الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم الحور العين ح2

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2022 / 8 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذا عالم الحور العين والولدان المخلدون والخمر والعسب واللبن وفاكهة مما يأكلون، عالم رغبات وشهوات حسية تمجد في الإنسان حيوانيته التي قيل أن الدين يعمل جاهدا لتحريره منها، فبعد ذاك الحرمان والتربية الصارمة ومحاولة رفع الإنسان إلى درجات أسمى، يكون جزاءه أن يعاد لينغمس فيها وهذه المرة بلا حدود ولا معيار يضمن له أن يستفيد من المغرى الموعود به، كونه إنسان مهما كانت توجهاته فلا بد أن يعود وبشكل منطقي لنظام طبيعي يوازن بين بشريته وحيوانيته، عالم الحور العين في نظري عالم لا أخلاقي يجسد السقوط في درك اللا تقدير والضياع المخلد بين الشهوات التي لا تنتهي وبين عدم الأستكفاء الطبيعي الذي يشعره بالحاجة إلى اللذة مرة أخرى، فهناك سنكون قطيع من الحيوانات الشرهة المفجوعة بسد الحرمان الذي لا ينتهي.
نعود مرة أحرى لما يقوله رجال الرب نقلا عن رجال الله عن ذاك العالم الحمييييييييييل جدا، يقول أحد مخرفي الأزهر عن أرض المحشر نقلا عن حديث منسوب لنبي الإسلام بعد أن جزم بأن البعث سيكون للناس بالروح والجسد أستنادا لنص قرآني «إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»، ويمضي هذا المتخرف فيقول (ويكون لكل إنسان فيها موضع قدميه فقط، ولا يوجد فيها جبال أو زرع، ويكون الناس فيها حُفاة، عُراةٌ، خائفين، ويجتمع مع ذلك الجوع والعطش والتعب، ويأتون الناس إليها أفواجًا، فيأتي بعضهم كالذرّ وهم المُتكبرون، وبعضهم يشتعل جسده نارًا وهم المجرمون، وهكذا كُلٌ حسب عمله، ويبقى الناس في أرض المحشر يومًا واحدًا ومقداره خمسون ألف سنة، وفيها تدنو الشمس من الناس ويغرق الناس في العرق بمقدار أعمالهم، ويكون هُناك أصناف من الناس يجلسون بظل عرش الرحمن، مثل الشاب الذي ينشأ في طاعة ربه، والذي يكفل اليتيم وغيرهم، كما تأتي الملائكة بالنار، وتُعرض على النّاس ترمي باللهب كالمدائن».
عجيب أمر هذا السادي الرب المشغول بمدارة أمراضه النفسية والأنتقام من البشر حتى من الذين كانوا معه في دنياهم السابقة، فيبدأ بإرعابهم وتخويفهم وتجويعهم وحرمانهم من الماء والظل من حرارة لا تطاق من تأثير الشمس، ويا للمسخرة الشمس تبعث هي أيضا لتؤدي دورا مهما بعد أن تم إفناء الوجود من قبل، العجيب أنهم لا يذكرون أهي شمسنا هذه تبعث من جديد؟ أم شمس يخلقها الله خصوصا للعذاب؟ والغريب أيضا هذا التناقض الكبير في النص الواحد، فمره يقول يبعثهم جسدا وروحا كما كانت في الحياة الدنيا، وينسى هذا الكلام فيقول في نفس الجملة (فيأتي بعضهم كالذرّ وهم المُتكبرون، وبعضهم يشتعل جسده نارًا وهم المجرمون، وهكذا كُلٌ حسب عمله)، يا للعظمة ويا للكبرياء ويا للقدرة التي يفهمها أصحاب النظريات الغيبية.
إذا يبعثهم الله جسدا وروحا وأيضا كل معه سجل حياته بكل ما فيها من جرائم وأفعال خيرة ليقدم هناك كشف الحساب، أولا حتى يعلم الله الذي لا يعلم ما كسب كل فرد حتى يأتي بكتابه الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وأيضا ليفضحه أمام الخلق كله ليتشفى بالفضيحة لعله يسترد بعضا من كرامته كما يظن أولئك الذين لا يدركون عظمة الله، ربنا يقول البعض هو ليس تشفيا ولا أفتضاح بقدر ما هو نوع من العقاب على من عصى وتكبر وتجبر، وقد يكون من باب التحذير للناس في حياتهم حتى لا يرى الإنسان ما يوعد به في الأخرة، جوابي أولا وهل نفع ذلك أصلا والله يقول لم ينجو من عذاب الله إلا قليل من الأولين وثلة من الأخرين، وثانيا ما فائدة أن يفتضح هؤلاء ولم تعد هناك فرصة لأحد حتى يعتبر أو يعيد التفكير، هذا عبث وجنون بشري ينسبونه لله وهو لا يعلم أن الإنسان يفكر ويضع تصورات وسيناريوهات لمشهد ثم يصدقه وينسبه لله ويقول هو من عند الله وما هو من عنده بالتأكيد.
نعود إلى فكرة الحور العين وكما مرسومة كماهية في التكوين والتكييف لها في النص الديني، يمكننا وبكل تأكيد أن نستخلص من تلك الصورة المميزات التالية:.
• النظرة الذكورية للفكرة والتي تتمثل في أستهانة النص ومن وضعه وصدقه بوجود الإنسان الأخر، الأنثى التي سخرها كما يقول الرب للأستجابة لرغبات الذكر السوبر، بينما الأنثى وإن دخلت الجنة لا شيء لها سوى الأنتظار أن تحصل على فتات أو ربما فرصة لممارسة جنسية لا ملامح لها واضحة ولا مؤكدة في النص، ربما سيكون البغاء هناك مشرع وحلال وواجب.
• الحورية الأنثى ستكون مجرد جسد مطاطي أو من اللدائن التي لا تتغير ولا تتبدل نتيجة الأستعمال الكثير، والدبيل أنها لا تشيخ ولا تتعطل ولا تتلف أجزاءها الجنسية وكلما فض بكارتها رجل الجنة تعود كما كانت دون تغيير، وبالتالي فهي من المتع المعمرة التي تتأثر بمرور الزمن أو تتغير مع تغير الأذواق والأمزجة والملل.
• الحورية بهذه المواصفات مجرد ألة خالية من المشاعر والأحاسيس والإرادة، بمعنى أنها مجرد عبد جنسي لا أمر لها ولا رأي ولا موقف، إنها كائن ميت روحيا وذوقيا وكلما ما مطلوب منها أن تكون مفرغة لشهوات رجل الجنة فقط.
• هناك في التوصيف نجد إهانة أخرى للرجل حينما يمنح هذا الكم والعدد من الحوريات، فهو يمارس الجنس معها بصفو حيوان لا بصفة بشر، ولو كان بشرا حقيقيا لسئل إن كان يرغب بالحواري أو يختار أو ربما يطلب شخصية محددة كأن تكون زوجته أو حبيبته أو حتى حلمه عندما كان في الحياة الدنيا.
• أخيرا ماذا لو سلمنا أن الحور العين جنس من الكائنات فيه الذكر والأنثى تطبيقا لقاعدة ومن كل شيء خلقنا زوجين، فهل تتزوج الأنثى الإنسانية سبعين زوحا في كل مرة؟ وكيف لها أن تفعل ذلك ؟ وكيف تتحمل هذا الكم من العمليات الجنسية؟ أين كرامتها التي قاتلت من أجلها في الدنيا ومضت تحافظ على الشرف والناموس لتتحول إلى عاهرة وبغي في الأخرة؟ هل يقبل الله أن يتحول المؤمن والمؤمنة به إلى مجرد قطيع من البغايا والزناة ثوابا لإيمانهم وتقواهم في الدنيا؟ السؤال ليس لك أيها القارئ بل لأولئك الذين يقولون نحن رجال الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي