الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 94

ضياء الشكرجي

2022 / 8 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالبَنينَ وَالقَناطيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنعامِ وَالحَرثِ ذالِكَ مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا وَاللهُ عِندَهُ حُسنُ المَآبِ (14)
نجد بشكل متكرر في القرآن وفي عموم الأدبيات الدينية للإسلام تقليلا من قيمة هذه الحياة التي نعيشها، والتي ينعتها بالحياة الدنيا، فهي دار غرور، وهي عبارة عن زينة وشهوات، ثم «إن حب الدنيا لرأس كل خطيئة»، كما جاء في الحديث. وهذه الآية تؤكد هذا المعنى، حيث تتكلم عن أنه قد زُيِّنَ للناس المتع والملذات المدرجة كأمثلة، ويمكن تكملة القائمة بسلسلة طويلة. لكن فعل التزيين جاء مبنيا للمجهول، فمن يا ترى الذي زين للناس كل ذلك؟ فحب الإنسان للخير لنفسه مما ذكر ومما غيره مودع فيه بالفطرة، والفطرة وما أودع فيها هي من صنع الخالق نفسه، ولذا لا يلام الإنسان عليها، لاسيما الذي أودعها فيه لا يمكن أن يؤاخذه عليها. لكن من أجل التحلي بالموضوعية فإن هذه النظرة القرآنية ليست بالخطأ بالمطلق. صحيح إن الحياة (الدنيا) ليست مجرد لهو ولعب وتكاثر وتفاخر وشهوات، بل الحياة عطاء وبناء وتطوير وتقدم وتعاون على الخير، لكن هذه النصوص التي تحذر من الاستغراق في حب الشهوات والمتع والثروة، إذا لم يحتفظ الإنسان على توازنه واعتداله، وبالأخص إذا لم يحتفظ بنزعته الإنسانية يمكن أن تؤدي إلى أكل حقوق الآخرين وممارسة الظلم وكل الوسائل التي تمكنه من الاستزادة من الثروة والملذات. إذن هنا مكمن الداء، وليس في أصل حب الإنسان لنفسه ما ذكر وغيره. فإن طلب هذه الأمور بالطرق المشروعة وبشرط أن يحب الإنسان لغيره ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لها، أمر لا يمكن أن يدان ويستنكر ويستقبح. لكن القرآن أكد على الجانب السلبي لكل ذلك، ولكنه يعود ليحاول أن يخلق شيئا من التوازن بقول «قُل مَن حَرَّمَ زينَةَ اللهِ الَّتي أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزقِ». وإلا ففعلا الذين لا يكتفون مهما أوتوا من مال وملذات ومتع، دائما يكونون من المستعدين على أن يدوسوا بأقدامهم على مشاعر وحقوق الآخرين.
ولا بد من وقفة ناقدة هنا، إذ تؤكد هذه الآية كغيرها الكثيرات أصالة الذكورة، عند ذكر الإنسان أو الناس، فالإنسان هو دائما الرجل، والناس هم الرجال، بدليل أن الناس زُيِّنَ فيما زين لهم، حسب هذه الآية، حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ. وهذا يتكرر كثيرا في القرآن، مما فصلته في كتابي «مشكلة الله القرآني مع المرأة». فالقرآن، على سبيل المثال، عندما ذكر الإنسان الأول، وهو في نفس الوقت الرجل الأول، ذكره بالاسم (آدم)، بينما لم يذكر اسم الإنسان الثاني، أو المرأة الأولى، فهي تذكر إن ذكرت بعنوان «وجه»، أي (زوجة آدم). كما لم يذكر القرآن بالاسم أي امرأة جاء ذكرها، باستثناء امرأة واحدة، هي (مريم)، والظاهر محاولة من مؤلفه لكسب ود المسيحيين، وإلا فلا مبرر لذكرها وحدها بالاسم، فكل امرأة أخرى، ذكرها القرآن بعنوان (امرأة) أو (أخت) أو (أم) هذا أو ذاك من الرجال المذكورين بالاسم. ثم الله في القرآن لا يخاطب النساء خطابا مباشرا، بل يبلغهن ما يعنيهن بواسطة الرجال، وكأنهم رسل الله إليهن، وهنا أيضا حالة شاذة واحدة، عندما خوطبت نساء محددات في آيتين، ألا هن نساء النبي، وهذه الخصوصية، ربما لأنهن نساء النبي من جهة، لكن من جهة أخرى لم يكن هذا الخطاب خطاب تشريف، بقدر ما هو خطاب عتاب وتحذير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال