الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالةٌ الى الله

نجيب علي العطّار
طالب جامعي

(Najib Ali Al Attar)

2022 / 8 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اللهُ...
كلُّ تسبيحٍ وبعد...

لستُ أدري إن كان قد كتبَ إليكَ أحدٌ قبلي.. فما أعرفُه هو أنّ الإنسانَ لم يزل مذْ خلقتَهُ يخاطبكَ بقلبِه مرّةً وبلسانه مرّات.. لكنّي لم أقرأ بعدُ رسالةً مكتوبةً أُرسلتْ إليك.. ربّما لأنّ عمري الصغير نسبيًا لم يسمح لي بعدُ بذلك.. أو لأنّي لم أبحث عن تلكَ الرسالة أصلًا.. أو لأنّ الذين كتبوا إليكَ لم يرغبوا في إطلاعِ غيركَ على رسائلهم إليك.. كتبوها اليكَ وحدَك.. أو لعلّه صحيحٌ أنّ أحدًا لم يكتبْ اليكَ رسالةً خطيّة كهذه.. لعلّ الإنسان وقفَ عندَ المخاطبة باللسان والقلب ولم يُفكّرْ قطُّ في مراسلتكَ خطيًّا.. فكانت الصلاة والدعاء رسائلَهم الوحيدة.. وربّما أن الذي أراد الكتابة إليكَ أعرضَ عن ذلك لحيرتِه في الذي سيكتبه.. مثلي تمامًا.. لستُ أدري أيّةُ فرضيّة هي الصحيحة فكلُّها تحمل من الصواب قدرَ ما تحملُ من الخطأ...

رغم معرفتي بعلمكَ المسبق بما سأكتبه الآن لكنّ علمكَ هذا لا يُنقِصُ من نشوة الكتابة إليك.. فأنتَ وحدَكَ من يُنصتُ للحديث وهو يعلمُه أكثرَ من صاحبه.. كيفَ لا والزمان في حضرتِكَ هو الحاضر؟ الحاضرُ الذي لا يهربُ أبدًا.. على أنّي أسألُكَ عذرًا لي حين أخاطبُكَ كأنّي أُخبرُكَ بما لا تعلم.. كأنّكَ تعرفُ أخباري منّي أنا.. فاعذرْ أنايَ التي لم تزل حاضرةً تحاولُ عبثًا أن تُقلّصَ الفارقَ بيني وبينك...

كنتُ صغيرًا حين سمعتُ اسمكَ لأوّل مرّة.. ومن حُسنِ حظّي أنّي لم اسأل عنكَ قبل مرور ستّ عشرة سنةً على وجودي في هذه الأرض.. لستُ أدري إن كانَ وجودي هذا هو أوّل وجودٍ لي.. لكنّه يبدو كذلك.. على كل حال، حين سألتُ عنكَ لأوّل مرّة قُدّمتْ لي صورةٌ عن كيانٍ ما يُسمّونه "الله".. يقصدونكَ طبعًا.. لكنّي لم أشعرْ للحظةٍ أنّ تلكَ الصورةَ تُشبهكَ أنتَ...

لستُ أدري إن كنتُ بحاجة الى الإعتذار منكَ عمّا سأقولُه عن تلك الصورة.. بل أدري أنّي لستُ بحاجة الى الاعتذار.. فتلكَ الصورة ليستْ أنت.. لا يُمكنني أن أصدّق أنّ الذي أوجدَ هذه الحياة بما هي عليه هو إلهٌ عبثيٌّ مجنونٌ ودمويٌّ يُسمّونه الله.. ذاكَ "الإله" ليسَ إلهًا.. ليسَ أنتَ.. حينها أدركتُ أنَّ الشيطان يمكن أن يكون على هيئة "رجل دين" يخلقُ إلهه من هواه.. أدركتُ أن "رجلَ الدين" شيطانٌ حتى تثبت براءته...

حين أدركتُ ذلكَ كفرتُ بذاك الإله الأرعن.. كفرتُ بالإله الذي ليس أنت.. ذاك الإله المسجون في "معابدَ" ليست إلّا مقرّات للأمن الإجتماعي الخاص بإبليس.. أو مراكز استخبارات للإله و"رجاله".. كفرتُ بالإله الذي لا تكتملُ ألوهيّته، ولا يكونُ ذاتَ معنى، إلّا بوجود الشيطان...

ثم قرّرتُ أن أبحثَ عنك.. عن الله.. ولا أخفيكَ سرًا، وأنتَ العالمُ، أنّي لا أستطيع تقدير عمق نجاحي في البحث عنك.. لكنّي أعرفُ أنّني أشعرُ بوجودكَ في كل صور الجمال؛ في وجه حبيبتي.. في صوتِ أمّ كلثوم ولحن بليغ حمدي.. في حناجرَ كأنّها من الجنّة ترتّل القرآن أو الإنجيل أو التوراة.. في صوتِ عابدٍ يُحاولُ إخفاء صوتِ دعائه بين طيّاتِ الليل مخافة أن يسمعه غيرُك.. في قصيدةٍ رائعة.. في المعادلات الرياضيّة التي تحكمُ العالمَ وتُذكّرُ بالحقيقة الأولى.. بكَ أنتَ.. كأنّي أراكَ في زقزقة حسّونٍ على غصنِ شجرةٍ على كتف نهرٍ يُسبّحُ بخريره اسمَ الموسيقيّ الأعظم؛ الله...

الله...

حين قرّرتُ البحثَ عنكَ كنتُ أؤمنُ أنّني من سيجدُكَ.. لكنّي الآن أعتقدُ أنّكَ أنتَ الذي سيجدُ ضالّتي التي هي أنت.. أنتَ من سيجدُكَ ويدلّني عليكَ.. فإنّه لا دالَّ عليكَ إلا أنت.. والى حينها؛ الى اليوم الذي سأجدُكَ فيه أضعُ بين يديكَ قلمي وقلقي.. وقلبي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ


.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح




.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا