الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم الحور العين ح1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2022 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحور العين...
عندما يغريك العنوان وتدخل إلى معرض أو مكان تعرض فيه ما تشتهي من الملذات وبلا حدود ودون قيود ولا حساب لأنك تتمتع بميزة خاصة لا يتمتع بها إلا القليلون، وعندما تكتشف أن المكان الموعود مجرد خيال ذهني أو إيحاء ممن أوعدك أو أخبرك به وإنما ما تراه وتشعر به إنما تصوير يوحي إليك باللذة والسعادة، إيحاء صامت ساكن ممل متكرر فقط دون ممارسة ولا فعل مباشر، وقد لا يكون المكان لائقا بك كبشر ذي أحاسيس ورغبات حقيقية تمتعت بها وجربتها سابقا، كما أن الوضع لا يتناسب مع ما دفعت ثمنا لهذه الميزة سواء كان الثمن مادي أو معنوي، ولكنه بالتأكيد ثمن باهض لا يقدر عليه أي شخص كان، ستعرف حينها أنك مجرد شخص مخدوع ولا قيمة لك عند من خدعك.
الجنة التي وعد المتقون فيها حلم أجمل من أي وصف ولا يمكن لكل شخص في الوجود أن لا تداعب صورة الجنة أحلامه، فمنهم من يضحي بالواقع من اجل هذا الحلم الجميل، ومنهم من يحاول التوفيق بين الواقع والحلم، منهم من غلب شهواته وحواسه لمصلحة الواقع ولكن في عقله أمل أن لا بد من فرصة وفرضية ما ستتيح له الحضور في ذلك الحلم، ومنهم الواقعيون جدا الذين يستغرقون في المحسوس ويتركون الأحلام للنوم والرومانسيين الذين يظنون أنهم على اليقين التام بما يحملون من أمل وحلم، وبينهم أطياف وعناوين شتى كلها تتكلم عن الجنة وما فيها وما يمكن أن تكون وكيف ستكون، المهم في النتيجة أن من يصلها قليل من كثير، قليل من الأولين وثلة من الأخرين والباقي مرجون للرب العظيم.
هذه خلاصة الوعد الرباني للناس وصورة العالم الأخر بين جحيمها المستعر وجنتها التي لا يشبهها حال، حتى قال رجال الله أنها أعظم مما رأت عين وتصور عقل ورسم بيان ذهني لها، عالم لا يشبهه أي عالم وربما ما ورد فيها من مفردات مجرد تقديرات تقريبية لتلامس عقل الإنسان المادي وتثير فيه شهوة اللذة المؤجلة، كل ذلك جميل ولطيف ومعقول ولكن اللا لطيف واللا جميل واللا معقول أن تكون الجنة بعد يوم وربما بعد مليار سنه، قد لا يعرف رجال الله موعدا ولا يهمهم معرفة ذلك طالما أن الأمر جاء بهذه الصيغة.
نموت ثم ننتظر ما لا نتوقع من زمن طال أو قصر فالأمر سيان لأننا موتى، والموتى لا يملكون ساعات وليس لديهم تقاويم للزمن، فكل شي هو من تراب تحت التراب ولا شيء غير سكانها الأصليين، في اليوم الموعد ينفخ بالصور لننهض سراعا لنقف على أبواب الجنة ندخلها، ونحن قد نسينا عالم البرزخ الذي أمتد من يوم دخلنا عالم التراب التحتي وما فيها من عمليات كيمياوية وفيزيائية وبيولوجية حتى نسمع النفخة، نعم سنسمع النفخة بكل تأكيد عندها ننهض أولا كعظام يكسوها اللحم والشحم ويغطيها الجلد، لنعود كما دخلنا عالم التراب من قبل، وكأن لم يمسسنا شيء ولم تتغير علينا حال الأمكنة وتغيرات الأزمان، جميل أيضا هذا المشهد الذي لا يمكن للإنسان وحتى عبر الفن تصويره كما صوره رجال الله.
انا هنا وفي الحقيقة لا أشكك بكلام أحد ولا أستهزئ بشيء يؤمن به المليارات من البشر ويصدقونه، وليس من حقي أن أفعل ذلك خارج حديث عقلي معي، ولكن من حقي حتى لا أكون مجرد مخدوع أبله أو محتال مخادع وأقول، يا سلام على كلام الرب وما أجمله، إنها الحقيقة التي يجب أن تسود لأن رجال الرب يقولون نحن رجال الله أيضا وقد أخبرنا بذلك لنخبركم به، وأن تفعلوا كل شيء نقوله لكم حتى نزودكم بشهادة القبول التي يجب أن توقع منا حتى يتم قبولكم تلقائيا يوم الأحلام العظيمة، بالتأكيد سيقتنع الكثيرون من هذا الكلام لأنه كلام رجال الرب الذين هم رجال الله المختصون لوحدهم بسدنة الجنة، وتنظيم أمورها حاليا أنتظارا للوقت المعلوم، أما أنا فقد عرفت ومن خلال كلامهم أيضا أنهم يصرحون، أننا نظن نحتمل نقدر نتأمل نرى، ولكنهم أبدا لم يقولوا ولن يقولوا أنهم شاهدوا ذلك بأم أعينهم أو أبو بصرهم، إذا من حقي أنا أيضا أن أظن وأتأمل وأتصور وأفترض وأحتمل عكس كل ذلك وبنفس البرهان.
