الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ 7

جدو جبريل
كاتب مهتم بالتاريخ المبكر الإسلامي والمنظومة الفكرية والمعرفية الإسلامية

(Jadou Jibril)

2022 / 8 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


1 - 7 الوحي كله؟

من الأسئلة الرئيسية التي أثيرت في وقت مبكر جدًا حول تاريخ القرآن، سؤال هو ما إذا كان النص الذي وصلنا يحتوي على جميع الآيات التي نزلت على النبي محمد.
بطبيعة الحال، مثل هذا التساؤل يفترض في المقام الأول نظامين للحقائق يجب تحديدهما قبل أي إجابة. بادئ ذي بدء ، يجب أن يُسأل عن اللوح المحفوظ الذي منه ام اعتراف الوحي: هل يحتوي على نص محدد في معالمه ومحدّد بدقة شديدة في محتواه؟ لكن من المستحيل لبشر أن يدعي الإجابة على هذا السؤال. ولا تنوفر إلا على تأويلات متباينة بخصوصه.

من ناحية أخرى، ماذا عن علاقة "النسخة المنزلة" بأصلها، دائمًا من وجهة نظر الكمال؟ هنا أيضا ، لا تبدو الأمور واضحة جدًا. عندما يعلن الله في الآية 3 من سورة المائدة: ((اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...)) ، فإن الأمر لا يتعلق بوضع حد للوحي الذي لم يعلن عن نهايته.

لكن الأمر الأكثر لفتا للنظر هو إدراك المسلمين الأوائل لصفة الوحي "غير المكتملة". لقد قال النبي في حجه الأخير إلى مكة: " يا أيها الناس خذوا من العلم قبل ان يقبض العلم وقبل أن يرفع العلم".
وقد اندهش أصحاب الرسول من هذا التأكيد على عدم اكتمال الوحي ، في حين أنه من المفترض أن يحتوي هذا العلم على مجمله. ثم سألوا محمد: يا نبي الله! كيف يمكن أن يرفع العلم إلى الجنة ونحن في حوزتنا (الصحف) [المصحف] ... لدا النبي غاضبا ، ثم أجاب أن اليهود والمسيحيين لديهم صحف أيضًا ، لكن لم يأخذوا بها. و"بفقدان العلم" فهموا: "ذهاب حملته" ، وهذا ما أدهشهم . (1)
__________________________
(1) - ابن حنبل، المسند ج 5 ص 266
"لما كان في حجة الوداع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ مردف الفضل بن عباس على جمل آدم فقال يا أيها الناس خذوا من العلم قبل ان يقبض العلم وقبل أن يرفع العلم وقد كان أنزل الله عز وجل ((يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم وان تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم)) قال فكنا نذكرها كثيرا من مسألته واتقينا ذلك حين أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم قال فأتينا أعرابيا فرشوناه برداء قال فاعتم به حتى رأيت حاشية البرد خارجة من حاجبه الأيمن قال ثم قلنا له سل النبي صلى الله عليه وسلم قال فقال له يا نبي الله كيف يرفع العلم منا وبين أظهرنا المصاحف وقد تعلمنا ما فيها وعلمناها نساءنا وذرارينا وخدمنا قال فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه وقد علت وجهه حمرة من الغضب قال فقال أي ثكلتك أمك وهذه اليهود والنصارى بين أظهرهم المصاحف لم يصبحوا يتعلقوا بحرف مما جاءتهم به أنبياؤهم الا وان من ذهاب العلم ان يذهب حملته ثلاث مرار..."
_________________

ومهما كانت درجة صحة هذه الرواية ، فإنها توشي بأن المسلمين الأوائل ، في حياة الرسول وبعده ، أن الوحي ارتبط بمصير شخص الرسول، يجب بالضرورة أن يتوقف عند وفاته. وعن أنس بن مالك ( أَنّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ (ص) الوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ، حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيُ ثُمَّ تُوُفّيَ رَسولُ اللَّهِ – ص- بَعْدُ). ( صحيح البخاري) - أي أكثر ما كان يوحى يوم توفي الرسول.(2)
____________________________________
(2) - جاء في الموسوعة الحديثية هذا التفسير " أن الله تابع على رسوله – ص - الوحي قبل وفاته، حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي بعد ذلك. إن الله تابع على النبي الوحي قبل وفاته، يعني: أنزله متواترا دون انقطاع، فلما قربت وفاة النبي كان نزول الوحي فيه أكثر من أي زمن مضى؛ لشدة الحاجة إليه في بيان ما يحتاج إليه الناس؛ وذلك لكثرة الداخلين في الإسلام في عام الوفود، ثم انقطع الوحي من السماء بعد وفاة النبي ، فلا نبي بعده. إن تتابع الوحي على النبي كان منذرا له بالتأهب؛ لأنه لم يكن ليقبض – ص - إلا بعد إنزال الوحي كله." [[ ويبدو جليا أن هذا التفسير يدفع للمزيد من التساؤل أكثر مما يحسم الأمر بوضوح]] .
___________________________________

من وجهة نظر لاهوتية بحتة ، فقد نص القرآن على مبدأ ينفي بشكل قاطع فكرة "اكتمال الكتاب" مقابل "كلام الله الذي لا ينضب":
سورة الكهف الآية 109:
((قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)) .

وأيضا سورة لقمان الآية 27:
((وَلَوْ أنّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَة أقْلَام وَالبَحْرُ يَمُدّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر ما نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله إنّ الله عَزِيز حَكِيم )).

هذه الصورة أو هذا التشبيه مرتبط بلا شك بتقليد قديم جدا، ويوجد في "إنجيل يوحنا"

إنجيل يوحنا 21: 25 :
""وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَة صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَة وَاحِدَة، فَلَسْتُ أَظُنّ أَنّ العَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الكُتُبَ المَكْتُوبَةَ. آمِينَ.""
القرآن، مثل الكتاب المقدس، ليس سوى قطرة ماء في "محيط كلام الله"- الكلمات الإلهية. فمن يستطيع أن يدعي بعد ذلك اكتمال القرآن، أو حتى أكثر من ذلك ، أنه يحتوي على كل علوم الكون؟
_______ يتبع/ 1-8 النصوص المفقودة أو التي لم يتم الاحتفاظ بها_______








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة