروبا، ت/يواجه المهاجرون/ات الكويريون/ات من عالم الجنوب رهاب المثلية والعنصرية والإسلاموفوبيا. وفي الوقت عينه، العديد منهم/ن لطالما كانوا/ن مشاركين/ات في النضالات ضد الإسلاموفوبيا ورهاب المثلية “في بلادهم/ن”. ولكن أهداف هذه النضالات يمكن أن تكون متباينة جداً، قياساً إلى السياقات الوطنية أو الإقليمية. كيف ت/يتخايل الناشطون/ات المهاجرون/ات سياسة كويرية في أوروبا وتكون في الوقت عينه أممية وتوحدهم/ن مع الآخرين/ات؟

ينزلق الخطاب حول السياسات الجنسانية في أوروبا الغربية بعمق باتجاه الإسلام الذي ينظر إليه كمصدر لرهاب المثلية. وذلك يقوم على عدم التوافق المزعوم بين القيم الإسلامية “المتخلفة” والقيم الأوروبية “التقدمية”. يعرقن هذا الخطاب المسلمين بشكل خاص في أوروبا الغربية (كما في السياقات الغربية الأخرى)، باعتبار أنها تستمد قوتها من قرون من الاستعمار. كما تحاجج ديبا كومار، إن إيديولوجية العنصرية المناهضة للإسلام لها جذورها في الفترات المبكرة من الاستعمار الأوروبي وعرقنة العالم. بتوسعها خلال العصر الحديث، تحولت الأيديولوجيات الاستشراقية التي اعتبرت أن المسلمين هم أدنى مرتبة عرقية إلى سياسات امبريالية إسلاموفوبية في ظل الحرب العالمية على “الإرهاب”، وحولت المهاجرين/ات (المسلمين/ات) إلى كبش فداء الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا القلعة. مثل هذه الأفكار العنصرية هي جزء أساسي للكثير من الدعم لحقوق مجتمعات الميم في أوروبا.

رغم ذلك، إن الرد على هذه المشكلة ليست مسألة سهلة. ت/يواجه العديد من الكويريين/ات المهاجرين/ات من منطقة المينا (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا-MENA) تجربة مباشرة مع رهاب المثلية الهائلة في المجتمعات ذات الأغلبية الإسلامية التي تركوها/نها خلفهم/ن. وهذا ما يحفزهم/ن على البقاء ناشطين/ات في معارضة الإسلاموية المناهضة للكويرية. في الوقت عينه، تتضمن المساحات السياسية، التي يشكلون جزءاً منها في أوروبا، مهاجرين/ات من الهند وميانمار وسريلانكا والصين. في هذه الدول، يترافق رهاب المثلية مع الأشكال البنيوية للإسلاموفوبيا التي تقصي وتضطهد المسلمين. من ثم، خلال بناء سياسات يسارية كويرية في أوروبا، ت/يواجه الناشطون/ات تحديات متمثلة بالاعتراف بهذه الحقائق المحلية والعابرة للحدود المختلفة مع بناء التضامن عبر التجارب والسياسات الوطنية المختلفة. لمواجهة هذا التحدي، نحتاج إلى مقاربة مادية يمكن أن تساعدنا على صياغة سياسات أممية تتحاشى الانحراف إلى انقسامات هوياتية. ولتحقيق ذلك، نجمع بعضاً من أفكارنا البحثية وخبرات الناشطين/ات.


في أوروبا، تجازف الانتقادات والإدانات العلنية للإسلام في المينا بالتواطؤ الأيديولوجي مع الخطاب العنصري. يمكن اعتبارها أنها منحازة للمجموعات اليمينية، والمجموعات المعادية للمسلمين والإسلاموفوبيا الليبرالية في السياق الأوروبي. مع ذلك، إن الفصل المهم هو أن الإسلام لا يحتل نفس موقع السلطة في أوروبا كما يفعل في منطقة المينا. بذلك، لا يمكن توقع أن يتخذ نقد الإسلام نفس الشكل في أوروبا كما هو الحال في السياقات ذات الأغلبية الإسلامية، خاصة في الحالات التي يكون فيها الإسلام السياسي هو دين الدولة أو حيث يتنافس الإسلاميون للحكم.

في حزيران/يونيو عام 2020، ماتت المناضلة المثلية والشيوعية من مصر بعد انتحارها في كندا، البلد الذي لجأت إليه، كانت حجازي معتقلة لرفعها علم الرينبو في حفل لفرقة مشروع ليلى بالقاهرة عام 2017. بسبب ذلك، تعرضت حجازي للتشهير العلني والتعذيب والاعتداء الجنسي في المعتقلات المصرية، وهي تجربة أرغمتها على الهجرة من البلد. في الساعات التي تلت استشهادها، غرقت وسائل التواصل الاجتماعي بحملة تشهير ضد حجازي، وضد من تضامن معها. خلال إجراء بحث سريع عن اسمها على الغوغل يعطينا نتائج تدعي أنها كرست حياتها لـ”نشر الرذيلة والفجور”. كما يناقش العديد من المقالات كيف أدى نزعها للحجاب إلى “انحلالها” وانتحارها لاحقاً.

تصف حجازي في كتابتها باللغة العربية التعذيب الذي تعرضت له في المعتقل وكيف خلط المحققون بين مثليتها وشيوعيتها، كاشفة عن تجريم الدولة المصرية الاثنتين. في مقال لها، شرحت كيف أن عنف الدولة في مصر يتلاقى مع الأخلاقوية الإسلامية المتطرفة:

“يزايد الإسلاميون والدولة على بعضهم البعض في التطرف والجهل والكراهية كما في العنف والأذى. يعاقب الإسلاميون من يختلف عنهم بـ «الموت»، ويعاقب النظام الحاكم من يختلف عنه بـ «السجن»[….] الدولة، والنظام الحاكم بالخصوص، سلفية الهوى؛ أثناء اعتقالي من منزلي وسط عائلتي، سألني الضابط عن ديانتي وعن أسباب خلعي الحجاب وعما إذا كنت عذراء أم لا!”

كالعديد من اللاجئين/ات من منطقة المينا في أوروبا، بقيت سياسات حجازي تناهض الإسلام السياسي. خلال العمل البحثي لنسرين في لبنان وهولندا، التقى بالعديد من الكويريين/ات واللاجئين/ات الترانس الذين/اللواتي اتخذوا هذا الموقف. جاء هؤلاء من دول مختلفة من منطقة المينا ومن خلفيات طبقية مختلفة. ينتمي البعض منهم/ن إلى أقليات دينية/عرقية (مثل الكورد/يات والمسيحيين/ات) في حين كان البعض الآخر من المسلمين/ات، من بينهم/ن بعض المهاجرين/ات اللادينيين/ات من أصل مسلم. كالعديد من أصدقاء نسرين الكويريين/ات والترانس الذين/اللواتي يعيشون/ن في لبنان ومنطقة المينا، الصراع ضد الإسلاموفوبيا الأوروبية كان ثانوياً بالنسبة لهم/ن. أشارت لاجئة لبنانية ترانس في هولندا لنسرين إلى مثل هذه الآراء، إنها تعتقد أن تجربتها مع العنف الترانسفوبي مرتبطة بالتطرف الإسلامي المتزايد، سواء داخل عائلتها أو في محيطها بلبنان. بالتالي، وصفت بأنها تشعر بالاغتراب من النشاطية ضد الإسلاموفوبيا في هولندا لأنها تقلل من الصلة بين الإسلام السياسي ورهاب الترانس.


من ناحية ثانية، هناك كذلك العديد من المهاجرين/ات المسلمين/ات من أماكن أخرى من عالم الجنوب جاؤوا إلى أوروبا من سياقات أخرى كانوا يعيشون فيها كأقليات دينية. المسلمون/ات الكويريون/ات الذين/اللواتي جاؤوا/ن إلى أوروبا من دول مثل الهند وميانمار والصين وسريلانكا وأجزاء أخرى من آسيا لا يتميزوا/ن فقط باختلافهم/ن الجندري أو الجنسي. في العديد من الأوقات، كانوا/ن كذلك معرضين/ات لعقوبات من الدولة، ولأشكال ممنهجة من الإسلاموفوبيا في بلادهم/ن الأصلية. تجعل تجاربهم/ن من السردية القائمة على التعارض بين “الغرب المعادي للإسلام” و”الشرق الإسلامي” سردية غير مفيدة.

في سياقات عالم الجنوب خارج منطقة المينا، مثل الهند، غالباً ما ينظر إلى الأقليات المسلمة بعين الريبة ويصنفون في الخيال الاجتماعي على أنهم “غرباء”؛ أو طابور خامس يعمل ضد المصالح الوطنية. يمكن أن تؤدي هذه التصنيفات إلى تقييد حقوقهم المدنية، الأمر الذي يجبرهم على الهجرة. فعندما ت/يصل الكويريون/ات من دول يشكل المسلمون فيها أقلية إلى الغرب، سواء كلاجئين/ات أو سوى ذلك، ت/يشعر الناشطون/ات الكويريون/ات بالإحباط من خلال الانضمام إلى المساحات اليسارية التي ت/يهيمن عليها المهاجرون/ات من منطقة المينا وبالتالي يقللون/ن من أهمية النضال العابر للقوميات ضد الإسلاموفوبيا.

السياسات اليسارية الكويرية في أوروبا حتى تكون أممية بشكل فعلي يجب ألا تتضمن فقط مقاربات عابرة للسياقات وتعالج كلاً من الإسلاموية والإسلاموفوبيا. إنما أيضاً تأخذ بعين الاعتبار تعددية الروابط التي تربط المهاجرين/ات الكوريين/ات من عالم الجنوب بالإسلام. بفعل ذلك، يجب إيجاد الأسس للتضامن بين الناشطين/ات المهاجرين/ات والحركات الاجتماعية في أوروبا.

يجب تجنب المعارضة الكاريكاتورية للإسلام السياسي، لأن هذا ليس وحده الشعور المستعمل لتبرير الاجتياح العسكري لأفغانستان والعراق. كما جرى استعمال المعارضة السطحية جداً للإسلام السياسي للتغطية على جرائم نظام الأسد في سوريا ونظام السيسي في مصر من خلال السماح لمثل هذه الشخصيات بطرح نفسها على أنها علمانية و”البدائل المعتدلة” الوحيدة للتطرف الإسلامي. طوال الوقت، أدى عنف الأسد إلى تهجير نصف سكان البلد، ومصر (حيث اعتقلت حجازي) هو أحد أكثر المستفيدين من الدعم الأميركي بعد الكيان الصهيوني، حيث تلقى البلد 1،43 مليار دولار من المساعدات الخارجية عام 2020. وهذا ما يجعل ضرورياً لسياسات الجنسانية لليسار الأممي أن تكون مركبة. يجب أن تقوم بالعمل الصعب المتجسد بتوجيه نقد للهيمنة الدولية للخطاب الإسلاموفوبي دون التخلي عن نقد الإسلام السياسي.

يجب أن نكون مدركين/ات بكيفية إساءة الخطاب الدولي الإسلاموفوبي في منطقة المينا لاضطهاد الأقلية المسلمة في عالم الجنوب. لقد رأينا هذا الاستعمال في الربع الأول من عام 2022، في ولاية كارناتاكا الواقعة جنوبي الهند. منعت الطالبات اللواتي يضعن الحجاب من الذهاب إلى المدارس والجامعات شرط الالتزام بالزي الرسمي. تجاهل المدافعون عن القرار في الخطاب العام واقع أن المنع أبقى الفتيات والصبايا خارج المؤسسات التربوية. حتى أن البعض استعمل حجج ناشطي/ات منطقة المينا، الذين/اللواتي ت/ينظمون/ن حملات ضد الحجاب الإجباري في منطقة وسياق مختلفين تماماً. ادعوا/ين أن حظر الحجاب المعادي للنساء المفترض هو شكل من أشكال التحرر التدريجي للنساء.

غالباً ما يضيع كيفية عمل الأصولية الدينية ضمن سياقات مختلفة في النقاشات السياسية اليسارية المناهضة للإسلاموفوبيا في أوروبا. “الإسلاموية” و”الإسلام السياسي” هما جزء من لغة مشتركة، ولكن هل هناك مفهوم لـ”البوذية السياسية” في المساحات اليسارية العالمية؟ أقلية التاميل في سريلانكا (بأغلبها من الهندوس) ومسلمو/ات الروهينغا هم من الأقليات الدينية/العرقية والواقعة ضحية الاضطهاد والتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي شنتها السياسات التفوقية البوذية. إن الاعتراف بهذه التعقيدات لا يعني بالضرورة تجزئة التحليلات أو زيادة تعقيداتها. إنما، فتح إمكانية التضامن الضروري لصياغة سياسات يسارية متسقة.

إذا أخذنا بالحسبان أن هذه التجارب المتنوعة مع الأصولية الدينية والقمع الحاصل خارج حدود الهويات، فإن العديد من المهاجرين/ات من عالم الجنوب هم/ن ضحايا نفس نظام القمع: المجموعات السياسية والأصولية الدينية التفوقية. في السياقات الغربية، مهمتنا هي في جعل هذا الجزء من السياسات الكويرية الذي يساعدنا على تجنب الحديث ضد بعضنا البعض. قد يكون الجزء الأساسي من هذه المهمة هو القدرة على المساءلة النقدية للهوية الكويرية كأساس ضروري للسياسات الجنسانية.

من الأشياء التي لاحظتها زليخة من خلال خبرتها في مساحات الناشطين/ات في أوروبا وكيف ت/يفقد الكويريون/ات والترانس عرقهم/ن، وإثنيتهم/ن وطبقتهم/ن- أي انتمائهم/ن إلى كل الفئات الاجتماعية “الأخرى”- في وقت يصبحون/ن منخرطين/ات أكثر في السياسات الكويرية. وهذا شكل خطير من سياسات الهوية، حيث يبدو أن التحديدات الاجتماعية ما عدا الكويرية أنها تختفي. بدلاً من ذلك، يُفترض أن الكويريين/ات ينخرطون/ن تلقائياً في السياسات التقدمية. في الواقع، مع ذلك، ت/يسعى العديد من المهاجرين/ات الكويريين/ات للتموضع ضمن السياسات اليمينية أو الاستفادة من الامتيازات. القومية المثلية الأوروبية معروفة جيداً ومناقَشة ضمن الدوائر الكويرية في السياقات الأميركية-الأوروبية، ولكن السياسات القومية لبعض الكويريين/ات من منطقة المينا ما زالت غير معترف بها. بحيث يحصل الالتزام بهذه السياسة من قبل الكويريين/ات الإيرانيين/ات من خلال استعمال ادعاءات التفوق العرقي الفارسي للتحريض ضد رهاب المثلية في الجمهورية الإسلامية، كما ت/يتبنى الكويريون/ات العرب/يات أشكالاً مختلفة من القومية العربية بوجه الأقليات الأمازيغية والكوردية والمسيحية، كما ت/يردد الكويريون/ات مناصرو/مناصرات حزب العدالة والتنمية التركي شعارات القومية الإسلامية. أن تكون/ي كويري/ة لا يؤدي بالضرورة إلى سياسات يسارية مشتركة.

تساعد المقاربة المادية على تصور سياسات كويرية لديها القدرة على تخطي السؤال المقيد حول ما إذا كنت مع أو ضد الإسلام السياسي. بحسب إيفرين سافجي، لا يمكن فهم الإسلام على أنه يشغل مكاناً متأصلاً في منطقة المينا خارج سياق الاقتصاد السياسي. استناداً إلى السياق التركي، تجادل سافجي بأن التاريخ السياسي الإسلامي الحديث والأخلاق قد أُنتجت بشكل متسق مع النيوليبرالية. وأكثر تحديداً، تؤكد سافجي أنه تحت حكم حزب العدالة والتنمية، أصبحت السياسات الجنسانية منطقة يتشابك فيها منطق السوق الرأسمالية الحرة وعمل الدولة الأمنية والأخلاق الإسلامية. التركيز على الاقتصاد السياسي مفيد لأنه يساعدنا على الحصول على نظرة جديدة وتغيير شروط النقاش. هذه المقاربة تدفعنا إلى تخيل احتمالات مختلفة التي تنتج عن مفارقات الإسلام السياسي وحقائقه المتنوعة. ويسمح لنا بفهم ترابط نضالاتنا في ظل الرأسمالية العالمية.

هذا المنظور مهم للإضاءة على كيفية تأثر السياسات الجنسانية والتكوين الطبقي والرأسمالية العالمية ببعضها البعض، وبالتالي تحدي فكرة رهاب المثلية باعتبارها مجرد نتيجة عن الثقافات والأديان المحلية. مثل هذا المنطق الثقافوي خطير لأنه يخفي كيف ساعدت الرأسمالية العالمية في إنتاج سياقات من الهشاشة في منطقة المينا حيث يزدهر رهاب المثلية والذعر الأخلاقي. إضافة إلى ذلك، كما حاجج راهول راو، يجب فهم الإدعاء بشأن عنف القوانين الاستعمارية ودعمه، من دون ربط كل مآزق الكويريين/ات في الجنوب العالمي بهذا الإرث الاستعماري. نحن بحاجة إلى محاسبة النتيجة العابرة للحدود لرهاب الكويرية في عالم الجنوب بطريقة تعترف بفعالية النخب المابعد استعمارية في هذه السياقات، بسبب دورها في تبني وإعادة صياغة القوانين الهوموفوبية من فترة الاستعمار وحتى عبر إصدار قوانين قمعية جديدة.

في حين نناقش مسؤولية النخب المحلية في المشاركة في انتاج هذه الظروف، ينبغي تجنب الانحراف نحو تبني سرديات استشراقية عن “رهاب المثلية” التي تصور عالم الجنوب كموقع لرهاب المثلية. تسمح عدسة الاقتصاد السياسي برؤية الصدى في هذين الاتجاهين اللذين يظهران متعارضين والأخذ بعين الاعتبار جدياً الديناميات المادية التي أنتجت رهاب المثلية السياسية في عالم الجنوب.

لفهم كيف تلعب السياسات الجنسانية دوراً في تقدم النيوليبرالية وفي الوقت عينه انتشار النيوليبرالية، يمكن لتحليلنا التعلم من العمل النسوي حول عمل النساء المهاجرات عبر عدسة نظرية إعادة الانتاج الاجتماعي. مثل هذا العمل يظهر كيف أن الدول الأوروبية الغربية قد استغلت حقوق النساء خدمة للأجندات النيوليبرالية والقومية الإسلاموفوبية. كما شرحت سارة فارس، لعبت الضرورة الأيديولوجية لـ”تخليص” المسلمات من ثقافتهن “المتخلفة” دوراً اقتصادياً في سياسات الهجرة الأوروبية الحديثة وسياسات الإدماج. وقد سمح ذلك بهجرة النساء ودخولهن في العمل الرعائي والمنزلي من أجل رفع مكانة المرأة الأوروبية البيضاء من خلال تحرير الأخيرة من عبء عملية إعادة الانتاج الاجتماعي.

من خلال مناقشة أهمية الواقع المادي على الحجج الأيديولوجية، تشير جول جيل-بيترسون إلى التالي بما خص القوانين المعادية للترانس (في سياق الولايات المتحدة): “بدلا من التعاطي مع حياة الترانس كمعركة مبدئية وأخلاقية مجردة، يمكن معارضة رهاب الترانس على أساس مادي. كما يمكن المطالبة بموارد مثل الإسكان والتعليم والرعاية الصحية للترانس لأننا نطالبها للجميع”. هناك نقطة أساسية تثيرها وتتعلق بأهمية توحيد المجموعات السياسية والاجتماعية ضمن تحالفات متجذرة تتشارك الهشاشة المادية، وبذلك تستطيع التحرك عبر القضايا العرقية والإعاقة والهجرة والأجور والحق بالاقتراع وإلغاء السجون. ولاختصار ذلك بشكل واضح تقول: “هناك مخاوف أخلاقية متداخلة بشأن العرق والجنسانية، ولكن هناك كذلك مشروع مشترك للنهب المادي مناهض للديمقراطية”.

بدلاً من التنظيم على أساس هوياتي أو تمحور خطابنا حول الحجج الأيديولوجية، يجب على السياسات التقدمية والتعددية واليسارية الاكتراث للاقتصاد السياسي والظروف المادية التي يعيش الناس في ظلها. بدلاً من تحديد موقف معارض أو مؤيد بما خص الإسلام السياسي / الإسلاموفوبيا يجب البحث عن أطر سياسية تعكس وتساعد على بناء التضامن بين تجارب المجموعات المهمشة العابرة للانقسامات الجندرية والجنسانية والدينية والإثنية والقومية والعنصرية والجيوسياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصول البابا تواضروس الثاني للكاتدرائية المرقسية بالعباسية ل


.. قوات الاحتلال تمنع مقدسيين مسيحيين من الوصول ا?لى كنيسة القي




.. وزيرة الهجرة السابقة نبيلة مكرم تصل لقداس عيد القيامة بكاتدر


.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بمراسم -النار المقدسة- في كنيسة




.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