قبل أن ندخل في تفاصيل قول رجال الله عن يوم الأحلام ذام، لنقرأ بعضا من كلامهم كما دونوه وأشاعوه بين الناس، وإن كان بعضه بالتأكيد لا يشبه بعضه، منهم من يقول (أمّا عن حال الناس يوم البعث فيكونون خائفين وفزعين من هول ما يحدث حولهم في هذا اليوم العظيم، لدرجة لا يميّز فيها الشخص أمّه، أو أباه، أو زوجته، أو ولده إذا ما مرّ به، كما يبعث الناس وفيهم خصائص جديدة حيث يستطيعون رؤية الملائكة والجن، أمّا في الحياة الدنيا فلم يملك الإنسان القدرة على رؤيتهم، ويعود الإنسان عند البعث إلى الهيئة التي خلقه الله تعالى عليها في بطن أمه، فيبعث الإنسان عارٍ وحافٍ وغير مختون)، هذا يعني جملة مخرجات منها:.
1. يقول أن الناس يوم البعث "خائفين فزعين" كلام الله الذي يؤمنون به ينافي هذا التصور ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾، فعلى الأقل أن طائفة من الناس لا يحزنهم الفزع الأكبر من بعد البعث والنشور.
2. يقول صاحب هذا الرأي أن الناس من هول ما يرون لا يعرفون أبا ولا أم ولا صاحب ولا زوجة، طيب والكتاب يقول ( مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ)، هؤلاء القائلين ليس من الذين تتلقاهم الملائكة بل من الذين وصفوا أنهم من اصحاب الجحيم، إذا أيهما نصدق؟.
3. يقول صاحب الرأي أن الناس يبعثون كما هم ولكن بمواصفات محسنة (وفيهم خصائص جديدة حيث يستطيعون رؤية الملائكة والجن)، أولا هذا الكلام يعارض نفس القول من انهم مذهولين لا يعرفون أبا ولا أم، ثانيا الجن والملائكة إن كانوا لا يروا في الحياة الأعتيادية لأنهم أجسام شفافة غير جوهرية كما يقولون ولأسباب تكوينية جعلهم الله يرونكم ولا ترونهم، أما في الأخرة فكل شيء مكشوف ويزيد البعض ان المؤمنين والكافرين سيرون الله جهرة، إذا الموضوع ليس فيه خصيصة أمتيازية.
4. أما الغريب قهو قوله دون تحديد وبشكل عمومي (ويعود الإنسان عند البعث إلى الهيئة التي خلقه الله تعالى عليها في بطن أمه)، هل يعود كالجنين خاليا من كب معرفة أو ذاكرة؟ أم يبعث كما قال عاري حافي وفقا للنموذج والقالب الأساس، في الحالتين ما قيمة أن يعود الإنسان في هذا الوصف إلة شكل النموذج الذي هو بالمفهوم هذا كائن اخر لا يحمل هوية الشخص الحالم بالجنة، او في أحسن الاحوال نموذج جديد بتسمية وعنوان قديم، والنتيجة أن الواقع الذي عاشه وفرط به لا قيمة له اليوم إلا لمجرد تجيره لصاحب الشخصية الماهوية التي سيبعثها الله خائفة مرعوبة عارية حافية كتلة من اللا معنى واللا شخصية.
5. الحالة هذه صورة من عدة صور متناقضة سألاحقها واحده واحدة، ولكن هل من سائل يسأل كيف يمكن لي الإيمان بصورة محتملة لا تملك نسبة عالية من اليقينية سوى أن جماعة الرب ورجال الله قالوا انهم سمعوا الله يحدثهم بذلك، أو أن ساعي البريد بينهم وبين الله قص لهم هذه القصص، وقال لهم أقنعوا الناس بها حتى يرضى عنكم ويرضى عنهم، وسوف تنعمون بالأجساد الناعمة الطرية كالبيض المكنون وأنهار من خمر حرمناها عليكم الان حتى تتذوقوها في بارات الله المفتوحة للجميع بلا ثمن ولا تكلفة، اما العسل والفواكه واللبن فلا من مصانع هناك تعلب ولا تخزن ولا تسوق، كله من الطبيعة الكريمة للطبيعة المتكرمة، لا سوق ولا نقد ولا ديون ولا كل شيء، فقط حرك شهواتك ستجد من سيقول لك شبيك لبيك عبدك بين يديك، هناك أيضا طبقية أجتماعية من العبيد نساء ورجال يستخدمهم اتباع الرب وجند الله، عالم أخر مستنسخ بمظلوميته وكراهيته وعدم عدالته من عالم الظلم والاستعباد والسخرة والإهانة التي يتعرض لها النساء والولدان والعبيد في خدمة البعض من الذين ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال